جلسة الاثنين 8 مايو 2017
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
----------------
(34)
الطعنان رقما 285 و286 لسنة 2017 "جزاء"
(1) إثبات "شهود". إكراه. مواقعه أنثى بالإكراه. محكمة الموضوع "سلطتها في الإكراه".
ركن الإكراه في المواقعة. مناط توافره. للمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه. مسألة رضا المجني عليها في جريمة المواقعة. موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع. بلا رقابة عليها من محكمة التمييز. طالما أن الأدلة التي ذكرتها تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
(2) إكراه. مواقعه أنثى بالإكراه. دفاع "الدفاع" "الدفاع الموضوعي". محكمة الموضوع "سلطتها في الدفاع والرد عليه".
دفاع الطاعن بعدم وجود ثمة مظاهر للعنف أو المقاومة بملابس المجني عليها والطاعن تدل على المواقعة بالإكراه وإغفاله دلالة تقارير الأدلة الجنائية في نفي الاتهام وإغفال الحكم ما ساقه من شواهد وقرائن تأييدا لدفاعه بعدم حدوث إكراه. موضوعي. عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة وللرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال. استفادة الرد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم.
(3 ، 4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
(3) عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها لما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
(4) لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(5) إثبات "طرق الإثبات". مواقعة أنثى بالإكراه.
الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها. جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية. ومنها البينة وقرائن الأحوال إلا ما استثني بنص خاص. مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين. غير جائز. جريمة مواقعه أنثى بالإكراه لا يشملها الاستثناء وتخضع كسائر المسائل الجنائية لطرق الإثبات.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث وطرح ما يخالفها من صور. من سلطة محكمة الموضوع. ما دام سائغا. عدم مطالبتها بالأخذ بالأدلة المباشرة. لها استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج وكافة الممكنات العقلية.
(7) إثبات "الأدلة في المواد الجزائية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة".
الأدلة التي يعتمد عليها الحكم. لا يلزم أن ينبني كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى. علة ذلك. كفاية أن تكون الأدلة في مجموعها مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير الأدلة. لها أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه. طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق.
(8 - 10) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" "سلطتها في شهادة الشهود". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
(8) وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. من سلطة محكمة الموضوع. أخذها بشهادتهم. مفاده.
(9) تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة. لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها. شرط ذلك. الاطمئنان إلى شهادتها. تقدير قوة الدليل. من سلطة محكمة الموضوع.
(10) تناقض الشاهدة أو اختلاف روايتها في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك.
(11) دفوع "الدفوع الموضوعية: الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام".
الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام. من أوجه الدفوع الموضوعية.
(12) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة. لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي. منازعة الطاعن حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحها. جدل موضوعي في تقدير الدليل. من سلطة محكمة الموضوع. غير جائز مجادلتها أمام محكمة التمييز.
(13) تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
نعي الطاعن بتناقض أقوال المجني عليها بمحضر الشرطة. غير مقبول. طالما عول على أقوالها بتحقيقات النيابة العامة.
(14) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود".
أقوال الشاهد وتفهم سياقها. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(15) إثبات "مسائل عامة". حكم "تسبيبه".
عقيدة المحكمة. قيامها على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني.
(16) إجراءات. إثبات "الخبرة". خبرة "تقدير تقرير الخبير". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
نعي الطاعن بأن التقرير لا يصلح دليلا للإدانة إذ لم يقطع بأن الطاعن هو محدث الإصابات بالمجني عليها. غير مقبول. متى كان الحكم قد انصب على إصابات بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها. مثال.
(17) إجراءات. إثبات "الخبرة". خبرة "تقدير تقرير الخبير". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في الخبرة".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء.
(18) حكم "بيانات الحكم" "تسبيبه: تسبيب غير معيب". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
عدم رسم القانون شكلا لصياغة الحكم. كفاية تفهم الواقعة بأركانها وظروفها من مجموع ما أورده. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(19) جريمة "أركانها". مواقعه أنثى بالإكراه. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
جريمة مواقعه أنثى بالإكراه. كفاية إتباعها بركنيها المادي والمعنوي بما أورده الحكم المطعون فيه. تحدث الحكم عنهما على استقلال. غير لازم. متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها. نعي الطاعن على الحكم بعدم توافر الركن المادي للجريمة لعدم وجود دليل على الإيلاج وخلو التقارير الفنية مما يدل على ارتكاب الطاعن للجريمة والمنازعة في استخلاص المحكمة للإكراه. جدل لتجريح أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة التمييز.
(20) وصف التهمة. مواقعه أنثى بالإكراه. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
استئناف النيابة حكم المحكمة الابتدائية بالوصف الوارد بأمر الإحالة وهو مواقعه المجني عليها بالإكراه. لمحكمة الاستئناف أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله سواء في صالح المتهم أو ضده. إدانة الطاعن بمقتضى المواد الواردة بأمر الإحالة. ليس فيه تعديل وصف التهمة بما يستلزم تنبيه المتهم. النعي في هذا الشأن. غير مقبول. م 356 عقوبات.
(21 ، 22) إثبات "مسائل عامة" "شهود". شريعة إسلامية. جريمة "جرائم الحدود والقصاص". مواقعة أنثى بالإكراه. عقوبة "العقوبة التعزيرية". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في الإثبات: في شهادة الشهود".
(21) إفراد الشريعة الإسلامية في شأن الجرائم الموجبة للحدود أو القصاص أحكاما تشددت في طرق إثباتها. الشبهة في الدليل أو لصفة الجاني أو المجني عليه أو محل الجريمة تدرأ الحدود. فرض عقوبات تعزيرية بالنسبة للجرائم التي تعد من جرائم الحدود والقصاص. جائز في الشريعة الإسلامية. أساس ذلك. م 1، 66 عقوبات. أثر ذلك. وجوب قضاء المحكمة بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في قانون العقوبات. شرطه. أن تتوافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبات الحدود والقصاص والدية.
(22) جريمة مواقعه أنثى بالإكراه المعاقب عليها بمقتضى المادة 354 عقوبات. تعد من الجرائم التعزيرية التي وضع لها المشرع عقوبة تعزيرية. علة ذلك. ليست من جرائم الحدود. عدم تقيد القاضي بنصاب معين للشهادة أو بدليل محدد. ما دام تقديره لأدلة الدعوى سائغا. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(23) إثبات "الأدلة في المواد الجنائية" "أوراق رسمية" "أوراق عرفية".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية. للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة في الدعوى.
(24) حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم. مادام الرد مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها.
(25) حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. علة ذلك. ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته. جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام محكمة التمييز.
(26) تمييز "أسباب الطعن: السبب المجهل".
وجه الطعن. شرط قبوله. أن يكون واضحا محددا. عدم كشف الطعن عن أوجه مخالفة الحكم الثابت بالأوراق وجاء قوله مرسلا مجهلا. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(27) حكم "تسببيه". تمييز "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل".
عدم استناد الحكم في إدانته للطاعن إلى الصور الفوتوغرافية المأخوذة في الفندق محل الواقعة. نعي الطاعن على الحكم في هذا الصدد. وارد على غير محل.
(28) إجراءات "إجراءات التحقيق". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة. تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببا للنعي على الحكم.
----------------------
1 - المقرر أن ركن الإكراه في المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون له قد وقع بغير رضاء المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده وسائل للقوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا، وليس لمحكمة التمييز بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم.
2 - إذ كان دفاع الطاعن بعدم وجود ثمة مظاهر للعنف أو المقاومة بملابس المجني عليها والطاعن تدل على المواقعة بالإكراه وإغفاله دلالة تقارير الأدلة الجنائية في نفي الاتهام وإغفال الحكم ما ساقه من شواهد وقرائن تأييدا لدفاعه بعدم حدوث إكراه، فلا يعدو كل ذلك أن يكون دفاعا موضوعيا مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم.
3 - المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا اطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
4 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
5 - الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها- إلا ما استثني بنص خاص- جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين، وأن جريمة مواقعه أنثى بالإكراه التي دين الطاعن بها لا يشملها استثناء فإنه يجري عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات.
6 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، مادام استخلاصها مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
7 - لا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق.
8 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتها وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع.
10 - تناقض الشاهدة أو اختلاف روايتها في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
11 - الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية.
12 - إذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحها على النحو الذي ذهب إليه في طعنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة التمييز.
13 - إذ كان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في إدانته للطاعن على أقوال المجني عليها بمحضر الشرطة وإنما عول على أقوالها بتحقيقات النيابة العامة ومن ثم يكون منعاه بتناقض أقوالها في الشرطة عنها بتحقيقات النيابة أو أن ما حصله الحكم من أقوالها في محضر الشرطة لا أصل له في الأوراق غير مقبول.
14 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها.
15 - أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن الطاعن أدخل قضيبه في فرج المجني عليها كرها عنها حتى أفرغ شهوته بداخله وساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته وبذلك لا يضير الحكم أن يورد في بيانه لواقعة الدعوى- أن الطاعن أدخل قضيبه في فرج المجني عليها كرها عنها في حين أورد- في بيانه لمؤدى أقوال المجني عليه في تحقيقات النيابة أن الطاعن أدخل قضيبه في مهبلها، لأن المعنى المشترك بينهما واحد وهو أن الطاعن واقع المجني عليها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
16 - المقرر أنه متى كان الحكم قد أنصب على إصابات بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن التقرير لا يصلح دليلا للإدانة إذ لم يقطع بأن الطاعن هو محدث الإصابات بالمجني عليها على غير أساس. لما كان ذلك، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولا عن المجني عليها أنه حدثت بها بعض الإصابات نتيجة مقاومتها الطاعن والتي كشف عنها التقرير الطبي الشرعي ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص أن تكون إحداها قديمة ولم يحدثها الطاعن والتي لم يكن لها أثر في عقيدة المحكمة ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، وإذ كان الحكم قد أثبت على الطاعن أنه أحدث بالمجني عليها الإصابات التي أثبتها من واقع التقرير الطبي وهي عبارة عن كدمات متعددة في أماكن متفرقة من جسدها وكانت الكدمات إصابات رضية يجوز حدوثها من الضرب بالأيدي ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من أي دليل على استخدامه أداة صلبة أو رضه يكون على غير أساس.
17 - المقرر أن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء وإذ كان ما أورده الحكم أيضا يستقيم به إطراح دفاع الطاعن بشأن طلب إجراء المعاينة وكان هذا الدفع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم بإجابته، فإن ما أثاره الطاعن في كافة الأمور بهذا الوجه من طعنه يكون ولا محل له.
18 - المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه الطاعن من القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
19 - إذ كان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أن ما أورده كافيا لإثبات توافر جريمة مواقعه أنثى بالإكراه التي دان الطاعن بها بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامهما- كما هو الحال في الدعوى المطروحة- ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن الحكم لم يبين أركان الجريمة لا محل له.
20 - إذ كان الثابت أن التهمة المقدم بها الطاعن في أمر الإحالة هي مواقعه المجني عليها بالإكراه، إلا أن محكمة أول درجة دانته بمقتضى المادة 356 من قانون العقوبات على أساس أن المواقعة برضاء المجني عليها واستبعدت الإكراه، فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم وطلبت إدانته وفقا للوصف الوارد بأمر الإحالة ومن ثم فإن المحكمة المطعون في حكمها بصفتها محكمة الموضوع لها أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله سواء كان ذلك في صالح المتهم أو ضد مصلحته.
21 - إذ كانت الشريعة الإسلامية قد أفردت في شأن الجرائم الموجبة للحدود أو القصاص أحكاما تشددت في طرق إثباتها وقدرت أن الشبهة سواء كانت في الدليل أو لصفة الجاني أو المجني عليه أو في محل الجريمة تدرأ الحدود أي العقوبة المقدرة شرعا، إلا أنه ليس في الشريعة الإسلامية ما يمنع المشرع أن يفرض عقوبات تعزيرية بالنسبة للجرائم التي لا تعد من جرائم الحدود والقصاص وفقا لما يقدره من جسامة الجرم أو سلوك الجاني تحقيقا لاستقرار أمن المجتمع وهو ما نصت عليه المادة الأولى من قانون العقوبات من أنه تحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى أو بالنسبة لجرائم الحدود والقصاص في الأحوال التي تتوافر فيها الشروط المقررة شرعا لقيامها وهو ما نصت عليه المادة 66 من القانون السابق من أنه يجب على المحكمة أن تقضي بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في هذا القانون إذا لم تتوافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبات الحدود والقصاص والدية.
22 - إذ كانت جريمة مواقعه أنثى بالإكراه المعاقب عليها بمقتضى نص المادة 354 من قانون العقوبات والتي طلبت النيابة العامة تطبيقها على واقعة الدعوى تعد من الجرائم التعزيرية التي وضع لها المشرع عقوبة تعزيرية ذلك أنها ليست من جرائم الحدود ومن ثم يكون القاضي غير مقيد في قضائه بنصاب معين للشهادة أو بدليل محدد مادام تقديره لأدلة الدعوى سائغا وهو ما لم يخالفه الحكم المطعون فيه ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
23 - الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى.
24 - المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها.
25 - المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
26 - إذ كان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق، بل جاء قوله مرسلا مجهلا، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
27 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى الصور الفوتوغرافية المأخوذة في الفندق محل الواقعة ولم يورد لها ذكرا فيما سطره، فإن منعي الطاعن في خصوص هذه الصور لا يكون له محل.
28 - إذ كان ما يثيره الطاعن بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للنعي على الحكم.
------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت:------ لأنه بتاريخ 14/3/2016 بدائرة مركز شرطة الراشدية.
استخدم الإكراه في مواقعه المجني عليها/ ------ وذلك بأن استغل فرصة وجودها لوحدها في الغرفة رقم 617 بفندق أيبس بمنطقة المدينة العالمية حيث قام بحضنها وتقبيل شفتيها ودفعها نحو السرير ووضع يده على فمها ورقبتها حتى طرحها على السرير وتمكن من خلع ملابسها ثم جثم فوقها وأولج قضيبه في فرجها عنوة ودون رضاها حتى أفرغ شهوته بداخله بالرغم من مقاومتها له وإصابتها، وذلك على النحو الثابت بالأوراق.
وطلبت عقابه بالمادتين 121/1، 354/1 من قانون العقوبات الاتحادي.
وبجلسة 16/11/2016 حكمت محكمة الجنايات حضوريا بمعاقبة المتهم بالحبس لمدة سنة عما أسند إليه وبإبعاده عن الدولة، باعتبار أن الواقعة هتك العرض بالرضا.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالاستئناف رقم ---- لسنة 2016، كما طعنت عليه النيابة العامة بالاستئناف رقم ----- لسنة 2016.
وبجلسة 12/3/2017 حكمت المحكمة الاستئنافية بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة المتهم بالسجن مدة عشر سنوات عن التهمة المسندة إليه وبإبعاده عن الدولة باعتبار أن الواقعة مواقعه المجني عليها بالإكراه.
طعن المحكوم عليه في هذا الحكم بالتمييز بموجب التقريرين المقيدين برقمي 285، 286 لسنة 2017 والمؤرخين 9/4/2017 مرفق بكل منهما مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم.
وحيث إن المحكمة أمرت بضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي/ ----- وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعنين قد استوفيا الشكل المقرر في القانون.
أولا: الطعن رقم 285 لسنة 2017.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة المواقعة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع ذلك أن أوراق الدعوى خلت من أي دليل على حصول الإكراه في المواقعة وأن ما استخلصه الحكم في شأن توافره يتناقض مع ماديات الدعوى إذ الثابت أن الطاعن توجه لإغلاق ستائر نافذة الغرفة ثم خلع ملابسه وملابس المجني عليها وهي مستلقية على السرير وهو ما يقطع بعدم وجود ثمة إكراه إذ كان في مكنتها الاستغاثة أو الفرار خلال تلك الفترة فضلا عن عدم وجود آثار تمزق أو عنف في ملابسهما وهو ما يشير إلى توافر رضاها لعدم وجود أي مقاومة، كما أن الواقعة لا يتصور حدوثها وفقا لرواية المجني عليها إذ لا يستقيم في المنطق والعقل أن يستخدم الطاعن يديه بوضعهما على فمها ورقبتها ثم يقوم في الوقت ذاته بخلع معطفها الذي
كانت ترتديه وأن ما أورده الحكم من إدخال الطاعن قضيبه في فرج المجني عليها كرها عنها حتى أفرغ شهوته بداخله كان على سبيل الاستنتاج ويخالف الثابت بأقوال المجني عليها، إذ قررت في محضر الشرطة أن الطاعن قام بمعاشرتها على السرير كما قررت في تحقيقات النيابة العامة أن الطاعن قام بإدخال قضيبه في مهبلها وأفرغ شهوته بداخله وهي أقوال لا تحمل المعنى الذي أورده الحكم، وعول الحكم على أقوال المجني عليها رغم تناقضها إذ قررت في محضر الشرطة أنها كانت ترتدي قميص نوم قصير بينما قررت بتحقيقات النيابة أنه قميص نوم طويل فضلا عن تأخرها في الإبلاغ عن الواقعة وهو ما يقطع بكيدية الاتهام وتلفيقه، كما عول الحكم على التقرير الطبي الشرعي المؤرخ 27/3/2016 رغم أنه لا يصلح دليلا للإدانة ذلك أن التقرير وإن كان قد أثبت وجود إصابات بالمجني عليها إلا أنه لم يقطع بأن الطاعن هو محدثها كما أن إحدى الإصابات لا يمكن نسبتها للطاعن إذ ثبت بالتقرير أنها قديمة كما ورد بذلك التقرير أن الإصابات تحدث عن الإصابة بجسم صلب أو أجسام صلبة راضه رغم خلو الأوراق من أي دليل على استخدام الطاعن لأي أجسام صلبة أو راضه وعول الحكم على تقرير الأدلة الجنائية المؤرخ 10/4/2016 الخاص بفحص المجني عليها رغم خلوه مما يفيد حدوث مواقعة جنسية وإنما أثبت فقط أن الحيوانات المنوية المرفوعة من قميص النوم والهاف مصدرها الطاعن وهو ما لا يقطع بحدوث المواقعة الجنسية كما استخلص الحكم، وأغفل الحكم دلالة تقرير الأدلة الجنائية المؤرخ 23/32016 بشأن وجود عدد قليل من الحيوانات المنوية الآدمية على المسحة المهبلية وحول الفرج العائدة للمجني عليها في نفي الاتهام وقد خلت الأوراق من دليل فني بشأن نسبة هذه الحيوانات المنوية للطاعن، وأن الطاعن تمسك بطلب مخاطبة الأدلة الجنائية لمقارنة عينة دم الطاعن وسمات الحمض النووي بالآثار المنوية على المسحة المهبلية واستدعاء الطبيبة الشرعية -------- والمجني عليها لمناقشتهما إلا أن الحكم التفت عنها وأطرحها برد غير سائغ ولم يعن بتحقيق دفاع الطاعن وأخيرا فإن المحكمة المطعون في حكمها لم تفطن إلى أن المجني عليها كانت متواجدة في أحد مراكز التسوق بعد الواقعة وأرسلت رسالة نصية إلى الطاعن ودلالة ذلك في نفي الاتهام مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أنشأ لقضائه أسبابا ومنطوقا جديدين وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت بالتقرير الطبي الشرعي المؤرخ 27/3/2016 وتقرير الأدلة الجنائية المؤرخ 10/4/2016 وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ركن الإكراه في المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون له قد وقع بغير رضاء المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده وسائل للقوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة، وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه وكانت مسألة رضاء المجني عليها أو عدم رضائها في جريمة المواقعة مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع فصلا نهائيا، وليس لمحكمة التمييز بعد ذلك حق مراقبتها في هذا الشأن طالما أن الأدلة والاعتبارات التي ذكرتها من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذا بأقوال المجني عليها والتقرير الطبي الشرعي الذي اطمأن إليها أن الطاعن قد استخدم الإكراه والعنف لإكراه المجني عليها على المواقعة، فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات جريمة مواقعه أنثى بالإكراه بما فيها أركان الإكراه، فإن النعي على الحكم بعدم توافر الإكراه في المواقعة وخلو التقارير الفنية مما يدل على ارتكاب الطاعن للجريمة والمنازعة في استخلاص المحكمة للإكراه وتوافر رضاء المجني عليها، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن بعدم وجود ثمة مظاهر للعنف أو المقاومة بملابس المجني عليها والطاعن تدل على المواقعة بالإكراه وإغفاله دلالة تقارير الأدلة الجنائية في نفي الاتهام وإغفال الحكم ما ساقه من شواهد وقرائن تأييدا لدفاعه بعدم حدوث إكراه، فلا يعدو كل ذلك أن يكون دفاعا موضوعيا مما لا تلتزم محكمة الموضوع بمتابعته في مناحيه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها المتهم على استقلال إذ الرد عليها يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي ساقها الحكم، كما أنه من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمنا إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، وإذ كان الحكم قد أفصح عن اطمئنان المحكمة إلى أقوال المجني عليها وصحة تصويرها للواقعة والتي تأيدت بالتقرير الطبي الشرعي من وجود إصابات متعددة بالمجني عليها، فلا تثريب على المحكمة إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ولا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم لإغفاله الوقائع التي أشار إليها بأسباب طعنه وهي تعد وقائع ثانوية يريد الطاعن لها معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان الأصل أن الجرائم على اختلاف أنواعها- إلا ما استثني بنص خاص- جائز إثباتها بكافة الطرق القانونية ومنها البينة وقرائن الأحوال، فلا يصح مطالبة القاضي بالأخذ بدليل دون دليل أو التقيد في تكوين عقيدته بدليل معين، وأن جريمة مواقعه أنثى بالإكراه التي دين الطاعن بها لا يشملها استثناء فإنه يجري عليها ما يجرى على سائر المسائل الجنائية من طرق الإثبات ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل على نسبة هذه الجريمة إلى الطاعن من أقوال المجني عليها وتقريري الطب الشرعي والأدلة الجنائية فإن استدلاله يكون سائغا، فإن منعي الطاعن بخلو تقرير الأدلة الجنائية مما يشير إلى حدوث مواقعة جنسية أو خلو الأوراق من تقرير فني بشأن نسبة الآثار المنوية على المسحة المهبلية وحول الفرج العائدة للمجني عليها للطاعن لا يكون مقبولا وينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى، مادام استخلاصها مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ولا يلزم في الأدلة التي يعتمد عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ولمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تأخر المجني عليها في الإبلاغ عن الواقعة لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقوالها ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادتها وأنها كانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها ذلك أن تقدير قوة الدليل من سلطة محكمة الموضوع، كما أن تناقض الشاهدة أو اختلاف روايتها في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه، وكان الدفع بتلفيق التهمة وكيدية الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية، وإذ كانت الصورة التي استخلصتها المحكمة من أقوال المجني عليها وسائر الأدلة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال المجني عليها أو محاولة تجريحها على النحو الذي ذهب إليه في طعنه ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يتساند في إدانته للطاعن على أقوال المجني عليها بمحضر الشرطة وإنما عول على أقوالها بتحقيقات النيابة العامة ومن ثم يكون منعاه بتناقض أقوالها في الشرطة عنها بتحقيقات النيابة أو أن ما حصله الحكم من أقوالها في محضر الشرطة لا أصل له في الأوراق غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها، كما أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا الألفاظ والمباني، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة للواقعة حاصلها أن الطاعن أدخل قضيبه في فرج المجني عليها كرها عنها حتى أفرغ شهوته بداخله وساق الحكم أدلة الثبوت التي استمد منها عقيدته وبذلك لا يضير الحكم أن يورد في بيانه لواقعة الدعوى- أن الطاعن أدخل قضيبه في فرج المجني عليها كرها عنها في حين أورد- في بيانه لمؤدي أقوال المجني عليه في تحقيقات النيابة- أن الطاعن أدخل قضيبه في مهبلها، لأن المعنى المشترك بينهما واحد وهو أن الطاعن واقع المجني عليها ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى كان الحكم قد أنصب على إصابات بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن التقرير لا يصلح دليلا للإدانة إذ لم يقطع بأن الطاعن هو محدث الإصابات بالمجني عليها على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان البين من مجموع ما أورده الحكم المطعون فيه منقولا عن المجني عليها أنه حدثت بها بعض الإصابات نتيجة مقاومتها الطاعن والتي كشف عنها التقرير الطبي الشرعي ومن ثم فلا يقدح في سلامة هذا الاستخلاص أن تكون إحداها قديمة ولم يحدثها الطاعن والتي لم يكن لها أثر في عقيدة المحكمة ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت على الطاعن أنه أحدث بالمجني عليها الإصابات التي أثبتها من واقع التقرير الطبي وهي عبارة عن كدمات متعددة في أماكن متفرقة من جسدها وكانت الكدمات إصابات رضية يجوز حدوثها من الضرب بالأيدي ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن خلو الأوراق من أي دليل على استخدامه أداة صلبة أو راضه يكون على غير أساس.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لطلبات الطاعن بمذكرته المقدمة منه إذ أطرح طلب استدعاء الطبيب الشرعي ------------- لكون الواقعة وضحت لدى المحكمة ولم تر من جانبها حاجة لسماعها، كما عرض لطلب مخاطبة الأدلة الجنائية لمقارنة عينة دم الطاعن وسمات الحمض النووي بالآثار المنوية الموجودة على المسحة المهبلية وعلى المسحة من حول الفرج العائدة للمجني عليها لكونه غير مجد وخلصت المحكمة إلى رفض طلبات الطاعن بمذكرته، وإذ كان هذا الذي رد به الحكم كافيا ويسوغ به رفض مناقشته الطبيب الشرعي لما هو مقرر من إن المحكمة لا تلتزم بإجابة طلب استدعاء الخبير لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها اتخاذ هذا الإجراء وإذ كان ما أورده الحكم أيضا يستقيم به إطراح دفاع الطاعن بشأن طلب إجراء المعاينة وكان هذا الدفع لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة بل كان المقصود به إثارة الشبهة في الأدلة التي اطمأنت إليها المحكمة ويعتبر دفاعا موضوعيا لا تلتزم بإجابته، فإن ما أثاره الطاعن في كافة الأمور بهذا الوجه من طعنه يكون ولا محل له.
لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الأوراق أن المحكمة المطعون في حكمها قد طلبت استدعاء المجني عليها لسؤالها إلا أنه وردت إفادة الإدارة العامة للإقامة وشئون الأجانب المؤرخ 19/1/2017 بأنها خرجت من الدولة بتاريخ 13/4/2016 ولم تدخل الدولة منذ ذلك التاريخ، وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اتخذت من جانبها كافة الوسائل الممكنة لتحقيق دفاع المتهم بشأن طلب سماع شاهد إلا أنه استحال عليها تحقيق هذا الطلب بسبب وجوده خارج الدولة فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعه ولا تكون قد أخطأت في الإجراءات أو أخلت بحق الدفاع إذ إن استحالة تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من الإدانة ما دامت الأدلة القائمة في الدعوى كافية للثبوت- كالحال في الدعوى المطروحة- فإن النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ثانيا: الطعن رقم 286 لسنة 2017.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة المواقعة بالإكراه قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة ومجمله ولم يبين واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دين الطاعن بها وأن ما أورده الحكم تدليلا على توافر الإكراه في المواقعة جاء مجهلا، لا يبين منه توافر هذا الركن إذ لم يبين ما بدر من المجني عليها من أفعال يمكن الاستدلال بها على عدم رضاها بالمواقعة واكتفى في بيان ذلك بالأفعال المادية التي قام بها الطاعن دون بيان مدى تأثيرها على إرادة المجني عليها، وأن الإصابات اللاحقة بها والتي استدل الحكم منها على حدوث الإكراه جائز افتعالها ولا تقطع بحدوث الإكراه خاصة وأن تقرير الأدلة الجنائية خلا من فحص أظافر الطاعن والمجني عليها لبيان مدى وجود خلايا بشرية خاصة بأيهما في تلك الأظافر، وعول الحكم على تقرير الأدلة الجنائية رغم خلوهما مما يشير إلى تعرض المجني عليها لمواقعه مهبلية أو جود آثار منوية تخص الطاعن بمهبل المجني عليها، كما خلصت الأوراق من دليل فني على حدوث المواقعة، وعول الحكم على تقرير الأدلة الجنائية بخصوص وجود آثار منوية آدمية على قميص نوم وهاف المجني عليها رغم أن ذلك لا يقطع بحدوث المواقعة الجنسية لخلو التقرير من بيان تاريخ حدوث تلك الآثار المنوية على وجه التحديد فضلا عن احتمال حدوثها قبل وصول المجني عليها إلى الدولة وأن الطاعن تمسك بطلب مخاطبة الإدارة العامة للأدلة الجنائية لمقارنة عينة دم الطاعن وسمات الحمض النووي بالآثار المنوية الموجودة على المسحة المهبلية وحول الفرج العائدة للمجني عليها لبيان ما إذا كانت تخص الطاعن من عدمه إلا أن الحكم أطرح هذا الطلب برد غير سائغ رغم جوهريته ولم يعن بتحقيق دفاع الطاعن في هذا الشأن خاصة وأن الطبيب الشرعي لم يستطع الجزم بحدوث المواقعة المهبلية، كما تمسك بطلب سماع أقوال الطبيبة الشرعية ------- بشأن التقرير الطبي الذي أعدته لخلوه مما يشير إلى أن الإصابات الظفرية التي وجدت في وجه المجني عليها قد أحدثها الطاعن بيد أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب، وأن المحكمة عدلت وصف التهمة دون تنبيه المتهم لهذا التعديل ومنحه أجلا لتحضير دفاعه، وعول الحكم على أقوال المجني عليها رغم عدم صلاحية شهادتها المنفردة في الإثبات وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية وأن الطاعن قدم حافظة مستندات تحوي رسائل صادرة من المجني عليها إلى الطاعن قبل الواقعة وبعد حصولها ولم تذكر فيها شيئا عن واقعة الاغتصاب وتمسك بدلالتها على كذب رواية المجني عليها وكيدية الاتهام وتلفيقه إلا أن الحكم لم يعن بتلك المستندات ولم يعرض لها إيرادا وردا، وأن وقائع الدعوى التي أوردها الحكم تخالف الثابت بالأوراق، وقضى الحكم بإدانة الطاعن بعد أن افترض دخوله غرفة المجني عليها بالفندق ورغم دفع الطاعن ببطلان القرينة المستمدة من الصور الفوتوغرافية المأخوذة للطاعن أثناء تواجده في بهو الفندق فضلا عن قصور تحقيقات النيابة لعدم تفريغ كاميرات المراقبة في الفندق، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماما شاملا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تحقيق البحث لتعرف الحقيقة، ولما كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، وكان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققا لحكم القانون وبه يبرأ الحكم مما رماه الطاعن من القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم المطعون فيه أن ما أورده كاف لإثبات توافر جريمة مواقعه أنثى بالإكراه التي دان الطاعن بها بأركانها بما فيها ركناها المادي والمعنوي، ولا يلزم أن يتحدث الحكم عنهما على استقلال متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامها- كما هو الحال في الدعوى المطروحة- ومن ثم فإن منعي الطاعن بأن الحكم لم يبين أركان الجريمة لا محل له.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعن أخذا بأقوال المجني عليها والتقارير الفنية التي اطمأن إليها أنه وبعد أن فاجأ المجني عليها ودخل إلى غرفتها قام بحضنها وتقبيلها من شفتيها إلا أنها قامت بالرجوع للخلف وحاولت إبعاده عنها فما كان من المتهم- الطاعن- إلا أن قام بوضع يده على فمها وعند مقاومته قام بوضع يده الأخرى على رقبتها وخلع عنها معطفها وطرحها على سرير الغرفة وقام بإنزال بنطاله ولباسه الداخلي ثم قام بإنزال لباسها الداخلي مستغلا قوته البدنية وضعف المجني عليها وأولج قضيبه في فرجها كرها عنها وبغير رضاها حتى أفرغ شهوته بداخل فرجها، وهو ما تتوافر به في حقه جريمة مواقعه أنثى بالإكراه كما هي معرفة به في القانون، فإن النعي على الحكم بعدم توافر الركن المادي للجريمة لعدم وجود دليل على الإيلاج وخلو التقارير الفنية مما يدل على ارتكاب الطاعن للجريمة والمنازعة في استخلاص المحكمة للإكراه، لا يعدو أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على نحو معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان الثابت أن التهمة المقدم بها الطاعن في أمر الإحالة هي مواقعه المجني عليها بالإكراه، إلا أن محكمة أول درجة دانته بمقتضى المادة 356 من قانون العقوبات على أساس أن المواقعة برضاء المجني عليها واستبعدت الإكراه، فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم وطلبت إدانته وفقا للوصف الوارد بأمر الإحالة ومن ثم فإن المحكمة المطعون في حكمها بصفتها محكمة الموضوع لها أن تؤيد الحكم أو تلغيه أو تعدله سواء كان ذلك في صالح المتهم أو ضد مصلحته، لما كان ذلك، وكانت المحكمة المطعون في حكمها لم تقتنع بأن مواقعة الطاعن للمجني عليها كان برضائها ودانته بمقتضى المواد الواردة في أمر الإحالة ومن ثم فليس ثمة تعديل للوصف مما يستلزم تنبيه المتهم، ويكون منعي الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك، وإذ كانت الشريعة الإسلامية قد أفردت في شأن الجرائم الموجبة للحدود أو القصاص أحكاما تشددت في طرق إثباتها وقدرت أن الشبهة سواء كانت في الدليل أو لصفة الجاني أو المجني عليه أو في محل الجريمة تدرأ الحدود أي العقوبة المقدرة شرعا، إلا أنه ليس في الشريعة الإسلامية ما يمنع المشرع أن يفرض عقوبات تعزيرية بالنسبة للجرائم التي لا تعد من جرائم الحدود والقصاص وفقا لما يقدره من جسامة الجرم أو سلوك الجاني تحقيقا لاستقرار أمن المجتمع وهو ما نصت عليه المادة الأولى من قانون العقوبات من أنه تحدد الجرائم والعقوبات التعزيرية وفق أحكام هذا القانون والقوانين العقابية الأخرى أو بالنسبة لجرائم الحدود والقصاص في الأحوال التي تتوافر فيها الشروط المقررة شرعا لقيامها وهو ما نصت عليه المادة 66 من القانون السابق من أنه يجب على المحكمة أن تقضي بالعقوبات التعزيرية المنصوص عليها في هذا القانون إذا لم تتوافر الشروط الشرعية للحكم بعقوبات الحدود والقصاص والدية. لما كان ذلك، وكانت جريمة مواقعه أنثى بالإكراه المعاقب عليها بمقتضى نص المادة 354 من قانون العقوبات والتي طلبت النيابة العامة تطبيقها على واقعة الدعوى تعد من الجرائم التعزيرية التي وضع لها المشرع عقوبة تعزيرية ذلك أنها ليست من جرائم الحدود ومن ثم يكون القاضي غير مقيد في قضائه بنصاب معين للشهادة أو بدليل محدد مادام تقديره لأدلة الدعوى سائغا وهو ما لم يخالفه الحكم المطعون فيه ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك، وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية أو عرفية مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة في الدعوى، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على أدلة النفي التي يتقدم بها المتهم مادام الرد عليها مستفادا ضمنا من الحكم بالإدانة اعتمادا على أدلة الثبوت التي أوردها، إذ بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات الحكم عن المستندات المقدمة تدليلا على انتفاء مسئوليته لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز.
لما كان ذلك، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا مبينا به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكان الطاعن لم يكشف بأسباب الطعن عن أوجه مخالفة الحكم للثابت بالأوراق، بل جاء قوله مرسلا مجهلا، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون غير مقبول.
لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى الصور الفوتوغرافية المأخوذة في الفندق محل الواقعة ولم يورد لها ذكرا فيما سطره، فإن منعي الطاعن في خصوص هذه الصور لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن قصور تحقيقات النيابة العامة لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للنعي على الحكم.
لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن في طعنه سبق الرد عليه في الطعن رقم 285 لسنة 2017 ومن ثم لا ترى المحكمة حاجة لإعادة ترديده مرة ثانية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق