بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 28-05-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 369 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ت. ا. ا. ا. ل. ا. ش.
مطعون ضده:
ا. م. ك.
و. ش. ل. ش.
ف. ك. م. ك. ك.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2375 استئناف تجاري بتاريخ 26-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه السيد القاضي المقرر / احمد ابراهيم سيف و بعد المداولة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في ان الطاعنة أقامت على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3804 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم أصليًا: بإلزامهم بالتكافل والتضامن برد مبلغ 5,805,691 درهمًا بالإضافة إلى الفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا على مبلغ 5,046,347 درهمًا من تاريخ الصرف الحاصل في 24-3-2019 وعلى مبلغ 759,344 درهمًا من تاريخ الصرف الحاصل في 15-7-2019 وحتى تمام السداد. واحتياطيًا: بندب خبير شحن بحري وآخر محاسبي من أصحاب الدور بالجدول تكون مهمتهما الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وما عسى أن يقدمه الخصوم من مستندات لتحديد مواطن الغش والتدليس من جانب المطعون ضدهم وتحديدًا الثاني والثالث في توجيه الشركة المطعون ضدها الأولى لتنفيذ الحكم الصادر لها ضد ملاك السفينة لويزا (مدينها) وذلك على الأموال المتحصلة من بيع شحنة الوقود المملوكة للطاعنة وتقدير قيمة الأضرار المادية التي حاقت بالطاعنة. وذلك تاسيسا على إنها بتاريخ 10-11-2014 تعاقدت مع شركة كرون شيبينغ مانجمنت مالكة السفينة لويزا -سابقًا ماريا- لنقل شحنة نفط بكمية 21,261 طن من ميناء بندر الإمام الخميني بجمهورية إيران إلى ميناء الفجيرة بدولة الإمارات ، إلا أن الأخيرة ماطلت في تسليم الشحنة وتفريغها، فاستصدرت بتاريخ 25-2-2015 أمرًا بالحجز التحفظي على السفينة والشحنة العائدة إليها، ثم أقامت الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري على ملاك السفينة بطلب الحكم بصحة وتثبيت الحجز التحفظي وبتسلم شحنة الوقود أو قيمتها بالدرهم الإماراتي وندب الخبرة لتقدير الأضرار التي حاقت بها، وقد صرح قاضي الأمور المستعجلة ببيع شحنة النفط وإيداع ثمنها خزينة المحكمة لصالحها حيث تم بيعها بمبلغ 02/ 34.332.266 درهمًا وأُودع خزينة المحكمة لصالحها، فعدلت طلباتها في الدعوى سالفة البيان إلى الحكم بتثبيت الحجز التحفظي على المبلغ المشار إليه، وبتاريخ 28-2-2022 صدر الحكم في تلك الدعوى بإثبات ملكيتها لشحنة النفط وأحقيتها في استلام حصيلة بيعها بالمبلغ سالف البيان وأصبح ذلك الحكم نهائيًا وباتًا بفوات ميعاد الطعن عليه، فقَيَدَّت ملف التنفيذ رقم 2736 لسنة 2022 الشارقة لاستلام قيمة شحنة النفط المودعة لحسابها، إلا أنها فوجئت بقيام المطعون ضدها الأولى التي يديرها المطعون ضدهما الثاني والثالث بتنفيذ الحكم الصادر لمصلحتها في الدعوى رقم 1058 لسنة 2016 تجاري كلي الشارقة ضد ملاك السفينة على المبلغ سالف البيان والذي قَيَدَّت بشأنه ملف التنفيذ رقم 2640 لسنة 2016 الشارقة رغم أن ذلك الحكم لا يخص شحنة النفط المملوكة للطاعنة، وبتاريخ 24-3-2019 صرفت المطعون ضدها الأولى مبلغ 5,046,347 درهمًا مقابل أصل الدين المقضي به لها ضد شركة كرون شيبينغ مانجمنت مالكة السفينة لويزا، كما صرفت بتاريخ 15-7-2019 مبلغ 759,344 درهمًا مقابل فوائد قانونية حسبما هو مبين من تقرير الحركة على ملف الحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 الشارقة وملف التنفيذ رقم 2640 لسنة 2016 الشارقة، ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد تحصلت بلا سبب قانوني أو مشروع على المبلغين سالفي البيان من حصيلة بيع شحنة النفط المملوكة للطاعنة بدلًا من التنفيذ على السفينة أو ممتلكات مدينها -ملاك السفينة لويزا- مما أثر على ذمة الطاعنة المالية، فتكون مُلزمة بردهما إليها، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 26-11-2024 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2375 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 26-2-2025 قضت المحكمة -في غرفة المشورة- بتأييد الحكم المستأنف. ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة اودعت مكتب ادارة الدعوى بتاريخ 25 /3/2025 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدهم مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، واذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره
وحيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية
وحيث ان الطعن اقيم على تسعة اسباب تنعَى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالاوراق ، اذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى تأسيسًا على أن قيمة شحنة النفط محل التداعي تدخل ضمن الأموال الضامنة لمدين المطعون ضدها الأولى، رغم أن شحنة النفط محل التداعي مملوكة للطاعنة وفقًا لسند الشحن البحري والذي يُعد حجة في إثبات البيانات التي يشتمل عليها بين الناقل والشاحن وبالنسبة للغير ودليلًا على ملكية المرسل إليه للبضاعة المشار إليها فيه، وكان البين من الحكم البات الصادر لمصلحتها في الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري كلي الشارقة أنه قضى بعدم قبول تدخل الشركة المطعون ضدها الأولى هجوميًا في الدعوى وبإثبات ملكية الطاعنة لشحنة النفط محل التداعي وأحقيتها في استلام حصيلة بيعها بمبلغ 34.332.266 درهمًا المودع خزينة المحكمة على ذمة ملف الأمر على عريضة رقم 803 لسنة 2015 الشارقة، بما يكون معه ذلك الحكم كاشفًا عن ملكيتها لشحنة النفط منذ تاريخ صدور سند الشحن في 10-11-2014 وليس منشئَا لها ويكون بذلك المطعون ضدهم قد تعدوا على ملكيتها للمبلغ المذكور كما إن الحكم المطعون فيه أيد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من صحة إجراءات التنفيذ التي قامت بها المطعون ضدها الأولى على حصيلة بيع شحنة النفط محل التداعي تأسيسًا على أن الطاعنة لم يكن بيدها سندًا تنفيذيًا وقت إجراءات التنفيذ المذكورة، رغم أنه على فرض صحة ذلك الأمر فإنه لا يوجد سند قانوني يبرر جواز تنفيذ المطعون ضدها الأولى على أموال كانت محلًا للحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 أمر على عريضة الشارقة وللدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري كلي الشارقة المقامة بطلب ثبوت ملكية الطاعنة لها لا سيما أن الثابت بأوراق الدعوى أن تلك الأموال الناتجة عن بيع شحنة النفط كانت محل منازعة في الدعوى سالفة البيان ولم تكن ملكيتها ثابتة للطاعنة أو لمدين المطعون ضدهم وبالتالي فإن التنفيذ عليها قبل صدور الحكم النهائي في الدعوى سالفة البيان يوصم إجراءات التنفيذ المشار إليها بالبطلان، وفي حين أن تلك الأموال ثبتت ملكية الطاعنة لها والتي لم تكن ممثلة في الدعوى رقم 2640 لسنة 2016 تنفيذ الشارقة التي أقامتها المطعون ضدها الأولى وجرى التنفيذ بمقتضاها على مدينها فلا تحوز تلك الدعوى أي حجية في مواجهة الطاعنة، ورغم أن الحكم لم يراع أنها لجأت إلى إقامة الدعوى المطروحة بعد انتهاء الدعوى التنفيذية سالفة البيان واستنفاد سلطة قاضي التنفيذ بشأنها وانتقال الأموال محل التنفيذ إلى ذمة المطعون ضدها الأولى بما لا محل معه لم تدعيه الأخيرة من أنه كان عليها التقدم بطلب إعادة التماس النظر أو بتقديم إشكال في التنفيذ ذلك أنها لم تكن ممثلة في دعوى التنفيذ المذكورة كما أن إجراءات التنفيذ كانت قد انتهت وقت علمها بواقعة الافتقار ولم تكن الأموال المتنازع عليها محل نظر لدى قاضي التنفيذ وتكون بذلك المطعون ضدها الأولى متعسفة في استعمال حقها لمباشرتها إجراءات تنفيذ الحكم الصادر لصالحها على حصيلة بيع شحنة النفط العائدة للطاعنة وغير المملوكة لمدينها دون اختصامها في دعوى التنفيذ وأَثْرَت بلا سبب قانوني أو مشروع على حساب الطاعنة بما يتعين عليها رد تلك المبالغ، كما التفت الحكم عن الأثر الكاشف للحكم الصادر في الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري كلي الشارقة بإثبات ملكيتها للأموال الناتجة عن بيع شحنة النفط والذي يرتد إلى تاريخ صدور سند الشحن البحري في 10-11-2014 أي قبل اتخاذ إجراءات التنفيذ سالفة البيان، كما أن الحكم انتهى الى ان الأموال المحجوز عليها تدخل في ذمة مدين المطعون ضدها الأولى وضامنة للوفاء بديونه وذلك بالمخالفة للمادة 391 من قانون المعاملات المدنية، ذلك أن تلك الأموال لم تكن محلًا للحجز التحفظي رقم 899 لسنة 2016 أمر على عريضة الشارقة الصادر بتاريخ 29-2-2016 لمصلحة المطعون ضدها الأولى والذي اقتصر على إشراكها في الحجز التحفظي على السفينة المملوكة لمدينها فقط دون شحنة النفط المحملة عليها والتي تم بيعها ولم تكن مملوكة للأخير بما لا يجوز معه التنفيذ عليها لصالحها، فضلًا أن دين المطعون ضدها الأولى المقرر بموجب حكم قضائي بات هو دين بحري متعلق بالسفينة العائدة لمدينها ولا يرتب أي درجة امتياز قانوني على حصيلة بيع شحنة النفط التي كانت محملة عليها كما لا يمتد أثره إلى الطاعنة كما ان الحكم لم يراع انعدام مصلحة المطعون ضدهم في إبقاء المبلغ المنفذ به في ذمتهم ومقداره 5.805.691 درهمًا من أصل المبلغ المحجوز لمصلحتها ومقداره 34.332.266 درهمًا والذي ثبت بحكم قضائي نهائي وبات بأحقيتها في تسلمه باعتبار ذلك الأمر من النظام العام يجب على المحكمة التصدي له من تلقاء نفسها، إذ إنه لا توجد مصلحة يقرها القانون تعطي للمطعون ضدهم الحق في التنفيذ على أموال ثبتت ملكيتها لها ويكون تنفيذ المطعون ضدها الأولى للحكم الصادر لها في مواجهة مدينها على أموال مملوكة للغير سواء بطريق الخطأ أو الغش والتدليس فيه تعدي غير مشروع عليها، ولا يغير من ذلك تمسك المطعون ضدهم من أن تلك الأمور كانت تحت بصر قاضي التنفيذ إذ لا يضفي ذلك الشرعية على فعل المطعون ضدها الأولى بالتعدي على حقوق الطاعنة أو يبرر استحقاقها للمبلغ المشار إليه رغم أنه لم يكن من أموال مدينها والتي تشكل ضمانًا للوفاء بديونه، فضلًا عن أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري كلي الشارقة والقاضي بعدم قبول تدخل المطعون ضدها الأولى وإشراكها في الحجز التحفظي على شحنة النفط وبتثبيت ملكية الطاعنة لتلك الشحنة يسري في مواجهة المطعون ضدها الأولى باعتبار أنها كانت ممثلة في تلك الدعوى ولم تطعن عليه بأي مطعن، كما أن الطاعنة لم تكن طرفًا في دعوى التنفيذ المقامة من المطعون ضدها الأولى على مدينها فلا تحاج به وقد انتهى الحكم الى انتفاء شروط دعوى الإثراء بلا سبب، رغم أنها أثبتت في دعواها تلك الشروط والمنصوص عليها بالمادة 318 من قانون المعاملات المدنية من حيث إثراء المدين وهو ما تمثل في إقرار المطعون ضدهم بتحصيل دينهم بمبلغ 5.046.347 درهمًا بتاريخ 24-3-2019 ومبلغ 759.344 درهمًا بتاريخ 15-7-2019 من حصيلة بيع شحنة النفط العائدة لها، ومن حيث افتقار الدائن وهو ما تمثل في عدم تمكنها من استيفاء كامل المبلغ المقضي به لصالحها الناتج عن بيع شحنة النفط المملوكة لها والمودع بخزينة محكمة الشارقة إذ تسلمت مبلغ 02/ 25.166.690 درهمًا من أصل المبلغ المستحق لها ومقداره 02/ 34.432.266 درهمًا بما تكون معه ذمتها افتقرت بحدود ما أُثري به ذمة المطعون ضدهم، ومن حيث أن الإثراء أو الافتقار ليس له سبب قانوني يبرره وهو ما ثبت من إقرار المطعون ضدهم بعدم وجود علاقة تعاقدية أو قانونية تربطهم بها وأن الحكم الصادر لمصلحة المطعون ضدها الأولى كان في مواجهة ملاك السفينة لويزا وأن الحجز التحفظي الذي اشتركت فيه الأخيرة كان بشأن السفينة فقط، فضلًا عن أن الثابت بموجب حكم قضائي أن الأموال المنفذ عليها لا تعود ملكيتها لمدين المطعون ضدها الأولى وبالتالي فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى صحة استيفاء الأخيرة لدينها من المبلغ الناتج عن بيع شحنة النفط المتحفظ عليها والمملوكة للطاعنة يكون مخالفًا للقانون وهو ما يَثْبُت معه أحقيتها في طلب إلزام المطعون ضدهم برد المبالغ التي تسلموها بصورة غير قانونية إعمالًا لقاعدة الإثراء بلا سبب كما أن دفوع المطعون ضدهم انصبت على أن الحكم الصادر لمصلحة المطعون ضدها الأولى من محكمة الشارقة على مدينها -ملاك السفينة لويزا- قد حاز قوة الأمر المقضي به وأن الطاعنة لم تنازع في صحة التنفيذ الذي أقامته الأخيرة، وتلك الدفوع لا تنال من صحة دعواها المطروحة لأن المطعون ضدهم لم يثبتوا مصدر الالتزام القانوني في مواجهتها كما أن قرارات قاضي التنفيذ وإن كانت تتمتع بالحجية إلا أنها لا تحاج بها لكونها لم تكن طرفًا في إجراءات التنفيذ ولم تعُلن بها، فضلًا عن أن قرار قاضي التنفيذ صدر بناءً على طلب المطعون ضدها الأولى القائم على الغش والتدليس لأنها أسست مراسلاتها إلى المحكمة على أن إشراكها في الحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 أمر على عريضة الشارقة قد أعطاها الحق في التنفيذ على حصيلة بيع شحنة النفط رغم أن اشتراكها كان بشأن الحجز على السفينة فقط مما نتج عنه تحصلها بطريق غير مشروع على أموال لا تدخل ضمن الضمان العام لمدينها، بما يكون معه المطعون ضدهم قد تجاوزوا الحد المألوف في التنفيذ الجبري على أموال المدين وتعسفوا في استعمال حقهم، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن تلك الأمور بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله اذ من المقرر -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- وفقاً لنصوص المواد ( 256- 257-266)من القانون التجاري البحري إن عقد النقل البحري هو عقد يتعهد فيه الناقل بنقل بضاعة من ميناء إلى آخر مقابل أجر يلتزم بأدائه الشاحن ويثبت هذا العقد بسند شحن يصدره الناقل أو نائبه بناء على الشاحن ويعتبر هذا السند حجة في إثبات البيانات التي يشتمل عليها بين الناقل والشاحن وبالنسبة للغير ودليلا على ملكية المرسل اليه أو المظهر له أو المتنازل له أو الحامل له للبضاعة المشار اليها فيه ومن المقرر أن المقصود بالضمان العام للدائنين أن كافة أموال المدين تعتبر ضامنه لجميع دائنية دون أفضلية لواحد منهم على الآخرين ودون أن يختص واحد منهم بإقتضاء حقه من مال معين من أمواله بما يتفرع عن ذلك من تساوى جميع الدائنين عند استخلاص حقوقهم من مال المدين ما لم يكن لأحدهم حق التقدم أو الامتياز طبقاً للقانون ومن المقرر أن مُفاد نص المادة 318 من قانون المعاملات المدنية الواردة في الفصل الرابع الخاص بالفعل النافع أنه لا يسوغ لأحد أن يأخذ مال غيره بلا سبب شرعي فإن أخذه فعلية رده، وعليه فإن الإثراء بلا سبب لا يتحقق إلا بتوافر ثلاثة شروط أولها إثراء المدين أو اغتناؤه ولا يكون ذلك إلا بدخول قيمة ما يُثرى به في ذمته المالية والثاني أن يقابل هذا الإثراء افتقار الدائن بسبب انتقال عين أو قيمة أداها والثالث ألا يكون للإثراء الحادث أو الافتقار المترتب عليه سبب قانوني يبررهما ومن المقرر ان مفاد نص المادة 318 من قانون المعاملات المدنية - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون وجرى به قضاء هذه المحكمة - ان الأصل ان مال الشخص لا ينتقل إلى شخص آخر الا في حالتين اثنتين هما اتفاق الشخصين على ذلك أو إذا كان القانون قد قضى بانتقال ذلك المال. فإذا انتقل المال في غير هاتين الحالتين وجبت إعادته إلى صاحبه، وهذه هي قاعدة الإثراء بلا سبب. وإن على صاحب المال الذي يدعى انتقاله إلى شخص آخر في غير إحدى الحالتين المذكورتين ان يثبت مدعاه بان يقيم الدليل أولاً:- على انتقال ماله للشخص الآخر، وثانياً:- ان انتقال ماله إلى ذلك الشخص تم بدون سبب شرعي وهو ما تستخلص وجوده من عدمه محكمة الموضوع دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومن المقرر أنه ولئن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها، إلا أن شرط ذلك أن تكون أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، كما أنها تلتزم إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها أن يشتمل حكمها على ما يدل على أنها محصت سائر الأدلة المطروحة عليها وحققت كافة عناصر الدفاع الجوهري الذي يكون من شأنه -لو صح- أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى وذلك وصولا إلى أنه الواقع الثابت فيها بحيث يكون استدلال الحكم بما ساقه في مدوناته مؤديا بأسباب سائغة إلى النتيجة التي بنى عليها قضاءه وأن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر التي تثبت لديها بأن كانت الأدلة التي قام عليها الحكم ليس من شأنها أن تؤدي عقلًا إلى ما انتهى إليه أو استخلص من الأوراق واقعة لا تنتجها ، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيسًا على أن المال المنفذ عليه -حصيلة بيع شحنة النفط محل التداعي- من قِبل المطعون ضدها الأولى بموجب الحكم النهائي الصادر لها في الدعوى رقم 1058 لسنة 2016 تجاري كلي الشارقة بتاريخ 31-10-2016، مملوك لمدينها شركة كرون شيبينغ مانجمنت مالكة السفينة لويزا، وأنه منذ تاريخ بيع شحنة النفط المحملة على السفينة وإيداع حصيلة البيع ملف الحجز التحفظي بتاريخ 24-6-2015 واتخاذ المطعون ضدها الأولى إجراءات التنفيذ لم يكن بيد الطاعنة سندًا تنفيذيًا إلى أن صدر بتاريخ 28-2-2022 الحكم في الدعوى رقم 1149 لسنة 2015 تجاري كلي الشارقة بإثبات ملكيتها لشحنة النفط وأحقيتها في تسلم حصيلة بيعها، ورتب على ذلك قضاءه المتقدم لكون مباشرة المطعون ضدها الأولى لإجراءات التنفيذ على أموال المدين المحجوز عليها تحفظيًا قد تمت وفق صحيح حكم القانون وعدم توافر شروط الإثراء بلا سبب، دون أن يفطن إلى أن الحجز التحفظي رقم 899 لسنة 2016 أمر على عريضة الشارقة الصادر لصالح المطعون ضدها الأولى كان بشأن توقيع الحجز على السفينة لويزا فقط وإشراكها في الحجز التحفظي رقم 803 لسنة 2015 أمر على عريضة الشارقة الصادر لصالح الطاعنة فيما يخص السفينة المذكورة ولم ينصرف إلى حمولة السفينة -شحنة النفط- كما لم يفطن إلى أن الطاعنة بيدها سند شحن لشحنة النفط المذكورة ثابت به أنها المُرسل إليه بما يُعد معه دليلًا على ملكيتها لتلك الشحنة، هذا إلى أنه اعتبر المدين سالف الذكر مالكًا لشحنة النفط المشار إليها دون أن يبين المصدر الذي استقى منه ذلك الأمر، وهو ما حجبه عن بحث وتمحيص دفاع الطاعنة الجوهري بأنها المالكة لشحنة النفط محل التداعي والمستحقة لحصيلة بيعها وأن المدين المُنفذ عليه ليس مالكًا لها وأن شروط الإثراء بلا سبب متوافرة في دعواها، ومن ثم فإنه يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع مما يعيبه ويوجب نقضه على ان يكون مع النقض الاحاله .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد ، وبإلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ، وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق