بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 12-08-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 915 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. م.
مطعون ضده:
ي. ا. أ. م.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2330 استئناف تجاري بتاريخ 12-06-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر -أحمد محمد عامر- والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعنة أقامت على المطعون ضدها الدعوى رقم 1833 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 2,277908 دولارات أمريكية ، أو ما يعادله بمبلغ 8,365617 درهمًا إماراتيًا والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. وذلك على سند من إنه بتاريخ 18/5/2023 تواصل ممثل المطعون ضدها السيد/ ماتيج جوفانوفيك معها عبر تطبيق "واتساب" لإبلاغها برغبتها في إجراء عملية تحوّط بخصوص شراء كمية 30000 طن متري من زيت الغاز منخفض الكبريت من مزودي التحوط شركة "آرنا" ، وطلبت منها تغطية النقص لديها من التحوّط عبر تنفيذ الطاعنة عقد نيابة عنها وباسمها للتخفيف من مخاطر الأسعار المرتبطة بالشحنة، مع التزام المطعون ضدها بأي مصاريف أو مستحقات ناشئة عن عملية التحوط، وحال الخسارة تلتزم بسدادها للشركة التي تدير عملية التحوط، أما اذا نتج عنها أرباحًا، فإنها -الطاعنة- ستقوم بتسليمها للمطعون ضدها، وبتاريخ 19/5/2023 خاطبت الطاعنة مع شركة "آرنا" التي تدير عمليات التحوط ، وقد تم الموافقة معها علي بيع 18 طن متري من زيت الغاز ، وأبرمت الطاعنة صفقات التحوط ، وبتاريخ 2/6/2023 تواصلت مع ممثل المطعون ضدها ، إلا أنه عاد وغاب عن التواصل معها بعد ذلك لإتمام الصفقة مما أدى لخسائر في العملية ، فأصدرت بتاريخ 12/7/2023 تعليماتها لشركة "آرنا" بإغلاق عمليات التحوط، حيث وصلت الخسائر في ذلك التاريخ للمبلغ المطالب به والذي سددته للشركة المشار إليها والذي توصل إليه الخبير الاستشاري الحسابي وامتنعت المطعون ضدها عن سداده ، ومن ثم أقامت الدعوي ، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 14/11/2024 -بمثابة الحضوري- بإلزام المطعون ضدها بان تؤدي إليها المبلغ المطالب به والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 6/5/2024 وحتى تمام السداد. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2330 لسنة 2024 تجاري، وتمسكت بعدم قبول الدعوى لرفعها علي غير ذي صفة ، أعادت المحكمة ندب الخبير السابق، وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 12/6/2025 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى في مواجهة المطعون ضدها لرفعها على غير ذي صفة ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 10/7/2025 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه -في الميعاد- طلبت فيها رفض الطعن .
و حيث إن الطعن إستوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم علي سببين تنعي بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق ، إذ قضي بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم قبول دعواها لرفعها على غير ذي صفة، معولاً في ذلك علي تقرير الخبرة النهائي التكميلي المودع أمام محكمة الاستئناف ولخلو أوراق الدعوى مما يثبت صفة المطعون ضدها فيها، أو تمثيل السيد/ ماتينج جوفانونيك للمطعون ضدها أو وكالته لها بشأن عملية التحوط معها ، في حين أنها قد تمسكت بدفاعها من أن ما انتهى إليه ذلك التقرير غير صحيح، فقد مثل السيد/ ماتيج المطعون ضدها عملاً بالوكالة الظاهرة لها وأبرم التعاقدات الملزمة للأخيرة فقد ثبت من الجدول رقم 7 من تقرير الخبرة النهائي التكميلي ومن بعض رسائل البريد الإلكتروني أنه مثل المطعون ضدها، ووافق على بعض الصفقات الخاصة بها وهو من رشح السفينة التي استلمت عليها المطعون ضدها البضاعة المشتراة منها ، كما أن الثابت من المستند الصادر عن مجموعة شركات "يوروفونا إنرجيز" المقدم منها أمام أن سالف الذكر هو الشخص المعني بالتواصل مع البائعين والمشترين، بما تتوافر معه أحكام الوكالة الظاهرة بالنسبة له، كما انتهي تقرير الخبرة النهائي إلى أن شركة "بورونوفا إنرجيز إس إيه" (غير المختصمة) مُسجلة ضمن السجلات والدفاتر الحسابية الخاصة بالمطعون ضدها تحت بند (الأطراف ذات الصلة)ـ وتقوم الأخيرة بسداد مبالغ نيابة عن تلك الشركة والتي تسدد هي أيضًا بدورها مبالغ نيابة عن المطعون ضدها، فيكونا الشركتين المطعون ضدها وتلك الشركة المشار إليها شركتان شقيقتان يمثلهما السيد/ المار ذكره وتمارسان أعمالهما بصورة مشتركة وتقومان بالالتزام تجاه الأطراف المقابلة في العقود ، ومن ثم فإن المبلغ المطالب به يكون بذمة المطعون ضدها وتلك الشركة المشار إليها ويسألان معاً عن سداده ، كما أن الفاتورة المؤرخة في 23-8-2023 قد صدرت باسم شركة "بورونوفا إنرجيز إس إيه" بناءً على طلب المطعون ضدها، وأن إصدارها الفاتورة المستحقة على الأخيرة وتوجيهها إلى تلك الشركة بعد إبرام وإغلاق التحوط وتحقق خسائره لا يُحدد المراكز القانونية للأطراف لوروده بناءً على العرف والعادة السائدة بينهما عملًا ، وبناء على توجيهات المطعون ضدها وهي مسألة تنظيمية، كما أن الثابت بالدفاتر التجارية للطاعنة بما لها من حجية أن المديونية مستحقة على المطعون ضدها وليس على الشركة المشار إليها، كما أن المستندات التي قدمتها المطعون ضدها إلى الخبير بتاريخ 11/3/2025 ، تُثبت شراءها 30,000 طن متري من الديزل بتاريخ 19/5/2023 ، أي في نفس الفترة التي طلب ممثلها السيد/ "ماتيج" من الطاعنة (التحوط) على كمية 30,000 متري من الديزل وهو ما يؤكد على أن (التحوط) موضوع الدعوى قد قامت به نيابة عن المطعون ضدها ولصالحها، فإذا ما خالف الحكم ذلك فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء محكمة التمييز أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها و اطراح ما عداه، و تفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفي بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، واستخلاص ثبوت أو نفي الوكالة الظاهرة، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى يخضع لمطلق سلطتها في الأخذ بما تطمئن إليه منه وترى فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوي دون سواه، وأنه إذا رأت المحكمة الأخذ به محمولًا على أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب خاصة أو الرد استقلالًا على الطعون الموجهة إليه أو إعادة المأمورية للخبير أو ندب غيره لمباشرتها، كما أنها لا تكون ملزمة -من بعد- بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحُججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله. وأن تحري العرف والعادات المدنية والتجارية والتثبت من قيامها هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون رقابة من محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكانت العلاقة موضوع الدعوي تتعلق بنظام عالمي يعرف بالتحوط في المعاملات المالية ( Hedging ) أو الهيدج ، وهو استخدام المتداولون للأدوات المالية أو الاستراتيجيات لتقليل المخاطر المرتبطة بموقف استثماري مثل العقود الآجلة أو التحوط بالخيارات أو بالأسهم أو بالعملات وسعر المواد الخام أو بالفائدة أو التحوط بالسلع أو التحوط بالمخاطر التشغيلية، وهو ما يسمح للمستثمرين بالتحوط لتقييد الخسائر المحتملة نتيجة لتحركات الأسعار غير المتوقعة في أصل معين بتأمين أسعار معينة للأصول في المستقبل، وتوقع التكاليف والإيرادات المستقبلية بشكل أكثر دقة، على نحو يوفر المرونة في إدارة مخاطر تقلبات أسعار السلع وأسعار صرف العملات وأسعار الفائدة. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى في مواجهة المطعون ضدها لرفعها على غير ذي صفة وذلك تأسيسًا على ما أورده بمدوناته من أن ((???? المحكمة تأخذ بما خلص إليه تقرير الخبرة التكميلي وذلك لسلامة الأسس التي قام عليها التقرير والذي يسنده الثابت بالأوراق , حيث أن أوراق الدعوى والأدلة المقدمة من المستأنف ضدها -الطاعنة- (المرسلات الالكترونية) قد خلت من ثبوت صفة المستأنفة -المطعون ضدها- في الدعوى حيث لم يثبت أن هناك رسالة صادرة عن الممثل القانوني للمستأنفة للممثل القانوني للمستأنف ضدها يطلب فيها اجراء عملية التحوط سند الدعوى وأنه المدعو| ماتينج جوفانونيك ليس ممثلاً للمستأنفة ولم يثبت وكالته أو تكليفه من الأخيرة لأجراء عملية التفاوض بشأن عملية التحوط مع المستأنف ضدها وفضلا عن أن الفاتورة المؤرخة في 23/8/2023 والتي تستند اليها المستأنف ضدها في دعواها صادرة عن الأخيرة وعلى أوراقها ولم يثبت علاقة المستأنفة بهذه الفاتورة ، كما أن الثابت من رسالة البريد الالكتروني المرسلة من المدقق الخارجي للشركة المستأنف ضدها قد خاطبت شركة بورونوفا انرجيز اس ايه (غير مختصمة) ترجو فيه من الشركة المذكورة تأكيد الرصيد المستحق للشركة المستأنف ضدها بحوزة شركة بورونوفا انرجيز اس أي ، وأن قيمة الرصيد مبلغ (8,365617) درهم قيمة المبلغ المطالب به ، بما مفاده أن المبلغ المطالب به وحسبما ورد تفصيله بطرف شركة بورونوفا انرجيز اس ايه وبذمة الشركة المذكورة وليس بذمة المستأنفة)) ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويكفي لحمل قضائه ، وكان لا يجدي الطاعنة ما تثيره بشأن الفاتورة النهائية الصادرة بتاريخ 23-8-2023 إذا الثابت أنها صادرة من الطاعنة على أوراقها الرسمية وممهورة بخاتمها وقد ثبت بها أن المشتري هو شركة يورونوفا إنرجيز إس إيه (غير المختصمة بالدعوي الماثلة)، وكان البين أن البريد الإلكتروني المؤرخ في 8-4-2024 قد أرسلته الطاعنة لتلك الشركة ، وأثبتت الخبرة أنه بتصفية الحساب بين طرفي الدعوى تبين أنه لا يترصد للطاعنة أي مبالغ في ذمة المطعون ضدها، وكان لا ينال من ذلك أيضا ما تثيره الطاعنة من أن بعض رسائل البريد الإلكتروني تثبت أن السيد/ ماتيج مثل المطعون ضدها، ووافق على بعض الصفقات الخاصة بها ومن أن نظامها الإلكتروني يثبت مديونية المطعون ضدها بالمبلغ محل المطالبة في هذه الدعوى، إذ إن موافقة السيد/ ماتيج على بعض الصفقات الخاصة بالمطعون ضدها جاءت لا تخص عملية التحوط موضوع الدعوى ، كما أن النظام المحاسبي للمطعون ضدها لم يثبت وجود حساب خاص بالطاعنة لدى سجلات ودفاتر المطعون ضدها، ومن ثم فإن النعي علي الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون مجرد جدل موضوعي فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث أنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن وألزمت الطاعن بالمصروفات ومبلغ ألفي درهم اتعاب محاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق