الحكم الصادر باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــــــاكم إمـــــــــــارة رأس الخيمـــــــــــــــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمـــــــــة
الدائــــــــرة المدنية و التجارية و دائــــــــرة الأحوال الشخصية
برئاسة السيد المستشار / محمــــــد طلال الحمصــــي رئيـــــس المحكمــــة
وعضوية السيدين المستشارين / محمـد حمودة الشريف و أحمد إبراهيم المومني
و حضور أميــن السـر السيد/ حسام على
في الجلســـــة العلنية المنعقـــــدة بمقـــر المحكمـــــة بــــدار القضـــــاء بــإمــارة رأس الخيمـــة
فى يوم الثلاثاء 5 جمادى الأول 1436 هـ الموافق 24 من فبراير من العام 2015
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمــة بـرقـم 171 لسنـــة 9 ق 2014 مدني
الطاعن / ...........وكيله المحامي /.....
المطعون ضده / ..... بصفته ولياً طبيعياً على ابنه " ... " وكيله المحامي/ ....
الوقائع
تتلخص الوقائع في هذه الدعوى حسب ما يتبين من أوراقها بأن المدعي " المطعون ضده " بصفته المذكورة قد أقام بتاريخ 22/10/2013م الدعوى رقم ...../2013 أمام محكمة رأس الخيمة الابتدائية بمواجهة المدعى عليه " الطاعن " للمطالبة بتعويض عن عطل وضرر وإصابات وإساءة سمعه وقال بياناً لدعواه أنه لوجود نزاعات منذ سنوات بين عائلة المدعي وعائلة المدعى عليه حول أراضٍ فقد صدر حكم بمواجهته بإتلاف مال مملوك للمدعي وعائلته في القضية .../2012 جنح حيث صدر حكم بإدانته وتغريمه ألفي درهم وأنه تم إجراء صلح بتوجيه من صاحب السمو الشيخ .... وأودع ملف الدعوى لإنهاء النزاعات دون أية استجابة حيث قام المدعى عليه بالشكوى ضد ابن المدعي بتهمة اختطاف ابن أخيه وفعل اللواط به في القضية رقم ..../2012 وتم توقيفه والإفراج عنه ثم صدر حكم ببراءته ، كما قام المدعى عليه بالاعتداء على سلامة جسم ابن المدعي ( ... ) وأحدث به الإصابات المحددة بالتقرير الطبي في القضية 2684/2012 وصدر حكم بإدانة المدعى عليه وحبسه شهر والغرامة تم تعديلها بالاستئناف إلى الغرامة ألفي درهم ، وأن الأفعال التي قام بها المدعى عليه أصابت عائلة المدعي بأضرار مادية ومعنوية واجتماعية مما دعا لإقامة هذه الدعوى .
نظرت محكمة أول درجة الدعوى وأصدرت بتاريخ 20/1/2014م حكمها المتضمن إلزام المدعى عليه بمبلغ خمسين ألف درهم تعويضاً للمدعي بصفته ولي أمر ابنه ( ... ) مع الرسوم والمصاريف ومائة درهم مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك .
لم يقبل الطرفان بذلك الحكم فطعن عليه المدعي بالاستئناف رقم 100/2014 وطعن عليه المدعى عليه بالاستئناف رقم 94/2014 ، وبعد ضم الاستئنافين أصدرت محكمة الاستئناف بتاريخ 8/9/2014م حكمها المتضمن قبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وإلزام كل مستأنف بمصاريف استئنافه .
لم يقبل المدعى عليه بالحكم الاستئنافي فطعن عليه بالنقض الماثل بموجب صحيفة طعن أودعت قلم هذه المحكمة بتاريخ 9/11/2014م جرى إعلانها للمطعون ضده بتاريخ 8/12/2014م .
وحددت المحكمة جلسة لنظر الطعن تداولت فيها الدعوى على النحو المبين بمحضرها حيث تقرر بتاريخ 20/1/2015م رفض طلب وقف التنفيذ وحجز الطعن للحكم بجلسة اليوم .
المـحكمــــــة
حيث استوفى الطعن أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً .
وفي الموضوع ، وبعد الاطلاع على أوراق الدعوى وتقرر القاضي المقرر والمرافعة المداولة .
وعن أسباب الطعن حيث ينعى الطاعن في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تفسير وتطبيق القانون ، وذلك من حيث الاعتماد على الحكم الجزائي الذي قضى ببراءة ابن المطعون ضده من جريمة اللواط التي اتهم فيها رغم أنها ارتكنت لعدم كفاية الدليل ، ومن حيث أن ما قام به الطاعن من إبلاغ الجهات المختصة بواقعة تعرض ابن أخيه
للمواقعة ( اللواط ) من ابن المطعون ضده تمثل جريمة وفعلاً يشكل خطراً على المجتمع وأن الحق بالشكوى حق كفله الدستور وأن الحكم إذ خالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون .
فإن هذا الطعن سديد بحدود ما سنبنيه لاحقاً ، ذلك أن لمحكمة الموضوع سلطة فهم واستخلاص وقائع الدعوى من أدلتها وأنه لا معقب عليها من محكمة التمييز في هذه المسألة الموضوعية إذا كانت النتيجة التي توصلت إليها مستمدة بصورة سائغة ومقبولة من تلك الأدلة وغير مناقضة لها وحسبها في ذلك أن تقيم قضاءها على أسباب تكفي لحمله .
وفي هذه الدعوى نجد أن محكمة الموضوع قد اعتمدت في حكمها على ما جاء في الحكم الجزائي المتعلق بقضية اللواط بالإضافة إلى ما ثبت لديها من واقعة الاعتداء على سلامة جسم ابن المدعى عليه وإدانة الطاعن عن تلك الواقعة وفق الثابت من الحكم الجزائي رقم .../2012 ،
فمن حيث التعويض عن واقعة الاعتداء فقد جاء الحكم في محله ، أما من حيث التعويض عن الاتهام باللواط فقط أسست محكمة الموضوع حكمها على القول بأنه قد ثبت زيف وبطلان ذلك الاتهام وأنه جاء على خلفية خلافات وعداوات عائلية بين الطرفين ، فقد جاء الحكم من هذه الجهة في غير محله ، ذلك أن النص في المادة 50 من قانون الإثبات أنه :ـــ " لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً ، ومع ذلك فإنه لا يرتبط بالحكم الصادر بالبراءة إلا إذا قام على نفي نسبة الواقعة إلى المتهم .
لما كان ذلك وكان الحكم الجزائي قد توصل إلى براءة ابن المطعون ضده بسبب عدم اطمئنان المحكمة إلى أدلة الاتهام التي ساقتها النيابة العامة لعدم بلوغها حد الكفاية لمساءلة المتهم وما اعتراها من ظلال كثيفة من الشك والريبة فإن الحكم بالبراءة لم يقم على نفي نسبة الواقعة إلى المتهم وإنما لعدم كفاية الأدلة التي قدمتها النيابة مما يتعين معه القول بعدم ارتباط أو التزام القاضي المدني بما جاء في الحكم الجزائي للحكم بالتعويض عن الضرر الذي يدعيه المتهم الذي قضي ببراءته .
يضاف إلى ما تقدم أن حق اللجوء إلى القضاء حق كفله الدستور والقانون إذ نصت المادة (41) من الدستور على أنه :لكل إنسان أن يتقدم بالشكوى للجهات المختصة بما في ذلك الجهات القضائية من انتهاك الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا البند .
كما أوجبت المادة 37 من قانون الإجراءات الجزائية : ـــعلى كل من علم بوقوع جريمة مما يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها .
وأن المادة 106 من قانون المعاملات المدنية نصت على أنه : ـــيجب الضمان على من استعمل حقه استعمالاً غير مشروع .
لما كان ذلك فإنه لا يترتب على استعمال الحق باللجوء إلى القضاء استعمالاً مشروعاً أي تعويض للخصم عما لحقه من ضرر في حالة خسارة الدعوى .
ولما كان من الثابت من البينة التي انطوى عليها ملف الدعوى أن الطاعن قد استعمل حقه بتقديم الشكوى استعمالاً مشروعاً ولم يرد بأوراق الدعوى الجزائية أنه قد اختلق الأدلة للإيقاع بابن المطعون ضده وأن شكواه قدمت بناء على ما أفضى به إليه ابــن شقيقة كمـا لم
يثبت أنه كان يعلم ببراءة ابن المطعون ضده وأن الحكم بالبراءة كان لعدم كفاية الدليل والشك وليس بناء على نفي الواقعة المنسوبة للمتهم ، وعليه فإن ما توصل إليه الحكم المطعون فيه بالحكم بالتعويض من حكم البراءة في قضية اللواط قد جاء مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقض الحكم من هذه الجهة ليقتصر تقدير التعويض عن دعوى الاعتداء على جسم ابن المدعى عليه موضوع الحكم الجزائي رقم 2684/2012 فقط على أن يكون مع النقض بالإحالة .
وعن السبب الثالث من حيث تقدير التعويض فإن البت بهذا السبب سابق لأوانه في ضوء ما توصلت إليه محكمتنا بنقض الحكم من حيث قضائه بالتعويض عن قضية اللواط مما قد يؤثر على مقدار التعويض .
لــــذلـــــــــــــــــــك
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه بحدود ما سبق بيانه وإعادة الدعوى لمحكمة الاستئناف لنظرها من هيئة مغايرة وإلزام المطعون ضده بنصف رسوم ومصاريف هذا الطعن وإعادة نصف مبلغ التأمين للطاعن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق