الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 ديسمبر 2019

الطعن 7098 لسنة 55 ق جلسة 18 / 3 / 1986 مكتب فني 37 ق 86 ص 419

جلسة 18 من مارس سنة 1986
برياسة السيد المستشار: فوزي أحمد المملوك نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الرحيم نافع نائب رئيس المحكمة وحسن غلاب ومحمد أحمد حسن ومحمود رضوان.
-----------------
(86)
الطعن رقم 7098 لسنة 55 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. عدم إيداعها".
عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
  (2)جريمة "أركانها". اتفاق جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تمام جريمة الاتفاق الجنائي بمجرد اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع.
استخلاص العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى. موضوعي.
عدم تقيد المحكمة بالأدلة المباشرة دون غيرها. حقها في استخلاص الحقائق القانونية مما قدم إليها من أدلة ولو غير مباشرة. ما دام ما حصلته لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
 (3)إكراه. ظروف مشددة. فاعل أصلي. اشتراك. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية.
الإكراه ظرف عيني يتعلق بالأركان المادية للجريمة. سريانه في حق كل من ساهموا فيها.
 (4)إثبات "بوجه عام" "شهادة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قول متهم على آخر. حقيقته شهادة. للمحكمة التعويل عليها.
 (5)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد أسباب الطعن ووضوحها. شرط لقبولها.
 (6)إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع وحدها. لها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
 (7)نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ادعاء وجود نقص بتحقيقات النيابة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض.
 (8)إثبات "شهود". إجراءات المحاكمة.
تلاوة أقوال الشهود. جوازها إذا تعذر سماعهم أو بقبول المتهم صراحة أو ضمناً.
----------------
1 - إن الطاعنين الأول والثاني وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما، فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع، وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ بوقوعه. وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي.
3 - من المقرر أن ظرف الإكراه إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة اللاصقة بنفس الفعل، ولذلك فهي تسري على كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها سواء أكانوا فاعلين أصليين أم شركاء وليس لأحد منهم أن يتنصل من المسئولية عن النتائج المترتبة عليها.
4 - من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها.
5 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال المتهمين الأول والثاني - يكون غير مقبول طالما لم يكشف عنه وجه التناقض الذي يقول به.
6 - لما كان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى كل متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهمين الآخرين الذين قضت ببراءتهم، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
7 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من نقص في تحقيقات النيابة العامة بصدد واقعة إطلاق النار على أحد المتهمين وإرفاق التقرير الطبي عن إصابته، ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم.
8 - لما كان الأصل المقرر في المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة بالجلسة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً، إلا أنه يصح لها أن تقرير تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين حكم ببراءتهم بأنهم: اشتركوا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية مقاومة سلطات المعاقب عليها بالمادة 137 مكرراً 1، 2 وذلك بأن اتفقوا على استعمال القوة والتهديد مع أميني الشرطة..... و... لحملها على الامتناع عن أعمال من أعمال وظيفتهما هو احتجاز المتهمين.... و.... على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: بأنهم بالطريق العمومي ميدان صيدناوي بالعتبة سرقوا الإحراز الموصوفة بالتحقيقات من أمين الشرطة.... بطريق الإكراه الواقع عليه بأن اعترضوا سبيله حال كون المتهمين الأول والثاني وآخر يحملون أسلحة الأول والثاني "مدية" والآخر "سنجة" وهدده المتهم الأول والآخر باستعمال هذا السلاح عندما حاول مقاومتهم فوقع الرعب في نفسه وتعطلت بذلك مقاومته وتمكنوا بهذه الوسيلة من سرقة الإحراز سالفة الذكر، ثالثاً: استعملوا القوة والتهديد مع أميني الشرطة سالفي الذكر لحملهما بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهما هو إخلاء سبيل المتهمين .... و ..... حالة كون المتهم الأول والثاني وآخر يحملون أسلحة الأول والثاني "مدية" والآخر "سنجة" استعملها الثاني بأن طعن أمين الشرطة.... فأحدث إصابته المبينة بالتقرير الطبي وهدده الآخر باستعمال السنجة وهدد الأول أمين الشرطة باستعمال المدية وتمكنوا بهذه الوسيلة من بلوغ مقصدهم. وإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، ومحكمة جنايات.... قضت حضورياً للطاعنين في 20 مارس سنة 1982 عملاً بالمواد 48/ 1، 137 مكرراً، 315/ 1، 30، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.

المحكمة
من حيث إن الطاعنين الأول والثاني وإن قررا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم يقدما أسباباً لطعنيهما، فيكون الطعن المقدم من كل منهما غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الثالث قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الاتفاق الجنائي والسرقة بالإكراه واستعمال القوة والتهديد مع موظفين عموميين لحملهما على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهما فقد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال واعتراه إخلال بحق الدفاع وبطلان في الإجراءات أثر فيه، ذلك بأن الشروط الواجب توافرها لقيام هذه الجرائم الثلاث غير قائمة فليس في الأوراق ما يفيد حصول اتفاق بين الطاعن وباقي المتهمين على ارتكاب أي جريمة - كما أن القيد الحديدي الذي كان مصفداً به بصحبة أميني الشرطة يحول دون إتيانه أي فعل قسري في جريمة السرقة أو أن يستعمل معهما القوة والتهديد ولا تصلح أقوال المتهمين الأول والثاني دليلاً عليه في الإدانة فضلاً عن تناقضها هذا إلى أن تناقض الشهود - حسبما قاله الحكم - كان باعثاً على عدم اطمئنان المحكمة بالنسبة لمن قضت ببراءتهم وهو بذاته يصلح سنداً لبراءة الطاعن. وكذا فإن النيابة العامة تقاعست عن تحقيق واقعة إطلاق النار على أحد المتهمين وما أثاره الطاعن أمامها في هذا الخصوص. وأخيراً فإن المحكمة لم تجر تحقيقاً في الدعوى اكتفاء بتلاوة أقوال الشهود، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مضمونه أنه أثناء سير أمين الشرطة..... مع زميله أمين الشرطة.... - وبصحبتهما (الطاعن) وآخر في طريقهم لعرض المتهمين على نيابة مخدرات القاهرة - التقى المقبوض عليهما بكل من المتهمين الأول (....) والثاني (....) ودار بين هذين الأخيرين والطاعن حديث، وبعد أن قفل الأمينان وبصحبتهما المقبوض عليهما من النيابة وهم في الطريق العام فوجئا بالمتهم الأول يشهر مطواة في وجه أمين الشرطة..... وقام بخطف الحقيبة التي بها إحراز المخدرات المضبوطة وهرب بها فلاحقه إلا أنها سقطت منه بعد أن تمكن من سرقة حرزين منها، وفي تلك الأثناء أشهر المتهم الثاني مدية في وجه أمين الشرطة الآخر (.....) مهدداً إياه وآزره في ذلك الحين (الطاعن) - الذي تمكن هو المقبوض عليه الآخر من الهرب بعد أن شلت مقاومة أمين الشرطة وأصيب في يده، إلا أنه انطلق خلفهما وأطلق عياراً نارياً أصاب أحدهما وتمكن من القبض عليهما ثانية. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذا النحو، أدلة مستمدة من شهادة أمين الشرطة وكل من......... و......... واعتراف المتهمين الأول والثاني في تحقيقات النيابة العامة وما استبان من التقرير الطبي الموقع على أمين الشرطة..... وهي أدلة لا يجادل الطاعن في أن لها معينها من الأوراق. وبعد أن عرض الحكم لدفاع الطاعن بإنكار الاتهام وأطرحه، تحدث عن قيام الاتفاق الجنائي بينه وبين المتهمين الأول والثاني في قوله "وحيث إن المحكمة ترى أن هناك اتفاقاً جنائياً بين المتهمين الأول والثاني والرابع (الطاعن) وذلك من اعتراف كل من المتهمين الأول والثاني وأنه قد اتحدت إرادة كل من المتهمين الأول والثاني والرابع على ارتكاب جناية سرقة الإحراز ومقاومة السلطات وقد تم تنفيذ هذا الاتفاق فعلاً". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في كل ما تقدم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي كما هي معرفة به في القانون، ذلك بأنه لا يشترط لتكوين جريمة الاتفاق الجنائي المنصوص عليها في المادة 48 من قانون العقوبات أكثر من اتحاد إرادة شخصين أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة ما سواء وقعت الجريمة المقصودة من الاتفاق أو لم تقع، وأنه يكفي أن تستخلص المحكمة العناصر القانونية لجريمة الاتفاق الجنائي من ظروف الدعوى وملابساتها ما دام في وقائع الدعوى ما يسوغ الاعتقاد بوقوعه. وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من الأدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من وقائع الدعوى التي ترد إلى أصل صحيح في الأوراق وبأسباب مؤدية إلى ما رتبه عليها أن اتفاقاً مسبقاً قد تم بين الطاعن والمتهمين الأول والثاني على ارتكاب جنايتي السرقة في الطريق العام بطريق الإكراه واستعمال القوة والعنف مع أميني الشرطة. أخذاً بالأدلة السالف بيانها - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في حقيقته من قبيل الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى هذا المنعى على غير أساس خليقاً بالرفض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد اثبت في حق المحكوم عليه الأول ارتكابه سرقة حقيبة الإحراز بطريق الإكراه الواقع على أمين الشرطة بانتزاعها من يده بعد تهديده باستعمال المطواة التي أشهرها في وجهه - كما أثبت اتفاق الطاعن مع هذا المحكوم عليه والمحكوم عليه الآخر (المتهمين الأول والثاني) على ارتكاب هذه الجريمة، وكان من المقرر أن ظرف الإكراه إنما هو من الظروف العينية المتعلقة بالأركان المادية للجريمة اللاصقة بنفس الفعل، ولذلك فهي تسري على كل من ساهموا في الجريمة المقترنة بها سواء أكانوا فاعلين أصليين أم شركاء وليس لأحد منهم أن يتنصل من المسئولية عن النتائج المترتبة عليها. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مساءلة الطاعن بوصفه فاعلاً في جريمة السرقة بالإكراه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص غير قويم. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل - على نحو ما تقدم - بأسباب سائغة على اتفاق الطاعن مع المتهمين الأول والثاني على ارتكاب جريمة استعمال القوة والتهديد مع أميني الشرطة لحملهما على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهما. فإن مساءلته عن ارتكاب هذه الجريمة يكون قد أصاب صحيح القانون. ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أقوال متهم على آخر هو في حقيقة الأمر شهادة يسوغ للمحكمة أن تعول عليها في الإدانة متى وثقت فيها وارتاحت إليها. فإن ما يثيره الطاعن بشأن استدلال الحكم بأقوال المتهمين الأول والثاني على اتفاقهما معه في ارتكاب الجرائم المشار إليها - يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً فإن ما يثيره الطاعن بشأن تناقض أقوال المتهمين الأول والثاني - يكون غير مقبول طالما لم يكشف عنه وجه التناقض الذي يقول به. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى كل متهم وعدم اطمئنانها بالنسبة لمتهم آخر وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهمين الآخرين الذين قضت ببراءتهم، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها بما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من نقص في تحقيقات النيابة العامة بصدد واقعة إطلاق النار على أحد المتهمين وإرفاق التقرير الطبي عن إصابته، ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا النقص، ومن ثم فلا يحل له من بعد - أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم. لما كان ذلك، ولئن كان الأصل المقرر في المادة 279 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، أن المحاكمة الجنائية يجب أن تبنى على التحقيق الشفوي الذي تجريه المحكمة وتسمع فيه الشهود ما دام ذلك ممكناً، إلا أنه يصح لها أن تقرير تلاوة أقوال الشهود إذا تعذر سماع شهادتهم أو إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك ويستوي أن يكون القبول صريحاً أو ضمنياً بتصرف المتهم أو المدافع عنه بما يدل عليه، ولما كان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة في العاشر من مارس سنة 1982 وهي الجلسة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، أن المدافع عن الطاعن وكذلك النيابة العامة لم يتمسكا بسماع شهود الإثبات وطلبا الاكتفاء بتلاوة أقوالهم، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون أن تسمع شهادتهم، ولا تكون قد أخطأت في الإجراءات ولا أخلت بحق الدفاع، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق