جلسة 30 من نوفمبر سنة 1982
برياسة السيد المستشار/
عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت،
ومحمد عبد الرحيم نافع، حسن غلاب ومحمد أحمد حسن.
---------------------
(194)
الطعن رقم 4424 لسنة 52
القضائية
1 - أسباب الإباحة وموانع
العقاب "أسباب الإباحة". قانون "تفسيره". جريمة تزوير.
طاعة الرئيس في مفهوم
المادة 63 عقوبات عدم امتداها إلى ارتكاب الجرائم.
2 - أوراق رسمية. تزوير.
قانون "تفسيره" "تطبيقه". موظفون عموميون.
متى يعتبر المحرر رسميا
في حكم المادتين 211 و213 عقوبات؟
اختصاص الموظف بتحرير
الورقة. مناطه؟.
3 - مأمورو الضبط القضائي. استدلالات. موظفون
عموميون.
تغيب مأمور الضبط القضائي
عن مقر عمله. حقه في إنابة مساعده باتخاذ إجراءات الاستدلال. علة ذلك؟
4 - حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". تزوير. إثبات "بوجه عام".
تحدث الحكم صراحة
واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. شرط ذلك؟
5 - إثبات "بوجه عام".
عدم رسم القانون شكلا
خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
6 - إثبات "بوجه
عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. مالا يوفره".
الطلب الذى تلتزم المحكمة
بإجابته أو الرد عليه. مثال. لا يتحقق في هذا الطلب.
7 - إثبات "بوجه
عام". "أوراق". تزوير.
دعاوى التزوير. لم يحدد
القانون طريقة إثبات معينة فيها.
التعويل على الصورة
الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى. لا عيب.
----------------
1 - من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من
قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع
الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.
2 - من المقرر أن المحرر
يعتبر رسميا في حكم المادتين 211 و213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في الإمكان
صدوره من موظف عام مختص بتحريره بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير، ولا
يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده
كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به.
3 - لمأمور الضبط القضائي
اذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمرا عاما لمساعده باتخاذ ما
يلزم من إجراءات الاستدلال وذلك حرصا على حريات الناس التي أراد القانون المحافظة
عليها.
4 - من المقرر انه لا
يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد
أورد من الوقائع ما يدل عليه.
5 - القانون لم يرسم شكلا
خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها.
6 - لما كان من المقرر أن
الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة
ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، وكان ما
أثبت على لسان المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة التي دارت فيها المرافعة
وصدر بها الحكم المطعون فيه من أنه "كان يجب إيقاف الفصل في هذه الدعوى لحين
الفصل في الدعوى الأصلية لا يعتبر من قبيل الطلبات الجازمة، فضلا عن أن المدافع عن
الطاعن لم يصر عليه في طلباته الختامية إذ اختتم مرافعته بطلب البراءة أصليا
واستعمال الرأفة بصفة احتياطية، فانه لا تثريب على المحكمة أن هي أعرضت عن هذا
الطلب وأغفلت الرد عليه.
7 - لما كان القانون الجنائي
لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير للقاضي أن يكون اعتقاده فيها دون
التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور
كدليل في الدعوى مادامت قد اطمأنت إلى صحتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه: بصفته موظفا عموميا ورقيب أول بقسم شرطة....... - أرتكب أثناء تأدية
وظيفته تزويرا في محرر رسمي هو محضر الجنحة رقم.... لسنة 1979 قسم أول..... حالة
تحريره بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف
الحقيقة أقوالا نسبها زورا الى شهود الواقعة لم يدلوا بها وامتنع عن إثبات أخرى
أدلوا بها أمامه، وطلبت إلى مستشار الإحالة أحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته
طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا
عملا بالمادة 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما
أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض..... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة التزوير في محرر رسمي، فقد أخطأ في تطبيق
القانون وشابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على البطلان في الإجراءات.
ذلك بأنه التفت عما دفع به الطاعن من انطباق حكم المادة 63 من قانون العقوبات عليه
لأن ما صدر منه كان طاعة لأمر رئيسه ومن انتفاء اختصاصه بتحرير محضر الجنحة
المنسوب له التزوير فيه لعدم كونه من مأموري الضبط القضائي، وبالتالي لا يعتبر
المحرر رسميا في هذا الصدد. كما جاء الحكم قاصرا في بيان أركان الجريمة التي دان
الطاعن بها وفى التدليل على صفة الوظيفة العامة في حقه. والتفت عن طلب الطاعن إرجاء
الفصل في الدعوى لحين الفصل في جناية القتل العمد التي شملها المحضر ذاته لما قد
يترتب على الحكم فيها من ثبوت صحة البيانات التي أثبتها الطاعن في المحضر. هذا إلى
أن المحكمة لم تطلع على أصل المحرر المنسوب للطاعن التزوير فيه مكتفية بالاطلاع
على صورة ضوئية منه. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان
الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف
الطاعن ومن الاطلاع على المحرر المزور، وهى أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما
رتبه الحكم عليها، ولم يجادل الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان
ذلك، وكان الحكم قد حصل دفاع الطاعن - بأنه كان مأمورا من رئيسه وبعدم اختصاصه
بتحرير المحرر المزور - واطرحه على أساس أنه غير صائب في صحيح القانون وإذ كان من
المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأي حال إلى
ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب
فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، وأن المحرر يعتبر رسميا في حكم المادتين 211
و213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان في الإمكان صدروه من موظف عام مختص بتحريره
بمقتضى وظيفته أو التداخل في هذا التحرير، ولا يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة
الرسمية من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن
يكلفوه به، وكان لمأمور الضبط القضائي اذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن
يصدر أمرا عاما لمساعدة باتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال، وذلك حرصا على حريات
الناس التي أراد القانون المحافظة عليها، ومن ثم فان الحكم المطعون فيه اذ انتهى إلى
اطراح دفاع الطاعن متقدم البيان يكون بريئا من قالة الخطأ في تطبيق القانون. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من
أركان جريمة التزوير مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان القانون لم يرسم
شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها،
وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه - التي لا يماري الطاعن في أن
لها أصل صحيح في الأوراق - من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن
لجريمة التزوير التي دانه بها، فان النعي عليه في هذا الشأن يكون غير سديد. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو
الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به، ويصر عليه
مقدمه في طلباته الختامية، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة
المحاكمة التي دارت فيها المرافعة وصدر بها الحكم المطعون فيه من أنه "كان
يجب إيقاف الفصل في هذه الدعوى لحين الفصل في الدعوى الأصلية لا يعتبر من قبيل
الطلبات الجازمة، فضلا عن أن المدافع عن الطاعن لم يصر عليه في طلباته الختامية إذ
اختتم مرافعته بطلب البراءة أصليا واستعمال الرأفة بصفة احتياطية، فانه لا تثريب
على المحكمة أن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه. لما كان ذلك، وكان
القانون الجنائي لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير للقاضي أن يكون
اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة
الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى مادامت قد اطمأنت إلى صحتها، ومن ثم فان ما
يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته
يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق