جلسة 3 من ديسمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ كمال نبيه محمد "نائب رئيس الــمحكمـة"، وعضوية السادة القضـاة/ محمد عبد المحسن منصور، هشام عبد الحميد الجميلي، د. محمود سبالة "نواب رئيس المحكمة" وعبد الناصر سلام.
--------------------
(119)
الطعون أرقام 7765، 8894، 9165 لسنة 93 القضائية
(2،1) نقض "إجراءات الطعن بالنقض: رفع الطعن بالنقض: رفع طعن آخر بالنقض عن ذات الحكم، إيداع الأوراق والمستندات".
(1) ضم الطعون بالنقض المقامة عن ذات الموضوع والسبب. مؤداه. اندماجهم وفقدان كل منها استقلاله.
(2) إيداع صورة رسمية من الحكم المطعون فيه الذي أحال للحكم الابتدائي في أسبابه وكذا الحكم الأخير في الطعنين بالنقض دون الثالث والمنضمين بقرار المحكمة. أثره. تحقق الغاية المقصودة من م 255 مرافعات المعدلة بق 76 لسنة 2007. الدفع بعدم قبول الطعن الثالث لخلوه من الحكمين المذكورين. غير مقبول.
(3) نيابة "النيابة القانونية: النيابة عن الدولة". هيئات "هيئة قضايا الدولة: نيابة هيئة قضايا الدولة عن الهيئات العامة أمام القضاء".
ثبوت إقامة هيئة قضايا الدولة الدعوى نيابة عن المطعون ضدها الأولى هيئة الأوقاف المصرية بالتفويض الذي يبيح لها ذلك. أثره. توافر الصفة. النعي بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. غير مقبول.
(4) شهر عقاري "أثر شهر صحف الدعاوى المذكورة بالمادة 15 من ق 114 لسنة 1946" "شهر التصرفات العقارية: طلب شهر المحرر: أثر عدم شهر العقد".
وجوب التأشير في هامش سجل المحررات الواجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودًا أو صحًة أو نفاذًا. إغفال ذلك. لا يؤدي لعدم قبول الدعوى. المادتان 15/1، 17 من ق 114 لسنة 1946 بشأن تنظيم الشهر العقاري. النعي بعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها على هامش العقد المسجل. على غير أساس.
(5- 7) التزام "أوصاف الالتزام: الشرط: الشرط الفاسخ". بيع "فسخ عقد البيع وانفساخه: الفسخ الاتفاقي: الشرط الفاسخ الصريح". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يعد كذلك."
(5) فسخ العقد إعمالًا للشرط الصريح الفاسخ. مناطه. ثبوت قيام هذا الشرط وعدم العدول عن إعماله. ارتباط الفسخ بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له وقبول البائع لاحقًا بالوفاء به. لازمه. وجوب تجاوز القاضي عن الشرط الاتفاقي وللدائن التمسك بالفسخ القضائي وفقًا م 157 مدني.
(6) أسباب الحكم. اعتبارها مشوبة بالفساد في الاستدلال. مناطه.
(7) تمسك الطاعن بتنازل الهيئة المطعون ضدها عن الشرط الفاسخ الصريح بقبولها الوفاء بجزء من الأقساط المستحقة عليه بعد المواعيد المتفق عليها وتدليله على ذلك. دفاعٍ جوهري. التفات الحكم المطعون فيه عنه وقضاؤه بفسخ عقد الاستبدال محل النزاع لتحقق الشرط الصريح الفاسخ معولًا على أن ما قام الأول بسداده لا يدل على تعلقه بالدعوى الراهنة مع خلو الأوراق مما يفيد وجود علاقة عقدية أو نزاع آخر بين الطرفين. خطأ وفساد.
(9،8) نقض "الحكم في الطعن: مصاريف الطعن ومصادرة الكفالة: إلزام الطاعن بالمصاريف مع مصادرة الكفالة رغم نقض الحكم".
(8) مصاريف الدعوى. الأصل. عدم الحكم بها إلا على خاسرها. م 184 مرافعات. الاستثناءات. تسليم المحكوم عليه بالحق أو تسبب المحكوم له في إنفاق مصاريف لا فائدة منها أو تركه خصمه جاهلًا بما لديه من مستندات قاطعة فيها أو بمضمونها. م 185 من ذات القانون.
(9) إقامة الطاعن عدة طعون بالنقض على الحكم المطعون فيه بذات الأسباب مفردًا لكل طعن أسباب يمكن جمعها في طعن واحد. أثره. وجوب إلزام الطاعن بالمصاريف رغم نقض الحكم. علة ذلك. تسببه في إنفاق مصاريف بلا فائدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه يترتب على ضم الطعون المطروحة المقامة من الطاعن عن ذات الموضوع والسبب اندماجها وفقدان كل منها استقلاله.
2- إذ كان الثابت أن الحكمين المشار إليهما بوجه الدفع (بعدم قبول الطعن رقم 8894 لسنة 93 ق لعدم إيداع صورة رسمية أو مُعلنة من الحكم المطعون عليه والحكم الابتدائي حال أن الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه) قد تم إيداعهما في الطعنين رقمي 7765، 9165 سنة 93 ق، بما يجعلهما تحت بصر المحكمة عند نظر الطعن رقم 8894 لسنة 93 ق، بعد أن ضمت المحكمة الطعون الثلاثة للارتباط، فتتحقق الغاية التي قصدتها المادة 255 من قانون المرافعات والمعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007، ويضحى الدفع غير مقبول.
3- إذ كان الثابت مما دونه الحكم الابتدائي أن هيئة قضايا الدولة قد أقامت الدعوى نيابة عن الهيئة المطعون ضدها الأولى (هيئة الأوقاف المصرية) وضمنت حافظة مستندات الدعوى تفويضًا صادرًا لها من الهيئة المذكورة بإقامة الدعوى الماثلة، بما يكون معه هذا النعي (بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة) لا يستند إلى واقع صحيح، ومن ثم غير مقبول.
4- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادتين ١٥ /1 ، ١٧ من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بشأن تنظيم الشهر العقاري أن المشرع وإن أوجب التأشير في هامش سجل المحررات الواجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودًا أو صحةً أو نفاذًا كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع، إلا أنه لم ينص على أن إغفال ذلك يرتب عدم قبول الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه – بما ورد بالوجه الخامس من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن الأول – في هذا الخصوص بمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه، إذ لم يقض بعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها على هامش العقد المسجل، يكون على غير أساس.
5- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أنه إذا تضمن العقد شرطًا صريحًا فاسخًا، فإنه يلزم حتى ينفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله، وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان الفسخ مرتبطًا بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له وتبين أن البائع قد أسقط حقه في إعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ وجب على القاضي أن يتجاوز عن الشرط الاتفاقي ولا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقًا للمادة ١٥٧ من القانون المدني.
6- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفًا لما هو ثابت بأوراق الدعوى، ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
7- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه تنازل الهيئة المطعون ضدها عن حقها في إعمال الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه في عقد الاستبدال مثار النزاع وذلك بقبولها الوفاء لمبلغ خمسة ملايين من الأقساط المستحقة عليه بعد المواعيد المتفق عليها بالعقد وقدم دليلًا على ذلك كتابًا موجهًا من المطعون ضدها لبنك مصر بقبول ذلك المبلغ، بما مفاده - إن صح ذلك - تنازلها عن إعمال الشرط المشار إليه، لقبولها الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بفسخ عقد الاستبدال محل النزاع استنادًا إلى تحقق الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه بالعقد وعلى ما ذهب إليه في أسبابه من أن ما قام الطاعن بسداده لا يدل بذاته على تعلقه بموضوع الدعوى الراهنة، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح ردًا عليه مع خلو الأوراق مما ينبئ عن وجود علاقة عقدية أو نزاع آخر بين الطرفين، فإنه يكون مشوبًا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.
8- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن المشرع بعد أن أرسى المبدأ العام في أمر المصاريف وهو طبقًا للمادة ١٨٤ من قانون المرافعات إلزام المحكوم عليه في الدعوى بمصاريفها والتي تشمل أتعاب المحاماة، استثنى من هذا المبدأ العام حالات ثلاث نص عليها حصرًا في المادة ١٨٥ من القانون ذاته، إذ أجازت للمحكمة إلزام الخصم كاسب الدعوى بمصاريفها إذا كان الحق مسلمًا به من المحكوم عليه، أو كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة منها أو كان قد ترك خصمه عن جهل بما كان لديه من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات.
9- إذ كان الطاعن قد أقام ثلاثة طعون (بالنقض) عن الحكم المطعون فيه، أعاد في الطعنين الثاني والثالث منهم ذكر ذات الأسباب التي ذكرها في الطعن الأول، ثم أفرد لكل طعن منهما أسبابًا لم يضمنها الطعن الآخر، وكان يمكنه جمع هذه الأسباب وتلك في طعن واحد، بما يلقي عليه ملامة التسبب في إنفاق مصاريف الطعنين الثاني والثالث بلا طائل، فيلزم بمصاريفهما (رغم نقض الحكم المطعون فيه).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني - بصفتيهما - هيئة الأوقاف المصرية، ومدير عام هيئة الأوقاف بأسيوط - كانا قد أقاما الدعوى رقم .... لسنة 2011 مدني محكمة أسيوط الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بفسخ عقد الاستبدال المؤرخ 30/9/2009 وطرده من العقار موضوعه والتسليم وأحقيتهما في المبالغ المسددة بخلاف ما يُستجد من مصروفات من تاريخ الاستحقاق حال صدور حكم في موضوع الدعوى، وقالا بيانًا للدعوى: إنه بموجب عقد الاستبدال المذكور استبدل الطاعن منهما العقار المبين به مقابل مبلغ 16200000 جنيه، على أن يُسدد منه مبلغ 2053973 جنيهًا - كمقدم ثمن - والباقي كأقساط متساوية على عشر سنوات، يُستحق القسط الأول في 3/1/2010، وقد تضمن العقد شرطًا باعتباره مفسوخًا من تلقاء نفسه في حال التأخر عن سداد أي قسط من الأقساط في الميعاد، فضلًا عن اعتبار جميع المبالغ السابق سدادها حقًا لهيئة الأوقاف آنذاك، وحيث إن الطاعن قد تخلف عن دفع القسط الأول، بما يُخالف العقد ويتحقق به الشرط المُشار إليه، وبعد أن أنذره المطعون ضدهما بصفتيهما أقاما الدعوى، ومحكمة أول درجة قضت بالفسخ والتسليم ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 86 ق لدى محكمة استئناف أسيوط، كما استأنفه المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما بالاستئناف رقم .... لسنة 86 ق لدى ذات المحكمة، تدخل المطعون ضدهم من الثالث إلى الخامس انضماميًا للمطعون ضدهما الأول والثاني بصفتيهما، ومحكمة الاستئناف وبعد أن ضمت الاستئنافين للارتباط، ندبت خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 18/1/2023 بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعون الثلاثة، وأودعت النيابة مذكرة بالرأي في كل طعن، أبدت فيهم الرأي بعدم قبول الطعن رقم 8894 لسنة 93 ق، وفي موضوع الطعنين رقمي 7765، 9165 لسنة 93 ق بالرفض، وإذ عُرضت الطعون الثلاثة على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فأمرت بضم الطعنين الثاني والثالث للطعن الأول للارتباط، وحددت جلسة لنظرهم، التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المُبدى من النيابة بعدم قبول الطعن رقم 8894 لسنة 93ق، أن الطاعن لم يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة صورة رسمية أو صورة مُعلنة من الحكم المطعون عليه وأخرى من الحكم الابتدائي حال أن الحكم المطعون فيه قد أحال إليه في أسبابه، طبقًا لما أوجبته المادة 255 من قانون المرافعات والمعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007.
وحيث إن هذا الدفع - وبعد أن ضمت المحكمة الطعون الثلاثة - قد أضحى في غير محله؛ ذلك أنه يترتب على ضم الطعون المطروحة المقامة من الطاعن عن ذات الموضوع والسبب اندماجها وفقدان كل منها استقلاله، وكان الثابت أن الحكمين المشار إليهما بوجه الدفع قد تم إيداعهما في الطعنين رقمي 7765، 9165 لسنة 93 ق، بما يجعلهما تحت بصر المحكمة عند نظر الطعن رقم 8894 لسنة 93 ق، بعد أن ضمت المحكمة الطعون الثلاثة للارتباط، فتتحقق الغاية التي قصدتها المادة 255 من قانون المرافعات والمعدلة بالقانون رقم 76 لسنة 2007، ويضحى الدفع غير مقبول.
وحيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول من الطعنين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول: إن الدعوى قد أقامتها وباشرتها هيئة قضايا الدولة نيابة عن هيئة الأوقاف المصرية دون تفويض منها، وحال أنها ليست من الجهات التي تنوب عنها هيئة قضايا الدولة، بما كان يتعين معه القضاء بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح؛ ذلك أن الثابت مما دونه الحكم الابتدائي أن هيئة قضايا الدولة قد أقامت الدعوى نيابة عن الهيئة المطعون ضدها الأولى (هيئة الأوقاف المصرية) وضمنت حافظة مستندات الدعوى تفويضًا صادرًا لها من الهيئة المذكورة بإقامة الدعوى الماثلة، بما يكون معه هذا النعي لا يستند إلى واقع صحيح، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما كان من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن مفاد نص المادتين ١٥/1، ١٧ من القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦ بشأن تنظيم الشهر العقاري أن المشرع وإن أوجب التأشير في هامش سجل المحررات الواجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف الذي يتضمنه المحرر وجودًا أو صحةً أو نفاذًا كدعاوى البطلان أو الفسخ أو الإلغاء أو الرجوع، إلا أنه لم ينص على أن إغفال ذلك يرتب عدم قبول الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه – بما ورد بالوجه الخامس من السبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني من أسباب الطعن الأول – في هذا الخصوص بمخالفته القانون والخطأ في تطبيقه، إذ لم يقض بعدم قبول الدعوى لعدم التأشير بصحيفتها على هامش العقد المسجل، يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول: إنه قدم إلى محكمة الاستئناف ما يفيد أنه قد سدد لدى بنك مصر مبلغ خمسة ملايين جنيه لصالح هيئة الأوقاف المطعون ضدها الأولى، وكان ذلك بناءً على خطاب موجه من الأخيرة للبنك المذكور بقبول ذلك المبلغ تحت حساب جدية التصالح في الدعوى موضوع الطعن الماثل، وهو ما يعد قبولًا منها لذلك الوفاء وعلى نحو يتعارض مع إرادة الفسخ، فيسقط حقها في طلب الفسخ، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بالفسخ إعمالًا للشرط الصريح الفاسخ، والتفت عن دلالة هذا الوفاء وأثره في الدعوى، وواجهه بما لا يصلح ردًا عليه، من أنه لا يدل بذاته على تعلقه بالدعوى المنظورة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أنه لما كان المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه إذا تضمن العقد شرطًا صريحًا فاسخًا، فإنه يلزم حتى ينفسخ العقد بقوته أن يثبت قيامه وعدم العدول عن إعماله، وتحقق الشرط الموجب لسريانه، فإن كان الفسخ مرتبطًا بالتأخير في سداد قسط من الثمن في الموعد المحدد له، وتبين أن البائع قد أسقط حقه في إعمال الشرط الصريح الفاسخ بقبوله الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ وجب على القاضي أن يتجاوز عن الشرط الاتفاقي ولا يبقى للدائن سوى التمسك بالفسخ القضائي طبقًا للمادة ١٥٧ من القانون المدني، وكان من المقرر-كذلك - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بالفساد في الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط أو ابتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفًا لما هو ثابت بأوراق الدعوى ويتحقق ذلك إذا استندت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقوع تناقض بين هذه العناصر، كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها المحكمة بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه تنازل الهيئة المطعون ضدها عن حقها في إعمال الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه في عقد الاستبدال مثار النزاع وذلك بقبولها الوفاء لمبلغ خمسة ملايين من الأقساط المستحقة عليه بعد المواعيد المتفق عليها بالعقد وقدم دليلًا على ذلك كتابًا موجهًا من المطعون ضدها لبنك مصر بقبول ذلك المبلغ، بما مفاده - إن صح ذلك- تنازلها عن إعمال الشرط المشار إليه، لقبولها الوفاء بطريقة تتعارض مع إرادة الفسخ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بفسخ عقد الاستبدال محل النزاع استنادًا إلى تحقق الشرط الصريح الفاسخ المتفق عليه بالعقد وعلى ما ذهب إليه في أسبابه من أن ما قام الطاعن بسداده لا يدل بذاته على تعلقه بموضوع الدعوى الراهنة، وهو ما لا يواجه دفاع الطاعن ولا يصلح ردًا عليه مع خلو الأوراق مما ينبئ عن وجود علاقة عقدية أو نزاع آخر بين الطرفين، فإنه يكون مشوبًا بالفساد في الاستدلال الذي جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب، على أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث إنه ولما كان المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع بعد أن أرسى المبدأ العام في أمر المصاريف وهو طبقًا للمادة ١٨٤ من قانون المرافعات إلزام المحكوم عليه في الدعوى بمصاريفها والتي تشمل أتعاب المحاماة، استثنى من هذا المبدأ العام حالات ثلاث نص عليها حصرًا في المادة ١٨٥ من القانون ذاته، إذ أجازت للمحكمة إلزام الخصم كاسب الدعوى بمصاريفها إذا كان الحق مسلمًا به من المحكوم عليه، أو كان المحكوم له قد تسبب في إنفاق مصاريف لا فائدة منها أو كان قد ترك خصمه عن جهل بما كان لديه من المستندات القاطعة في الدعوى أو بمضمون تلك المستندات؛ لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقام ثلاثة طعون عن الحكم المطعون فيه، أعاد في الطعنين الثاني والثالث منهم ذكر ذات الأسباب التي ذكرها في الطعن الأول، ثم أفرد لكل طعن منهما أسبابًا لم يضمنها الطعن الآخر، وكان يمكنه جمع هذه الأسباب وتلك في طعن واحد، بما يلقى عليه ملامة التسبب في إنفاق مصاريف الطعنين الثاني والثالث بلا طائل، فيلزم بمصاريفهما.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق