الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 ديسمبر 2019

الطعن 3030 لسنة 55 ق جلسة 8 / 1 / 1986 مكتب فني 37 ق 8 ص 34


جلسة 8 من يناير 1988
برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.
---------------
(8)

الطعن رقم 3030 لسنة 55 القضائية

 (1)أسباب الإباحة "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".

الدفاع الشرعي عن النفس. ماهيته؟
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعي. شرط ذلك؟
 (2)أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
- الاعتراف بالجريمة ليس شرطاً لقيام حالة الدفاع الشرعي.
- تعدد إصابات المجني عليه وجسامتها لا يدل بذاته عن أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه.
- النظر إلى الوسيلة التي أخذ بها المدافع وكونه استخدمها بالقدر اللازم للرد على الاعتداء. لا يكون إلا بعد نشوء حق الدفاع الشرعي وقيامه.
 (3)أسباب الإباحة "دفاع شرعي". دفوع "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير حالة قيام الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
- ما يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي؟
- تقدير ظرف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري. المناط فيه للحالة النفسية التي يكون فيها المدافع. عدم جواز محاسبته على أساس التفكير الهادئ بعيداً عن ظروف الحادث.

---------------

1 - من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن نفس غيره وأن تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيها وإن كان من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم في هذا الشأن سليماً لا عيب فيه.
2 - من المقرر أنه لا يشترط لقيام حالة الدفاع الشرعي الاعتراف بالجريمة، وكان تعدد إصابات المجني عليه وجسامتها وانتشارها بجسمه لا يدل بذاته على أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه لأنه لا يشترط بصفة مطلقة لقيام حالة الدفاع الشرعي أن تكون الوسيلة التي أخذ بها المدافع قد استخدمت بالقدر اللازم لرد الاعتداء عنه وإنما يكون النظر إلى الوسيلة من هذه الناحية بعد نشوء الحق وقيامه بحيث إذا تبين بعد ذلك أن المدافع لم يتجاوز حدود حقه في الدفاع قضى له بالبراءة، وإلا عوقب إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي قد زادت على القدر الضروري - بعقوبة مخففة باعتباره معذوراً.
3 - من المقرر أنه يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتداء أو التصور مبنياً على أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه للحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معاجلة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات.



الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل....... عمداً بأن طعنه بمطواة كان يحتفظ بها قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الشرعي وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. ومحكمة جنايات دمياط قضت حضورياً عملاً بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة عما أسند إليه.

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.



المحكمة
من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في القتل العمد قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن المدافع عنه تمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس بيد أن الحكم نفى توافرها بأسباب غير سائغة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.

ومن حيث إن البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض للدفع المبدى بقيام حالة الدفاع الشرعي لدى الطاعن وأطرحه بقوله "وبجلسة المحاكمة قدم المدافع عن المتهم - الطاعن - محضر صلح وطلب الحكم ببراءته تأسيساً على قيام حالة الدفاع الشرعي وهو دفع في غير محله لأنه فضلاً عن تعارضه مع إنكار المتهم تعديه على المجني عليه في التحقيقات وإصراره على الإنكار بالجلسة فإنه إذا كان المجني عليه قد أمسك بالمتهم وتشاحن معه مما يترتب عليه وجود سحجة بسيطة برقبته كالثابت بالتحقيقات فإن هذا لم يكن يبرر قيام المتهم باستلال المطواة وطعنه إياه أكثر من طعنة عنيفة في صدره وبطنه أدت إلى نفاذ إحداها إلى تجويف البطن وخروج الأمعاء الأمر الذي يتنافى مع قيام التناسب بين الاعتداء والدفاع وهو من الأمور الجوهرية لقيام حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة في القانون فإذا كان المتهم قد اعتقد بأن إمساك المجني عليه له يكون خطراً على نفسه فإن هذا الاعتقاد أو التصور لم يكن مبنياً على أسباب مقبولة وكان يكفيه وهو محفوف بهذه الظروف والملابسات أن يدفع تماسك المجني عليه معه بيديه مستغيثاً بالأهالي الذين كان يحفل بهم مبنى الشهر العقاري مكان الحادث وهم أنفسهم الذين حالوا بينه وبين مواصلة الاعتداء على الأخير". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفاع الشرعي عن النفس هو استعمال القوة اللازمة لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو عن نفس غيره وأن تقدير الوقائع المؤدية إلى قيام حالة الدفاع الشرعي أو نفيه وإن كان من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بغير معقب إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استدلال الحكم في هذا الشأن سليماً لا عيب فيه. لما كان ذلك، وكان مفاد ما أورده الحكم بأنه اعتمد في نفي حالة الدفاع الشرعي على ما قرره من أن المتهم لم يعترف بالجريمة وما أضافه إلى ذلك من تعدد إصابات المجني عليه وجسامتها وانتشارها بجسمه وعدم تناسبها مع الاعتداء الذي وقع على الطاعن وأنه كان يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي الاعتراف بالجريمة، وكان تعدد إصابات المجني عليه وجسامتها وانتشارها بجسمه لا يدل بذاته على أن الطاعن لم يكن يرد اعتداء متخوفاً منه لأنه لا يشترط بصفة مطلقة لقيام حالة الدفاع الشرعي أن تكون الوسيلة التي أخذ بها المدافع قد استخدمت بالقدر اللازم لرد الاعتداء عنه وأن يكون النظر إلى الوسيلة من هذه الناحية بعد نشوء الحق وقيامه بحيث إذا تبين بعد ذلك أن المدافع لم يتجاوز حدود حقه في الدفاع له بالبراءة، وإلا عوقب - إذا كانت القوة التي استعملت لدفع التعدي قد زادت على القدر الضروري - بعقوبة مخففة باعتباره معذوراً. وإذ كان من المقرر كذلك أنه يكفي لقيام حالة الدفاع الشرعي أن يكون قد صدر فعل يخشى منه المتهم وقوع جريمة من الجرائم التي يجوز فيها الدفاع الشرعي ولا يلزم في الفعل المتخوف منه أن يكون خطراً حقيقياً في ذاته بل يكفي أن يبدو كذلك في اعتقاد المتهم وتصوره بشرط أن يكون هذا الاعتقاد أو القصور مبنياً على أسباب معقولة، وتقدير ظروف الدفاع الشرعي ومقتضياته أمر اعتباري المناط فيه الحالة النفسية التي تخالط ذات الشخص الذي يفاجأ بفعل الاعتداء فيجعله في ظروف حرجة ودقيقة تتطلب منه معالجة موقفه على الفور والخروج من مأزقه مما لا يصلح معه محاسبته على مقتضى التفكير الهادئ المتزن الذي كان يتعذر عليه وقتئذ وهو محفوف بهذه المخاطر والملابسات، وهو ما قصر الحكم المطعون فيه في استظهاره. لما كان ما تقدم، فإن الحكم إذ نفى قيام حالة الدفاع الشرعي وأهدر دفاع الطاعن الذي أسسه عليها لما ذكره من أسباب يكون - فوق فساد استدلاله - قاصراً قصوراً يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق