الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 ديسمبر 2019

الفتوى الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بتاريخ 7/ 6/ 2006م (ملف رقم 86/ 6/ 549 جلسة 07/06/2006م)


بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس الدولة
الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع
ملف رقم 86/ 6/ 549
جلسة 7 من يونيه 2006

السيد الأستاذ المستشار/ وزير العدل
تحية طيبة وبعد،،،،،،
فقد اطلعنا على كتابكم رقم [ 524 ] المؤرخ 23/ 5/ 1999 بشأن إعادة عرض طلب الرأى الخاص بمدى جواز كتابة مسودة الحكم باستخدام جهاز الكمبيوتر.
وحاصل الوقائع _ حسبما يبين من الأوراق _ أنه بمناسبة الطلب المقدم إلى السيد الأستاذ المستشار/ رئيس مجلس الدولة من السيد المستشار المساعد [ أ ]/ كمال عطية حسن بدر، للموافقة على كتابة مسودات الأحكام القضائية الخاصة بسيادته عن طريق جهاز الكمبيوتر نظراً لأصابته فى يده اليمنى اثر حادث بسيط تعرض له، فقد أصدرت الجمعية العمومية بتاريخ 10/ 3/ 1999 فتواها بعدم جواز كتابة مسودات الحكم باستخدام جهاز الكمبيوتر [ ملف رقم 86/ 6/ 549 ]، ولدى بدء محكمة شمال القاهرة الإبتدائية _ بعد ذلك _ بعمل نظام لنسخ مسودات الأحكام القضائية وإيداعها بالمحكمة فقد طلبتم إعادة النظر فى الفتوى المشار إليها وأرفقتم بطلبكم مذكرتين تفصيليتين بوجهة نظركم.
ونفيد أن الموضوع عُرض على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلستها المنعقدة فى 7 من يونية سنة 2006م الموافق 11 من جمادى الأول سنة 1427هـ فأستعرضت الجمعية إفتاءها السابق بجلسة 10/ 3/ 1999 ملف رقم 86/ 6/ 549 والذى خلصت فيه إلى أن قانون مجلس الدولة أحال فيما لم يرد بشأنه نص فى الإجراءات أمام محاكم مجلس الدولة إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية، وأن المشرع فى قانون المرافعات أوجب أن تتم المداولة بين جميع قضاة الدائرة الذين سمعوا المرافعة، لأن المقصود من المداولة هو المشاورة والمناقشة لتنجلى غوامض الأمور
فى القضية المطروحة، وتحصل المداولة سراً ضماناً لحرية رأى القضاة، ومعنى سرية المداولة ألا يشترك فيها غير قضاة الدائرة فيما بينهم دون سماعها من جانب غيرهم.
وأنه لما كان الحكم كغيره من الأعمال الإجرائية هو عمل شكلى وتتمثل الشكلية فى النطق به وكتابته، فقد إستلزم المشرع أن يكتب الحكم فى مسودة ونسخة أصلية، وغاير فى الأحكام المتعلقة بكل منهما، فالمسودة تُكتب قبل النطق بالحكم وتشتمل على منطوقه وأسبابه ويوقع عليها القضاة الذين سمعوا المرافعة وإشتركوا فى المداولة وتودع عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً، وتُحفظ بملف الدعوى ولا تُعطى منها صور لأحد، وانما يجوز للخصوم الإطلاع عليها، كما يجوز إستثناءً تسليمها للمُحضر للتنفيذ بمقتضاها وإعادتها بعد الإنتهاء من التنفيذ فى الأحوال التى تأمر المحكمة فيها بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه، فى حين أن نسخة الحكم الأصلية تُكتب بعد النطق بالحكم ويوقعها رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم وكاتبها، وتُعطى منها صوراً بسيطة لمن يطلبها، وصورة تنفيذية للمحكوم له.
ولاحظت الجمعية العمومية أن المغايرة بين مسودة الحكم ونسخته الأصلية لم تقتصر على ما قرره المشرع على نحو ما سلف بيانه، وأن ثمة مغايرة أخرى أنشأها العرف القضائى تمثلت فيما إستقر عليه العمل منذ إنشاء القضاء الأهلى من كتابة مسودة الحكم بخط يد القاضى أو أحد القضاة الذين إشتركوا فى المداولة وأصدروا الحكم، وذلك ضماناً لسرية المداولة، فى حين أن نسخة الحكم الأصلية لا يُشترط فيها ذلك ويُكتفى بالنسبة لها بتوقيع رئيس الدائرة التى أصدرت الحكم وكاتبها، وصار ذلك من المسلمات التى لا خِلاف عليها. وقد قضت المحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة فى 5/ 6/ 1983 فى الطعن رقم 505 لسنة 28 القضائية ببطلان الحكم المطعون فيه تطبيقاً للمادة (175) من قانون المرافعات، تأسيساً على أن المسودة الخطية الخاصة بالحكم المطعون فيه لم تكُن مودعة ملف الدعوى عند النطق به وانما إستعيض عنها بتصوير مسودة حكم آخر وأجرى التعديل اللازم على تلك الصورة.
كما ذهبت دائرة توحيد المبادىء بالمحكمة الإدارية العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ 28/ 6/ 1987 فى الطعن رقم 502 لسنة 31 القضائية إلى أن قانون مجلس الدولة قطع فى المادة (43) منه بوجوب صدور أحكام المحاكم التأديبية مقترنة بأسبابها الموقعة من قضاتِها عند النطق بهـا
شأن سواها من محاكم القسم القضائى بمجلس الدولة وذلك تأكيداً لمقتضى المادة (3) من قانون إصداره بتطبيق حكم المادة (175) من قانون المرافعات بما رمت إليه هذه المادة من كفالة إتمام المداولة والإستقرار على الحكم وتحرير أسبابه والتوقيع عليها قبل إصداره كضمانة أساسية لأطراف النزاع حتى يقر فى روعهم أن الحكم صدر وتم النطق به بعد دراسة متأنية ومداولة قانونية تمخضت عن أسباب مسطورة فى مسودة ممهورة عند النطق به.
وفضلاً عما تقدم فإن الواقع القضائى يكشف عن تكون عرف يقضى بوجوب إعداد مسودة لكل حكم تكتب بخط يد القاضى وتمهر من باقى أعضاء المحكمة، وإذ كان الإفتاء القانونى هاديه الكشف عن صحيح حكم القانون الذى يعيِّنه التشريع المسنون لحكم المسألة، أو العرف القانونى الذى يتكون فى غيبة التنظيم التشريعى، فمن ثم لا يكون للإفتاء من مكنة تجاوز حدود الشرعية المؤصلة على روافد التشريع وفق القانون أو العرف إن لم يوجد التشريع باعتبار العرف مصدراً فرعياً للمشروعية القائمة. ومن ثم فلا يكون من فكاك من وجوب النزول على مقتضى هذا العرف، ويكون ما سبق وانتهت إليه الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بإفتائها السابق، هو الأقرب لصحيح القانون والالصق بمقتضيات الشرعية القائمة. الأمر الذى تؤكد عليه الجمعية.


لذلك
انتهت الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع إلى تأكيد إفتائها السابق بعدم جواز كتابة مسودات الأحكام القضائية بواسطة جهاز الكمبيوتر.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
رئيس الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع
المستشــار / جمال السيد دحروج
النائب الأول لرئيس مجلس الدولة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق