جلسة 18 مارس سنة 2007
برئاسة السيد
المستشار/ محمد طلعت الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عادل
الشوربجي ، علي شكيب ، ممدوح يوسف ود/ عادل أبو النجا نواب رئيس المحكمة .
-----------
(50)
الطعن 24368 لسنة 67 ق
(1) محاماة . نقض "
الصفة في الطعن " . وكالة .
التقرير
بالطعن نيابة عن وكيل الطاعن دون تقديم التوكيل الصادر من المحكوم عليه لوكيله .
أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) شيك بدون رصيد . نصب . أسباب
الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه .
تسبيب معيب " " ما يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب
الطعن . ما يقبل منها " .
سحب الشيك وتسليمه للمستفيد . كالوفاء بالنقود . استرداد
قيمتة أو تأخير الوفاء به . غير جائز . إلا باستعمال حق مقرر بمقتضى القانون .
أساس ذلك ؟
سرقة الورقة والحصول عليها بطريق التهديد . دخولها في
حكم ضياعها . القياس في أسباب الاباحة . صحيح قانوناً . إلحاق حالتي تبديد الشيك
والحصول عليه بطريق النصب بحالات الإباحة في المعارضة في الوفاء بقيمته . علة ذلك
؟
ثبوت جريمة النصب في حق المستفيد . ينفي مسئولية الساحب
الجنائية . متى كان تحرير الشيك نتيجة لها وبسببها .
انتهاء الحكم إلى ثبوت جريمة النصب في حق المطعون ضده
وأن تحرير الشيك سند الدعوى كان بسببها وكذا
إلى ثبوت جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد في حق الطاعن ومعاقبته . تناقض .
مثال .
(3) نقض "
أثر الطعن " .
نقض الحكم لطاعن . مقتضاه : نقضه للمطعون ضده بشأن الحكم
الصادر ضده في الدعوى المضمومة . وإن لم يقبل طعنه فيها شكلاً . متى كانتا تلتقيان
في صعيد واحد . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 – لما كان المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن
المحكوم عليه .... لم يقدم التوكيل الذي يخوله هذا الحق ، وإنما قدم توكيلاً
صادراً له من وكيل المحكوم عليه دون أن يقدم التوكيل الصادر من المحكوم عليه
لوكيله ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة ويتعين الحكم
بذلك .
2- لما كان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون
فيه بعد أن حصل واقعات الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضده ... أقام الدعوى رقم ...
ضد الطاعن بطريق الادعاء المباشر متهما إياه بأنه بتاريخ ... أصدر له شيكاً بمبلغ
أربعة عشر ألفاً وخمسمائة دولار أمريكي مسحوباً على ... بمدينة ... ، وأنه بتقديم
الشيك للبنك أفاد بأن الساحب أمر بوقف صرف الشيك ، وطلب عقابه بالمادة 337 من
قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ 101 جنيه " مائة وواحد جنيه
" على سبيل التعويض المدني المؤقت ، كما أقام الطاعن الدعوى رقم ... جنح ...
ضد المطعون ضده سالف الذكر بطريق الادعاء المباشر متهما إياه بأنه بتاريخ ... توصل
إلى الاستيلاء على نقوده ، وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية بأن باعه بضائع من خلال
مزاد أقامه لهذا الغرض ، أوهمه بأنها ذات قيمة فنية وتاريخية على خلاف الحقيقة ،
وطلب عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 101 جنيه
" مائة وواحد جنيه " على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وقررت محكمة ...
ضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، وبجلسة ... قضت المحكمة بندب مكتب
خبراء وزارة العدل ... لبيان سبب إصدار الشيك موضوع الدعوى رقم ... ، ومدى مطابقة
البضائع المبيعة موضوع الدعوى ... للمواصفات المبينة بفاتورة الشراء ، وأودع
الخبير المنتدب تقريره الذي انتهى فيه إلى أن إصدار الشيك موضوع الدعوى الأولى كان
بسبب وبمناسبة شراء البضائع موضوع الدعوى الثانية ، وأن تلك البضائع غير مطابقة
للمواصفات المبينة بفاتورة شرائها ، وبعد أن تداولت الدعوى بالجلسات قضت المحكمة
بجلسة ... حكمها أولاً : في الدعوى رقم ... بحبس المتهم سنة مع الشغل ، وإلزامه
بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 جنيه " مائة وواحد جنيه " على
سبيل التعويض المدني المؤقت . ثانياً : في الدعوى رقم ... بحبس المتهم ستة أشهر مع
الشغل ، وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 " مائة وواحد جنيه
" على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وإذ استأنف المحكوم عليهما في الدعويين
هذا الحكم ، قضت محكمة ... الابتدائية للجنح المستأنفة في استئنافهما المقيد برقم
... جنح مستأنف أولاً : في الجنحة رقم ... بقبول الاستئناف شكلاً ، وفى الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف ، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس . ثانياً : في الجنحة
رقم ... بقبول الاستئناف شكلاً ، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما
قضى به . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمستفيد يعتبر وفاء
كالوفاء الحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل
على تأخير الوفاء به لصاحبه ، إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من
الجمع بين حكمى المادتين 60 من قانون العقوبات و 148 من قانون التجارة الملغي
والذى حدثت الواقعة في ظل سريان أحكامه ، فقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على
أن : " لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمه عملاً بحق
مقرر بمقتضى الشريعة " ، بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما
كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها - باعتبارها كلا متسقاً مترابط القواعد
- يعتبر سبباً من أسبـاب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة ، فالقانون يفترض قيام
مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي
عليه من مزايا ، وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدد أحدهما صيانة الآخر ، وعلى
هذا الأساس نصت المادة 148 من قانون التجارة سالفة الذكر على أن : " لا تقبل
المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها . "
فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء
لما قدره الشارع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق
المستفيد . وإذ جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلى دعوى وعلى غير ما
توجبه المادة 337 من قانون العقوبات فقد أضحى الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق
قيداً وارداً على نص من نصـوص التجريم وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة
لاستناده - إذا ما صدر بنية سليمه - إلى حق مقرر بمقتضى القانون . لما كان ذلك ،
وكان من المقرر أن يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على
الورقة بالتهديد ، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون
، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من
حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم
سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة ، ولا يغير من الأمر أن يترتب على
مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوافر للشيك من ضمانات في التعامل
، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من
قانون التجارة هى الأولى بالرعاية . وترتيباً على ذلك ، فإن مسئولية الطاعن
الجنائية عن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب المسندة إليه ،
يتوقف على نتيجة الفصل في جنحة النصب المرفوعة منه ضد المطعون ضده ، فإذا ثبتت
جريمة النصب في حق المطعون ضده ( المستفيد ) ، وكان تحرير الشيك سند الدعوى نتيجة
لها وبسببها انتفت مسئولية الطاعن الجنـــــائية عن الجريمة المســــندة إليه ،
أما إذا انتفت جريمة النـــصب في حق المـــطعون ضده ( المستفيد ) أو تبين أن تحرير
الشيك سند الدعوى لم يكن بسببها أو نتيجة لها
، فإن مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه تكون قد ثبت في حقه ، فثبوت أي من الجريمتين يترتب عليه بالضرورة نفي قيام
الأخرى - في خصوصية هذه الدعوى - وإذ كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه - فيما
أورده على النحو المتقدم - قد خلص إلى ثبوت جريمة النصب في حق المطعون ضده ، وإلى
أن تحرير الشيك سند الدعوى المطروحة كان بسببها ، كما خلص في الوقت ذاته إلى ثبوت
جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب في حق الطاعن ، وانتهى إلى إدانتهما
والقضاء بمعاقبتهما معاً ، فإن ما خلص إليه الحكم على هذا النحو يناقض بعضه البعض
الأخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة ،
لاضطراب العناصر التي أوردتها المحكمة ، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم
الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى
، ومن ثم يكون الحكم مشوباً بالتناقض الذى يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة ، دون
حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن .
3- لما كانت التهمة المنسوبة للمطعون ضده ، والجريمة التي
دين بها الطاعن تلتقيان في صعيد واحد ، فإن نقض الحكم بالنسبة للطاعن يقتضى نقضه
بالنسبة للمطعون ضده بشأن الحكم الصادر ضده في الدعوى المضمومة وإن لم يقبل طعنه
على الحكم الصادر فيها شكلاً ، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لهما معاً ، وما تجر
إليه أو تنتهي عنده تقتضي لارتباط الدعويين ولحسن سير العدالة أن تكون إعادة
المحاكمة بالنسبة لهما في جميع نواحيها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
أقام المدعي بالحقوق المدنية ... دعواه بطريق الادعاء
المباشر أمام محكمة ... بوصف أنه : أعطى له بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب . وطلب عقابه بالمادتين 336 ، 337 من قانون العقوبات ، وإلزامه بأن
يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل
التعويض المؤقت وأقام المدعي بالحقوق المدنية ... دعواه بطريق الادعاء المباشر
أمام محكمة ... بوصف أنه أولاً : ارتكب جريمة النصب إذ توصل بطريق النصب والاحتيال
إلى الاستيلاء على المبلغ المبين بصحيفة الدعوى بأن باع له ثلاث قطع من السجاد على
أنها من السجاد الإيراني في حين أنها من إنتاج الصناعة المحلية ولا تساوى قيمتها
مستخدماً في ذلك وسائل الاحتيال بإقامة مزاد لبيعها مما أدخل في روع المجني عليه
صحه مزاعمه . ثانياً : ارتكب جريمة الغش بأن خدعه في نوع ومصدر الأشياء المباعة
وصفاتها الجوهرية مع علمه بذلك . وطلب عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات
والمادة الأولى من القانون 48 لسنة 1941 المعدل وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة
وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . واتهمت النيابة العامة ... في قضية الجنحة ...
: توصل إلى الاستيلاء على نقود ... وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية بأن أوهمه بأن
تلك البضاعة ذات قيمة تاريخية وتوصل بتلك الطريقة على الاستيلاء على نقود المجني عليه
على النحو المبين بالأوراق . وبجلسة ... قررت المحكمة ضم الدعويين رقمي ... للدعوى
رقم ... ومحكمة ... قضت حضورياً بجلسة ... عملاً بمواد الاتهام أولاً : في الدعوى
رقم ... (أ) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً وباختصاصها . (ب) بحبسه سنة
مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وإلزامـه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة
وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت . ثانياً : في الدعويين رقمــى ... (أ) بحبسه ستة أشهر مـــع الشغل وكفالة مائتي
جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل
التعويض المؤقت . (ب) براءة المدعي المدني من تهمة البلاغ الكاذب وبرفض الدعوى
المدنية المقامة فيها . استأنفا ، ومحكمة ... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت
حضورياً أولاً : في استئناف الجنحة رقم ... بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع
برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإيقاف عقوبة الحبس والتأييد فيما عدا ذلك . ثانياً :
في الجنحتين رقمي ... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتاييد الحكم
المستأنف فيما قضى به .
فطعن الأستاذ / ... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم
عليه الثاني في هذا الحكم بطريق النقض .
كما طعن المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض ...... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني ..... :
من حيث إن المحامي الذى قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً
عن المحكوم عليه ... لم يقدم التوكيل الذي يخوله هذا الحق ، وإنما قدم توكيلاً
صادراً له من وكيل المحكوم عليه دون أن يقدم التوكيل الصادر من المحكوم عليه
لوكيله ، فإن الطعن يكون غير مقبول شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة ويتعين الحكم
بذلك .
ثانياً : عن الطعن المقدم من الطاعن الأول ..... :
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ
دانه بجريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب قد شابه التناقض في التسبيب
، ذلك بأنه قضى بإدانته لإيقافه صرف الشيك موضوع الدعوى ، على الرغم من قضائه في ذات
الحكم بإدانه المطعون ضده في الدعوى رقم ... المضمومة المرفوعة من الطاعن ضد
المطعون ضده لحصوله على الشيك موضوع الدعوى محل الطعن نتيجة جريمة نصب ، وذلك مما
يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون
فيه بعد أن حصل واقعات الدعوى بما مؤداه أن المطعون ضده ... أقام الدعوى رقم ...
ضد الطاعن بطريق الادعاء المباشر متهما إياه بأنه بتاريخ ... أصدر له شيكاً بمبلغ
أربعة عشر ألفاً وخمسمائة دولار أمريكي مسحوباً على ... بمدينة ... ، وأنه بتقديم
الشيك للبنك أفاد بأن الساحب أمر بوقف صرف الشيك ، وطلب عقابه بالمادة 337 من
قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ 101 جنيه " مائة وواحد جنيه
" على سبيل التعويض المدني المؤقت ، كما أقام الطاعن الدعوى رقم ... جنح ...
ضد المطعون ضده سالف الذكر بطريق الادعاء المباشر متهما إياه بأنه بتاريخ ... توصل
إلى الاستيلاء على نقوده ، وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية بأن باعه بضائع من خلال
مزاد أقامه لهذا الغرض ، أوهمه بأنها ذات قيمة فنية وتاريخية على خلاف الحقيقة ،
وطلب عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات ، وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 101 جنيه
" مائة وواحد جنيه " على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وقررت محكمة ...
ضم الدعويين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، وبجلسة ... قضت المحكمة بندب مكتب
خبراء وزارة العدل ... لبيان سبب إصدار الشيك موضوع الدعوى رقم ... ، ومدى مطابقة
البضائع المبيعة موضوع الدعوى ... للمواصفات المبينة بفاتورة الشراء ، وأودع
الخبير المنتدب تقريره الذي انتهى فيه إلى أن إصدار الشيك موضوع الدعوى الأولى كان
بسبب وبمناسبة شراء البضائع موضوع الدعوى الثانية ، وأن تلك البضائع غير مطابقة
للمواصفات المبينة بفاتورة شرائها ، وبعد أن تداولت الدعوى بالجلسات قضت المحكمة
بجلسة ... حكمها أولاً : في الدعوى رقم ... بحبس المتهم سنة مع الشغل ، وإلزامه
بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 جنيه " مائة وواحد جنيه " على
سبيل التعويض المدني المؤقت . ثانياً : في الدعوى رقم ... بحبس المتهم ستة أشهر مع
الشغل ، وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحق المدني مبلغ 101 " مائة وواحد جنيه
" على سبيل التعويض المدني المؤقت ، وإذ استأنف المحكوم عليهما في الدعويين
هذا الحكم ، قضت محكمة ... الابتدائية للجنح المستأنفة في استئنافهما المقيد برقم ...
جنح مستأنف أولاً : في الجنحة رقم ... بقبول الاستئناف شكلاً ، وفى الموضوع برفضه
وتأييد الحكم المستأنف ، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس . ثانياً : في الجنحة رقم
... بقبول الاستئناف شكلاً ، وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به
. لما كان ذلك ، وكان الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمستفيد يعتبر وفاء كالوفاء
الحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير
الوفاء به لصاحبه ، إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين
حكمى المادتين 60 من قانون العقوبات و 148 من قانون التجارة الملغى والذى حدثت
الواقعة في ظل سريان أحكامه ، فقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أن : "
لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى
الشريعة " ، بما مؤداه أن استعمال
الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها -
باعتبارها كلا متسقاً مترابط القواعد - يعتبر سبباً من أسبـاب الإباحة إذا ما
ارتكب بنية سليمة ، فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ
ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا ، وهو في ذلك إنما يوازن بين
حقين يهدد أحدهما صيانة الآخر ، وعلى هذا الأساس نصت المادة 148 من قانون التجارة
سالفة الذكر على أن : " لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي
ضياعها أو تفليس حاملها " فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله
بغير توقف على حكم القضاء لما قدره الشارع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس
الحامل يعلو على حق المستفيد . وإذ جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة
إلى دعوى وعلى غير ما توجبه المادة 337 من قانون العقوبات فقد أضحى الأمر بعدم
الدفع في هذا النطاق قيداً وارداً على نص من نصـوص التجريم وتوفرت له بذلك مقومات
أسباب الإباحة لاستناده - إذا ما صدر بنية سليمة – إلى حق مقرر بمقتضى القانون .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف
والحصول على الورقة بالتهديد ، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر
يقره القانون ، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك
الحالات من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً
من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصلة من جريمة ، ولا يغير من الأمر أن يترتب
على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوافر للشيك من ضمانات في التعامل
، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من
قانون التجارة هى الأولى بالرعاية . وترتيباً على ذلك ، فإن مسئولية الطاعن
الجنائية عن جريمة إصدار شيك لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب المسندة إليه ،
يتوقف على نتيجة الفصل في جنحة النصب المرفوعة منه ضد المطعون ضده ، فإذا ثبتت
جريمة النصب في حق المطعون ضده ( المستفيد ) ، وكان تحرير الشيك سند الدعوى نتيجة
لها وبسببها انتفت مسئولية الطاعن الجنـــــائية عن الجريمة المســــندة إليه ،
أما إذا انتفت جريمة النـــصب في حق المـــطعون ضده ( المستفيد ) أو تبين أن تحرير
الشيك سند الدعوى لم يكن بسببها أو نتيجة لها
، فإن مسئولية الطاعن الجنائية عن الجريمة المسندة إليه تكون قد ثبت في حقه ،
فثبوت أي من الجريمتين يترتب عليه بالضرورة نفي قيام الأخرى - في خصوصية هذه
الدعوى - وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - فيما أورده على النحو المتقدم - قد
خلص إلى ثبوت جريمة النصب في حق المطعون ضده ، وإلى أن تحرير الشيك سند الدعوى
المطروحة كان بسببها ، كما خلص في الوقت ذاته إلى ثبوت جريمة إصدار شيك لا يقابله
رصيد قائم وقابل للسحب في حق الطاعن ، وانتهى إلى إدانتهما والقضاء بمعاقبتهما
معاً ، فإن ما خلص إليه الحكم على هذا النحو يناقض بعضه البعض الأخر بحيث لا
تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة ، لاضطراب
العناصر التي أوردتها المحكمة ، وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم
الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى
، ومن ثم يكون الحكم مشوباً بالتناقض الذي يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة ، دون
حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن . لما كان ما تقدم ، وكانت التهمة المنسوبة للمطعون
ضده ، والجريمة التي دين بها الطاعن تلتقيان في صعيد واحد ، فإن نقض الحكم بالنسبة
للطاعن يقتضي نقضه بالنسبة للمطعون ضده بشأن الحكم الصادر ضده في الدعوى المضمومة
وإن لم يقبل طعنه على الحكم الصادر فيها شكلاً ، لأن إعادة المحاكمة بالنسبة لهما
معاً ، وما تجر إليه أو تنتهى عنده تقتضي لارتباط الدعويين ولحسن سير العدالة أن
تكون إعادة المحاكمة بالنسبة لهما في جميع نواحيها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ