بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 19-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 150 لسنة 2025 طعن عقاري
طاعن:
م. ز.
مطعون ضده:
د. ق. و. ل. ا. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/180 استئناف عقاري بتاريخ 05-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق في الملف الإلكتروني وسماع التقرير الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر/ياسر أبو دهب وبعد المداولة. حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن الطاعنة " مارينا زاركريان" أقامت الدعوى رقم 1353 لسنة 2024 عقاري على المطعون ضدها " داماك قنال ون للتطوير العقاري ذ.م.م" بطلب الحكم بفسخ التعاقد عن الوحدة رقم 5202 ببرج ايكون سيتي محل الدعوى والقضاء بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 842,818 درهم شاملاً الثمن ورسوم التسجيل العقاري والمصاريف الإدارية مع الفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ التعاقد في 23/6/2016 وحتى تمام السداد ، وبإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 350,000 درهم كتعويض ، وقالت بياناً لذلك إنها بتاريخ 23/6/2016 اشترت من المطعون ضدها 22 وحدة من بينها الوحدة محل النزاع رقم 5202 ببرج ايكون سيتي مساحتها 39,58 متر مربع لقاء ثمن مقداره 809.400 درهم على أن يتم الإنجاز في أكتوبر 2021، وعلى أن يكون بالمبنى ستة مصاعد، إلا أن المطعون ضدها أخلت بالتزاماتها ، وتأخرت في إنجاز المشروع ولم تخطرها بالإنجاز إلا بتاريخ 13/10/2023، وألغت ثلاثة مصاعد مما يؤثر على استغلال الوحدة بشكل جيد ، إذ أن ثلاثة مصاعد لا تفي بالغرض منها ، كما طلبت منها توقيع إقرار تلتزم فيه بعدم التأجير إلا بموافقتها ، فضلاً عن مطالبتها بسداد ضريبة القيمة المضافة بالرغم من عدم التزامها بذلك لسريان قانون ضريبة القيمة المضافة بعد تاريخ التعاقد ، دفعت المطعون ضدها بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم ، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم ، استأنفت الطاعنة ذلك الحكم بالاستئناف رقم 180 لسنة 2025 عقاري ، وبتاريخ 5/3/2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بالطعن بالتمييز رقم 150 لسنة 2025 عقاري بموجب صحيفة أودعت إلكترونياً بتاريخ 24/3/2025 طلبت فيها نقض الحكم، وقدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعها ـ في الميعاد ـ طلبت فيها رفض الطعن. وإذ عٌرض الطعن على هذه المحكمة ـ في غرفة مشورة ـ فقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم بغير مرافعة. وحيث إن حاصل ما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن مخالفة القانون ، والخطأ في تطبيقه ، والقصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ومخالفة الثابت في الأوراق ، وفي بيان ذلك تقول إنها قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن الدعوى تتعلق بمسائل عقارية متصلة بالنظام العام ومرتبطة بالتسجيل في السجل العقاري المبدئي ، والنهائي ، ومن ثم فلا يجوز اللجوء فيها إلى التحكيم ، لا سيما وأن الوحدة محل النزاع لم يتم اعتماد المخططات والتصاميم الخاصة بالطابق الكائنة به إلا في عام 2018 أي بعد التعاقد عليها بأكثر من عامين مما يبطل عقد بيع الوحدة لمخالفته المادة 4 من القانون 13 لسنة 2008 التي تلزم المطور قبل البدء في المشروع أو بيع وحداته على الخارطة بالحصول على الموافقات اللازمة من الجهات المختصة بالإمارة ، والمادة 10 من ذات القانون التي تحظر على المطور بيع الوحدات على الخارطة في مشاريع لم يتم الموافقة عليها ، كما تمسكت ببطلان شرط التحكيم لانعقاده لجهة لا يمكنها نظره وفق التنظيم القانوني الخاص بها ، إذ أن الشرط الوارد بالاتفاقية بأن الاختصاص بنظر المنازعات يكون من اختصاص هيئة التحكيم بمركز دبى المالي العالمي محكمة لندن للتحكيم الدولي ، في حين أن قانون انشاء المركز سالف البيان نص على تطبيقه فقط على العقارات الواقعة في نطاق اختصاص مركز دبي المالي العالمي ، ومن ثم لا يختص المركز بأي نزاع يخص عقار خارج دائرة اختصاصه مثل عقار النزاع ، لا سيما وأن المادة رقم 4 من القانون رقم 34 لسنة 2021 بإنشاء مركز دبى للتحكيم الدولي تضمنت إلغاء مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي، ومن ثم أصبح لا وجود لمحكمة لندن للتحكيم الدولي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم تأسيساً على تفسير معيب لشرط التحكيم بأن ما اتفق عليه الطرفان هو تسوية المنازعات بينهما عن طريق التحكيم وفقاً لقواعد مركز دبي المالي العالمي وليس اتفاقاً على تسوية النزاع أمام محاكم مركز دبي المالي فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه. وحيث إن النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو طريق بديل لفض المنازعات ، فهو اختيار المتنازعين طرفاً غيرهما محايداً للفصل فيما شجر بينهما من نزاع دون الالتجاء إلى القضاء ، ويكون التحكيم تبعاً لعقد يُذكر في صلبه وضمن شروطه ويسمى شرط التحكيم ، وقد يكون بمناسبة نزاع معين قائم بالفعل بين الخصوم ويسمى في هذه الحالة اتفاق التحكيم أو مشارطة التحكيم ، ويرتكز التحكيم على إرادة الخصوم متمثلة في الاتفاق على التحكيم، وهذا الاتفاق يعد المصدر الأساسي الذي يستمد منه المحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من القضاء المختص ، ومن المقرر جواز الاتفاق على اللجوء إلى التحكيم للفصل في الاخلال بتنفيذ أي عقد ، كما من المقرر أن استخلاص ثبوت أو نفى انصراف الإرادة المشتركة للمتعاقدين إلى التحكيم ، وكذلك تفسير شرط التحكيم هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها من محكمة التمييز، متى كان تحصيلها متفقاً مع الثابت في الأوراق ، كما من المقرر أنه متى انتهى الحكم إلى نتيجة صحيحة قانوناً ، فإنه لا يعيبه ما قد يكون شابه من قصور في أسبابه القانونية أو ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة ، إذ لمحكمة التمييز استكمال هذا القصور ، وتصحيح هذا الخطأ ورده إلى أساسه القانوني السليم ، لما كان ذلك وكان الثابت من ملف الطعن أن اتفاقية بيع وحدة النزاع سند الدعوى المؤرخة 23/6/2016 المبرمة بين الطاعنة ( المشتري ) ، والمطعون ضدها ( البائع ) قد نص في البند رقم 19 منها على " إحالة أي نزاع ينشأ أو يتعلق بهذه الاتفاقية بما في ذلك أي مسألة تتعلق بوجودها أو نفاذها أو انهائها ليتم حله عن طريق التحكيم بموجب قواعد مركز دي أي اف سي ( مركز دبي المالي العالمي ــ محكمة لندن للتحكيم الدولي )..." ، ومن ثم يتبين من ذلك الشرط اتجاه إرادة طرفي الاتفاقية سالفة البيان إلى اختيار مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي ، وذلك للتحكيم فيما يشجر بينهما من منازعات تتعلق بالاتفاقية ، ومن ثم ولما كانت المادة رقم 4 من المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 بشأن مركز دبي للتحكيم الدولي ـــ المنشور في الجريدة الرسمية لحكومة دبي ــ السنة 55 ــ العدد 531 بتاريخ 20/ 9/ 2021 ، والمعمول به ــ وفقاً للمادة رقم 10 من ذات المرسوم ــ من تاريخ نشره قد نصت على أنه " يُلغى بمُوجب هذا المرسوم ما يلي: 1ـ مركز الإمارات للتحكيم البحري، المُنشأ بمُوجب المرسوم رقم (14) لسنة 2016 المُشار إليه. 2ـ مُؤسّسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي، المُنظّمة أحكامها بمُوجب القانون رقم (5) لسنة 2021 المُشار إليه والتشريعات النّافِذة لدى مركز دبي المالي العالمي. ويُشار إليهما فيما بعد بِـ "مراكز التحكيم المُلغاة"، وكانت المادة رقم 5 من ذات المرسوم قد نصت على أنه " .... ?ب- يَحِل مركز دبي للتحكيم الدولي محل مراكز التحكيم المُلغاة في كُل ما لهذه المراكز من حُقوق وما عليها من التزامات." ، وكانت المادة رقم 6 من ذات المرسوم قد نصت على أنه " ?أ- تُعتبر صحيحة ونافذة كافّة الاتفاقات المُبرمة بتاريخ العمل بهذا المرسوم باللجوء إلى التحكيم في مراكز التحكيم المُلغاة، ويحل مركز دبي للتحكيم الدولي محل هذه المراكز في النّظر والفصل في المُنازعات الناشِئة عن تلك الاتفاقات، ما لم يتّفِق أطرافها على غير ذلك..." ، وكانت الاتفاقية المبرمة بين مركز دبي للتحكيم الدولي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي بخصوص تنظيم تسوية المنازعات المسجلة قبل 20 مارس 2022قد تضمنت أنه " أعلن مركز دبي للتحكيم الدولي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي عن توقيعهما اتفاقية تتوافق وتنسجم مع مرسوم حكومة دبي رقم (34) لسنة 2021، تقوم بموجبها محكمة لندن للتحكيم الدولي بإدارة كل قضايا المنازعات والتحكيم القائمة التي كانت تنظر بها مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي وذلك حسب قواعد التحكيم المعروفة بـ RULES DIFC-LCIA (أي القضايا التي تم تسجيلها وبدء العمل على تسويتها في مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي تحت رقم دعوى معين ومحدد في أو قبل تاريخ 20 مارس 2022). وذلك من مركزها الرئيسي في لندن. ..... وبالنسبة لجميع قضايا التحكيم والوساطة والإجراءات الأخرى لتسوية المنازعات البديلة التي يشير فيها شرط التحكيم إلى قواعد مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي ( DIFC-LCIA )؛ بما فيها إجراءات التحكيم الخاص التي يطلب فيها من مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي أن تكون الجهة التي تعين أعضاء هيئة التحكيم أو المشرفة على الإجراءات؛ والتي بدأت إجراءاتها في أو بعد 21 مارس 2022 تحت رقم دعوى معين (أو بدأت إجراءاتها قبل 21 مارس 2022 ولكن لم تسجل في مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي تحت رقم دعوى معين)، سيتم تسجيلها وإدارتها مباشرة من قبل مركز دبي للتحكيم الدولي عبر جهازه الإداري، وذلك وفق القواعد المعتمدة في مركز دبي للتحكيم الدولي، بما في ذلك جدول الرسوم والتكاليف المعمول به من وقت لآخر، من خلال نظم إدارة القضايا التابع لمركز دبي للتحكيم الدولي، ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك." ، ومن ثم ــ وهدياً من جماع ما تقدم بيانه ــ يٌعتبر شرط التحكيم الوارد في اتفاقية البيع المبرمة بين طرفي الدعوى ، والسارية وقت العمل بأحكام المرسوم بقانون 34 لسنة 2021 سالف البيان ، والمتضمن (أي شرط التحكيم )ـ قيام مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي بنظر المنازعات الناشئة عن الاتفاقية ــ يٌعتبر ــ صحيحاً قائماً بين طرفيه ، وإذ خلت الأوراق مما يفيد تسجيل قضية تحكيم تحت رقم دعوى محدد بشأن النزاع الماثل وبدء العمل على تسويتها أمام مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي قبل 20 /3/ 2022 ، ومن ثم يحل مركز دبي للتحكيم الدولي محل مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي ( الملغاة ) في نظر المنازعات الناشئة عن الاتفاقية ، ومن ثم يكون مركز دبي للتحكيم الدولي هو المنوط به التحكيم في النزاع الراهن ، ويضحى ما تثيره الطاعنة من بطلان شرط التحكيم لانعقاده لجهة لا يمكنها نظره على غير أساس ، ولا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من تعلق الدعوى بأمور عقارية لا يجوز فيها الصلح ، وبطلان عقد بيع وحدة النزاع لقيام المطعون ضدها ( المطور ) بالبيع قبل الحصول على موافقات الجهات المختصة ، وعدم اعتماد مخططات الوحدة إلا بعد التعاقد بالمخالفة للمادتين 4 ، 10 من القانون 13 لسنة 2008بشأن تنظيم السجل العقاري المبدئي في إمارة دبي ، ذلك أن الثابت من ملف الطعن أن حقيقة النزاع الراهن يدور حول طلب الطاعنة فسخ عقد بيع وحدة النزاع لإخلال المطعون ضدها ( البائع ) بالتزاماتها التعاقدية ، ومن ثم يجوز اللجوء للتحكيم بشأنه ، لا سيما وأن البين من ملف الطعن والاستعلام العقاري الصادر من دائرة الأراضي والأملاك بخصوص وحدة النزاع تسجيل وحدة النزاع لدى دائرة الأراضي والأملاك مبدئياً باسم الطاعنة في غضون عام 2016 وقبل رفع الدعوى الماثلة بوقت طويل ، ثم تسجيل الوحدة باسم الطاعنة بالسجل العقاري ( النهائي ) في غضون عام 2023 وفي تاريخ سابق على إقامة الدعوى الماثلة ، كما وأن الثابت من الاستعلام الخاص بالمشروع الكائن به الوحدة والصادر من ذات الدائرة اعتماد المشروع بتاريخ 17/2/2016 أي قبل ابرام عقد بيع وحدة النزاع ، وتمام انجاز المشروع في 30/8/2023 ، مما مؤداه حصول المطعون ضدها على الموافقات والتصاريح اللازمة لبدء المشروع الكائن به الوحدة وموافقة دائرة الأراضي والأملاك على عقد بيع وحدة النزاع ، ومن ثم تحقق الشروط والغاية التي ابتغاها المشرع في هذا الصدد ، ومن ثم يكون عقد بيع الوحدة بمنأى عن البطلان المدعى به ، ويضحى ما تثيره الطاعنة في هذا الخصوص محض محاولة منها للتملص من شرط التحكيم بغية جلب الاختصاص بنظر النزاع للقضاء ، لما كان ذلك وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم قبول الدعوي لوجود شرط التحكيم ، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة لا يؤثر فيها من بعد ما قد يكون قد شاب أسبابه من قصور أو خطأ إذ أن لهذه المحكمة استكمال القصور وتصويب الخطأ ــ على نحو ما تقدم بيانه ــ ومن ثم يضحى النعي غير مقبول ويتعين رفض الطعن. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة برفض الطعن ، وألزمت الطاعنة المصروفات ، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة ، مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق