جلسة 26 من مارس سنة 1975
برياسة السيد المستشار
أنور أحمد خلف، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود, والدكتور محمد زكي عبد
البر, وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.
-----------------
(135)
الطعن رقم 16 لسنة 41 ق
"أحوال شخصية"
( 1و2 و3) أحوال شخصية. إثبات "البينة".
نقض.
(1)شهادة القرابات بعضهم لبعض. مقبولة. الاستثناء. شهادة الفرع لأصله
والأصل لفرعه.
(2)الدعوى بطلب ثبوت إسلام المتوفى. اختلاف الشاهدين في الظاهر التي
استدل بها كل منهما على إسلامه. لا أثر له ما دام أن حاصل شهادتيهما هو إسلام
المتوفى.
(3) النعي باختلاف الشاهدين
الأولين. استناد الحكم لشهادة الشاهدين الثالث والرابع. نعي غير صحيح.
(4)حكم "تسبيب الحكم". أحوال شخصية. نقض.
إقامة الحكم على دعامات
متعددة. كفاية إحداها لحمل قضائه. تعييبه في باقي الدعامات. غير منتج. مثال في
دعوى إرث.
(5)أحوال شخصية. دعوى "سماع الدعوى".
التناقض المانع من سماع دعوى
الأحوال الشخصية. ماهيته. يستوي أن يكون التناقض من المدعي أو منه ومن شهوده أو من
المدعى عليه وشهوده.
(6)حكم "إصدار الحكم". بطلان "بطلان الحكم".
وجود مانع مادي لدى
القاضي الذي اشترك في وضع الحكم من الحضور وقت تلاوته. توقيعه على المسودة لا
بطلان. عدم لزوم الإفصاح في الحكم عن بيان المانع.
------------------
1 - من المقرر في المذهب
الحنفي، قبول شهادة سائر القرابات بعضهم لبعض عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه، كالأخ
والأخت والعم والعمة والخال والخالة، وعلى ذلك فإن شهادة أخ المطعون عليها وشهادة
ابن أختها وابن أخيها لها مقبول شرعاً.
2 - متى كان الثابت في
الأوراق أن المطعون عليها الأولى طلبت الحكم بثبوت إسلام المرحوم...... وأن
المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية - المطعون عليها الأولى - أن
المتوفى المذكور كان مسلماً وقت وفاته، فيكون الإسلام هو المطلوب الشهادة به، وما
النطق بالشهادتين والتبري من المسيحية والصلاة جماعة إلا الدليل عليه وهي أمور
تعاد وتكرر بالنسبة للمعني المقصود منها، ومن ثم فإن اختلاف الشاهدين في المظاهر
التي استدل بها كل منهما على إسلام المتوفى لا يغير شهادتيهما ما دام حاصلهما
إسلام المتوفى.
3 - النعي على شهادة
الشاهدين الأول والثاني باختلافهما، لا جدوى منه، إذ يكفي الحكم المطعون فيه -
شرعاً - شهادتا الشاهدين الثالث والرابع بالمشهود به.
4 - إذا أقيم الحكم على
دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها لحمل الحكم فإن تعييبه في باقي
الدعامات الأخرى - بفرض صحته - يكون غير منتج. ومتى كان الثابت من الحكم المطعون
فيه - الذي قضى بثبوت وفاة المرحوم...... مسلماً - أنه أقيم على البينة الشرعية
وعلى ما جاء في عقد الزواج العرفي من إقرار المتوفى بإسلامه وشهادة شاهدين على هذا
الإقرار. وكانت البينة الشرعية كافية لحمل قضاء الحكم، فإن النعي عليه في استناده
إلى عقد الزواج العرفي يكون غير منتج.
5 - التناقض المانع من
سماع الدعوى ومن صحتها هو أن يسبق من المدعي كلام مناف للكلام الذي يقوله في دعواه
- فيما لا يخفي سببه - ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما يرفعه بإمكان حمل أحد
الكلامين على الآخر. وذلك لاستحالة ثبوت الشيء وضده ويتحقق التناقض متى كان
الكلامان قد صدرا من شخص واحد أمام القاضي أو كان أحد الكلامين في مجلس القاضي
والآخر خارجه ولكن ثبت أمام القاضي حصوله، إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس
القاضي يستوي في ذلك أن يكون التناقض من المدعي أو منه ومن الشهود أو من المدعى
عليه (1).
6 - النص في المادة 170
من قانون المرافعات على أنه "يجب أن يحضر القضاة الذين اشتركوا في المداولة
تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة الحكم يدل على أن المشرع قد
توقع أنه قد يعرض للقاضي الذي اشترك في وضع الحكم ما يحول بينه وبين حضوره بشخصه
وقت تلاوته، فاكتفى بأن يوقع على المسودة على أن يبين في الحكم أن القاضي الذي لم
يحضر النطق به قد اشترك في المداولة ووقع على مسودته وإلا كان باطلاً، ولئن كان من
المتعين أن يكون المانع القهري الذي يجيز الاستعاضة بتوقيع القاضي مسودة الحكم عن
حضوره شخصياً هو المانع المادي المجرد دون المانع القانوني الذي مبناه زوال صفة
القاضي أو انتفاء ولايته لضرورة صدور الحكم ممن يتصف بوصف القاضي ولزوم ثبوت هذه
الصفة له حتى النطق بالحكم كي تتوافر له مكنة الإصرار على رأيه أو العدول عنه حتى
ذلك الوقت إلا أنه ليس بلازم الإفصاح في الحكم عن بيان المانع لأنه لصيق بشخص
القاضي ومن العسير التعرف عليه وقت النطق بالحكم، لما كان ذلك، وكانت الأوراق
خلواً مما يفيد تحقق مانع قانوني بالمستشار الذي لم يحضر النطق بالحكم ووقع على
مسودته فإن النعي يكون على غير أساس.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق
وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى
أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما
يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى
أقامت الدعوى رقم 1019 لسنة 1968 أمام محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية
"نفس" ضد الطاعنين والمطعون عليه الثاني بصفته الرئيس الأعلى لبيت المال
تطلب الحكم بثبوت إسلام المرحوم..... المتوفى في 10/ 8/ 1968 وقالت شرحاً لدعواها
أن المرحوم........ كان قبطياً أرثوذكسياً وأسلم وتزوج منها وهي مسلمة وتوفى قبل
أن يشهر إسلامه رسمياً ولا يرثه أحد من أقاربه الأقباط وإنما ينحصر إرثه في ورثته
المسلمين فإن لم يكن له ورثة آلت تركته إلى بيت مال المسلمين وانتهت إلى طلبها
سالف البيان. كما أقامت الدعوى رقم 671 لسنة 1969 أحوال شخصية "نفس"
أمام ذات المحكمة ضد الذين اختصمتهم في دعواها الأولى تطلب الحكم ببطلان إعلام
الوراثة رقم 386 لسنة 1968 الصادر في 27/ 8/ 1968 من محكمة مصر الجديدة للأحوال
الشخصية بثبوت وفاة المذكور في 11/ 8/ 1968 وانحصار إرثه في الطاعنين والحكم بثبوت
وفاته في التاريخ المذكور وانحصار إرثه الشرعي فيها بوصفها زوجة له، وقالت بياناً
لدعواها إن المتوفى المشار إليه تزوجها بعد إسلامه بعقد عرفي تم وفقاً للشريعة
الإسلامية في 14/ 5/ 1960 وقد استصدر الطاعنون وهم أخوته الأشقاء إعلام الوراثة
المشار إليه بانحصار إرثه فيهم مع أنه لا توارث بينه وبينهم لاختلافهم في الدين
مما يبطله ويجعل من حق بيت المال - المطعون عليه الثاني - أن يتحفظ على التركة
وخلصت إلى طلباتها المتقدمة. وفي 30/ 12/ 1969 حكمت المحكمة في الدعوى الأولى
بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن....... كان مسلماً وقت
وفاته. وبعد سماع الشهود قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط ثم حكمت في 16/ 6/
1970 (أولاً) في الدعوى رقم 1019 لسنة 1968 برفضها (ثانياً) في الدعوى رقم 671
لسنة 1969 بعدم سماعها. استأنفت المطعون عليها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 99
لسنة 87 ق أحوال شخصية القاهرة. كما استأنفه المطعون عليه الثاني بالاستئناف رقم
105 لسنة 87 ق أحوال شخصية القاهرة طالباً إلغاء الحكم الصادر في الدعوى رقم 671
لسنة 1969 والحكم بثبوت إسلام المتوفى وببطلان الإعلام الشرعي الذي استصدره
الطاعنون وباستحقاق الخزانة العامة لتركته وبعد سماع دعوى المطعون عليها الأولى
بالإرث وبعد ضم الاستئنافين حكمت المحكمة في 10/ 4/ 1971 بإلغاء الحكمين
المستأنفين والحكم (أولاً) في الدعوى رقم 1019 لسنة 1968 بثبوت وفاة المرحوم......
مسلماً في 11/ 8/ 1968 و(ثانياً) في الدعوى رقم 671 لسنة 1969 ببطلان الإعلام
الشرعي الصادر من محكمة مصر الجديدة الجزئية للأحوال الشخصية في الطلب 386 لسنة
1968 وراثات وبعدم قبول الدعوى فيما يتعلق بطلب المطعون عليها الأولى الحكم
بانحصار إرثه فيها وبرفضها فيما يتعلق بطلب المطعون عليه الثاني باستحقاق الخزانة
لتركة المتوفى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة
لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على
ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالشق الأول من كل من السببين الأول والثاني على الحكم
المطعون مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه في اعتماده بالإضافة إلى عقد الزواج على
شهادة شهود المطعون عليها الأولى رغم أنها باطلة من وجهين (إحداهما) أن الشاهد
الأول أخ المطعون عليها الأولى والثاني ابن أختها والرابع ابن أخيها فشهادتهم لها
غير مقبولة و(ثانيهما) أن الشاهد الأول والثاني اختلفا في مكان الواقعة المشهود
عليها وزمانها ووقتها وفي مجلس الشهادة وحاضريه وفي حضور المتوفى نفسه فقد شهد
الأول بأن واقعة الشهادة وواقعة نطق المرحوم....... بالشهادتين وتبرأه من كل دين
يخالف دين الإسلام كانت في بيت حماه........ بشارع مصر والسودان بالقاهرة بينما
شهد الثاني بأنها كانت في نفس المنزل بشارع مصر والسودان بالإسكندرية. وشهد الأول
بأن واقعة الشهادة كانت في ديسمبر سنة 1958 قرب المغرب بينما شهد الثاني بأنها
كانت سنة 1958 ولم تكن في الشتاء وكانت نهاراً وشهد الأول بأن المرحوم....... كان
موجوداً في مجلس الشهادة لأن حماه ناداه بالتليفون بينما شهد الثاني بأنه انتقل هو
والمرحوم وخاله إلى منزل حما خاله. وشهد الأول بأن مجلس الشهادة كان فيه شيخ جاء
به حماه بينما شهد الثاني بأنه كان موجوداً اثنان أو ثلاثة وهذا الاختلاف يبطل
الشهادتين معاً لأنهما على فعل أو على قول جمع مع فعل أو على قول ملحق بفعل على ما
هو مذهب الحنفية وإذ قيل بأنها شهادة على قول محض لا يبطلها اختلاف الزمان والمكان
فإن هذا ليس على إطلاقه إذ يستثنى منه الاختلاف الفاحش في أيهما أو كليهما وهذا
حاصل هنا. وكذلك الشاهدان الثالث والرابع اختلفا فشهد أولهما بأن المتوفى نطق
أمامه بالشهادتين وأنه رآه يصلي المغرب في منزله وشهد الثاني بأنه لم يكن يعلم أن
المتوفى مسيحي لأنه كان يتردد معه على مسجدي السيدة زينب والحسين مرات وكان يزوره
في منزله الذي كان يقيم فيه مع زوجته المطعون عليه الأولى ورآه صائماً وصلى خلفه
مؤتماً به، وكان حريصاً على أداء الفرائض وكان إسلامه ظاهراً وعلناً فشهادة كل
منهما بوقائع مستقلة عن وقائع شهادة الآخر ولم يشهد على أيهما اثنان فتكون كالعدم،
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بشهادتهم فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود
في (وجهه الأول) بأن المقرر في المذهب الحنفي قبول شهادة سائر القرابات بعضهم
لبعض, عدا الفرع لأصله والأصل لفرعه، كالأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة،
وعلى ذلك فإن شهادة أخ المطعون عليها وشهادة ابن أختها وابن أخيها لها مقبولة
شرعاً وإذ قبلها الحكم المطعون فيه فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في
تطبيقه وفي (وجهه الثاني) بأن الثابت في الأوراق أن المطعون عليها الأولى طلبت في
الدعوى الأولى (1019 لسنة 1968) الحكم بثبوت إسلام المرحوم...... و...... وأن
المحكمة أحالت الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية (المطعون عليها الأولى) أن
المتوفى المذكور كان مسلماً وقت وفاته فالإسلام هو المطلوب الشهادة به وما النطق
بالشهادتين والتبري من المسيحية والصلاة جماعة إلا الدليل عليه وهي أمور تعاد
وتكرر بالنسبة للمعنى المقصود منها، وإذ ذهب الحكم هذا المذهب فجاء فيه "ولما
كان الثابت من بينة المستأنفة (المطعون عليها الأولى) التي قدمتها أمام محكمة
الدرجة الأولى فيما جاء على لسان شهودها أنهم أجمعوا أن المتوفى...... قد اعتنق
الدين الإسلامي قولاً وفعلاً وشهد الأول والثاني منهم بأنه نطق بالشهادتين وتبرأ
من كل دين يخالف الدين الإسلامي أمامهما وأنه كان يمارس الشعائر الإسلامية أمامها
وشهد الثاني منهما أنه صلى العصر معه بمسجد السيد البدوي في طنطا جماعة وكان يزور
مسجدي السيدة زينب وسيدنا الحسين معه ويراه يصلي صلاة صحيحة ويصوم رمضان وكان
محباً للقرآن الكريم وقارئاً له كما شهد الثالث بأن المتوفى نطق أمامه بالشهادتين
ورآه الشاهد يصلي المغرب في منزله (المتوفى) كما شهد الرابع أنه لم يكن يعلم بأن
المتوفى مسيحي لأنه كان يتردد على مسجدي السيدة زينب والحسين مرات وأنه كان يزوره
في منزله الذي كان يقيم فيه مع زوجته المستأنفة (المطعون عليها الأولى) ورآه
صائماً وصلى خلفه مؤتماً به وكان حريصاً على أداء الفروض, وكان إسلامه ظاهراً
وعلناً" وبني على ذلك قضاءه بأن المتوفى كان مسلماً عند وفاته فإنه لا يكون
قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ولا جدوى من النعي على شهادة الشاهدين (الأول
والثاني) باختلافهما إذ يكفي الحكم المطعون فيه - شرعاً - شهادتا الشاهدين (الثالث
والرابع) في أصل شهادتيهما إسلام المتوفى ولا يعتبر شهادتهما اختلافهما في المظاهر
التي استدل بهما كل منهما على إسلام المتوفى على ما سبق القول.
وحيث إن الطاعنين ينعون
في الشق الثاني من كل من السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه والقصور والفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه
استند في قضائه أيضاً على ما هو ثابت في عقد الزواج العرفي المؤرخ 14/ 5/ 1960 من
إقرار المتوفى بالإسلام وشهادة شاهدين على هذا الإقرار وهو خطأ إذ أن الطاعنين قد
أنكروا هذا العقد وتوقيع المتوفى عليه مما يسقط حجة الورقة وفقاً للمادة 14 من
قانون الإثبات يضاف إلى ذلك قول الحكم المطعون فيه أنه لم يطعن على عقد الزواج
بطعن مقبول في حين أن الطاعنين أنكروا صلباً وتوقيعاً مما يصم الحكم بالقصور وأما
الفساد في الاستدلال فلأنه عول في قضائه على عقد الزواج العرفي رغم إنكار الطاعنين
له وفي هذا العقد نفسه ما ينفي إسلام المرحوم... إذ أن عنوانه "عقد زواج
مدني" كما نص في البند الأول منه "أن الطرفين اتفقا على أن تقوم بينهما
علاقة زواج مدنية" وهو ما لا يعرفه الإسلام إذ الإسلام لا يعرف إلا الزواج
الشرعي والعلاقة الشرعية على كتاب الله وسنة رسوله ونص في البند الخامس منه أنه
إذا أراد أحد الزوجين الانفصال عن الآخر فيجب أن يسبق الانفصال إنذار وهو ما لا
تعرفه الشريعة الإسلامية، وأنه في حالة الانفصال يكون من حق الطرفين أن يتفقا على
حضانة الأولاد ونفقتهم فإذا لم يتفق الطرفان على ذلك فإنه يجب تطبيق الشريعة
الإسلامية" مما يقطع بأن الشريعة الإسلامية قانون أجنبي عن علاقة الطرفين
وكذا نص في البند السادس أنه إذا أراد الزوج الانفصال عن زوجته فإن عليه أن يدفع
200 ج بصفة تعويض غير نفقة العدة المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية وهذا بمثابة
الشرط الجزائي في العقود المدنية وفي المعاملات وكذا نص في البند الثامن أن الطرفين
اتفقا على أن يكون ديانة الأولاد الذي تنجبهم الزوجة هي الإسلام وهذا قاطع في أن
أحد طرفي العلاقة غير مسلم.
وحيث إن هذا النعي مردود
بأن الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إذا أقيم على دعامات متعددة وكانت
إحدى هذه الدعامات كافية وحدها لحمل الحكم فإن تعييبه في باقي الدعامات الأخرى
بفرض صحته يكون غير منتج, ومتى كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقيم على
البينة الشرعية وعلى ما جاء في عقد الزواج العرفي من إقرار المتوفى بإسلامه وشهادة
شاهدين على هذا الإقرار وكانت البينة الشرعية كافية لحمل قضاء الحكم على ما تقدم
في الرد على الشق الأول من كل من السببين الأول والثاني فإن النعي على الحكم في
استناده إلى عقد الزواج العرفي - لو صح - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون
في الشق الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك
أن المطعون عليها الأولى تناقضت في دعواها مع نفسها ومع شهودها وتناقض هؤلاء
الشهود فيما بينهم تناقضاً لا يغتفر ويمنع من سماع الدعوى ويبطل شهادة الشهود وفي
بيان ذلك يقولون إنه رغم تعدد بلاغات المطعون عليها الأولى وطلباتها، فإنها لم تشر
إلى إسلام المرحوم....... إلا في البلاغ المقدم منها إلى النائب العام وأنها قررت
في التحقيقات أنها تعرف أن الإسلام يتم بالنية والنطق بالشهادتين مما يدل على أنه
نطق بالشهادتين أمامها وحدها لا أمام شهود وأن السبب في عدم إشهار إسلامه أنه كان
يخشى على أملاكه وأمواله التي كانت موجودة بين أيدي إخوته وهذا يتناقض مع ما قرره
الشاهد الثاني والرابع من أنه كان يصلي في المساجد جماعة مما يفيد العلانية وما
قرره الشاهد الأول من أن المتوفى كان يخاف من أهله أن يقتلوه في حين أنه شهد بأنه
كان يصلي معه في المسجد كما تناقضت مع دعواها شهادة الشاهد الرابع مع أنه كان
يتردد عليها ولم يكن يعلم أنه مسيحي وأن إسلامه كان ظاهراً وعلناً.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن التناقض المانع من سماع الدعوى ومن صحتها هو أن يسبق من المدعي كلام مناف
للكلام الذي يقوله في دعواه فيما لا يخفي سببه ما دام باقياً لم يرتفع ولم يوجد ما
يرفعه بإمكان حمل أحد الكلامين على الآخر أو بتصديق الخصم أو بتكذيب الحاكم أو قول
المتناقض تركت الكلام الأول مع إمكان التوفيق بين الكلامين وحمل أحدهما على الآخر
وذلك لاستحالة ثبوت الشيء وضده ويتحقق التناقض متى كان الكلامان قد صدرا من شخص
واحد أمام القاضي أو كان أحد الكلامين في مجلس القاضي والآخر خارجه ولكن ثبت أمام
القاضي حصوله إذ يعتبر الكلامان وكأنهما في مجلس القاضي يستوي في ذلك أن يكون
التناقض من المدعي أو منه ومن الشهود أو من المدعى عليه وليس في الحكم المطعون فيه
شيء من ذلك إذ لم يثبت صدور كلام من المطعون عليها الأولى ينافي دعواها والقول بأن
المتوفى كان يخاف من أهله لا يتنافى مع تردده على المساجد أو مع تخوفه مع إشهار
إسلامه رسمياً مما يجعل هذا النعي غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعون
بالشق الثاني من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه بطلانه وفي بيان ذلك يقولون
إنه يؤخذ من بيانات الحكم في ديباجته وذيله أن السيد المستشار...... كان أحد أعضاء
الهيئة التي أصدرته وأنه سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع على المسودة ولكنه لم
يحضر جلسة النطق بالحكم بل استبدل به مستشار آخر وقد خلا الحكم من الإشارة إلى أن
المانع الذي حال دون حضور القاضي مانع مادي وليس قانونياً مما يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود
ذلك أن النص في المادة 170 من قانون المرافعات على أنه "يجب أن يحضر القضاة
الذين اشتركوا في المداولة تلاوة الحكم فإذا حصل لأحدهم مانع وجب أن يوقع مسودة
الحكم" يدل على أن المشرع قد توقع أنه قد يعرض للقاضي الذي اشترك في وضع
الحكم ما يحول بينه وبين حضوره بشخصه وقت تلاوته فاكتفى بأن يوقع على المسودة على
أن يبين في الحكم أن القاضي الذي لم يحضر النطق به قد اشترك في المداولة ووقع على
مسودته وإلا كان باطلاً، ولئن كان من المتعين أن يكون المانع القهري الذي يجيز
الاستعاضة بتوقيع القاضي مسودة الحكم عن حضوره شخصياً هو المانع المادي المجرد دون
المانع القانوني الذي مبناه زوال صفة القاضي أو انتفاء ولايته لضرورة صدور الحكم
ممن يتصف بوصف القاضي ولزوم ثبوت هذه الصفة له حتى النطق بالحكم كي تتوافر له مكنة
الإصرار على رأيه أو العدول عنه حتى ذلك الوقت إلا أنه ليس بلازم الإفصاح في الحكم
عن بيان المانع لأنه لصيق بشخص القاضي ومن العسير التعرف عليه وقت النطق بالحكم.
لما كان ذلك، وكانت الأوراق خلواً مما يفيد تحقق مانع قانوني بالمستشار الذي لم
يحضر النطق بالحكم ووقع على مسودته فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.
(1)نقض 17/ 1/ 1962 مجموعة المكتب الفني السنة 13 ص
72.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق