جلسة 28 من نوفمبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / مجدي تركي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد أحمد خليفة ، سامح صبري ومحمد سعيد البنا نواب رئيس المحكمة ومحمد رجب عطوان .
-----------------
(103)
الطعن رقم 2892 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
(2) اختلاس أموال أميرية . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تدليل الحكم على توافر الركنين المادي والمعنوي لجناية الاختلاس . النعي عليه في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
تحدث الحكم استقلالاً عن القصد الجنائي في جناية الاختلاس . غير لازم . كفاية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه .
مثال .
(3) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل فحواه وأجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
(4) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن . موضوعي . عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إليها . متى أخذت بما جاء بها . علة ذلك ؟
(5) اختلاس أموال أميرية . موظفون عموميون . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المواد 1 و 2 و 3 و 4/ بند ( أ ) من القانون 119 لسنة 1980 المعدل . مفادها ؟
المقصود بالموظف العام والأموال العامة في حكم المادتين ١١٩ / ( أ - ز )١١٩ مكرراً / ( هـ ) عقوبات ؟
نعي الطاعن بأن أموال الشركة المجني عليها ليست من الأموال العامة وأن بنك الاستثمار القومي غير مساهم فيها وأنه ليس في حكم الموظف العام . غير مقبول . متى أثبت الحكم اختلاسه لأموالها ومساهمة البنك في إحدى الشركات المساهمة فيها . علة وأساس ذلك ؟
(6) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
مثال .
(7) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .
مثال .
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن بشأن أقوال محامي الشركة المجني عليها . غير مقبول . متى لم يعول الحكم عليها في الإدانة .
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن في الحكم .
مثال .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(11) اختلاس أموال أميرية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " " المصلحة في الطعن " . ظروف مخففة .
نعي الطاعن على الحكم بشأن جريمتي التزوير في محررات إحدى الشركات واستعمالها . غير مجدٍ . متى عاقبه عن جريمة الاختلاس مجردة من ظرف الارتباط بهما . لا يغير من ذلك إعماله المادة 17 عقوبات في حقه . علة ذلك
(12) جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة الاستحصال بغير حق على أختام إحدى شركات المساهمة . تحققها بالاستيلاء عليها بطريقة غير مشروعة . نعي الطاعن على الحكم عدم انطباق أركانها . غير مقبول . متى لم يدنه بها لوجود الأختام في عهدته . إشارته للمادة 207 عقوبات . لا يعيبه . حد ذلك ؟
(13) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
النعي بأن الواقعة مجرد إهمال إداري . منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها كما ارتسمت في وجدانها .
(14) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بشيوع التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . إثبات " خبرة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالإيصالات المنوه عنها بأسباب الطعن وشيوع التهمة . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
المجادلة في اطمئنان المحكمة لما ورد بتقرير الخبير . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(15) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(16) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يُطلب منها . غير مقبول .
مثال .
(17) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة النقض " سلطتها " .
الخطأ في مواد العقاب . لا يعيب الحكم . لمحكمة النقض تصحيحه . أساس ذلك ؟
مثال .
(18) حكم " حجيته " . رد . إثبات " خبرة " .
حجية الأحكام . ورودها على المنطوق والأسباب المكملة له والمرتبطة به . استناد الحكم بأسبابه لتقرير الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع في تحديد المبالغ المقضي بردها . كفايته وإن أخطأ في كتابتها بمنطوقه .
(19) مصادرة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .
إغفال الحكم مصادرة المحررات المزورة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . مصادرتها إدارياً . يقتضيها النظام العام . علة ذلك ؟
(20) عزل . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " .
إغفال القضاء بعقوبة العزل بالمخالفة للمادة 118 عقوبات . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كانت المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمّت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد دلّل على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن بناءً على ما أورده من شواهد وأثبت في حقه أنه يعمل أمين خزينة بشركة .... وإبّان فترة عمله اختلس مبالغ قيمتها ٧٤٠٢١٧ جنيه مصري و ٢٥٥٥١ دولار أمريكي و ١٨٥٠ يورو والمملوكة لجهة عمله والتي وُجدت في حيازته بسبب وظيفته ، وارتكب تزويراً في سجل حركة الصندوق وإيصالات تحصيل النقدية بأن أثبت في سجل الحركة مبالغ مالية أقل من المبالغ المحصلة فعلاً وأثبت بالصور الكربونية تواريخ مختلفة للتواريخ التي أثبتها بأصول تلك الإيصالات ، واشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير دفتر تحصيل النقدية بأن أمدّ المجهول بالبيانات والأرقام المسلسلة لإيصالات التحصيل فقام المجهول باصطناع دفتر على غرار الصحيح وسلّمه له فقام الطاعن بمهره بخاتم الشركة الصحيح ، فإن ذلك حسبه بيـاناً لجنـاية الاختـلاس المنصـوص عليها في المادة ۱۱۲ من قانون العقوبات بركنيها المادي والمعنوي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً على توافر القصد الجنائي في جناية الاختلاس بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
3- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى تقرير الخبير والذي عول عليه في قضائه بالإدانة فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .
4- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة في هذا الشأن لا يكون صائباً .
5- لما كان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة ۱۱۲ منه الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته ، ولما كانت المادة ۱۱۹/ أ - ز من القانون سالف الذكر تنص على أنه : ( يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو إدارتها : (أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية (ب) .... ، (ج) .... ، (د) .... ، (هـ) .... ، (و) .... ، (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تُساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة .... ) ، كما أن المشرع قد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، إذ نصت المادة ۱۱۹ مكرراً/ هـ منه على أنه : ( يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب : (أ) .... ، (ب) .... ، (ج) .... ، (د) .... ، ( ه) رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة ، (و) .... ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجـر أو بغير أجـر طواعيةً أو جبـراً .... ) ، ومن ثـم فإن المشـرع أراد معاقبة جميـع فئــات العاملين في الجهات التي اُعتبرت أموالها أموالاً عامة مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلّم الوظيفة ، وأياً كان نوع العمل المكلف به ، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر ، طواعيةً أو جبراً ، ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن يعمل أمين خزنة بشركة .... وهى شركة تعد أموالها من الأموال العامة وذلك لمساهمة بنك الاستثمار فيها وأمواله من الأموال العامة ، وأن الأموال المختلسة وُجدت في حيازته بسبب اختصاصه الوظيفي ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن وأنه في حكم الموظف العام ، وأن تسلّمه المال المختلس كان بسبب وظيفته ، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من أن الشركة المجني عليها أموالها ليست من الأموال العامة وأن بنك الاستثمار غير مساهم فيها وأنه ليس في حكم الموظف العام ، إذ يبين للمحكمة من مطالعة المفردات أن بنك الاستثمار القومي أحد المساهمين في شركة .... وهي شركة مساهمة مغايرة للشركة المجني عليها وهو ما سلّم الطاعن به في أسباب طعنه ، وأن هذه الشركة بدورها أحد المساهمين في الشركة المجني عليها في هذه الدعوى ، ومن ثم فإن بنك الاستثمار القومي قد اندمج في الشركة المجني عليها في هذه الدعوى ، ولما كان بنك الاستثمار القومي أُسس بموجب القانون رقم ۱۱۹ لسنة ١٩٨٠ المعدل ، وكان مفاد المواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، 4/ أ من ذلك القانون أن بنك الاستثمار القومي له شخصية اعتبارية ويتبع وزير المالية ، وأنه يسهم في رؤوس أموال المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ويعمل تحت إشراف البنك المركزي وجزءٌ من مكوناته ما يُخصص له من الموازنة العامة للدولة ، ومن ثم فإن ذلك البنك أمواله أموال عامة وقد اندمج في الشركة المجني عليها ومن ثم تصبح هذه الأخيرة بالتبعية لذلك أموالها من الأموال العامة ويعتبر الطاعن في حكم الموظف العام ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الشأن له صداه وأصله في الأوراق ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - فإن نعي الطاعن على الحكم في خصوص إغفاله المستندات الدالة على أن أموال الشركة ليست من الأموال العامة يكون في غير محله .
7- لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه مواطن التعارض بين لجنتي الجرد الأولى والثانية ، فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً .
8- لما كان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير مراجعة أعمال الطاعن وتقرير الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة بالإسكندرية ، ولم يعول في ذلك على أقوال محامي الشركة ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد .
9- لما كان ما ينعاه الطاعن بقصور تحقيقات النيابة فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم .
10- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وباقي العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
11- لما كان لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمتي التزوير في محررات إحدى الشركات واستعمالها ما دامت المحكمة قد طبّقت على الطاعن المادة ۳۲ من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد وهى المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر واستعماله ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف .
12- من المقرر أنه يشترط لإعمال المادة ۲۰۷ من قانون العقوبات أن يكون الاستحصال بالاستيلاء على الأختام بطريقة غير مشروعة وألا تكون في عهدة الموظف نفسه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأختام في عهدة الطاعن ، وكان استطراد الحكم إلى الإشارة إلى المادة سالفة الذكر لا يقدح في سلامته ما دام هو قد أورد مواد العقاب الواجبة التطبيق في القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذه الخصوصية غير قويم .
13- لما كان النعي بأن الواقعة مجرد إهمال إداري من الطاعن لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها .
14- لما كان النعي بانتفاء صلة الطاعن بالإيصالات المنوه عنها بأسباب الطعن ، وبشيوع التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فضلاً عن أن المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الخبراء واستندت إلى رأيه الفني بشأن المبالغ التي يُسأل عنها الطاعن وقضت بتغريمه قيمة المبالغ الواردة بذلك التقرير ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض .
15- من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
16- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بسماع شهود الإثبات - على خلاف ما ذهب إليه في أسباب طعنه - فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها إجراءً لم يطلبه منها .
17- لما كان إغفال الحكم الفقرة (أ) من المادة ١١٩ من قانون العقوبات سالفة الذكر بالإضافة للفقرة (ز) لا يعيبه وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك بإضافة الفقرة (أ) إلى الفقرة (ز) من المادة ۱۱۹ من قانون العقوبات ، وحذف المادة ٢٠٧ من ذات القانون عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المعدل .
18- لما كان منطوق الحكم المطعون فيه قد وقع في خطأ كتابي بخصوص المبلغ المقضي برده بالجنيه المصري ، إلا أن البيّن من سياق الحكم المطعون فيه أنه أخذ بتقرير الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع وقضى برد المبالغ التي وردت به ومنها مبلغ ٧٤۰۲۱۷ جنيه مصري ، وهو بيان كافٍ في تحديد قيمة المبلغ المقضي برده بالجنيه المصري ومن ثم تغريم الطاعن مبلغاً مساوياً له ، لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوام إلا به .
19- لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بمصادرة المحررات المزورة مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة ٣٥ فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم ، إلا أنه لما كانت مصادرة هذه المستندات يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروعة حيازته ، فإنه من المتعين أن تصادر إدارياً كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة دفعاً للضرر ودرأً للخطر .
20- لما كان الحكم المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعن بالعزل المنصوص عليه في المادة ۱۱۸ من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ إنه من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
1- بصفته موظفاً عاماً ومن الأمناء على الودائع ( أمين خزينة بشركة .... ) اختلس المبالغ المالية البالغ قدرها ٨٧٧٩١٩,٥٢ جنيه ( ثمانمائة وسبعة وسبعين ألفاً وتسعمائة وتسعة عشر جنيهاً واثنين وخمسين قرشاً ) و ٢٨٨١٦ دولار أمريكي (ثمانية وعشرين ألفاً وثمانمائة وستة عشر دولاراً أمريكياً ) و ١٨٥٠ يورو (آلف وثمانمائة وخمسين يورو ) والمملوكة لجهة عمله والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته وصفته آنفتي البيان ، وقد ارتبطت هذه الجريمة بجريمتي التزوير في المحررات واستعمالها ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر وبصفته آنفة البيان : ارتكب تزويراً في محررات جهة عمله ( سجل حركة الصندوق وإيصالات تحصيل النقدية ) وكان ذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بذلك بأن أثبت بسجل الحركة في الفترة من .... حتى .... خلافاً للحقيقة مبالغ مالية تقل عن المبالغ المحصلة فعلياً وأثبت بالصورة الكربونية تواريخ مغايرة للتواريخ التي أثبتها بأصول تلك الإيصالات واشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزويرٍ في محررات جهة عمله ( إيصالات تحصيل النقدية ) المبينة وصفاً بالتحقيقات وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وبطريق الاصطناع مع علمه بذلك بأن أمدّ المجهول بالبيانات والأرقام المسلسلة لإيصالات التحصيل فقام المجهول باصطناع الدفتر وضبط بياناته على غرار الصحيح منه ثم سلمه للمتهم فقام الأخير بمهره بخاتم الشركة الصحيح المعهود به إليه فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة وذلك ستراً لجريمة الاختلاس واستعمل المحررات المزورة والمصطنعة آنفتي البيان فيما زورت من أجله بأن قدم أصولها لعملاء الشركة وقدم صورها للوحدة الحسابية لجهة عمله للاحتجاج بصحة ما دون فيها من بيانات مع علمه بتزويرها .
2- بصفته سالفة الذكر حصل لنفسه على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته بأن ارتكب الجريمة محل الاتهام السابق .
3- بصفته سالفة الذكر أضر عمداً بأموال ومصالح جهة عمله سالفة الذكر ضرراً جسيماً بأن ارتكب الجريمتين محل الاتهامين السابقين .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، ثالثاً ، 41 ، 112 /2،1 البندين ( أ ، ب ) ، 115 ، 116 مكرراً/1 ، 118 ، 118 مكرراً ، 119/ ز ، 119 مكرراً/ ه ، 207 ، 214 مكرراً/ 2 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادتين 17 ، 32/2 من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات وألزمته برد مبلغ تسعمائة وأربعين ألفاً ومائتين وسبعة عشر جنيهاً مصرياً وخمسة وعشرين ألفاً وخمسمائة وواحد وخمسين دولاراً أمريكياً وألف وثمانمائة وخمسين يورو للشركة المجني عليها وتغريمه مبلغاً مساوياً للمبلغ المقضي برده وألزمته المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاختلاس المرتبط بجريمتي تزوير محرر إحدى الشركات واستعماله والتربح والإضرار العمدي بأموال ومصالح جهة عمله قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على مخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن أسبابه جاءت قاصرة وحُرّر في عبارات عامة معماة لا يبين منها واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يدلل على القصد الجنائي لديه ، ولم يورد مؤدى تقرير لجنة الخبراء في بيانٍ وافٍ ، والتفت عن دفعه ببطلان الدليل الفني الذي اعتمد عليه في تحديد قيمة العجز لاستناده إلى صور كربونية لعدم تقديم الشركة محاضر تسليم إيصالات العهدة ومحاضر جرد الخزينة ، ودانته المحكمة بجريمة الاختلاس المرتبط بالتزوير بموجب المواد ۱۱۲/2،1/ ب ، ۱۱۹/ ز ، ۱۱۹ مكرراً/ هـ من قانون العقوبات رغم أن الشركة التي يعمل بها لا تعد أموالها أموالاً عامة ، كما أنه ليس موظفاً عاما ً، ملتفتة عما قدمه من مستندات - ذكرها بأسباب طعنه - تفيد أن أموال الشركة ليست من المال العام ، ورغم التعارض بين لجنة الجرد الأولى ولجنة الجرد الثانية للخزينة ، والتناقض في أقوال محامي الشركة ، فضلاً عن قصور تحقيقات النيابة ، وعول الحكم على أقوال شهود الإثبات معتنقاً تصويرهم للواقعة رغم عدم مطابقته للحقيقة والواقع ، ولم يدلل على اشتراكه في التزوير ملتفتاً عن دفعه بعدم ارتكاب التزوير ، كما أن المحكمة لم تحقق دفاعه بطلب استكتابه لإثبات عدم ارتكابه جريمة التزوير ، فضلاً عن عدم انطباق أركان جرائم تزوير محررات لإحدى الشركات واستعمالها ، والاستحصال على أختامها بغير حق المؤثمة بالمادتين 207 ، ٢١٤ مكرراً/۲ من قانون العقوبات ، والتفت عن دفاعه القائم على أن الواقعة لا تعدو أن تكون إهمالاً إدارياً ، إذ إن العجز في العهدة يرجع إلى تسليف بعض العاملين بالشركة ، وبانتفاء صلته بإيصالات التحصيل الآلي لشواهد عددها بأسباب طعنه ، وكذلك عدد من الإيصالات اليدوية المحررة بخط يد مراجع الخزينة ، وأن يومية التحصيل تُمهَر بتوقيعه وتوقيع مراجع الخزينة ومدير إدارة الحسابات مما ينبئ عن شيوع الاتهام ، واطرح أوجه دفاعه المبداة دون ردّ ، كما أن المحكمة لم تجبه لطلب سماع شهود الإثبات ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن المادة ۳۱۰ من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه ، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها ، وجاء استعراضها لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمّت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، مما يكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلّل على وقوع الاختلاس من جانب الطاعن بناءً على ما أورده من شواهد وأثبت في حقه أنه يعمل أمين خزينة بشركة .... وإبّان فترة عمله اختلس مبالغ قيمتها ٧٤٠٢١٧ جنيه مصري و ٢٥٥٥١ دولار أمريكي و ١٨٥٠ يورو والمملوكة لجهة عمله والتي وُجدت في حيازته بسبب وظيفته ، وارتكب تزويراً في سجل حركة الصندوق وإيصالات تحصيل النقدية بأن أثبت في سجل الحركة مبالغ مالية أقل من المبالغ المحصلة فعلاً وأثبت بالصور الكربونية تواريخ مختلفة للتواريخ التي أثبتها بأصول تلك الإيصالات ، واشترك مع آخر مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في تزوير دفتر تحصيل النقدية بأن أمد المجهول بالبيانات والأرقام المسلسلة لإيصالات التحصيل فقام المجهول باصطناع دفتر على غرار الصحيح وسلّمه له فقام الطاعن بمهره بخاتم الشركة الصحيح ، فإن ذلك حسبه بياناً لجناية الاختلاس المنصوص عليها في المادة ۱۱۲ من قانون العقوبات بركنيها المادي والمعنوي ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً على توافر القصد الجنائي في جناية الاختلاس بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى تقرير الخبير والذي عول عليه في قضائه بالإدانة فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل فحواه وأجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه ، فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة في هذا الشأن لا يكون صائباً . لما كان ذلك ، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادة ۱۱۲ منه الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته ، ولما كانت المادة ۱۱۹/ أ ، ز من القانون سالف الذكر تنص على أنه : ( يقصد بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب ما يكون كله أو بعضه مملوكاً لإحدى الجهات الآتية أو خاضعاً لإشرافها أو إدارتها : (أ) الدولة ووحدات الإدارة المحلية (ب) .... ، (ج) .... ، (د) .... ، (ه) .... ، (و) .... ، (ز) الشركات والجمعيات والوحدات الاقتصادية والمنشآت التي تُساهم فيها إحدى الجهات المنصوص عليها في الفقرات السابقة .... ) ، كما أن المشرع قد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، إذ نصت المادة ۱۱۹ مكرراً/ هـ منه على أنه : ( يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب : (أ) .... ، (ب) .... ، (ج) .... ، (د) .... ، (ه) رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة ، (و) .... ويستوي أن تكون الوظيفة أو الخدمة دائمة أو مؤقتة بأجر أو بغير أجر طواعيةً أو جبراً .... ) ، ومن ثم فإن المشرع أراد معاقبة جميع فئات العاملين في الجهات التي اُعتبرت أموالها أموالاً عامة مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلّم الوظيفة ، وأياً كان نوع العمل المكلف به ، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر ، طواعيةً أو جبراً ، ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن يعمل أمين خزنة بشركة .... وهى شركة تعد أموالها من الأموال العامة وذلك لمساهمة بنك الاستثمار فيها وأمواله من الأموال العامة ، وأن الأموال المختلسة وُجدت في حيازته بسبب اختصاصه الوظيفي ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن وأنه في حكم الموظف العام ، وأن تسلّمه المال المختلس كان بسبب وظيفته ، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة ، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن بأسباب طعنه من أن الشركة المجني عليها أموالها ليست من الأموال العامة وأن بنك الاستثمار غير مساهم فيها وأنه ليس في حكم الموظف العام ، إذ يبين للمحكمة من مطالعة المفردات أن بنك الاستثمار القومي أحد المساهمين في شركة .... وهي شركة مساهمة مغايرة للشركة المجني عليها وهو ما سلّم الطاعن به في أسباب طعنه ، وأن هذه الشركة بدورها أحد المساهمين في الشركة المجني عليها في هذه الدعوى ، ومن ثم فإن بنك الاستثمار القومي قد اندمج في الشركة المجني عليها في هذه الدعوى ، ولما كان بنك الاستثمار القومي أُسس بموجب القانون رقم ۱۱۹ لسنة ١٩٨٠ المعدل ، وكان مفاد المواد ۱ ، ۲ ، ۳ ، 4/ أ من ذلك القانون أن بنك الاستثمار القومي له شخصية اعتبارية ويتبع وزير المالية ، وأنه يسهم في رؤوس أموال المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة ويعمل تحت إشراف البنك المركزي وجزءٌ من مكوناته ما يُخصص له من الموازنة العامة للدولة ، ومن ثم فإن ذلك البنك أمواله أموال عامة وقد اندمج في الشركة المجني عليها ومن ثم تصبح هذه الأخيرة بالتبعية لذلك أموالها من الأموال العامة ويعتبر الطاعن في حكم الموظف العام ، ومن ثم يكون ما أورده الحكم في هذا الشأن له صداه وأصله في الأوراق ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - فإن نعي الطاعن على الحكم في خصوص إغفاله المستندات الدالة على أن أموال الشركة ليست من الأموال العامة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يبين في أسباب طعنه مواطن التعارض بين لجنتي الجرد الأولى والثانية ، فإن نعيه بهذا الوجه لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد استند في إثبات التهمة في حق الطاعن إلى أقوال شهود الإثبات وتقرير مراجعة أعمال الطاعن وتقرير الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة بالإسكندرية ، ولم يعول في ذلك على أقوال محامي الشركة ولم يشر إليها في مدوناته ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما ينعاه الطاعن بقصور تحقيقات النيابة فهو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وباقي العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً الى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود فإن ما يثيره الطاعن في ذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقررأنه لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بأوجه تتصل بجريمتي التزوير في محررات إحدى الشركات واستعمالها ما دامت المحكمة قد طبّقت على الطاعن المادة ۳۲ من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بعقوبة الجريمة ذات الوصف الأشد وهى المقررة لجريمة الاختلاس التي أثبتها في حقه مجردة من الظرف المشدد الخاص بارتباطها بجريمة تزوير محرر واستعماله ، ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ إن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة ١٧ من قانون العقوبات فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف . لما كان ذلك ، وكان يشترط لإعمال المادة ۲۰۷ من قانون العقوبات أن يكون الاستحصال بالاستيلاء على الأختام بطريقة غير مشروعة وألا تكون في عهدة الموظف نفسه ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الأختام في عهدة الطاعن ، وكان استطراد الحكم إلى الإشارة إلى المادة سالفة الذكر لا يقدح في سلامته ما دام هو قد أورد مواد العقاب الواجبة التطبيق في القانون ، ومن ثم يكون النعي عليه في هذه الخصوصية غير قويم . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة مجرد إهمال إداري من الطاعن لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما يكفي في الرد عليه ما أوردته المحكمة تدليلاً على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها . لما كان ذلك ، وكان النعي بانتفاء صلة الطاعن بالإيصالات المنوه عنها بأسباب الطعن ، وبشيوع التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب بحسب الأصل رداً صريحاً من المحكمة بل يستفاد الرد عليه دلالة من قضاء الحكم بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها ، فضلاً عن أن المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الخبراء واستندت إلى رأيه الفني بشأن المبالغ التي يُسأل عنها الطاعن وقضت بتغريمه قيمة المبالغ الواردة بذلك التقرير ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ساقها أمام المحكمة ولم يعرض الحكم لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يتمسك بسماع شهود الإثبات - على خلاف ما ذهب إليه في أسباب طعنه - فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذها إجراءً لم يطلبه منها . لما كان ذلك ، وكان إغفال الحكم الفقرة (أ) من المادة ١١٩ من قانون العقوبات سالفة الذكر بالإضافة للفقرة (ز) لا يعيبه وحسب محكمة النقض أن تصحح الخطأ الذي وقع فيه الحكم وذلك بإضافة الفقرة (أ) إلى الفقرة (ز) من المادة ۱۱۹ من قانون العقوبات ، وحذف المادة ٢٠٧ من ذات القانون عملاً بنص المادة ٤٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المعدل . لما كان ذلك ، وكان منطوق الحكم المطعون فيه قد وقع في خطأ كتابي بخصوص المبلغ المقضي برده بالجنيه المصري ، إلا أن البيّن من سياق الحكم المطعون فيه أنه أخذ بتقرير الإدارة العامة لخبراء الكسب غير المشروع وقضى برد المبالغ التي وردت به ومنها مبلغ ٧٤۰۲۱۷ جنيه مصري ، وهو بيانٌ كافٍ في تحديد قيمة المبلغ المقضي برده بالجنيه المصري ومن ثم تغريم الطاعن مبلغاً مساوياً له ، لما هو مقرر في القانون من أنه وإن كان الأصل في الأحكام ألا ترد الحجية إلا على منطوقها إلا أن هذه الحجية تمتد بالضرورة إلى ما يكون من الأسباب مكملاً للمنطوق ومرتبطاً به ارتباطاً وثيقاً غير متجزئ بحيث لا يكون للمنطوق قوامٌ إلا به . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء بمصادرة المحررات المزورة مما لا يجوز لهذه المحكمة من تلقاء نفسها التصدي لتصحيحه طبقاً للمادة ٣٥ فقرة ثانية من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إلا أن يكون ذلك لمصلحة المتهم ، إلا أنه لما كانت مصادرة هذه المستندات يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وغير مشروعة حيازته ، فإنه من المتعين أن تصادر إدارياً كتدبير وقائي وجوبي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة دفعاً للضرر ودرأً للخطر . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه أغفل القضاء على الطاعن بالعزل المنصوص عليه في المادة ۱۱۸ من قانون العقوبات فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعن هو المحكوم عليه فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ لما في ذلك من إضرار بالمحكوم عليه ، إذ إنه من المقرر أنه لا يصح أن يضار المتهم بناءً على الطعن المرفوع منه وحده .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق