بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 274 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ع. ا. م. ف.
مطعون ضده:
م. ع. ا. . ف.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1373 استئناف تجاري بتاريخ 12-02-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده (محمد عبدالرحمن احمد فلكناز) أقام أمام المحكمة الابتدائية بدبي الدعوى رقم 3357 لسنة 2023 تجاري قبل والده الطاعن (عبدالرحمن احمد فلكناز) بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إليه مبلغ (11،300،000) درهم والفائدة القانونية 5% سنوياً من تـاريخ إخطاره في 2023/3/14 حتـى تمـام السـداد، على سند من أنه بموجب اتفاقية التفاهم المحررة بتاريخ 2018/8/1 بين الطرفين قام المطعون ضده بضخ مبلغ المطالبة في شركة فلك للعقارات (المملوكة للطرفين) لتسوية ديونها، على أن يتحمل الطاعن كامل المبلغ وتبقى ذمته وذمة الشـركة مشـغولة به لحين سـداده وقت طلبه، وأنه بتاريخ 2023/3/8 أنذر المطعون ضده الطاعن بسـداد المبلـغ المترصـد فـي ذمتـه والفائـدة القانونيـة إلا أنه امتنع عن السداد ، مما حدا بالمطعون ضده إلى إقامة دعواه الراهنة، مثل الطاعن بوكيل وقدم دعوى فرعية طلب فيها ندب خبير لتحقيق المهمة الواردة بالطلب ، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره، قضت المحكمة بتاريخ 2024/7/15 في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن أن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ (11،300،000) درهم، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، ورفضت ماعدا ذلك من طلبات، وفي الدعوى الفرعية بانتهائها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1373 لسنة 2024 تجاري، و أعادت المحكمة المهمة لذات اللجنة السابق ندبها وبعد أن أودعت تقريرها، حكمت المحكمة بتاريخ 2025/2/12 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/3/7 طلب فيها نقضه، وقدم وكيل المطعون ضده مذكرة بدفاعه خلال المدة القانونية طلب فيها رفض الطعن، واتبعها بمذكرة أخرى لا تحوي دفعاً متعلقاً بالنظام العام تلتفت عنها المحكمة، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، إذ أيد الحكم المستأنف دون فحص وتمحيص دفاعه الذي تمسك به أمام محكمة الاستئناف من عدم تنفيذ الاتفاقية محل التداعي وخلو أوراق الدعوى من دليل على قيام المطعون ضده كونه مدير شركة فلك للعقارات باستخدام المبلغ محل المطالبة في سداد وتسوية ديون هذه الشركة وفقاً لما ورد النص عليه بالاتفاقية محل التداعي، وقد أكدت على ذلك الخبرة المنتدبة أمام محكمة أول درجة بأن أثبتت أنه لم يثبت سداد المطعون ضده للمبلغ المطالب به إلى الطاعن أو للشركة بما تكون مطالبته قائمة على غير سند، لعدم تقديمه مستندات تثبت سداده فعلياً وواقعياً أو تحويله لهذا المبلغ سواء إلى الطاعن أو الشركة أو دائنيها، ثم عاد وقدم للخبرة المنتدبة من محكمة الاستئناف كشف حساب للشركة بتحويلات مالية بمبلغ (9،200،000) درهم، واعتبرت الخبرة أن هذا المبلغ محل الاتفاقية رغم أن المذكور لم يقدم الدليل على أن هذا المبلغ تم استخدامه في سداد ديون الشركة وفقاً لما جاء في الاتفاقية، سوى مبلغ (74،376) درهم سُدد لحساب أحد مكاتب المحاماة، كما إن الحكم المطعون فيه استند إلى تقرير الخبرة التكميلي رغم العيوب التي شابته وعدم فحصه اعتراضات الطاعن عليه ومنها عدم انتقال الخبرة إلى مقر الشركة للاطلاع على سجلاتها ودفاترها المحاسبية للتحقق من أوجه صرف مبلغ (9،426،076) درهم الذي انتهت إليه بتقريرها، ومخالفة الخبرة لميزانيات الشركة عن الأعوام من 2017 حتى 2020 والتي خلت من وجود أي مبالغ مستحقة للمطعون ضده في ذمة الطاعن أو في ذمة الشركة، كما خلت من التحويلات التي قدمها المطعون ضده بمبلغ (9،500،452) درهم والذي لم يدرج في هذه الميزانيات ولم تبحث سبب سداد هذا المبلغ وكيفية استخدمه، ولم تخاطب الخبرة بنكي الهلال وأبوظبي الأول للحصول على كشوف حسابات المطعون ضده عن الفترة من 2010 حتى 2019 لبيان المبالغ التي أودعت في هذه الحسابات ومصدرها، وخلطت الخبرة بين المعاملات المالية التي تمت بين الطاعن والمطعون ضده بصفة شخصية، وبين الاتفاقية محل التداعي التي تتعلق بمديونية الشركة، ولم تبين الخبرة علاقة إقرار المديونية بقيمة (15،000،000) درهم وعقد بيع الفيلا الكائنة بمدينة دبي الرياضية وعقد بيع 15% من حصص في شركة جميرا بلازا واتفاقية الأمانة المؤرخة 2020/7/1 والعقد المؤرخ 2018/8/1 بالاتفاقية محل التداعي، ولم تحقق الخبرة دفاع الطاعن بأن توقيع الاتفاقية كان وليد أعمال غش واستغلال من المطعون ضده، كما اعتمدت الخبرة ميزانية 2021 الخاصة بالشركة رغم اعتراض الطاعن عليها لعدم دعمها بأي قيود محاسبية، والتفت الحكم المطعون فيه عن طلب ندب لجنة خبرة محاسبية أخرى لبحث هذا الدفاع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن هذا الدفاع بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن العقد شريعة المتعاقدين، ويترتب عليه إلزام كل من العاقدين بما وجب عليه للآخر ويجب تنفيذه طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية، ولا يجوز لأحدهما تعديله إلا بالتراضي مع الطرف الآخر أو بالتقاضي أو بنص في القانون، كما أنه من المقرر وفق نص المادة (710) من قانون المعاملات المدنية أن القرض هو تمليك مال أو شيْ مثلي لآخر على أن يرد مثله قدراً ونوعاً وصفهً إلى المقرض عند نهاية مدة القرض ، كما من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه متى كان الاقرار صادرًا في صيغة صريحة تفيد ثبوت الحق المقر به في ذمة المقر على سبيل الجزم واليقين فإنه يكون حجة عليه وأن استخلاص صحة الإقرار أم لا وكذا تقدير أدلة الصورية واستخلاص ثبوتها أو انتفائها هو من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغًا وله أصل ثابت بالأوراق، ومن المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة قيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والاقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الاثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وأنه إذا رأت الأخذ به، محمولاً على أسبابه، وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه، وحسب الخبير أن يستخلص الحقيقة من كافة ما هو مطروح عليه من أوراق ومستندات ولا إلزام عليه بأداء عمله على وجه معين طالما قام بأداء المهمة الموكلة إليه على النحو الذي يراه محققاً للغاية من ندبه والتزم بحدود المأمورية المسندة إليه وهو ما يخضع جميعه في النهاية لتقدير المحكمة، كما أنها لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم عدم الرد على دفاع غير صحيح ولا سند له من الأوراق، لما كان ما تقدم وكان حكم محكمة أول درجة والمؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أنه ((بموجب مذكرة التفاهم المبرمة بينهما والمؤرخة في 1-8-2018 وترصد بموجبها مبلغ 11,300,000 درهم في ذمة المدعى عليه، وباطلاع المحكمة على أوراق الدعوى ومستنداتها وعلى تقرير الخبير المنتدب وتبين للمحكمة أن المدعى عليه لا ينكر مذكرة التفاهم المبرمة وإنما يدعي صوريتها وعملاً بالمبدأ المشار إليه سلفاً فإن عليه تقديم ما يثبت الصورية بدليل كتابي، ولا يقدح في ذلك بيان المدعى عليه أن هنالك مانع أدبي حيث أن المحكمة ترى وبما لها من سلطة في تقدير قيام المانع الأدبي أن المدعي وهو ابن المدعى عليه تحصل على دليل كتابي بترصد مبلغ المطالبة في ذمة المدعى عليه ولم يكن هنالك مانع أدبي منعه من ذلك، ولذلك فكان الحري بالمدعى عليه أخذ دليل كتابي (ورقة ضد) اذا ما كان يدعي الصورية ولم يثبت المدعى عليه الباعث وراء إبرام مذكرة تفاهم صورية ومن ثم يكون دفعه بالصورية جاء على غير ذي سند من الواقع والقانون وبالتالي تلتفت عنه المحكمة ومن ثم تلتفت عن طلب الإحالة للتحقيق كون الصورية لا يجوز اثبات عكسها إلا بدليل كتابي ، ولما تبين بمذكرة التفاهم إقرار المدعى عليه وبما جاء بها من ألفاظ بسبق ضخ المدعي لمبلغ 11,300,000 درهم وهو دليل على استلام ذلك المبلغ وأنه ملزم برد عند الطلب وأنه وقع المذكرة بصفته الشخصية وفق لما جاء بالتمهيد ، ومن ثم تنتهي المحكمة وفي الدعوى الأصلية بإلزامه بمبلغ 11,300,000 درهم وعلى النحو الوارد في المنطوق)) وأضاف الحكم المطعون فيه تأييدا لذلك ما أورده بأسبابه من أنه ((بموجب مذكرة التفاهم المبرمة بين الطاعن والمطعون ضده المؤرخة في 1-8-2018 والتي لم ينكرها الطاعن ترصد مبلغ 11,300,000 درهم في ذمته، وأنه وإن ادعى صوريتها إلا أنه لم يقدم دليل كتابي بذلك، وأنه يوجد عدة تعاملات مالية بين الطرفين منها اتفاقية التفاهم المار بيانها والتي حُررت بناء على تعاملات واقعية بين الطرفين، ولم يثبت أنها كانت وليدة غش أو كذب أو خداع أو تدليس أو غرر واقع على الطاعن من ابنه المطعون ضده أو أن الأخير استغل ثقة الطاعن فيه للتوقيع عليها، ولا يوجد مانع أدبي لدى الطاعن حال دون الحصول على دليل كتابي بصوريتها لسبق وجود معاملات بين الطرفين وتحرير اتفاقيات أخرى في تاريخ تحرير هذه الاتفاقية، وبما مُفاده عدم وجود ما يمنع الطاعن من الحصول على دليل كتابي، ولا حاجة لندب لجنة أخرى بعد أن تكفلت لجنة الخبرة بالرد على اعتراضات الطاعن ولكفاية أوراق الدعوى لتكوين عقيدة المحكمة)) وكان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً ومستمداً مما له أصل ثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ومتفقاً وتطبيق صحيح القانون، وفيه الرد المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعن بالمصروفات وألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق