باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حــاكم إمــــــارة رأس الخيمــــة
-------------------------
محكمـــــــة تمييـــــــز رأس الخيمــــة
الدائــــــــرة المدنية والتجارية
برئاسة السيد المستشار / محمـد حمودة الشريف رئيـس الدائرة
وعضوية السيدين المستشارين / محمـد إبراهيم إسعيد وأحمد إبراهيم المومني
وحضور أميــن السـر السيد/ سعد طلبه
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بـدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأربعاء 15 محرم 1437 هـ الموافق الثامن والعشرون من أكتوبر من العام 2015 في الطعـن المقيد فـي جــدول المحكمة بـرقم 28 لسنة 10 ق 2015 مدني
الطاعنة / شركة .... للاستثمارات بوكالة المحامي /.... وآخرين
المطعون ضده / .... بوكالة المحامي/ ....
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وتقرير القاضي المقرر والمرافعة والمداولة:
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
حيث إن الوقائع - كما يبين في الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل بأن المدعي – المطعون ضده - كان قد أقام الدعوى رقم .... /2012 كلى راس الخيمة – بطلب الحكم : 1 - تثبيت الحجز التحفظي الصادر في الأمر على عريضة رقم .... /2012 الواقع على كافة الموجودات العائدة للطاعنة – المدعى عليها . ثانياً: إلزام المدعى عليها بتنفيذ الاتفاقية المبرمة بينهما بتاريخ 9/8/2005 بكل ما اشتملت عليه من بنود خاصة المدة والقيمة المتفق عليها. ثالثاً: إلزام المدعى عليها بسداد القيمة المتأخرة عليها مقابل حق الامتياز الممنوح لها خلال الفترة التي امتنعت فيها عن السداد بمبلغ مقداره 14000000 درهم وذلك اعتباراً من تاريخ 13/3/2011 وحتى تاريخه. رابعاً: في حالة رغبة المدعى عليها فسخ العقد بإرادتها المنفردة إلزامها بأن تؤدي للمدعي مبلغ مقداره 63000000 درهم عن القيمة المقدرة خلال المدة المتبقية في الاتفاقية كتعويض. وقال شارحاً لدعواه : أن المدعي كان قد أبرم مع المدعى عليها عقد امتياز أعمال كسارة مقابل مبلغ 7000000 درهم وكانت المدعى عليها قد تخلفت عن سداد هذه القيمة مقابل السنة السادسة اعتباراً من 13/3/2011 وحتى 12/3/2012 وكذا السنة السابعة التي تبدأ من نهاية السنة السادسة دون مبرر منها معللة ذلك بأنه تم إنهاء العقد مما حدا به إلى توجيه إنذار رسمي لها بتاريخ 8/5/2011 إلا أنها ظنت خطأ منها أنه تم إنهاء العقد وفقاً للمادة 14 من الاتفاقية فقيد المدعى دعوى أمام اللجنة العقارية برقم .... لسنة 2011 وبتاريخ 4/9/2011 قضت فيها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيم وقام المدعي باستصدار الأمر على عريضة المطلوب القضاء بصحته وتثبيته بتاريخ 22/3/2012 وأتبعه بقيد الدعوى الراهنة بتاريخ 29/3/2012 خلال الميعاد القانوني وتوجه لمركز التحكيم امتثالاً منه لحكم اللجنة العقارية وقيدت دعواه التحكيمية برقم .... /2012 تحكيم بتاريخ 28/3/2012 ليطالب بأصل الحق إلا أن المدعى عليها حررت مذكرة صادرة منها لمركز التحكيم بعدم اختصاصه بنظر الدعوى مما حدا به إلى إقامة دعواه الراهنة .
وبتاريخ 31/3/2013 م قضت المحكمة الابتدائية – الدائرة المدنية الكلية في الدعوى رقم .... /2012 بفسخ عقد الاتفاقية المؤرخ في 9/8/2005 وإلزام المدعى عليها بأن تؤدي للمدعي مبلغ 14330555 درهم قيمة مقابل الانتفاع المستحقة عليها وتثبيت الحجز التحفظي الصادر في الأمر على عريضة رقم .... /2012 وألزمتها بالمصاريف ومبلغ 100 درهم مقابل بدل أتعاب محاماة. استأنفت المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف رأس الخيمة برقم .... /2013 وبتاريخ 27/11/2013 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالرسوم والمصاريف.
طعنت المدعى عليها على هذا الحكم بالنقض . وبتاريخ 23/6/2014 قضت محكمة التمييز في الطعن رقم 7 لسنة 9 ق 2014 مدني بنقض الحكم الأخير والإحالة.
وبعد الإعادة إلى محكمة الاستئناف وبتاريخ 28/12/2014 م قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 281/2014 م برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالرسوم والمصاريف.
طعنت المدعى عليها على هذا الحكم بالنقض الماثل للمرة الثانية بصحيفة أودعت قلم الكتاب بتاريخ 15/2/2015 طلبت فيه وقف تنفيذه مؤقتاً لحين الفصل في الطعن وفى الموضوع بنقضه والتصدي وجرى إعلان الصحيفة إلى المطعون ضده بتاريخ 12/5/2015 فقدم مذكرة جوابية بتاريخ 24/5/2015 طلب فيها رفض الطعن وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره تم فيها تداول الطعن على النحو المبين بالمحاضر وتقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم .
حيث أقيم الطعن على أربعة أسباب. وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه عدم التزام محكمة الإحالة بحكم محكمة التمييز في المسائل التي فصل فيها خصوصاً في شأن مراعاة شرط التحكيم الوارد في اتفاقية الامتياز واعتبار جلسة 25/6/2012 هي الجلسة الأولى التي أتيح فيها للشـركة إبداء دفاعها على الطلبات الموضوعية للمطعون ضدها الذي اكتسب في شأنها القضاء حجية الشـى المحكوم فيه وذلك بالحكم الناقض واعتبرت جلسة 22/4/2012 هي الجلسة الأولى للشـركة الطاعنة على الرغم من كون طلبات المطعون ضده بصحيفة إفتاح دعواه أمام محكمة البداية لم تكن تتعلق بالحق وإنما انحصرت بطلب إجراءات تحفظية
وحيث إن هذا النعي غير سديد ؛ ذلك أنه من المقرر أن للمحكمة المحال إليها الدعوى بعد النقض والإحالة أن تبني حكمها على فهم جديد تحصله من واقع الدعوى طالما أنها التزمت بالمسألة القانونية التي حسمتها محكمة التمييز كما يجوز لها أن تقضـي بما كانت قد قضت به في الحكم المنقوض بعد أن تكون قد تداركت ما كان قد علق بذلك الحكم من خطأ كشفه الحكم الناقض كما يجوز لها أن تعتمد في حكمها على ما اتخذ صحيحاً من الإجراءات قبل صدور الحكم المنقوض وكان النص في المادة 203/5 من قانون الإجراءات المدنية أنه ( إذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع فلا يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا لجأ أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون الاعتداد بشـرط التحكيم ولم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الأولى وجب نظر الدعوى واعتبر الشرط التحكيم لاغياً ) .
وكان من المقرر أن المقصود بالجلسة الأولى هي الجلسة المعينة لنظر الدعوى وهي التي تنعقد فيها الخصومة بين أطراف الدعوى ويتاح فيها للمدعى عليه إبداء دفوعـه. وكان البين من أوراق الدعوى أن أول جلسة كانت معينة لها الدعوى أمام محكمة أول درجة قد انعقدت في 22/4/2012 وفيها حضــر وكيل المدعى عليها / الطاعنة الأستاذ .... واكتفى بطلب إمهاله للاطلاع والرد دون أن يدفع الدعوى بوجود شرط التحكيم الوارد بالعقد سندها فيعتبر بذلك شرط التحكيم لاغياً ويجب على المحكمة نظر الدعوى ولا يؤثر في ذلك طلب المطعون ضده " المدعي" أجلاً لتقديم لائحة معدلة في الجلسة التالية ذلك أن طلب تقديم لائحة معدلة لا يلغي لائحة الدعوى الأصلية لأن للمدعي الحق في تعديل طلباته وفقاً للإجراءات المدنية في أية جلسة وقبل إغلاق باب المرافعة وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فيكون قد صادف صحيح القانون ولا يجدي الطاعنة التمسك بما ورد بحكم النقض رقم 7 لسنة 9 ق 2014 مدني الذي اقتصر في خصوص مسألة صحة تمسك الطاعنة بشرط التحكيم على نقض الحكم المطعون فيه بسبب القصور في التسبيب لإغفال المحكمة تحديد موقفها مما تضمنته مذكرة الطاعنة المقدمة بجلسة 25/6/2012 م دون أن يحسم النزاع في شأن صحة أو عدم صحة الدفع بشرط التحكيم بالجلسة المذكورة تاركاً أمر ذلك لمحكمة الإحالة تقدره على ضوء جمله أوراق الدعوى ومنها ما تضمنته مذكرة الطاعنة المشار إليهـا.
وحيث تنعى الطاعنة بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والفساد في الاستدلال وذلك لعدم اختصاص المحكمة النوعي بنظر الدعوى باعتبارها مطالبة من اختصاص لجنة الفصل بالمنازعات العقارية التي سبق لها أن فصلت في النزاع الراهن بالدعوى رقم .... /2011 حيث قضت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم وحاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي به.
وحيث أن هذا النعي غير سديد ؛ ذلك أن المرسوم الأميري رقم 7 لسنة 2011 حدد اختصاص اللجنة العقارية بالنظر بالمنازعات الإيجاري وشكاوى الشيكات المتعلقة بعقود الإيجار.
وحيث إنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير وتكييف الاتفاقيات وفق ما تراه أوفى بمقصود العاقدين بما لا خروج فيه عما تحمله ألفاظها وعباراتها طالما كان تفسيرها سائغاً له أصله الثابت بالأوراق
وحيث توصلت محكمة الموضوع إلى أن النزاع بين الطرفين لا يُعد منازعة إيجارية ذلك أن الاتفاقية بين الطرفين اتفاقية امتياز لاستثمار قطعة الأرض لقلع الحجارة منها وتكسيرها في الكسارة التي أنشأتها الطاعنة باعتبار أن الاتفاقية تتعلق بحق من حقوق الانتفاع وليست اتفاقية إيجار وأن النزاع يدخل لذلك ضمن الاختصاص النوعي للقضاء العادي فلا يجوز الاحتجاج بالحكم رقم ..../2011 الصادر عن اللجنة الإيجارية وقد قضـي بعدم الاختصاص لمنع المطعون ضده من الالتجاء بعده إلى المحكمة المختصة ومن ثم فإن النعي يكون في غير محله ومستوجب الرفض.
وحيث تنعى الطاعنة بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حيث أغفل الحكم المطعون فيه الرد على أوجه دفاعها المستندة إلى بطلان اتفاقية الامتياز كون المدعي مستأجراً لقطعة الأرض وليس مالكاً لها من ناحية ومن ناحية أخرى إغفاله الرد على دفاعها بطلب ندب لجنة خبرة هندسية لبحث أوراق ومستندات النزاع وبيان ماهية وطبيعة العلاقة فيما بين الطرفين وتحديد مدى تنفيذ طرفي الدعوى لالتزاماتهما التعاقدية حسب القيمة الفعلية (إيجار المثل) لقطعة الأرض موضوع النزاع على ضوء سعر السوق بتاريخ التعاقد واحتساب مجموع المبالغ التي استلمها المطعون ضده من الطاعنة في سياق هذه العلاقة وإعادة احتسابها على ضوء سعر السوق وصلاحية وصفه المطعون ضده.
وحيث إن هذا النعي في وجهه المتعلق ببطلان اتفاقية الامتياز لكون المطعون ضده ليس مالكاً لقطعة الأرض موضوع الاتفاقية غير سديد ؛ ذلك أن علاقة التعاقد بين الطرفين تتعلق بمنح حق امتياز من المطعون ضده للطاعنة تتمتع بموجبه على ما هو وارد في العقد المبرم بين الطرفين سند الدعوى بحقوق مقصورة عليها من تمويل وتصميم وتطوير وتجهيز (اومو) على الأرض المحددة موضوع التعاقد لمدة امتياز على فترات منفصلة مدة الواحدة منها اثنا عشر شهراً فيكون متعلق هذه الاتفاقية إنما هو حق الانتفاع الذي له على الأرض بموجب عقد إيجاره لها من بلدية رأس الخيمة التي لها وحدها التمسك بما هو قائم بينهـــا والمطعــون ضده في العقد المذكور من شروط بما فيها شرط تحجير ومنع الإيجار من الباطن ، وإذ رد الحكــم المطعــون فيـــه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص بما جاء بأسبابه من أن "العلاقة بين المستأنف ضده ومالك الأرض بلدية رأس الخيمة لم تكن المستأنفة طرفاً بها ولا يوجد ما يشير إلى أن البلدية تعرضت لعمل المستأنفة أو منعتها من استغلال الأرض الأمر الذي تكون معه العلاقة بين المستأنف ضده والبلدية لا تمنع المستأنف ضده من تنفيذ التزاماته التعاقدية مع المستأنفة" ولم تدعى الطاعنة تعرضها لأى شغب قانوني من البلدية المذكورة حال دونها والانتفاع بحق الامتياز موضوع العقد سند الدعوى فتكون أسباب الحكم المذكورة سائغة من الحكم تصلح رداً لمواجهة دفاع الطاعنة من هذه الناحية .
وعن الوجه الثاني من النعي المتعلق بدفاع الطاعنة بخصوص ندب لجنة خبرة هندسية للغايات الواردة بسبب النعي فإنه غير سديد. ذلك أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تندب خبيراً لبحث المسائل الفنية التي يستعصـى عليها الإلمام بها أو تحقيق الواقع في الدعوى دون المسائل القانونية والتي لا يجوز للخبير التعرض لها لأنها تدخل في ولاية المحكمة وواجباتها التي ليس لها أن تتخلى عنها وكان ما تهدف إليه الطاعنة من طلب الخبرة يرمى إلى تكليف الخبير ببيان ماهية وطبيعة العلاقة بين الطرفين مما لا يكتسـى أية صبغة فنية تحتاج إلى خبرة ويدخل في صميم عمل القاضي الذي له وحده دون الخبير تكيف العلاقة التعاقدية بين الأطراف وتفسيرها بما هو أوفى بقصدهما. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض طلب الطاعنة ندب لجنة خبرة على ما أورده بمدوناته من أن "المسائل المطلوب إثباتها بواسطة الخبير ليست مسائل فنية" فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ولا تنال منه مبررات الطاعنة الأخرى لطلب انتداب لجنة الخبرة سواءً المتعلقة بتحديد مدى تنفيذ الطرفين التزاماتهما في غياب أي بيان منها للاخلالات المنسوبة لمعاقدها ولا أيضاً تبريرها الطلب لغاية تحديد قيمة إيجار المثل الذي لا إنتاجية له في ظل علاقة تعاقدية يحكمها اتفاق الطرفين لا القيمة السوقية لموضوع التعاقد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق