بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 23-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 620 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ا. ا.
مطعون ضده:
و. ا. ا. ل. و. ذ. م. م. ش. ا. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/72 استئناف تجاري بتاريخ 30-04-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي أعده القاضي المقرر / رفعت هيبه وبعد المداولة
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضدها " وكالة الشارقة الوطنية للسفريات والسياحة " أقامت على الطاعنة "الخطوط الجوية الدولية الباكستانية" الدعوى رقم 1621 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 1,618,110.50 دراهم مع الفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد التام. واحتياطيًا ندب خبير حسابي مختص لبيان إجمالي مبلغ العمولة المستحق لها وفي بيان ذلك تقول إنه تم الاتفاق مع الطاعنة بموجب اتفاقية الوكالة التجارية المؤرخة عام 1976 على أن تكون هي الوكيل التجاري للطاعنة في إمارة الشارقة مقابل عمولة قدرها 1.5% من قيمة المبيعات، إلا أن الطاعنة منحت تلك الوكالة التجارية لشركات أخرى في إمارة الشارقة دون علمها أو موافقتها بالمخالفة لأحكام القانون، مما حدا بها إلى إقامة الدعوى رقم 108 لسنة 2023 نزاع تعيين خبرة ضد الطاعنة، وانتهى الخبير المنتدب فيها إلى استحقاقها للعمولة عن المبيعات محل الوكالة التجارية موضع النزاع بواقع مبلغ 338,235.01 درهمًا. كما أنها أقامت الدعوى رقم 835 لسنة 2023 نزاع تعين خبرة ضد الطاعنة أيضًا، وانتهى الخبير المنتدب فيها إلى استحقاقها للعمولة المستحقة عن المبيعات محل الوكالة التجارية موضع النزاع خلال الفترة من تاريخ 1-7-2015 حتى تاريخ 31-12-2019 بمبلغ 429,875.53 درهمًا. وعليه تكون العمولة المستحقة لها تقدر بالمبلغ المطالب به، ومن ثم كانت الدعوى، ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم . استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1413 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 13-11-2024 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في الموضوع . ونفاذاً لهذا القضاء تداولت الدعوى أمام محكمة أول درجة، وبتاريخ 17-12-2024 حكمت برفض الدعوى . استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 72 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 30-4-2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 338,235.01 درهمًا، والفائدة عنه بواقع 5% اعتبارًا من تاريخ هذا الحكم وحتى السداد التام، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات . طعنت الطاعنة في هذا القضاء بطريق التمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ22-5-2025بطلب نقضه ولم تستعمل المطعون ضدها حقها في الرد في الميعاد القانوني ، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة اليوم لإصدار الحكم
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعَى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون وللثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنه ألزمها بالمبلغ المقضي به كعمولة مستحقة للمطعون ضدها عن مبيعات الوكالة التجارية، على الرغم من أنها "الشركة المطعون ضدها" لم تعد وكيلًا تجاريًا لها لانتهاء الاتفاقية المبرمة بينهما في 30-6-2015، وقيام المطعون ضدها بتحصيل الضمان البنكي، مما لا يحق معه للمطعون ضدها مطالبتها بعمولة مبيعات المسافرين أو مبيعات الشحن في إمارة الشارقة، وأن وكالة ساتا للسفريات والشحن أصبحت هي الوكيل العام لها في إمارات الشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة اعتبارًا من 30-6-2015، وأن الخبرة قد خالفت الواقع والقانون حين قررت أحقية الشركة المطعون ضدها في مبلغ 338,235.01 درهمًا كتعويض لها عن الفترة من 15-7-2020 حتى 14-7-2023، إذ إن الاتفاقية المبرمة بين الطرفين قد انتهت في 30-6-2015، وأنها بتاريخ 14-6-2015 أخطرت الشركة المطعون ضدها بانتهاء الاتفاقية في نهاية مدتها في 30-6-2015، وعدم رغبتها في التجديد، وأنه في حالة الرغبة في الحصول على الوكالة مرة أخرى فعليها تقديم الأوراق للإدارة للدخول في المزايدة طبقًا للقواعد التي تخضع لها المؤسسات التي تملكها الحكومة، بالإضافة إلى أن الحكم المطعون فيه قد قضى بما لم يطلبه الخصوم حين قضى عليها بالتعويض دون طلب من المطعون ضدها في صحيفة دعواها. كما أن الشركة المطعون ضدها لم يعد لها أي صفة أو مصلحة في إقامة الدعوى بعد انتهاء الاتفاقية سند التداعي في 30-6-2015، وتحصيل الشركة المطعون ضدها لمبلغ الضمان البنكي، بما يعد إقرارًا ضمنيًا منها بالموافقة على انتهاء الاتفاقية، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه لدفاعها المشار اليه مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي فى غير محله - ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة- أنه وفقًا للمادتين 6، 8 من القانون الاتحادي رقم 18 لسنة 1981 بشأن تنظيم الوكالات التجارية المعدل يعتبر عقد الوكالة التجارية قائمًا لمصلحة المتعاقدين المشتركة، بما يعني تقييد حريتهما في إنهاءه، ولذا لا يجوز للموكل إنهاءه أو عدم تجديده، ولا يجوز إعادة قيد الوكالة التجارية في سجل الوكلاء التجاريين باسم وكيل أخر حتى ولو كانت الوكالة السابقة بعقد محدد المدة ما لم تكن الوكالة الأولى قد فسخت بالتراضي بين الموكل والوكيل أو كانت هناك أسباب جوهرية تبرر إنهاء الوكالة أو عدم تجديد مدتها، مما مؤداه أنه إذا انعدمت هذه الأسباب أو كانت غير جوهرية امتنع إنهاء عقد الوكالة التجارية. وأنه وفقًا للمواد 5، 7، 23 من ذات القانون فإن الموكل ملزم بأن يقصر توزيع السلع والخدمات محل الوكالة على الوكيل التجاري دون غيره في منطقة وكالته، فلا يجوز للموكل أن يعطي توكيلات لآخرين في ذات منطقة الوكيل أو أن يبرم معهم صفقات أو أن يورد لهم ذات البضائع أو المنتجات أو المصنوعات أو المواد حتى لا يؤدي ذلك إلى منافسة الوكيل في منطقة وكالته، وهو يستحق عمولته ليس فقط عن الصفقات التي أبرمت عن طريقه، بل أيضًا عن كافة الصفقات التي تتم في دائرة وكالته، ولو لم تكن نتيجة لسعيه أو تمت عن طريق أشخاص آخرين، ومؤدى ذلك أن قصر الوكالة على الوكيل يترتب عليه التزام الموكل بعدم التعرض لنشاطه في منطقة وكالته، ولذلك حظر المشرع إدخال أية بضاعة أو منتجات أو مصنوعات أو مواد أو غير ذلك من أموال موضوع أية وكالة تجارية مقيدة في الوزارة باسم غيره بقصد الإتجار عن غير طريق الوكيل. وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير أدلة الدعوى وفي تفسير المستندات والمحررات وصيغ العقود والشروط الواردة فيها بما تراه أوفى بمقصود الأطراف، وفي استخلاص ما يمكن استخلاصه منها ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك، طالما كان تفسيرها مما تحتمله عبارات المستند أو المحرر أو العقد، بما مؤداه أن محكمة الموضوع تستقل بتفسير بنود وشروط وملحقات عقد الوكالة التجارية بلا معقب عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، فإذا أقام الحكم قضاءه على أسباب سائغة استخلصها من واقع الدعوى والأدلة المقدمة فيها، وكانت كافية لحمله، فإنه لا يعاب عليه عدم تتبعه لكافة حجج ودفوع الخصوم . وأن من المقررأيضاً أن تقدير ما إذا كانت الأسباب التي عول عليها الموكل في إنهاء عقد الوكالة التجارية جوهرية من عدمه، يرجع إلى ما لمحكمة الموضوع من سلطة تامة في بحث الأدلة والمستندات المقدمة في الدعوى تقديمًا صحيحًا، وفي استخلاص ما تراه متفقًا مع واقع الدعوى . وأن من المقرر كذلك أن العقد شريعة المتعاقدين، فإذا ما تم العقد صحيحًا غير مشوب بعيب من عيوب الرضا، وجب على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد من التزامات، وأن استخلاص مدى تنفيذ كل طرف من المتعاقدين للالتزامات التي التزم بها في العقد هو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصها سائغًا له ما يسانده في الأوراق . وأن من المقرر أيضاً أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق، بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية، وضد من يراد الاحتجاج بها عليه، وأن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعى عليه إذا كان الحق المطلوب موجودًا في مواجهته باعتبار أنه صاحب شأن فيه والمسئول عنه حال ثبوت أحقية المدعي له، وأن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو ما يستقل به قاضي الموضوع بغير رقابة عليه في ذلك من محكمة التمييز متى أقام قضاءه على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وإعطائها وصفها الحق وتكييفها التكييف القانوني الصحيح وتفسير الاتفاقات والعقود والمشارطات وسائر المحررات والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بمقصودهما مستهدية في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر . كما أن من المقرر أن المسئولية سواء كانت عقدية أم تقصيرية لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينها بحيث إذا انتفى ركن منها انتفت المسئولية، وأن ثبوت أو نفي توافر الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما استندت في قضائها إلى أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به تأسيسًا على أن الخبير المنتدب في النزاع المرتبط رقم 108 لسنة 2023 تعيين خبرة قد انتهى إلى أن المتنازعة -المطعون ضدها- كانت قد أبرمت مع المتنازع ضدها -الطاعنة- الاتفاقية الموقعة بين الطرفين في 11-11-1976 والتي تضمنت تعيين المتنازعة كوكيل عام للمبيعات لصالح المتنازع ضدها في إمارة الشارقة فقط بموجب الشروط الموضوعة بجدول الأحكام العامة بالاتفاقية المذكورة، وأنه طبقًا للاتفاقية المذكورة فإنها تسري من تاريخ 11-11-1976 وتنتهي من أي من الطرفين بعد إعطاء إشعار مكتوب قبل 30 يوم، دون أن يتم تحديد تاريخ لانتهاء الاتفاقية، وأنه بتاريخ 14-6-2015 أخطرت المتنازع ضدها المتنازعة بإنهاء الاتفاقية بين الطرفين اعتبارًا من 30-6-2015، وأن المتنازعة ردت على ذلك الإخطار في 1-7-2015 بما مفاده برغبتها في الاستمرار في العلاقة السابقة ورفضها للإنهاء من جانب المتنازع ضدها لمخالفته للقوانين بدولة الإمارات العربية المتحدة، واستمرت المتنازعة في استصدار شهادة تجديد الوكالة التجارية الخاصة بعلاقة الوكالة بينها وبين المتنازع ضدها والمسجلة برقم قيد 1027 والصادرة عن إدارة الوكالات التجارية بوزارة الاقتصاد حتى تاريخ 24-3-2022، وأنه تبين أن المتنازع ضدها" الطاعنة" قد أبرمت اتفاقية أخرى مع وكالة ساتا للسفريات والشحن بتاريخ 15-7-2020 والتي بموجبها تم تعيينها كوكيل مبيعات عام للشركة الطاعنة- المتنازع ضدها- لمبيعات المسافرين أو مبيعات الشحن في إمارات الشارقة وعجمان ورأس الخيمة وأم القيوين والفجيرة في الفترة من 15-7-2020 حتى 14-7-2023، وأنه تبين أن إجمالي قيمة المبيعات التي تم احتساب عمولات عنها للوكالة المذكورة قد بلغت 22,549,000.53 درهم، وبالتالي تكون نسبة العمولة المستحقة للمتنازعة عن قيمة المبيعات سالفة الذكر بنسبة 1.5% هي بمبلغ 338,235.01 درهمًا. وخلص الحكم مما تقدم إلى أن إنهاء الوكالة كان من جانب الطاعنة وأنه لم يكن بالتراضي بينهما، وأن إبرام الطاعنة لاتفاقية أخرى مع وكالة ساتا للسفريات والشحن بتاريخ 15-7-2020 يعد إخلالًا بالاتفاقية المبرمة بينها وبين المطعون ضدها، وبالتالي تستحق الأخيرة تعويضًا عن هذه الفترة فقط باعتباره كسبًا فائتًا عليها بمبلغ 338,235.01 درهمًا والفائدة عنه بواقع 5% اعتبارًا من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام السداد لأنه تعويضًا يخضع تقديره لسلطة المحكمة. وهو من الحكم تسبيب سائغ له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لكل حجة مخالفة، فإن النعي عليه لا يعدو أن يكون جدلًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات والموازنة بينها، وتفسير العقود واستخلاص الصفة في الدعوى واستخلاص عدم موافقة المطعون ضدها على إنهاء الاتفاقية محل التداعي، وهو ما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. ولا يعيب الحكم المطعون فيه قضاءه للمطعون ضدها بالمبلغ المقضي به على سبيل التعويض لها، إذ إن تطبيق القانون على وجهه الصحيح هو واجب على قاضي الموضوع الذي له سلطة تكييف طلبات الخصوم وإعطائها وصفها الحق، وكانت الطاعنة قد قامت بإنهاء الوكالة التجارية الممنوحة للمطعون ضدها بإرادتها المنفردة، بما تستحق معه الأخيرة تعويضًا عن ذلك الفعل طالما كان إنهاء الوكالة التجارية ليس لسبب يرجع إليها الامر الذي يضحى النعي برمته على غير أساس لما تقدم ? يتعين رفض الطعن
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعنة المصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق