باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي
حـــاكم إمـــارة رأس الخيمــــة
-------------------------
محكمــــة تمييــز رأس الخيمة
الدائـــرة المدنية
برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأحد 16 من شعبان سنة 1440 هـ الموافق 21 من أبريل سنة 2019
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 16 لسنـــة 14 ق 2019 – مدنى
المرفوع من: النائب العام بصفته ممثلا لحكومة رأس الخيمة – دائرة الخدمات العامة ( الأشغال العامة سابقاً )
ضـــــــد
شركة .... الوطنية المحدودة. ذ م م بوكالة المحامي: .....
الوقـــــــــائــع
في يـوم 24/02/2019 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة في الاستئناف رقم ..... لسنة 2016 مدني، الصادر بتاريخ 31/12/2018 بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي 25/02/2019 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن .
وفي 06/03/2019 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن.
وفي 31/03/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحـددت لنظره جلسة 21/04/2019 وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمـــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر/ علي عبد الفتاح جبريل والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الدائرة الطاعنة الدعوى رقم ..... لسنة 2016 تجاري كلي رأس الخيمة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 765081,37 درهما، والفائدة التأخيرية بواقع 9% من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد، وقالت بيانا لدعواها إنها تعمل في مجال توريد وتركيب البلاط والطابوق ومشتقاته، وبموجب عدة أوامر شراء صادرة من الطاعنة بغرض توريد وتركيب كربستون، وإزالة وإعادة تركيب، وأعمال حفر وتملية وتمهيد لتركيب الكربستون قامت المطعون ضدها بتلك الأعمال على أكمل وجه وذلك لعدة مشاريع في الإمارة، وقد استحق على الطاعنة مبلغ 1217575,97 درهما سددت منه مبلغ 845260,034 درهما، وتبقى في ذمتها مبلغ 372315,63 درهما عبارة عن فواتير غير مدفوعة، وفروق في الفواتير، فضلا عن فروق فواتير عدلتها الطاعنة خلافا للمتفق عليه بين الطرفين، مما تجمد معه في ذمة الأخيرة مبلغ 287245,74 درهما فضلاً عن التأمينات الواجب ردها إلى المطعون ضدها وقدرها 150520 درهما بما جملته المبلغ المطالب به، وإذ امتنعت الطاعنة عن سداد هذا المبلغ فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وبعدم سماع الدعوى لانقضاء الحق في المطالبة بالتقادم. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 2016 مدني، والمحكمة قضت بتاريخ 12/12/ 2016 بقبول الاستئناف شكلاً، وبإعادة ندب خبير محكمة أول درجة لبحث الاعتراضات المبداة على التقرير، وبعد أن أودع الخبير تقريره التكميلي ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية، وبعد أن أودعت تقريرها قضت المحكمة بتاريخ 30/4/2018 بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 472550,27 درهما، وفوائده التأخيرية بواقع 6 % سنويا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام ورفض الدعوى فيما زاد عن ذلك. طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ..... لسنة 13 ق 2018 تمييز تجاري رأس الخيمة، كما طعنت عليه الطاعنة بالطريق ذاته بالطعن رقم ..... لسنة 13 ق 2018 تمييز مدني رأس الخيمة، ومحكمة التمييز قضت بتاريخ 13/8/2018 في الطعن الأول برفضه، وفي الطعن الأخير بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لإعادة نظرها، والمحكمة الأخيرة أعادت ندب لجنة الخبراء السابقة، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها قضت بتاريخ 31/12/2018 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 472550,27 درهما، وفوائده التأخيرية بواقع 6% سنويا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام ورفض الدعوى فيما زاد عن ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ثم قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه قضى برفض دفع الطاعنة بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المنصوص عليها في المادة 476/ أ من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على أن العقد سند الدعوى ليس عقد توريد، بل هو عقد مقاولة يخضع للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 473 من القانون المشار إليه، واستند الحكم في هذا الخصوص إلى ما انتهى إليه التقرير التكميلي للجنة الخبراء المنتدبة من غلبة أعمال المقاولة في المعاملة موضوع النزاع على أعمال التوريد رغم أن اللجنة بنت رأيها السالف على مستندات مجهولة المصدر، وخالية من التوقيعات قدمتها المطعون ضدها، وكانت محل جحد وإنكار من الطاعنة، ودون أن تتحقق اللجنة من صحتها من واقع سجلات الشركة وحساباتها خصوصاً وأنها ملزمة بإمساك دفاتر وسجلات منتظمة، ولم تعن اللجنة ومن بعدها الحكم المطعون فيه بالرد على اعتراضات الطاعنة في هذا الخصوص، كما لم يفطن الحكم إلى أن التوريد كان هو العلاقة الأصلية بين الطرفين، وأن التركيب مجرد أثر من آثاره، وأنه بفرض ازدواج الطبيعة القانونية للعقد وكونه عقد مقاولة وتوريد في آن واحد، فإن المطالبة في الدعوى الراهنة تتعلق بفروق أسعار ما تم توريده من بلاط؛ مما يستوجب تطبيق أحكام التقادم القصير المنصوص عليه في المادة 476/أ المشار إليها، كما عول الحكم في قضائه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به على التقرير الأول للجنة الخبراء رغم اختلافه مع تقريرين سابقين في خصوص المبلغ المستحق للمطعون ضدها ودون أن يبين علة أخذه به واطراحه لهما، ورغم ما شابه من بطلان لعدم تنفيذ اللجنة للمأمورية المنوطة بها وخروجها عنها بعدم الانتقال إلى مقر الطرفين بمقولة تنازلهما عن ذلك، وعدم إجراء المعاينة لمرور أكثر من اثني عشر عاما على تنفيذ الأعمال، وانفراد الخبير الحسابي بوضع التقرير رغم التوقيع عليه من الخبيرين الهندسيين اللذين لا شأن لهما بالعمل الحسابي، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص، وأحال بشأنه إلى التقرير بما يعد تخلياً من المحكمة عن ولايتها القضائية في خصوص إحدى المسائل القانونية، كما ألزم الطاعنة بمبلغ التأمين رغم عدم تقديم المطعون ضدها الدليل عليه، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعنة الجوهري لا سيما المتعلق بعدم حجية الفواتير سند الدعوى لكونها مصطنعة من المطعون ضدها، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص المادتين 872 و873 من قانون المعاملات المدنية أن عقد المقاولة هو عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع شيئا، أو أن يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، ويجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم صاحب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله، كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل معا، وفي هذه الحالة الأخيرة يشتبه عقد المقاولة بعقد البيع، غير أن مناط التفرقة بينهما أنه إذا كانت قيمة المادة أو المهمات المستعملة ثانوية بالنسبة إلى عمل المقاولة كان العقد مقاولة، وإن كان الأمر بعكس ذلك كان العقد بيعا، وكان من المقرر أن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة ما عناه الطرفان منه، وتعرف ذلك من سلطة محكمة الموضوع فمتى استظهرت قصد العاقدين، وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدي إليه عقلا، ثم أنزلت عليه الحكم القانوني الصحيح، فإنه لا يقبل من أيهما التذرع بأن المحكمة أخطأت في تكييف العقد توصلا إلى نقض حكمها في هذا الخصوص، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعاوى الناشئة عن الالتزامات التعاقدية – غير التي أفرد لها المشرع تقادما خاصا – تتقادم بخمس عشرة سنة، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها بما فيها تقارير الخبرة، والمفاضلة بين هذه التقارير والأخذ بأحدها دون غيره، ومتى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، كما أنه لا إلزام على الخبير بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما عهد به إليه على النحو الذي يراه محققا للغاية من ندبه ما دام عمله خاضعا لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت ترى فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى، وكان عدم انتقال الخبير إلى مقار الخصوم أو عدم معاينته للأعمال التي تم إنجازها لا يؤثر في صحة تقريره طالما أنه استند إلى ما له أصل ثابت في الأوراق بما يكفي لإبداء الرأي في المهمة الموكلة إليه، ومرد ذلك إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب عليها في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دفع الطاعنة بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المنصوص عليها في المادة 476/أ من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على ما اطمأن إليه من التقرير التكميلي الأخير للجنة الخبراء المنتدبة من أن قيمة أعمال المقاولة التي قامت المطعون ضدها بإنجازها لصالح الطاعنة هي مبلغ 2817029,82 درهما بما نسبته 75,09 % من قيمة الأعمال المنجزة، وأن قيمة التوريدات بلغت 934658,70 درهما بما نسبته 24,91 % من قيمة تلك الأعمال، وخلص من ذلك إلى أن عقد المقاولة قد اقترن بعقد التوريد، وأن قيمة العقد الأخير ثانوية بالنسبة إلى العقد الأول، ومن ثم فإن العقد المبرم بين الطرفين يكون في حقيقته عقد مقاولة لغلبة أعمال المقاولة فيه على أعمال التوريد، ويكون بذلك خارجا عن نطاق تطبيق أحكام التقادم المنصوص عليها في المادة 476/ أ من قانون المعاملات المدنية، وخاضعا للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 473 من القانون ذاته والذي لم يكن قد اكتمل عند رفع الدعوى، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنة القائم على جحد جميع صور الفواتير المقدمة من المطعون ضدها، وإنكار أصلها، وكونها مصطنعة بمعرفة الأخيرة، وعدم استنادها إلى دفاتر منتظمة لديها، واطرحه بما حاصله أنه قد سبق للطاعنة مناقشة موضوع تلك الفواتير في مراحل الدعوى المختلفة، وقدمت مستندات تفيد سداد مبالغ منها تمثلت في صور شيكات وسندات صرف قامت الخبرة باعتمادها والاستناد إليها في حساب المبالغ المسددة، وغير المسددة والمستحقة لها، وأن الطاعنة طلبت في مذكرة دفاعها بجلسة 21/11/2016 احتياطيا رفض الدعوى لبراءة ذمتها بالسداد، فضلا عما جاء بتقرير لجنة الخبراء الأخير على لسان وكيل الطاعنة بمحضر الأعمال المؤرخ 25/11/2018 رغم تمسكه باصطناع المطعون ضدها لتلك الفواتير إلا أنه استند إليها في تكييف العلاقة التعاقدية بين الطرفين، وما إذا كانت عقد توريد أم عقد مقاولة، واستخلص الحكم من ذلك أن سبق مناقشة الطاعنة لموضوع تلك الفواتير يمنعها فيما بعد من إنكارها أو جحدها لا سيما وأنها تعاملت مع المطعون ضدها بتكليفها بتنفيذ المشروعات التابعة لها دون عقود أو اتفاقيات حيث كان التعامل بين الطرفين يتم شفاهة على النحو الوارد بتقرير اللجنة الأخير، ودون التأكد من امتلاك المطعون ضدها لدفاتر محاسبية من عدمه خلال فترة تنفيذ تلك المشروعات قبل التعامل معها بما يعد تقصيرا منها، فضلا عن أن اللجنة قد توصلت في تقريريها السابق والتكميلي الأخير إلى وجود شهادات دفع صادرة من الطاعنة لصالح المطعون ضدها عن المشاريع التي نفذتها الأخيرة والواردة بكشف المشاريع المقدم منها، والثابت منه إنجازها، وعدم تقديم الطاعنة أية مستندات تخالف هذا الكشف أو شهادات الدفع سالفة البيان، ثم انتهى الحكم إلى إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به وفوائده التأخيرية استنادا إلى التقرير الأول للجنة الخبراء المعينة من محكمة الاستئناف بموجب حكمها التمهيدي الصادر بجلسة 30/10/2017 والذي اطمأنت إليه المحكمة لسلامة الأسس وكفاية الأبحاث التي أقيم عليها، والذي انتهى إلى انشغال ذمة الطاعنة بهذا المبلغ، وهو عبارة عن قيمة فواتير غير مسددة قدرها 372315,63 درهما، ومبالغ تأمين محتجزة قدرها 100234,64 درهما، وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص سائغاً ويتفق وصحيح القانون، وله أصله الثابت في الأوراق، ويكفي لحمل قضائه، وفيه الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة من حجج مخالفة، وليس فيه ما يفيد أن محكمة الموضوع ناطت بالخبير الفصل في أية مسألة قانونية، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. ولا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من أن الطلبات في الدعوى الراهنة تقتصر على طلب الحكم بفروق أسعار ما تم توريده من بلاط؛ باعتبار أن أوراق الدعوى ومستنداتها دلت على خلاف ذلك.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق