بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 439، 448 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
س. ع. س. ا.
ح. س. م. ا.
ف. س. م. ح. ا.
ع. س. م. ح. ا.
ا. س. م. ح. ا.
س. س. م. ح. ا.
م. س. م. ح. ا.
ش. س. م. ح. ا.
ز. س. م. ح. ا.
مطعون ضده:
ا. و. م. م. ش. ذ. م. م.
ه. ا. ا. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1044 استئناف تجاري بتاريخ 13-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي، والمرافعة الشفوية وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن الطاعنين في الطعن الأول رقم 439 لسنة 2025 تجاري أقاموا على المطعون ضدهما الدعوى رقم 433 لسنة 2022 تجاري دبي بطلب الحكم ? وفقاً لطلباتهم الختامية ? (أولاً) أصلياً: بصورية اتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 صورية مطلقة، (ثانياً) واحتياطياً: بعدم الاعتداد باتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6- 2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة المؤرخة 20-10-2022 في مواجهتهم، (ثالثاً) بعدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر من محكمة دبي الابتدائية في الدعوى رقم 175 لسنة 2022 بتاريخ 1-11-2022 باعتماد اتفاقية الصلح، وما يترتب عليه من آثار في مواجهتهم، وقالوا بياناً لذلك: إنهم ورثة المرحوم/ سالم محمد حفيظ صاحب مؤسسة بن حفيظ للمقاولات العامة، والتي تداين الشركة المطعون ضدها الثانية بمبالغ تزيد على 365 مليون درهم، بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 475 لسنة 2011 تجاري كلي، والمعدل بالاستئناف رقم 188 لسنة 2015 تجاري، وتم فتح ملف تنفيذ عنه برقم 2031 لسنة 2015 تنفيذ تجاري بمبلغ (346,806,952.31) درهم، وبموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 266 لسنة 2011 تجاري كلي، وتم فتح ملف تنفيذ عنه رقم 220 لسنة 2015 تنفيذ تجاري بمبلغ (17,736,990) درهم، إلا أن الشركة المطعون ضدها الثانية وللحيلولة دون التنفيذ عليها أبرمت بتاريخ 22-6-2021 اتفاقية اتعاب محاماة وهمية مع المكتب المطعون ضده الأول تدفع إليه بموجبها مبلغ (17,000,000) درهم مقدماً مقابل مباشرة تقديم أتعاب قانونية لها، ثم قاما بتاريخ 20-10-2022 بإبرام اتفاقية تسوية بينهما في شأن المبلغ المستحق بالاتفاقية الأولى، فأقام المكتب المطعون ضده الأول المنازعة رقم 175 لسنة 2022 لدى مركز تسوية المنازعات الودية بمحاكم دبي ومثل فيها مدير الشركة المطعون ضدها الثانية وأقر بالمديونية لصالح المكتب المطعون ضده الأول، وتم تدوين الاتفاقية بمحضر الجلسة وصدر قرار القاضي باعتمادها واعتبارها في قوة السند التنفيذي، وبناءً على ذلك قام المطعون ضده الأول بفتح ملف التنفيذ رقم 7907 لسنة 2022 تنفيذ تجاري للتنفيذ على أموال المطعون ضدها الثانية، وكان ذلك بقصد مزاحمة الطاعنين في الدين المستحق لهم، وإخراج تلك الأموال من الضمان العام، ولما كانت هاتان الاتفاقيتان قد تم أبرامهما بعد تاريخ صدور الأحكام النهائية التي تثبت مديونية المطعون ضدها الثانية لصالح المؤسسة المملوكة لمورث الطاعنين، وقد أخرجت المطعون ضدها الثانية بموجبهما جزءاً من أموالها من الضمان العام المقرر للطاعنين، فإن تلكما الاتفاقيتين تكونا غير نافذتين في مواجهتم، ومن ثم كانت دعواهم، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، ندبت المحكمة لجنة مشكلة من خبيرين حسابيين، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها، حكمت المحكمة بتاريخ 12 يونيو 2024 برفض الدعوى، استأنف المدعون (الطاعنون في الطعن الأول) هذا الحكم بالاستئناف رقم 1044 لسنة 2024 تجاري دبي، وبتاريخ 12 سبتمبر 2024 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم نفاذ اتفاقي تي أتعاب المحاماة موضوع الدعوى المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 22-6-2022 في مواجهة الطاعنين، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 1092 لسنة 2024 تجاري، كما طعن فيه المكتب المطعون ضده الأول بذات الطريق بالطعن رقم 1115 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 27-1-2025 حكمت المحكمة في الطعنين بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد، وبعد الإحالة قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 13 مارس 2025 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بعدم نفاذ اتفاقية الأتعاب المؤرخة 22-6-2021 برقم HC ADM AZ JD 21 403 وأتفاقية الأتعاب المؤرخة 22-6-2022 برقم HC ADM AZ JD 22 403 وأتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 في مواجهة الطاعنين، طعن الطاعنون (المدعون) في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 439 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 10 أبريل 2025، وقدم محامي المكتب المطعون ضده الأول مذكرة جوابية -في الميعاد- طلب فيها رفض الطعن ، كما طعن فيه المكتب المحكوم عليه بطريق التمييز بالطعن رقم 448 لسنة 2025 تجاري بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 11 أبريل 2025، وقدم محامي المطعون ضدهم من الأول إلى التاسعة مذكرة طلب فيها رفض الطعن تستبعدها المحكمة لتقديمها بعد الميعاد القانوني، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول للارتباط، وليصدر فيهما حكم واحد.
الطعن رقم 448 لسنة 2025 تجاري.
وحيث إن المكتب الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه بالبطلان، وفي بيان ذلك يقول: إن الثابت من محضر جلسة 4-3-2025 أمام محكمة الاستئناف أن الهيئة التي سمعت المرافعة وحجزت الدعوى للحكم كانت مشكلة من السادة القضاة سامي عبد الجليل محمد التهامي رئيس الدائرة، وإسماعيل محمد الحسيني، ومحمد أحمد عبد الله عضوي الدائرة، في حين أن الثابت من محضر جلسة 13-3-2025 أن الهيئة التي أصدرت الحكم ونطقت به كانت مشكلة من السادة القضاة إسماعيل محمد الحسيني رئيس الدائرة ومحمد أحمد عبد الله، وعجيل عبد الله المهيري عضوي الدائرة، أي أن القاضي/ سامي عبد الجليل محمد التهامي سمع المرافعة ولم يشترك في إصدار الحكم، علاوة على أن محضر جلسة النطق بالحكم قد خلا من اسم رئيس الدائرة القاضي سامي عبد الجليل محمد التهامي الوارد بنسخة الحكم المودعة إلكترونياً بالاستئناف، كما خلت النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه ومحضر جلسة النطق به بتاريخ 13-3-2025 من بيان أن القاضي عجيل عبد الله المهيري الذي لم يحضر جلسة النطق بالحكم قد سمع المرافعة واشترك في المداولة ووقع مسودة الحكم، مما يكون الحكم قد خلا من بيانات جوهرية تبطله وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن النص في الفقرة الرابعة من المادة 128 من قانون الإجراءات المدنية يدل على أنه متى حصل مانع مؤقت لدى القاضي الذي سمع المرافعة واشترك في المداولة، حال بينه وبين حضور الجلسة المحددة للنطق بالحكم، فإنه يجوز حضور قاض آخر بدلاً منه في هذه الجلسة متى كان القاضي الذي تخلف عن حضورها قد وقع على مسودة الحكم، ويجب في هذه الحالة أن يبين في محضر الجلسة أو في ذات نسخة الحكم الأصلية أن القاضي الذي لم يحضر تلاوته قد اشترك في المداولة؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من نسخة الحكم الأصلية ومن محضر جلسة 4-3-2025 التي تم حجز الاستئناف فيها للحكم، أن الهيئة المشكلة من القضاة سامي عبد الجليل محمد التهامي رئيس الدائرة، وإسماعيل محمد الحسيني، ومحمد أحمد عبد الله عضوي الدائرة هي التي سمعت المرافعة وحجزت الاستئناف للحكم، وهي ذاتها التي أصدرته، وأنه بالجلسة المحددة للنطق به في 13-3-2025 ، كان قد تخلف القاضي سامي عبد الجليل محمد التهامي رئيس الدائرة عن الحضور وحل محله القاضي عجيل عبد الله المهيري، الذي حضر تلاوة الحكم مع عضوي الهيئة الآخرين وقد أثبت ذلك في نسخة الحكم الأصلية وهو ما يكفي لصحة الإجراء، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس. وحيث إن المكتب الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، إذ قضى بعدم نفاذ اتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 في مواجهة المطعون ضدهم من الأول إلى التاسعة استنادا إلى أحكام الدعوى البوليصية المنصوص عليها بالمادة (397) من قانون المعاملات المدنية، ملتفتاً عن دفاعه بعدم جواز الطعن على هذه الاتفاقيات بالدعوى البوليصية لعدم سريان أحكام القانون الأخير عليها، وعلى الرغم من أن اتفاقية الأتعاب المهنية موضوع الدعوى محل الطعن محررة بينه كمكتب محاماة وبين المطعون ضدها العاشرة، وبالتالي تخضع للأحكام الخاصة بعقد الأتعاب الذي ينظمه المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2022 في شأن تنظيم مهنتي المحاماة والاستشارات القانونية، لما في ذلك من إهدار للقانون الخاص بمهنة المحاماة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن العقد بين المحامي وموكله يخضع لأحكام القانون الخاص بتنظيم مهنة المحاماة وللقواعد العامة المتعلقة بالوكالة في قانون المعاملات المدنية فيما فات القانون الخاص من الأحكام، وأن من الأصول المقررة أن الدعوى البوليصية يقصد بها عدم نفاذ التصرف الصادر من المدين في حق دائنه؛ لما كان ذلك، وكان مجال إعمال أحكام القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2022 في شأن تنظيم مهنة المحاماة يقتصر على العلاقة العقدية بين المحامي وموكله، ولا يمتد ليشمل دعوى الغير قبلهما بشأن عدم نفاذ تلك العلاقة في مواجهته، باعتباره مدين لأحدهما استناداً إلى أحكام الدعوى البوليصية، فلا على الحكم المطعون فيه إن التفت عن هذا الدفاع باعتباره دفاع ظاهر الفساد، ويضحى النعي بهذا السبب على غير أساس. وحيث إن المكتب الطاعن ينعى بالأسباب من الثالث إلى الخامس والوجه الثاني من السبب السادس، على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن التصرف الصادر من الشركة المطعون ضدها العاشرة إليه بموجب الاتفاقيتين موضوع الدعوى ليس تصرفاً على سبيل التبرع ولا من قبيل المعاوضة ولا يتضمن إنقاصاً للضمان العام على أموال الدائنين -المطعون ضدهم من الأول حتى التاسع- إذ إن القانون كفل للمحامي أن يحصل على أتعاب مقابل ما يقدمه لوكيله من خدمات قانونية، وكانت اتفاقيتا الأتعاب اللتان أبرمتا بينه وبينها قد تحصل بموجبهما على أتعابه مقابل ما يقدمه لها من خدمات واستشارات قانونية، ولم يثبت أن تلك الأتعاب قد سببت إعساراً لها، أو زادت في إعسارها بل كانت مقابل الحصول على حقوقها المالية وتحصيلها من مدينيها، فلا يمثل ذلك خروجاً لمال من ذمتها بل هو تصرف يزيد في يسارها ويزيد في الضمان العام للدائنين، وفي حين أن اتفاقية الأتعاب لا تعد تصرفاً قانونياً أو عقد معاوضة بل هي مجرد اتفاقية مكتوبة بين المحامي وموكله على اقتضاء أتعاب مقابل ما يبذله المحامي من جُهد، ولا يدل إبرامها على تعمد المطعون ضدها العاشرة إجراء أي نوع من أنواع التصرف في المال الموجود في ذمتها إضراراً بدائنيها أو أنها تهدف إلى مُزاحمتهم في التنفيذ على أموالها إذ إن حسن النية مفترض، ولا ينال من هذا التصرف أيضاً تعهدها بسداد مقابل الأتعاب مقدماً، لا سيما أن الأوراق قد خلت من أي غش أو تواطؤ على الإضرار بحقوق الدائنين المطعون ضدهم من الأول حتى التاسع، وفي حين أن المادة 56 من القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2022 ترتب لأتعاب المحاماة الناشئة عن الاتفاقيتين محل النزاع حق امتياز يلي مباشرة حقوق الحكومة على ما آل إلى موكله نتيجة عمل المحامي أو الحكم في الدعوى موضوع الوكالة، وبما يكون التصرف الصادر بموجب الاتفاقيتين تصرفاً صحيحاً ولا يتوافر فيه أي شرط من شروط دعوى عدم نفاذ التصرف المنصوص عليهما بالمادتين 396، 397 من قانون المعاملات المدنية، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى على خلاف هذا النظر بعدم نفاذ اتفاقيتي الأتعاب وأنهما أبرمتا بعد ثبوت الدين المترصد في ذمة الشركة المطعون ضدها العاشرة وأنهما تعدا تصرفاً لإنقاص الضمان العام للدائنين، كما قضى بعدم نفاذ اتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 دون أن يسبب قضاءه في هذا الخصوص تسبيباً كافياً، مما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن النص في الفقرة الأولى من المادة 391 من قانون المعاملات المدنية على أن "أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه" والنص في المادة 396 منه على أنه "إذا أحاط الدين حالاً أو مؤجلاً بمال المدين بأن زاد عليه أو ساواه فإنه يمنع من التبرع تبرعاً لا يلزمه ولم تجر العادة به وللدائن أن يطلب الحكم بعدم نفاذ هذا التصرف في حقه" والنص في المادة 397 منه على أنه "إذا طالب الدائنون المدين الذي أحاط الدين بماله بديونهم فلا يجوز له التبرع بماله ولا التصرف فيه معاوضة ولو بغير محاباة وللدائنين أن يطلبوا الحكم بعدم نفاذ تصرفه في حقهم ولهم أن يطلبوا بيع ماله والمحاصة في ثمنه وفقا لأحكام القانون" والنص في المادة 398 من ذات القانون على أنه "إذا ادعى الدائن إحاطة الدين بمال المدين فليس عليه إلا أن يثبت مقدار ما في ذمته من ديون وعلى المدين نفسه أن يثبت أنه له مالاً يزيد على قيمة الدين" - مفاده أن أموال المدين هي الضمان العام للدائنين وهذا الضمان يخول للدائن أن يراقب أموال المدين، وما دخل منها في ذمة المدين وما خرج، حتى يأمن على ضمانه من أن ينقصه غش المدين أو تقصيره، ومن بين هذه الطرق دعوى عدم نفاذ تصرف المدين وهي دعوى يدفع فيها الدائن عن نفسه نتائج غش المدين إذا عمد هذا إلى التصرف في ماله إضراراً بحق الدائن بإنقاص الضمان العام فيطعن الدائن في هذا التصرف ليجعله غير نافذ في حقه مع بقائه قائماً بين المدين ومن صدر له التصرف، فيعود المال إلى الضمان العام تمهيداً للتنفيذ عليه، وحتى يجوز للدائن استعمال هذه الدعوى يجب أن يكون حقه سابقاً على التصرف المطعون فيه ومستحق الأداء وخالياً من النزاع، والعبرة في ذلك بتاريخ نشوء حق الدائن لا بتاريخ استحقاقه ولا بتاريخ تعيين مقداره والفصل فيما يثار بشأنه من نزاع، ويعتبر إعساراً في هذه الدعوى ألا يكون للمدين مال ظاهر يفي بجميع ديونه حتى لو كان له مال غير ظاهر يفي بجميع الديون، أو كان له مال ظاهر ولكن يتعذر التنفيذ عليه، وأن المشرع -وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون- أراد تيسير الإثبات على الدائن وهو أشق ما يصادفه في هذه الدعوى بأن وضع قرينة قانونية تيسر عليه إثبات إعسار المدين، فليس عليه إلا أن يثبت ما في ذمته من ديون، وعندئذ تقوم قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس على أن المدين معسر، وينتقل عبء الإثبات بفضل هذه القرينة إلى المدين، وعليه هو أن يثبت أنه غير معسر، ويكون ذلك بإثبات أنه له مالاً يزيد عن قيمة الدين، فإن لم يستطع إثبات ذلك اعتبر معسراً، وإذا كان المطلوب من المدين إثبات أنه له مالاً يساوي قيمة ديونه وجب عليه أن يدل على أموال ظاهرة لا يتعذر التنفيذ عليها، وإلا اعتبر معسراً، كما يكون ذلك أيضاً للمتصرف إليهم لا دفعاً منهم بالتجريد بل إثباتاً لتخلف شروط الدعوى، وتقدير ما إذا كان التصرف هو الذي سبب إعسار المدين أو زاد في الإعسار مسألة موضوعية تخضع لسلطة محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك متى كان استخلاصها لها سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم نفاذ اتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 22-6-2022 في مواجهة المطعون ضدهم المطعون ضدهم من الأول إلى التاسعة، تأسيساً على ما أورده بأسبابه: ((لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن دعوى المستأنفين وفقا لطلباتهم والأساس الذي أقيمت عليه هي في حقيقتها دعوى عدم نفاذ التصرف المبرم بين المستأنف ضدهما الأولى والثانية في مواجهة المستأنفين بوصفهم دائنين للشركة المستأنف ضدها الأولى، وكان عدم نفاذ التصرف أو ( الدعوى البوليصية ) هو في حقيقته دعوى شخصية يرفعها الدائن لإبطال تصرف مدينه الحاصل بالتواطؤ للإضرار به وحرمانه من إمكان التنفيذ بدينه على المال المتصرف فيه والذى كان يعتمد عليه الدائن لضمان للحصول على حقوقه دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين، وإنما يرجع المال فقط إلى الضمان العام للدائنين تمهيدا للتنفيذ عليه، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المستأنفين (المطعون ضدهم من الأول إلى التاسعة) يداينون المستأنف ضدها الأولى (المطعون ضدها العاشرة) بمبلغ إجمالي مقداره 364543892.31 درهم، بموجب الحكم الصادر في الدعوى رقم 475 لسنة 2011 تجاري كلي المعدل بالاستئناف رقم 188 لسنة 2015 تجاري، المفتوح بشأنه ملف التنفيذ رقم 2031 لسنة 2015 تجاري بمبلغ 346806902.31 درهم، والحكم الصادر في الدعوى رقم 266 لسنة 2011 تجاري، كلي المفتوح بشأنه ملف التنفيذ رقم 220 لسنة 2015 تجاري بمبلغ 17736990 درهم، وتستخلص المحكمة من ذلك أن حق المستــــــــأنفين والذين يـــــــداينون به المستأنف ضدها الأولى يسبق في نشأته على تاريخ تصـــــرف مدينهم المستأنف ضدها الأولى (المطعون ضدها العاشرة) إلى المستأنف ضدها الثانية (المكتب الطاعن) بموجب خطابي الارتباط المحررين بين الطرفين بتاريخ 22 / 6 / 2021 و 22 / 6 / 2022 لقيام المستأنف ضدها الثانية بمباشرة القضايا الواردة في هذين العقدين لصالح المستأنف ضدها الأولى وذلك نظير مبلغ مقداره 17 مليون درهم تدفع مقدما، وإذ أثبت المستأنفون مداينتهم للمستأنف ضدها الأولى وتمسكوا بعدم وجود مال لهذا المدين يكفي للوفاء بدينهم، وأن اتفاقيتي أتعاب المحاماة اللتين أبرمتهما المستأنف ضدها الأولى مع المستأنف ضدها الثانية وتعهدت فيهما بسداد مبلغ 17 مليون درهم أتعاب محاماة للمستأنف ضدها الثانية تم تحريرهما في تاريخ لاحق لنشأة دينهم، وطالبوا في الدعوى الماثلة بعدم نفاذ تصرف مدينهم في حقهم، وكان المستأنف ضدهما لم يقدما الدليل على وجود مال لهذا المدين (المطعون ضدها العاشرة) يزيد على قيمة دينهم للمستأنفين أو على الأقل مساو له في القيمة، فإن هؤلاء الدائنون وعملاً بالمادة 397 من قانون المعاملات المدنية لا يحاجوا بهذا التصرف الذي فيه افقار لمدينهم وتهديد لضمانهم، ولا ينفذ في حقهم تصرف المستأنف ضدها الأولى للمستأنف ضدها الثانية في مالها، ولا يمنعهم من التنفيذ بحقهم الثابت بسندين تنفيذيين على جميع أموال المستأنف ضدها الأولى واقتضاء حقهم منها، ومن ثم تكون دعوى المستأنفين قائمة على سند صحيح من الواقع والقانون جديرة بالقبول)) وكان هذا من الحكم بأسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وفيها الرد الضمني المسقط لكل حُجة تخالفه ويعد تسبيباً كافياً لقضاء الحكم بعدم نفاذ اتفاقية تسوية الديون الناشئة عن اتفاقيتي الأتعاب المقضي بعدم نفاذهما، ومن ثم لا يعدو ما يثيره المكتب الطاعن أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز، ولا يقبل من الطاعن المتصرف إليه التمسك بحسن نيته، ذلك أن المشرع في تنظيمه لدعوى عدم نفاذ التصرفات في المواد 396 إلى 400 من قانون المعاملات المدنية أراد تيسير الإثبات على الدائن وهو أشق ما يصادفه في هذه الدعوى فلم يتطلب لعدم نفاذ التصرف بعوض أن يكون من صدر له التصرف حسن النية، إذ إنه لا يجوز اشتراط ما لم يتطلبه النص لمخالفة ذلك لإرادة المشرع الذي لو أراد وجود مثل هذا الشرط لنص عليه صراحة. وحيث إن المكتب الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب السادس على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، إذ التفت عن طلبه وقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل في الطعن بالتمييز رقم 121 لسنة 2025 تجاري، على الرغم من أن الفصل في الاستئناف يتوقف على الفصل في ذلك الطعن المتعلق بمسألة أولية تتعلق بتشكيل الهيئة التي تتولى الفصل في الاستئناف، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك بإنه من المقرر ? في قضاء هذه المحكمة ? أن لا يقبل نعي على الحكم المطعون فيه لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة؛ لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الموقع الإلكتروني لمحاكم دبي على الطعن بالتمييز المقام من المكتب الطاعن برقم 121 لسنة 2025 تجاري بطلب تفسير منطوق الحكم الناقض الصادر في الطعنين بالتمييز رقمي 1092، 1115 لسنة 2024 تجاري بشأن تعيين الهيئة التي ستتولى الفصل في الاستئناف الماثل بعد النقض والإحالة، أن محكمة التمييز فصلت في الطعن بالتمييز رقم 121 لسنة 2025 تجاري بجلسة 21-4-2025 بعدم قبوله تأسيساً على أن حكمها واضحاً في أسبابه ومنطوقه ولا يحتاج إلى تفسير، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن وقف الدعوى تعليقياً لحين الفصل في الطعن الأخير لا يحقق للطاعن سوى مصلحة نظرية بحتة ويكون -وأيا كان وجه الرأي فيه- غير منتج، وبالتالي غير مقبول . وحيث إن المكتب الطاعن ينعى بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ألزمه والمطعون ضدها العاشرة بكامل الرسوم والمصروفات، على الرغم من أن المطعون ضدهم من الأول إلى التاسعة لم يقض لهم بكامل طلباتهم، مما يعيبه ويستوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 133/2 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 بإصدار قانون الإجراءات المدنية على أن "يحكم بمصروفات الدعوى على الخصم المحكوم عليه فيها، ويدخل في حساب المصروفات أتعاب المحاماة التي تقدرها المحكمة وفق الضوابط والمعايير المحددة في قانون تنظيم مهنة المحاماة..."، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن خاسر الدعوى من الخصوم هو الذي يتحمل بمصروفاتها كاملة بما في ذلك الرسوم المستحقة عليها؛ لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى على المكتب الطاعن لصالح المطعون ضدهم التسعة الأول بطلباتهم في الدعوى، عدا الطلب الذي أغفله وهو عدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 175 لسنة 2022 اعتماد اتفاقية صلح، فإن المكتب الطاعن يعتبر خاسراً دعواه، وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بالمصروفات على هدي من نص المادة 133/2 سالفة البيان، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، فضلاً عن أنه لا صفة للطاعن في النعي على قضاء الحكم بإلزام المطعون ضدها العاشرة بالمصروفات.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن رقم 439 لسنة 2025 تجاري
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ كَيَّفَ دعواهم خطأً بأنها تتعلق فقط بالتصرفات المطلوب عدم نفاذها، ورفض ضمناً القضاء لهم بطلب عدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر في المنازعة رقم 175 لسنة 2022 باعتماد اتفاقية الصلح في مواجهتهم وما يترتب على ذلك من آثار تمثلت في فتح ملف تنفيذ بموجبه ومزاحمتهم في الضمان العام، رغم أن هذه الاتفاقية هي إحدى الاتفاقيات الثلاث التي قضى الحكم المطعون فيه بعدم نفاذها في مواجهة الطاعنين ، مما كان يتعين معه على الحكم المطعون فيه أن يقضي أيضاً بعدم الاعتداد بحجية الحكم المشار إليه في مواجهة الطاعنين، وهو ما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة (139) من قانون الإجراءات المدنية رقم (42) لسنة 2022 على أنه " إذا أغفلت المحكمة الفصل في بعض الطلبات الموضوعية فعليها بناءً على طلب من أحد أصحاب الشأن أن تنظر في الطلب وأن تصدر في الطلبات التي تم إغفالها قراراً أو حكماً حسب الأحوال بعد إعلان الخصم به، ... " يدل على أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله ومعلقاً أمامها، ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، ولا يجوز الطعن بالتمييز في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي، لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها إما صراحة أو ضمناً؛ لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الطاعنين طلبوا الحكم لهم أمام محكمة أول درجة -وفقاً لطلباتهم الختامية بالمذكرة المقدمة منهم إليها بتاريخ 20-2-2024 (أولاً) وأصلياً: بصورية اتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 صورية مطلقة، (ثانياً) واحتياطياً: بعدم الاعتداد باتفاقيتي الأتعاب المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 في مواجهتهم، (ثالثاً) بعدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر من محكمة دبي الابتدائية في الدعوى رقم 175 لسنة 2022 بتاريخ 1-11-2022 باعتماد اتفاقية الصلح، وما يترتب عليه من آثار في مواجهتهم، وكان الحكم الابتدائي قد قضى برفض طلباتهم ومن ضمنها طلب عدم الاعتداد بحجية الحكم الصادر من محكمة دبي الابتدائية في الدعوى رقم 175 لسنة 2022، فلما استأنف الطاعنون الحكم الابتدائي تمسكوا في مذكرتهم الشارحة لأسباب استئنافهم بذات طلباتهم الختامية سالفة البيان، إلا أن الحكم المطعون فيه أورد في مدوناته أن "وحيث إن المحكوم عليهم لم يرتضوا ذلك الحكم، فطعنوا عليه بالاستئناف الماثل ابتغاء الحكم أولاً: بقبول الاستئناف شكلاً، ثانياً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بإجابتهم إلى طلباتهم الواردة بصحيفة افتتاح الدعوى...وأن دعوى المستأنفين وفقا لطلباتهم والأساس الذي أقيمت عليه هي في حقيقتها دعوى عدم نفاذ التصرف المبرم بين المستأنف ضدهما الأولى والثانية في مواجهة المستأنفين بوصفهم دائنين للشركة المستأنف ضدها الأولى" ثم قضى على هذا الأساس بإلغاء الحكم المستأنف القاضي برفض الدعوى وأجاب الطاعنين فقط إلى طلب عدم نفاذ اتفاقتي أتعاب المحاماة المؤرختين 22-6-2021، 22-6-2022 واتفاقية التسوية المؤرخة 20-10-2022 في مواجهتهم تأسيساً على أن الطلبين المطروحين عليه هما فقط المتعلقين بصورية الاتفاقيات وعدم نفاذها، وأن تكييفهما الصحيح هو طلب عدم نفاذ تلك الاتفاقيات، وباعتبار أن ذلك الطلب هو كل المستأنف من طلباتهم، وفاته عن غير عمد أن الطاعنين أضافوا بطلباتهم الختامية أمام محكمة أول درجة بالمذكرة المقدمة منهم إليها بتاريخ 20-2-2024 طلباً بعدم الاعتداد بحجية الحكم رقم 175 لسنة 2022 الصادر بتاريخ 1-11-2022 من مركز التسوية الودية بمحاكم دبي باعتماد اتفاقية الصلح، وأنهم تمسكوا بهذا الطلب في استئنافهم، ومن ثم يكون الحكم قد أغفل -خطأً أو سهواً- الفصل في هذا الطلب الأخير، ويكون من المتعين لتدارك ذلك الرجوع إلى المحكمة التي أغفلت ذلك الطلب لتستكمل الفصل فيه، لا الطعن في حكمها بذلك، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة النظام العام، وفي بيان ذلك يقولون: إنه كان يتعين على الحكم أن يقضي من تلقاء نفسه بانعدام الحكم الصادر في المنازعة رقم 175 لسنة 2022 باعتماد اتفاقية الصلح في مواجهتهم لصدوره من جهة غير مختصة بإصداره، وبغير الطريق الذي رسمه القانون وهو طريق استصدار أمر على عريضة عملاً بنص المادة 52 من قانون المحاماة رقم 34 لسنة 2022 وهي مسألة متعلقة بالنظام العام، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بإنه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن المستفاد من نص المادة 29 من القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1991 في شأن مهنة المحاماة -المنطبق على واقعة الدعوى- أن الأصل أن يتقاضى المحامي أتعابه وفقاً للعقد المحرر بينه وبين موكله، والمشرع جعل سلوك الأمر على عريضة إلزامياً إذا كان ما يطالب به المحامي أو الموكل تقدير أتعاب المحاماة في قضية نظرتها المحكمة، وأن مناط ذلك عدم وجود اتفاق مكتوب بشأن الأتعاب بين المحامي والموكل أو كان الاتفاق المكتوب باطلاً، أما غير ذلك من المنازعات الأخرى التي تتعلق بمزاولة المحامي لأعمال مهنته، ومنها المطالبة بالأتعاب المتفق عليها في العقد المحرر بين المحامي وبين موكله أو إنقاصها أو تحديد ما أنفقه المحامي من المصروفات التي تقتضيها مباشرة القضايا أو الأعمال التي وكل فيها، فإنه يتعين لذوي الشأن سلوك الطريق العادي لرفع الدعوى، ولا يجوز له في هذه الحالة أن يلجأ الى طريق استصدار أمر على عريضة لأنه استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه؛ لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المنازعة رقم 175 لسنة 2022 قد أقُيمت بطلب اعتماد اتفاقية صلح أمام مركز تسوية المنازعات الودية بمحاكم دبي المختص بذلك الاعتماد، وليس بطلب مقابل أتعاب محاماة، ومن ثم فلا تخضع في شأن إقامتها لنصوص قانون المحاماة، لا سيما أن دعوى المطالبة بالأتعاب المتفق عليها في العقد المحرر بين المحامي وبين موكله في ظل القانون الاتحادي رقم 23 لسنة 1991 في شأن مهنة المحاماة -المنطبق على واقعة الدعوى- كان يتعين في شأن إقامتها سلوك الطريق العادي لرفع الدعوى لا استصدار أمر على عريضة كما ذهب الطاعنون في نعيهم، ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، إذ لم يعن بالرد على الطعن بالتمييز المقام منهم رقم 1092 لسنة 2024 تجاري دبي على الحكم الاستئنافي الأول الصادر بجلسة 12-9-2024، على الرغم من أن الحكم الصادر في هذا الطعن قضى بنقض ذلك الحكم الاستئنافي بالتبعية لنقضه في الطعن المنضم المقام من المطعون ضده الأول رقم 1115 لسنة 2024 تجاري، مما يعيب الحكم المطعون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك أن مفاد الفقرة الفقرة الرابعة من المادة 179 من قانون الإجراءات المدنية ? أنه يجب أن تشتمل صحيفة الطعن بالتمييز على بيان الأسباب التي بُنِى عليها الطعن وإلا كان مجهلاً ومن ثم غير مقبول؛ وكان الطاعنون قد ساقوا نعيهم هذا بصيغة عامة دون بيان العيب الذي يعزونه إلى الحكم وموضعه منه أو أوجه القصور المبطل التي شابته، وأثر ذلك في قضائه، فإن نعيهم -بهذه المثابة- يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
وحيث إن الطاعنين في الطعن الأول رقم 439 لسنة 2024 تجاري سبق لهم الطعن على الحكم الأول بالتمييز رقم 1092 لسنة 2024 تجاري دبي، كما أن المكتب الطاعن في الطعن الثاني رقم 448 لسنة 2025 تجاري سبق له الطعن على ذات الحكم الأول بالتمييز رقم 1115 لسنة 2024 تجاري، فإنه لا يستوفى من أي منهم رسم أو تأمين عن الطعنين الماثلين إعمالاً لنص المادة 33 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بشأن الرسوم القضائية.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة في الطعنين رقمي 439، 448 لسنة 2025 تجاري دبي برفضهما وألزمت الطاعنين في الطعن الأول مبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق