جلسة 29 من يناير سنة 1986
برياسة السيد المستشار:
محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين
رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.
---------------------
(34)
الطعن رقم 5506 لسنة 55
القضائية
(1)قبض.
استيقاف. تفتيش "تفتيش بغير إذن" "التفتيش بقصد التوقي".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق مأمور الضبط القضائي
عند القبض قانوناً على المتهم تفتيشه. أساس ذلك؟ المادة 46 إجراءات جنائية.
مشروعية التفتيش الوقائي متى قصد به التحوط من شر المقبوض عليه.
(2)تزوير "أوراق رسمية" جريمة "أركانها". قصد
جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة
التزوير متى يتحقق؟ تحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن. غير لازم حد ذلك؟
(3) تقليد، جريمة
"أركانها". مسئولية جنائية. قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة
التقليد المعاقب عليها بالمادة 206 عقوبات. قصد خاص. افتراض توافره من ارتكاب
التقليد أو التزوير.
(4)تزوير "أوراق رسمية" حكم، تسبيبه، تسبيب غير معيب، محكمة
النقض "سلطتها".
وضوح التزوير بدرجة لا
يمكن أن ينخدع بها أحد، لا تأثيم.
التمسك بظهور التزوير
لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
(5)تزوير أوراق رسمية. جريمة "أركانها". ضرر. حكم
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تحدث الحكم الصادر
بالإدانة في جريمة التزوير صراحة عن ركن الضرر. غير لازم ما دام قيامه لازماً عن
طبيعة التزوير في المحرر الرسمي. علة ذلك؟
--------------------
1 - إن من حق مأمور الضبط
الذي قام بضبط الطاعن، أن يجرى تفتيشه، بمقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات
الجنائية، التي تجيز لمأمور الضبط القضائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض
قانوناً على المتهم، أن يفتشه، هذا إلى أن التفتيش في صورة الدعوى - على السياق
الذي أوردته المحكمة في معرض ردها على الدفع ببطلان التفتيش - أمر لازم تستوجبه
وسائل التوقي والتحوط من شر المقبوض عليه، إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن
يعتدي على من أجرى ضبطه، بما عساه قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه.
2 - إن القصد الجنائي في
جريمتي تزوير محرر وتقليد خاتم من أختام إحدى الجهات الحكومية، يتحقق من تعمد
الجاني تغيير الحقيقة في المحرر، أو تقليد الخاتم، مع انتواء استعمال المحرر أو
الخاتم في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة أو ارتكاب التقليد، وليس أمراً لازماً
على الحكم التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع
ما يشهد لقيامه.
3 - إن القصد الجنائي
الذي يتطلبه القانون في المادة 206 من قانون العقوبات التي أخذ الحكم الطاعن بها
في جريمة التقليد - وهو قصد خاص قوامه فيه استعمال الشيء المقلد أو المزور
استعمالاً ضاراً بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد - مفترض من التقليد أو التزوير،
وعلى المتهم وحده إثبات عكس هذا القصد، وإذ كانت مدونات الحكم تفيد أن الطاعن هو
الذي اقترف جريمة التقليد المسندة إليه، ولم يدع الطاعن بأسباب طعنه أنه تمسك أمام
محكمة الموضوع بأن قصده من التقليد إنما كان اختبار قدرته عليه فحسب، وأنه أثبت
ذلك لديها بما ينتفي به توافر القصد الجنائي في الجريمتين المسندتين إليه، فإنه لا
يقبل منه إثارة دعوى انتفاء نية استعماله المحررين المزورين لأول مرة أمام محكمة
النقض.
4 - من المقرر أن التزوير
في المحررات والتقليد في الأختام، إذا كان ظاهراً بحيث لا يمكن أن ينخدع به أحد،
فلا عقاب عليه لانعدام الضرر إلا أن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض، غير
جائزة ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره، وإذ خلا محضر الجلسة والحكم من تمسك الطاعن
بهذا الدفاع، كما خلت مدونات الحكم مما يرشح لقيامه، فإنه لا يقبل منه أن يثير هذا
الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة، لأن تمحيصه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها.
5 - لا يشترط لصحة الحكم
بالإدانة أن يتحدث صراحة عن ركن الضرر، ما دام قيامه لازماً عن طبيعة التزوير في
المحرر الرسمي، لأن تغيير الحقيقة فيه بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون،
ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة العامة، لما يترتب على العبث بالورقة الرسمية من
غض لقيمتها في نظر الجمهور بحسبانها ذات حجية، والأخذ بها وتصديقه واجب بحكم
القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه (1) وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محررين
رسميين هما رخصة القيادة رقم 3582 خاصة مرور الغربية وتصريح التسيير المؤرخ في 24/
2/ 1983 مرور الشرقية وكان ذلك باصطناعهما بتحرير بياناتهما ووقع عليهما بتوقيعات
مزورة نسبها زوراً إلى المختصين بقسمي مرور..... و..... ومهرهما بخاتمين مقلدين
عزاهما زوراً لقسمي المرور سالفي الذكر (2) قلد خاتمين لمصلحتين حكوميتين هما قسمي
مرور..... و..... باصطناعهما على شكل الخاتمين الصحيحين باستعمالهما بأن مهر بهما
على المحررين الرسميين المزورين سالفي الذكر مع علمه بذلك. وأحالته إلى محكمة
جنايات...... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام. والمحكمة
المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 206/ 1، 4، 211، 212 من قانون العقوبات مع
تطبيق المادة 32 من القانون ذاته. (أولاً) برفض الدفع المبدى من المتهم بعدم جواز
نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها ونظرها. (ثانياً) في موضوع الدعوى بمعاقبة.....
بالسجن لمدة ثلاثة سنوات ومصادرة الأوراق المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى
على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمتي تزوير محررين رسميين وتقليد خاتمين
لجهتين رسميتين، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق
الدفاع، ذلك بأنه عول ضمن ما عول عليه في قضائه ذاك، على الدليل المستمد من تفتيش
الطاعن، وهو تفتيش باطل لعدم صدور إذن من النيابة العامة به ولعدم الجدوى من
إجرائه في جريمة سرقة السيارة بعد ضبطها واعترافه بمحضر الضبط بسرقتها وسبق معرفة
رئيس المباحث له، والتفت الحكم عن دفعه ببطلان القبض وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة
الفصل فيها في الجناية رقم 420 لسنة 1984 ثاني الزقازيق، ودانه على الرغم من
انتفاء القصد الجنائي لديه في جريمة التقليد، إذا لم يثبت من التحقيق أنه استعمل
أو نوى استعمال المحررين المدعى بتزويرهما، وهو لم يحررهما إلا بقصد اختبار قدرته
على التقليد فضلاً عن أن التزوير مفضوح لا ينخدع فيه أحد على نحو ما قرره الضابط،
وهو ما ينتفي به ركن الضرر أو احتماله، ولم يشر الحكم إلى توافر هذا الركن، ولم
تطلع المحكمة على المحررين المزورين، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون
فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان
الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة لا يماري الطاعن في أن لها
معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان
ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان التفتيش بقوله "أنه عن
الدفع النافي ببطلان القبض وما تلاه من إجراءات، فإن الثابت أن المتهم كان مطلوباً
ضبطه بمناسبة اتهامه بسرقة سيارة في المحضر رقم 99 سنة 2 أحوال القسم سنة 1983،
وأنه يحق لمأمور الضبط القضائي إجراء تفتيش وقائي للمتهم عند ضبطه، ويكون تفتيشه
سليماً وصحيحاً، ومن ثم يتعين اطراح هذا الدفع". وكان الطاعن لا يماري في أنه
عند تفتيشه كان مطلوباً ضبطه بمناسبة اتهامه في جريمة سرقة، فإن الحكم إذ انتهى
إلى رفض الدفع، يكون قد اقترن بالصواب، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد،
على غير سند، ذلك أن من حق مأمور الضبط الذي قام بضبط الطاعن، أن يجرى تفتيشه،
بمقتضى المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تجيز لمأمور الضبط القضائي في
الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم، أن يفتشه، هذا إلى أن التفتيش
في صورة الدعوى - على السياق الذي أوردته المحكمة في معرض ردها على الدفع ببطلان
التفتيش - أمر لازم تستوجبه وسائل التوقي والتحوط من شر المقبوض عليه، إذا ما سولت
له نفسه التماساً للفرار أن يعتدي على من أجرى ضبطه، بما عساه قد يكون محرزاً له
من سلاح أو نحوه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه، قد عرض لدفع الطاعن بعدم
جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - ورد عليه رداً سائغاً يكفي لحمل قضائه برفضه
- فإن النعي عليه بأنه التفت عن هذا الدفع، يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان
القصد الجنائي في جريمتي تزوير محرر وتقليد خاتم من أختام إحدى الجهات الحكومية،
يتحقق من تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر، أو تقليد الخاتم مع انتواء استعمال
المحرر أو الخاتم في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة أو ارتكب التقليد، وليس
أمراً لازماً على الحكم التحدث صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن، ما دام قد
أورد من الوقائع ما يشهد لقيامه - كالحال في الدعوى - فإن نعي الطاعن على الحكم
أنه قد دانه على الرغم من انتفاء القصد الجنائي لديه، يكون على غير أساس. هذا
فضلاً عن أن القصد الجنائي الذي يتطلبه القانون في المادة 206 من قانون العقوبات
التي أخذ الحكم الطاعن بها في جريمة التقليد - وهو قصد خاص قوامه فيه استعمال
الشيء المقلد أو المزور استعمالاً ضاراً بمصلحة الحكومة أو بمصلحة الأفراد - مفترض
من التقليد أو التزوير، وعلى المتهم وحده إثبات عكس هذا القصد، وإذ كانت مدونات
الحكم تفيد أن الطاعن هو الذي اقترف جريمة التقليد المسندة إليه، ولم يدع الطاعن
بأسباب طعنه أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن قصده من التقليد إنما كان اختبار
قدرته عليه فحسب، وأنه أثبت ذلك لديها بما ينتفي به توافر القصد الجنائي في
الجريمتين المسندتين إليه، فإنه لا يقبل منه إثارة دعوى انتفاء نية استعماله
المحررين المزورين لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ولئن كان من المقرر أن
التزوير في المحررات والتقليد في الأختام، إذا كان ظاهراً بحيث لا يمكن أن ينخدع
به أحد، فلا عقاب عليه لانعدام الضرر إلا أن إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض،
غير جائزة ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره، وإذ خلا محضر الجلسة والحكم من تمسك
الطاعن بهذا الدفاع، كما خلت مدونات الحكم مما يرشح لقيامه، فإنه لا يقبل منه أن
يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة، لأن تمحيصه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه
وظيفتها. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لصحة الحكم بالإدانة أن يتحدث صراحة عن ركن
الضرر، ما دام قيامه لازماً عن طبيعة التزوير في المحرر الرسمي، لأن تغيير الحقيقة
فيه بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون، ينتج عنه حتماً حصول ضرر بالمصلحة
العامة، لما يترتب على العبث بالورقة الرسمية من غض لقيمتها في نظر الجمهور
بحسبانها ذات حجية، والأخذ بها وتصديقها واجب بحكم القانون، فإن النعي على الحكم
في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك وكان الثابت من محضر الجلسة أن
المحكمة قامت بفض حرز المحررين المزورين وأطلعت الدفاع عن الطاعن عليهما، وكان
محضر الجلسة حجة بما أثبت فيه، فإنه لا يجوز إثبات عكس ما أثبت إلا بطريق الادعاء
بالتزوير وثبوت هذا الادعاء، على ما تقضي به المادة 30 من قانون حالات وإجراءات
الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، وكان الطاعن لم يسلك
طريق الطعن آنف الذكر، فإن نعيه في هذا الخصوص، يكون لا محل له. لما كان ما تقدم
فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق