الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2024

الطعن 10623 لسنة 90 ق جلسة 22 / 10 / 2022 مكتب فني 73 ق 69 ص 648

جلسة 22 من أكتوبر سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / محمد رضا حسين نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي حسنين ، عادل عمارة ، أحمد أمين وحسن ذكي نواب رئيس المحكمة .
----------------
(69)
الطعن رقم 10623 لسنة 90 القضائية
(1) قانون " تفسيره " " تطبيقه " . آثار . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
الفقرة الثالثة من المادة 42 من القانون 91 لسنة 2018 . مفادها ؟
الاجتهاد إزاء صراحة النص . غير جائز .
الحفر في جميع المواقع الأثرية أو غيرها دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة . محظور . متى كان بقصد الحصول على آثار . القول بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها . لا يسعفه النص ويصطدم بصراحته وبمقصود الشارع منه . قضاء الحكم ببراءة المتهمين استناداً إلى عدم خضوع المنزل الذي جرى فيه الحفر لقانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 المعدل وإغفال المحكمة التعرض لتهمة حيازة آثار بقصد الاتجار . قصور يوجب نقضه ونظر موضوع الدعوى . علة وأساس ذلك ؟
(2) دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات التي بني عليها إذن التفتيش . كفايته رداً على الدفع ببطلانه .
(3) نقض " الصفة في الطعن " .
لا صفة لغير من وقع عليه الإجراء الباطل في أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه . علة ذلك ؟
مثال .
(4) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
للمحكمة الإحالة في الرد على الدفوع المبداة من المتهمين لما سبق وأن ردت به على أسباب طعن النيابة العامة .
مثال .
(5) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
النعي بتناقض أقوال مأمور الضبط ومعاينة النيابة ولجنة الآثار دون بيان ماهيته . غير مقبول .
(6) إثبات " شهود " . محكمة النقض " نظرها موضوع الدعوى " .
انفراد الضابط بالشهادة . لا يمنع من الأخذ بها كدليل في الدعوى .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(8) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت ، التي استندت إليها سلطة الاتهام وأشار إلى إنكار المتهمين ودفاعهما تساند في قضائه ببراءتهما مما أسند إليهما إلى أن المنزل محل الضبط – الذي جرى فيه الحفر - لا يخضع لقانون حماية الآثار رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقانون 91 لسنة ۲۰۱۸ ، لما كان ذلك ، وكانت المادة 42/3 من القانون رقم 91 لسنة ۲۰۱۸ تنص على أنه : ( وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من قام بأي من الأفعال الآتية : (1) .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل .... ) ، وكانت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في تفسيرها لنص المادة سالفة الإشارة قد اشترطت لقيام جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على الآثار أن الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تجرى في أماكن خاضعة لقانون حماية الآثار وكانت القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه بحسب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز تطبيقه ، وكانت المادة 42/3 بند 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 – المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، والبيِّن من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر ، سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرط الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار – دون غيره – بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون يأتي إعمالاً لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي أعقب أحداث يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع مصر ومن ثم تحتم القول – طبقاً للمادة 42 من قانون حماية الآثار سالفة الذكر – بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها وهو قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحة وبمقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مرتكبيها إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم ، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون مما يعيبه . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه أغفل التهمة الثانية المنسوبة إلى المطعون ضدهما فلم يعرض لها البتة ولم يدل برأيه في الدليل القائم بخصوصها بما يفيد أنه على الأقل فطن إليها ، واقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهما منها على ما ساقه بالنسبة للتهمة الأولى ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحيص لأدلتها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه ، وكانت الدعوى بحالتها الراهنة صالحة للفصل فيها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها فإن المحكمة تَعرِض لموضوع الدعوى عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المعدل بالقانون رقم ١١ لسنة ٢٠١٧ .
2- لما كان دفع المتهم الأول ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فلما كانت المحكمة تطمئن إلى تحريات شاهد الإثبات الأول ، وتصدقه فيما ذهب إليه ، ومن ثم فإن المحكمة تقتنع بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، ويكون ما يثيره المتهم في هذا الشأن غير سديد .
3- لما كان دفع المتهم الثاني ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فمردود عليه بأن التحريات وإذن التفتيش للمتهم الأول فلا صفة للمتهم الثاني في الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبضوتفتيش مسكن المتهم الأول لعدم جدية التحريات ، لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه .
4- لما كان الدفع بعدم خضوع المنزل لملكية المجلس الأعلى للآثار ، وكان قد سبق الرد عند معالجة الأسباب المقدمة من النيابة العامة ، ومن ثم فتحيل المحكمة عليه في الرد على ما أثاره المتهمون في هذا الخصوص .
5- لما كان الدفع بتناقض أقوال مأمور الضبط القضائي وتناقض معاينة النيابة ومعاينة لجنة الآثار فَإِنَّ البَيَّنَ مِنْ محضر جلسة المُحَاكَمَة أَنَّ دِفَاع المُتَّهَمين لَمْ يبين ماهية التَنَاقُض الذي يتحدث عنه .
6- من المقرر أن انفراد الضابط بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة ، فذلك لا يمنع الأخذ بشهادته كدليل في الدعوى .
7- لما كان الدفع بانتفاء صلة المتهم الثاني بالواقعة فإنه من الدُفُوع المَوْضُوعية الَّتِي لَا تستوجب في الأصل رداً صريحاً مِنْ المَحْكَمَة ، مَا دَامَ الرَدُّ مُسْتَفَادًا ضِمْنًا مِنْ القضاء بالإِدَانَة استناداً إِلَى أَدِلَة الثُــبُوت الَّتِي أوردتها .
8- لما كان ما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى حاصلها التشكيك في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة والتشكيك في الإجراءات والأدلة فما أراد مبديها سوى النيل من أدلة الدعوى والتي اتسقت وأجمعت على ارتكاب المتهمين للجريمتين المسندتين إليهما بالأوراق وأن ما أثاره الدفاع لا يعدو سوى أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به هذه المحكمة التي اطمأنت إلى الواقعة وصحتها مما يتعين معه الالتفات عما أثير في هذا الشأن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة المطعون ضدهما أنـهما :
1 - قاما بالحفر خلسة بقصد الحصول على آثار بدون ترخيص من الجهة المختصة على النحو المبين بالأوراق .
2- حاز كلٌ منهما آثاراً بقصد الاتجار بدون ترخيص على النحو المبين بالأوراق .
وأحالتهما لمحكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ، ببراءتهما مما أسند إليهما من اتهام ومصادرة المضبوطات .
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمتي القيام بأعمال حفر بقصد الحصول على آثار دون ترخيص وحيازتها بقصد الاتجار قد شابه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب ، ذلك أنه أسس قضاءه على أن الواقعة غير مؤثمة على خلاف ما تقضي به المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدل بالقانون رقم 91 لسنة 2018 ، كما لم يتناول الحكم موضوع التهمة الثانية أو يمحص الدليل قبل المطعون ضدهما بشأنها مما يفصح عن عدم إحاطة المحكمة بوقائع الدعوى وأدلتها ، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أدلة الثبوت ، التي استندت إليها سلطة الاتهام وأشار إلى إنكار المتهمين ودفاعهما تساند في قضائه ببراءتهما مما أسند إليهما إلى أن المنزل محل الضبط – الذي جرى فيه الحفر- لا يخضع لقانون حماية الآثار رقم ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ المعدل بالقانون 91 لسنة ۲۰۱۸ . لما كان ذلك ، وكانت المادة 42/3 من القانون رقم 91 لسنة ۲۰۱۸ تنص على أنه : ( وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه كل من قام بأي من الأفعال الآتية : (1) .... (2) أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، وفي هذه الحالة يتم التحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس بإجراء أعمال الحفائر على نفقة الفاعل .... ) ، وكانت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه في تفسيرها لنص المادة سالفة الإشارة قد اشترطت لقيام جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على الآثار أن تجرى في أماكن خاضعة لقانون حماية الآثار وكانت القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنه بحسب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه ، وكانت المادة 42/3 بند 2 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانونين رقمي 3 لسنة 2010 ، 91 لسنة 2018 – المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على عقاب كل من أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص ، والبيِّن من هذا النص في واضح عبارته وصريح دلالته أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على القيام بأعمال الحفر في جميع المواقع دون اعتبار لطبيعة المكان الذي يجري فيه الحفر سواء كانت أثرية أو غير ذلك وأوجد تنظيماً يسمح بذلك شرط الحصول على ترخيص من الجهة المختصة ، حيث خصت المادة الخامسة من القانون آنف الذكر المجلس الأعلى للآثار – دون غيره – بشئون الآثار وكل ما يتعلق بها وكذلك البحث والتنقيب في الأراضي أياً كان مالكها مع مراعاة حكم المادة 32 من هذا القانون بما تضمنته من ضوابط وشروط لمنح الترخيص بذلك وإن كان البحث أو التنقيب في أرض غير أثرية ، ومما يؤكد هذا المعنى ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون وتقرير اللجنة المشتركة والمناقشات التي دارت حوله في المجلس من أن الأسس التي قام عليها هذا القانون يأتي إعمالاً لحكم المادتين 49 ، 50 من الدستور من التزام الدولة بحماية الآثار والحفاظ عليها ورعاية مناطقها وصيانتها وتنظيم التنقيب عنها والإشراف عليه ، إذ إن تراث مصر الحضاري والثقافي المادي والمعنوي بجميع تنوعاته ومراحله الكبرى ثروة قومية وإنسانية تلتزم الدولة بالحفاظ عليه وصيانته والاعتداء على أي من ذلك يشكل جريمة يعاقب عليها القانون ، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي أعقب أحداث يناير سنة 2011 والذي ترتب عليه انتشار أعمال التنقيب غير المشروعة في شتى بقاع مصر ، ومن ثم تحتم القول – طبقاً للمادة 42 من قانون حماية الآثار سالفة الذكر – بوجوب عقاب كل من يقوم بأعمال الحفر في أي موقع سواء كان أثرياً أو غير ذلك مملوكاً ملكية عامة أو خاصة متى كان القصد من ذلك هو الحصول على الآثار دون ترخيص من الجهة المختصة وسواء تحقق الغرض الذي قصده من ذلك أو لم يتحقق ودون أن يكون هناك محل للتحدي بقصر مناط التجريم على الأراضي المعتبرة أثرية أو تلك المتاخمة للمواقع والأراضي الأثرية أو التي تقع في محيطها وهو قول لا يسعفه النص بل يصطدم بصراحة وبمقصود الشارع منه ، كما يتنافى مع الفلسفة التي أملت إجراء التعديل والتي تغيت التصدي لكل المحاولات غير المشروعة للتنقيب على الآثار ومحاصرة مرتكبيها إذ لا تخصيص بغير مخصص ولا إلزام بما لا يلزم ، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون مما يعيبه . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من الحكم المطعون فيه أنه أغفل التهمة الثانية المنسوبة إلى المطعون ضدهما فلم يعرض لها البتة ولم يدل برأيه في الدليل القائم بخصوصها بما يفيد أنه على الأقل فطن إليها ، واقتصر في تبرير ما قضى به من براءة المطعون ضدهما منها على ما ساقه بالنسبة للتهمة الأولى ، فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة أصدرت حكمها المطعون فيه بغير إحاطة بظروف الدعوى وتمحيص لأدلتها مما يعيب الحكم بالقصور الذي يبطله ويوجب نقضه ، وكانت الدعوى بحالتها الراهنة صالحة للفصل فيها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظرها فإن المحكمة تَعرِض لموضوع الدعوى عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المعدل بالقانون رقم ١١ لسنة ٢٠١٧ .
ومن حيث إن واقعة الدعوى كما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من الأوراق تتحصل في أن التحريات السرية التي أجراها الرائد / .... رئيس وحدة مباحث مركز شرطة .... محافظة .... دلت على حيازة وإحراز المتهم الأول أسلحة وذخائر بدون ترخيص بمسكنه ، فأفرغ تلك التحريات في محضر عرضه على النيابة المختصة ، والتي أذنت له وتفتيش المتهم الأول وتفتيش مسكنه لضبط تلك الأسلحة والذخائر أو ما قد يظهر عرضاً أثناء التفتيش ، ونفاذاً لهذا الإذن انتقل وبرفقته قوة من الشرطة السرية إلى منزل المتهم الأول ، فلم يجد المتهم الأول ....وشاهد المتهم الثاني .... أثناء قيامه بالحفر داخل المسكن المأذون بتفتيشه فقام بضبطه وعثر بحوزته على عِدد وأدوات التنقيب عن الآثار وعزی قصدهما التنقيب عن الآثار وأن حيازة الآثارالمضبوطة بقصد الاتجار .
وحيث إن الواقعة على السياق المتقدم قد قام الدليل على صحتها وثبوتها قبل المتهمين وذلك من أقوال الرائد / .... رئيس وحدة مباحث مركز شرطة .... و .... مفتش بالآثار المصرية منطقة آثار .... ورئيس اللجنة المشكلة من قبل النيابة العامة لإجراء معاينة و .... و .... عضوي اللجنة وما أوراه تقرير لجنة الآثار.
فقد شهد الرائد / .... رئيس وحدة مباحث مركز شرطة .... أنه ونفاذاً للإذن الصادر له من النيابة بتفتيش شخص ومسكن المتهم الأول بناءً على تحرياته التي أكدت إحرازه أسلحة نارية وذخائر فقد انتقل إلى حيث مسكن المتهم فلم يجده وأبصر المتهم الثاني يقوم بالحفر وبحوزته عِدد وأدوات التنقيب عن الآثار ، وعزی قصدهما التنقيب عن الآثار وأن حيازة الآثار المضبوطة بقصد الاتجار .
كما شهد .... مفتش بالآثار المصرية منطقة آثار .... أنه بالانتقال وإجراء معاينة لمكان الضبط تبين وجود حفر غير منتظم بعمق ۳ متر بعد مدخل المسكن مباشرة كما عثرت اللجنة أثناء المعاينة بإحدى غرف المسكن على كتلة من الجرانيت الرمادي منقوش عليها بعض الحروف الهيروغليفية تعود للعصر الفرعوني كما تم العثور على إناء فخاري مكسور يعود للعصر الروماني وأنها خاضعة لحماية الآثار وأن المنطقة الكائن بها المسكن محل الواقعة لا تخضع لإشراف المجلس الأعلى للآثار ولا تُعد منطقة أثرية وأن القصد من الحفر التنقيب عن الآثار .
كما شهد .... و .... عضوا اللجنة بمضمون ما شهد به سابقهما .
وحيث ثبت بتقرير لجنة الآثار وجود حفرة بالمنزل محل الضبط مستخرج منها كتلة من الجرانيت الرمادي منقوش عليها بعض الحروف الهيروغليفية تعود للعصر الفرعوني كما تم العثور على إناء فخاري مكسور يعود للعصر الروماني وأنها خاضعة لحماية الآثار .
وحيث إنه تم استجواب المتهم الثاني بتحقيقات النيابة العامة وأنكر التهمة المنسوبة إليه.
وبجلسة المحاكمة حضر المتهمان واعتصما بالإنكار ، والدفاع الحاضر مع المتهمين تمسك ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وبعدم خضوع المنزل لملكية المجلس الأعلى للآثار ، وتناقض أقوال مأمور الضبط القضائي ، وتناقض معاينة النيابة ومعاينة لجنة الآثار، وانفراد الضابط بالشهادة ، وانتفاء صلة المتهم الثاني بالواقعة ، وانتهى إلى طلب البراءة .
وحيث إنه عن دفع المتهم الأول ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فلما كانت المحكمة تطمئن إلى تحريات شاهد الإثبات الأول وتصدقه فيما ذهب إليه ، ومن ثم فإن المحكمة تقتنع بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره ، ويكون ما يثيره المتهم في هذا الشأن غير سديد .
وحيث إنه عن دفع المتهم الثاني ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية فمردود عليه بأن التحريات وإذن التفتيش للمتهم الأول فلا صفة للمتهم الثاني في الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض وتفتيش مسكن المتهم الأول لعدم جدية التحريات ، لما هو مقرر من أنه لا صفة لغير من وقع في حقه الإجراء أن يدفع ببطلانه ولو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة لاحق لوجود الصفة فيه .
وحيث إنه عن الدفع بعدم خضوع المنزل لملكية المجلس الأعلى للآثار ، وكان قد سبق الرد عند معالجة الأسباب المقدمة من النيابة العامة ، ومن ثم فتحيل المحكمة عليه في الرد على ما أثاره المتهمون في هذا الخصوص .
وحيث إنه عن الدفع بتناقض أقوال مأمور الضبط القضائي وتناقض معاينة النيابة ومعاينة لجنة الآثار فَإِنَّ البَيَّنَ مِنْ محضر جلسة المُحَاكَمَة أَنَّ دِفَاع المُتَّهَمين لَمْ يبين ماهية التَنَاقُض الذي يتحدث عنه .
وحيث إنه عن انفراد الضابط بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة ، فذلك لا يمنع الأخذ بشهادته كدليل في الدعوى .
وحيث إنه عن الدفع بانتفاء صلة المتهم الثاني بالواقعة فإنه من الدُفُوع المَوْضُوعية الَّتِي لَا تستوجب في الأصل رداً صريحاً مِنْ المَحْكَمَة ، مَا دَامَ الرَدُّ مُسْتَفَادًا ضِمْنًا مِنْ القضاء بالإِدَانَة استناداً إِلَى أَدِلَة الثُــبُوت الَّتِي أوردتها .
وحيث إن ما أثاره الدفاع من أوجه دفاع أخرى حاصلها التشكيك في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة والتشكيك في الإجراءات والأدلة فما أراد مبديها سوى النيل من أدلة الدعوى والتي اتسقت وأجمعت على ارتكاب المتهمين للجريمتين المسندتين إليهما بالأوراق وأن ما أثاره الدفاع لا يعدو سوى أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وهو ما تستقل به هذه المحكمة التي اطمأنت إلى الواقعة وصحتها مما يتعين معه الالتفات عما أثير في هذا الشأن .
وحيث إن أدلة الإثبات على النحو السالف تكون قد جاءت سديدة ومتساندة ومن ثم تعوِّل عليها المحكمة وتأخذ المتهمين بما خلصت إليه منها .
وحيث إنه بالبناء على ما تقدم وترتيباً عليه فإنه يكون قد ثبت للمحكمة على وجه القطع واليقين أن المتهمين : 1- .... 2- .... .في يوم .... بدائرة مركز .... محافظة .... :
1- أجريا أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بدون ترخيص .
2- حازا آثاراً بقصد الاتجار بدون ترخيص .
الأمر الذي يتعين معه معاقبتهما عملاً بنص المادة ۳۰٤/۲ من قانون الإجراءات الجنائية وإدانتهما بالمواد 1 ، 5 ، 8 ، 32 ، ٤٠ ، ٤٢/ ٣ بند ٢ ، 43 ، 44 من القانون ۱۱۷ لسنة ١٩٨٣ والمعدل بالقانونين رقمي ٣ لسنة ٢٠١٠ ، ۹۱ لسنة ۲۰۱۸ .
وحيث إن الجريمتين المسندتين للمتهمين مقارفتهما قد انتظمهما مشروع ونشاط إجرامي واحد ، ومن ثم تكونان مرتبطتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، مما يتعين معاقبة المتهمين بعقوبة الجريمة الأشد عملاً بنص المادة 32 /2 من قانون العقوبات .
وحيث إن المحكمة ترى من ظروف الدعوى وملابستها أن تُعمل بحق المتهمين المواد ١٧ ، ٥٥ ، ٥٦ من قانون العقوبات على نحو ما سيرد بالمنطوق ، مع مصادرة الآثار والأدوات المضبوطة المستخدمة في الحفر- لصالح المجلس الأعلى للآثار والتحفظ على موقع الحفر لحين قيام المجلس الأعلى للآثار بإجراء الحفائر على نفقة المحكوم عليهما .
وحيث إنه عن المصاريف الجنائية فالمحكمة تُلزم بها المحكوم عليهما عملاً بالمادة ٣١٣ من قانون الإجراءات الجنائية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق