جلسة 17 من مايو سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة أحمد حسني بك وفهيم عوض
بك وإبراهيم خليل بك ومحمد غنيم بك المستشارين.
-----------------
(218)
القضية رقم 355 سنة 20
القضائية
أ - إثبات.
الاستناد إلى أقوال شهود
تخالفت في صدد تحديد الوقت الذي أصيب فيه بعض المتهمين. لا يقدح في سلامة الحكم.
ب - وصف التهمة.
رفع الدعوى على متهمين
بتهمة القتل العمد. تعديل الوصف إلى شروع في قتل دون خروج عن الوقائع. يصح دون لفت
الدفاع.
جـ - حكم. تسبيبه.
نية القتل. التحدث عنها
استقلالا في حق المتهمين واستظهار أن كلا منهما حين أطلق العيار كان يقصد إزهاق
روح المجني عليه. يكفي. أخذ المتهمين بالقدر المتيقن في حقهما وهو الشروع في القتل
لعدم معرفة صاحب العيار الذي أصاب مع ثبوت أن كلا منهما أطلق عياراً. يصح.
د - عقوبة.
تقدير العقوبة موضوعي.
التفريق في العقوبة بين متهمين في جناية. لا يصح النعي عليه.
--------------------
1 - إن الاستناد إلى
أقوال شهود تخالفت في صدد تحديد الوقت الذي أصيب فيه بعض المجني عليهم لا يقدح في
سلامة الحكم ما دام أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد على ما تطمئن إليه من قول للشاهد
وتطرح ما لا تطمئن إليه من قول آخر له.
2 - إذا كانت النيابة قد
رفعت الدعوى على المتهمين بأنهما قتلا عمدا المجني عليه ثم استخلصت المحكمة من
الأدلة التي طرحت أمامها أن هذين المتهمين قد أطلق كل منهما عياراً نارياً على
المجني عليه أصابه أحدهما فقضى عليه ولم يعرف من منهما الذي أصابه عياره، فعدلت
وصف هذه الوقائع ذاتها من القتل العمد إلى الشروع فيه فإنها إنما تكون قد استعملت
الحق الذي خولها إياه القانون، ولا يكون عليها أن تلفت الدفاع في هذه الحالة إذ هي
لم تخرج عن الوقائع التي اشتمل عليها التحقيق وخصوصاً أنها نزلت بالتعديل إلى
الأخف.
3 - ما دامت المحكمة قد
تحدثت عن نية القتل استقلالا في حق كل من المتهمين مستظهرة أن كلا منهم حين أطلق
العيار على المجني عليه كان يقصد من ذلك إزهاق روحه فهذا يكفي لسلامة الحكم في هذا
الخصوص. ثم إذا هي قد أقامت الدليل على أن المجني عليه لم يسقط إلا على أثر العيار
الثاني الذي أطلق عليه من أحد المتهمين، وأخذت المتهمين بالقدر المتيقن فعاقبتهما
على الشروع في القتل دون اعتبار للإصابة التي وقعت وسبب القتل، فإنها لا تكون قد
أخطأت.
4 - من المقرر أن تقدير
العقوبة هو من إطلاقات قاضي الموضوع في الحدود المقررة في القانون، فلا يصح النعي
على الحكم بأنه قد فرق بين المتهمين في جريمة العقوبة التي أوقعها على كل منهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا
من: 1 - عبد الستار شحات برعي 2- عبد الغفار شحات برعي 3- كيلاني شحات برعي 4-
فهمي شحات برعي 5- أحمد شحات برعي 6- علي عبد الستار شحات 7- عبد الدايم موسى برعي
8- عبد المجيد سيف برعي 9- محمد شحات برعي بأنهم: (الأول والثاني) قتلا عمدا راوي
فايق مهنى بأن أطلق كل منهما عياراً نارياً عليه قاصدين بذلك قتله فأصابه أحدهما
وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. (الثالث)
شرع في قتل عزتلي فايق مهنى عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله
فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته
فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. (الرابع) شرع في قتل عمار منصور فولي عمداً
بأن أطلق عليه عيارا نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي
وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. (الخامس
والسادس) شرعا في قتل سيد عارف محمد عمداً بأن أطلق كل منهما عياراً نارياً قاصدين
بذلك قتله فأصابه أحدهما وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر
الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. (السابع
والثامن) شرعا في قتل عارف محمد شحات عمداً بأن ضربه كل منهما ببلطة قاصدين بذلك
قتله فأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل
لإرادتهما فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. (التاسع) شرع في قتل محرم عارف محمد
عمداً بأن ضربه ببلطة على رأسه قاصداً بذلك قتله فأحدث به الإصابات المبينة
بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه
بالعلاج.
وطلبت من قاضي الإحالة
إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و234/1 من قانون العقوبات.
فقرر بتاريخ 29/3/1948
إحالتهم إليها لمحاكمتهم بالمواد المذكورة.
وفي أثناء نظر الدعوى
عدلت النيابة وصف التهمة بالنسبة للمتهم الثالث من شروع في قتل عمد إلى قتل عمد
منطبق على المادة 234/1 من قانون العقوبات على النحو الآتي: والمتهم الثالث قتل
عمداً عزتلي فايق مهنى بأن أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً قتله فأحدث به الإصابات
المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وقد ادعت خديجة محمد
مرزوق بحق مدني قدره 400 جنيه قبل المتهمين الثلاثة الأول بالتضامن، كما ادعت جود
عثمان بحق مدني قدره 400 جنيه قبل المتهم الثالث.
ومحكمة جنايات أسيوط بعد
أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها حضوريا عملا بالمادة 234 /1، 45، 46/ 3 للأول
والثاني والرابع والخامس والمادة 234/1 من قانون العقوبات للثالث والمادة 50/3 من
قانون تشكيل محاكم الجنايات للسادس والمادة 241 /1 للسابع والمادة 242/ 1 للثامن والمادة
240/ 1 للتاسع. (أولا): بمعاقبة كل من عبد الستار شحات برعي وعبد الغفار شحات برعي
بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة. (ثانيا): بمعاقبة كيلاني شحات برعي بالأشغال
الشاقة المؤبدة (ثالثا): بمعاقبة كل من فهمي شحات برعي وأحمد شحات برعي بالأشغال
الشاقة لمدة عشر سنين. (رابعا): بتبرئة علي عبد الستار شحات من التهمة المسندة
إليه. (خامسا): بمعاقبة عبد الدايم موسى برعي بالحبس مع الشغل لمدة سنتين.
(سادسا): بمعاقبة عبد الحميد سيف برعي بالحبس مع الشغل لمدة سنة. (سابعا): بمعاقبة
محمد شحات برعي بالسجن لمدة خمس سنين. (ثامنا): بإلزام عبد الستار شحات برعي وعبد
الغفار شحات برعي وكيلاني شحات برعي متضامنين بأن يدفعوا إلى خديجة محمد مرزوق
مبلغ أربعمائة جنيه مصري على سبيل التعويض والمصروفات المدنية الخاصة بذلك وبمبلغ
أربعمائة قرش مقابل أتعاب محاماة، وبإلزام كيلاني شحات برعي بأن يدفع إلى جود
عثمان شحات مبلغ مائتي جنيه مصري على سبيل التعويض والمصروفات المدنية الخاصة بذلك
ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن الطاعنون في هذا
الحكم بطريق النقض يوم صدوره الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن هؤلاء الطاعنين
ينعون على الحكم المطعون فيه: (أولا) أنه استند إلى شهود تناقضت أقوالهم بصدد
رؤيتهم بعض مرتكبي الحادث دون البعض الآخر كما وقع هذا التناقض في تحديد الوقت
الذي أصيب فيه بعض المجني عليهم. (ثانيا) جاء الحكم قاصراً في الأسباب التي اعتمد
عليها في إدانة الطاعنين إذ قال إن شهادة الشهود جاءت مطابقة لما ظهر من المعاينة
في حين أن مدلولها لا يؤدي إلى هذه النتيجة.
وحيث إن الحكم قد بين واقعة
الدعوى في قوله "إن الحادث بدأ في صورة نقاش بين الطاعنين الثلاثة الأول
الذين شايعوا تاجر المسلي وكان يطالب أحد المجني عليهم بنقود له طرفه ولم يلبث
الأمر أن تطور إلى شجار تدخل بسببه أحد أفراد هذا الفريق لمنع الاعتداء، ثم تتابعت
الحوادث فكان أن اعتدى على المجني عليه في لحظات متقاربة" فإذا قال الحكم إن
المجني عليه المذكور تدخل في بادئ الأمر ثم اعتدى عليه في غمرة المعركة فلا يكون
قد تناقض. أما التناقض المشار إليه بصدد الوقت الذي أصيب فيه بعض المجني عليهم
فهذا جدل موضوعي لا شأن لمحكمة النقض به مادام أن لمحكمة الموضوع أن تعتمد على ما
تطمئن إليه من قول للشاهد وأن تطرح ما لا تطمئن إليه من قول آخر له.
وحيث إن الطاعنين ينعون
على الحكم في الوجهين الثالث والرابع أن المحكمة عدلت وصف التهمة بالنسبة للطاعنين
الأولين دون أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل وهذا منها إخلال بحقهما في الدفاع، ثم
إن تطبيق نظرية القدر المتيقن في حقهما غير سديد، ذلك لأن المجني عليه لم يصب إلا
بعيار واحد. ويعيب الطاعنون أيضا على الحكم أنه جاء قاصراً في إقامة الدليل على
توافر نية القتل إذ لم يستظهر أن بعض إصابات المجني عليهم لم تكن في مقاتل من
أجسامهم، وقال الدفاع بالجلسة شرحا لهذا الوجه أن المحكمة وقد آخذت الطاعنين
الأولين بالقدر المتيقن ودانتهما على أساس أنهما شرعا في قتل المجني عليه لم تبين
ما إذا كان المجني عليه حيا وقت أن أطلق عليه العيار الذي لم يصبه، وأخيراً يقول
الطاعنون إن المحكمة تناقضت في تقدير العقوبة ففرقت بين الطاعنين فيها من غير ما
مبرر لهذه التفرقة.
وحيث إن النيابة العامة
رفعت الدعوى على الطاعنين الأولين بأنهما قتلا عمداً المجني عليه الأول فاستخلصت
المحكمة من الأدلة التي طرحت أمامها أن هذين الطاعنين أطلق كل منهما عياراً نارياً
على المجني عليه المذكور أصابه أحدهما فقضى عليه ولم يعرف عيار من منهما الذي
أصابه ولذا عدلت الوصف عن ذات الوقائع التي أقيمت بها الدعوى عن تهمة القتل العمد
إلى الشروع فيه، وهي في ذلك إنما تستعمل الحق الذي خوله لها القانون طالما أن
التهمة المعدلة لم تخرج عن الوقائع التي اشتمل عليها التحقيق ولا يقضي القانون
بلفت الدفاع في هذه الحالة خصوصاً وأن المحكمة قد نزلت بالتعديل إلى الأخف من قتل
إلى شروع فيه.
وحيث إنه عما ينعاه
الطاعنون بصدد نية القتل فإن المحكمة قد تحدثت استقلالا عن ثبوت تلك النية بشأن كل
من الطاعنين مستظهرة أن كلا منهم حين أطلق العيار الناري على جسم المجني عليه كان
يقصد من ذلك إزهاق روحه، وهذا يكفي لسلامة الحكم في هذا الخصوص. وقد أقامت الدليل
أيضاً على أن المجني عليه الأول لم يسقط إلا على أثر العيار الثاني الذي أطلق عليه
من أحد الطاعنين الأولين، فهي قد أخذت بنظرية القدر المتيقن إذ عاقبتهما على جريمة
الشروع في قتل المجني عليه المذكور دون اعتبار للإصابة التي وقعت وسببت قتل المجني
عليه وبذلك لا تكون قد أخطأت بل طبقت في حقهما حكم القانون عن الجريمة التي دينا
بها. ولا محل أيضاً لما يثيره الطاعنون من تناقض الحكم في تقدير العقوبة، ذلك لأن
المحكمة قد وقعت عليهم العقوبة في الحدود التي رسمها القانون لمعاقبة الجرائم التي
آخذتهم بها، ومن المقرر أن تقدير العقوبة هو من إطلاقات قاضي الموضوع التي لا
رقابة عليه فيها من محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق