بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 14-10-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 1285 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. س. ل. ا. و. ذ.
مطعون ضده:
م. س. ل. ا. ا. ذ.
ي. ل. م. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/1519 استئناف تجاري بتاريخ 08-09-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الإطلاع علي الملف الالكتروني للطعن وسماع تقرير التخليص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر ــ حازم محمد أبوسديرة ـــ والمداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن ــ تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعنة والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 2447 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن والتكافل بسداد مبلغ 4202106.70 درهم مع فائدة سنوية تأخيرية 9% من تاريخ استحقاق أول فاتورة المؤرخة في31-3-2021 وحتى السداد التام ، علي سند من أنها بتاريخ 23-3-2021 تعاقدت مع الطاعنة على أن تورد إليها خدمات تحليل طبية ، ونفذت التزاماتها واستحق لها مبلغ 978914.95 درهم ، كما تعاقدت بتاريخ 25-8-2021 مع المطعون ضدها الثانية على أن تورد إليها خدمات تحليل طبية ، ونفذت التزاماتها واستحق لها مبلغ 3223191.75 درهم ، إلا أنهما أخلتا بتنفيذ التزاماتهما ولم تسددا المبالغ محل المطالبة ، فكانت الدعوى . ، دفعت الطاعنة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لوجود شرط التحكيم ، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره ، حكمت بتاريخ 28-4-2025 أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنة لوجود شرط التحكيم ، ثانياً: بإلزام المطعون ضدها الثانية بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 3223191.75 درهم والفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 1519لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 8-9-2025 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى بالنسبة للطاعنة لوجود شرط التحكيم وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوع هذا الطلب ، ووقف نظر استئناف طلب إلزام المطعون ضدها الثانية بالتضامن مع الطاعنة بالمبلغ المطالب به تعليقًا لحين الفصل في ذلك الطلب . ، طعنت الطاعنة في هذا القضاء الأخير بالتمييز برقم 1285 لسنة 2025 بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 16-9-2025 طلبت في ختامها نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة . ، وقدمت المطعون ضدها الأولي مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن ، وإذ عرض الطعن علي هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره .
وحيث إن الطعن أقيم علي سببين تنعي الطاعنة بالسبب الأول منهما علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ، وفي بيانه تقول إنها دفعت بسقوط حق المطعون ضدها الأولي في الاستئناف لإقامته بعد المواعيد المقررة قانوناً ، إذ الثابت أن الحكم المستأنف قد صدر بتاريخ 28/04/2025 ، وقامت المطعون ضدها الأولي بقيد استئنافها بتاريخ 03/06/2025 الأمر الذي يتبين إقامته بعد المواعيد المقررة قانوناً ومن ثم يسقط حقها بالاستئناف، إلا أن الحكم المطعون عليه التفت عن هذا الدفع وقضى بقبوله شكلاً ، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقًا لنص المادة 161 من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم قانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 أن "ميعاد الاستئناف (30) ثلاثون يومًا ما لم ينص القانون على غير ذلك، ويكون الميعاد (10) عشرة أيام في المسائل المستعجلة" ، والنص في المادة 47(1)من ذات القانون على أن "يقوم مكتب إدارة الدعوى بعد استيفاء الرسوم بقيد الدعوى في السجل الخاص بذلك -إلكترونيًا أو ورقيًا- على أن يثبت فيه تاريخ القيد ويسجل فيه علم المدعي بالجلسة، وتعتبر الدعوى في تلك الحالة مقيدة ومنتجة لآثارها من تاريخ تقديم الصحيفة شريطة سداد الرسم خلال أجل لا يتجاوز (3) ثلاثة أيام عمل من تاريخ اليوم التالي للإشعار بالسداد وإلا اعتبر القيد كأن لم يكن"، والنص في المادة 170من ذات القانون على أن "تسري على الاستئناف القواعد والإجراءات التي تسري على الدعوى أمام المحكمة الابتدائية ما لم ينص القانون على غير ذلك" ، يدل علي أن الاستئناف يكون مرفوعاً ومنتجاً لأثاره من تاريخ تقديم صحيفته وقيدها بالسجل الخاص بمكتب إدارة الدعوي ، طالما تم سداد الرسم في خلال الآجل المحدد قانوناً . ، كما أنه من المقرر أنه لا علي المحكمة أن التفت عن الرد عن الدفع الذي لا يستند إلى أساس قانوني سليم .، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الحكم الابتدائي قد صدر بتاريخ 28-4-2025، وأن المطعون ضدها الأولى استأنفته إلكترونيًا بموجب الطلب الإلكتروني بتاريخ 28-5-2025 أي في الميعاد المقرر للاستئناف ، وقامت بسداد الرسم بتاريخ 3-6-2025 خلال الثلاثة أيام من إخطارها بإشعار السداد بتاريخ 2-6-2025 وبالتالي يعتبر الاستئناف مرفوعًا ومنتجًا لآثاره من تاريخ قيده إلكترونيًا سالف البيان ويكون قد أقيم في الميعاد.، فإذا ما قضي الحكم المطعون فيه بقبول الاستئناف شكلًا، فإنه يكون قد طبق صحيح القانون ، ولا عليه إن التفت عن الرد علي دفع الطاعنة محل النعي ، إذ أنه لا يستند إلى أساس قانوني سليم ، وهوما يضحي معه النعي علي الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا السبب على غير أساس.
وحيث تنعي الطاعنة بالسبب الثاني من سببي الطعن علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه التفت عن دفعها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الاستئناف لوجود شرط التحكيم ، في حين أن الثابت بموجب البند رقم 14 من عقد الخدمات المُبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى ــ والذي قامت الأخيرة بصياغته وإعداده وتقديمه لمحكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف كسند لدعواها ــ قد نص على أنه " يتم حل أي نزاع ينشأ عن هذه الأتفاقية بصورة نهائية من خلال التحكيم بموجب قواعد التوفيق التجاري والتحكيم لغرفة تجارة وصناعة دبي، شريطة تعيين محكم واحد وأن يكون مقر التحكيم في إمارة دبي وأن تكون لغة التحكيم هي اللغة الإنجليزية." الأمر الذي يثبت معه اتجاه إرادة الطرفين صراحةً بعقد الخدمات المؤرخ في 23 مارس لسنة 2021 إلى اللجوء للتحكيم في حالة أي نزاع ينشأ عن هذه الاتفاقية بصورة نهائية ، هذا وبمطالعة بنود عقد الخدمات الآخر المؤرخ في 25 أغسطس 2021 والمبرم بين المطعون ضدها الأولى والمطعون ضدها الثانية يتبين أنه يتضمن ذات البنود الواردة بعقد الخدمات المؤرخ في 23 مارس لسنة 2021 ولكنه قد خلى من شرط التحكيم وهو ما يُجزم بما لا يدع مجالاً بالشك ان إرادة الطرفين قد اتجهت صراحةً إلى اللجوء للتحكيم بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولي ، الأمر الذي يثبت معه صحة وجود شرط التحكيم، وقبوله صراحة من قبل المطعون ضدها الأولى فهي من قدمت العقد الذي يتضمن شرط التحكيم ، واستندت عليه واتخذته أساساً لدعواها، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقًا لنصوص المواد 1، 2، 4، 5، 6، 7 من قانون التحكيم رقم 6 لسنة 2018 أن التحكيم هو أتفاق الخصوم صراحة على اختصاص التحكيم دون المحاكم بالفصل في كل أو بعض ما قد يشجر بينهم من منازعات أو ما نشب بينهم بالفعل من منازعات وأن الاتفاق على التحكيم لا يثبت إلا بالكتابة.، كما أن الاتفاق على التحكيم لا يُفترض وإنما يجب أن تفصح صياغته عن الطابع الوجوبي للتحكيم بتراضي الطرفين واتجاه إرادتهما إلى اتخاذ التحكيم سبيلًا وحيدًا لحل أي نزاع ينشأ في خصوص العلاقة القانونية القائمة بينهما، فيقع على عاتقهما التزامًا سلبيًا بالامتناع عن إقامة الدعوى بشأن النزاع محل اتفاق التحكيم أمام قضاء الدولة. وبالترتيب على ما تقدم، فإن أي شرط تحكيم يأتي في سياق التجاور مع اختصاص قضاء الدولة، أو التخيير بينهما ، ولا يحتوي إلا على مبدأ اللجوء إلى التحكيم ، دون أن يقطع في الاتفاق على التحكيم وحده والتقيد بقوته الملزمة ، لا يعد اتفاقًا ملزمًا بالتحكيم يمنع محاكم الدولة من نظر النزاع.، كما أنه من المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الاتفاقات والعقود وسائر المحررات واستخلاص أطراف شرط التحكيم والشروط المختلف عليها واستظهار النية المشتركة للمتعاقدين بما تراه أوفى بمقصودهما مستشهدة في ذلك بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة عليها من محكمة التمييز متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ولم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر أو العقد . ، لما كان ذلك وكان البين مطالعة العقد سند التداعي المبرم بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى بتاريخ 23-3-2021 أن ولئن كان البند رقم (14) منه قد نص علي أنه "يتم حل أي نزاع ينشأ عن هذه الاتفاقية بصورة نهائية من خلال التحكيم بموجب قواعد التوفيق التجاري والتحكيم لغرفة تجارة وصناعة دبي، شريطة تعيين محكم واحد، وأن يكون مقر التحكيم في إمارة دبي، وأن تكون لغة التحكيم هي اللغة الإنجليزية" ، بما مفاده اختيار الأطراف للتحكيم كطريق وحيد للفصل فيما يشجر بينهما من أنزعه تتعلق بتنفيذ العقد والتزامات كل منهما قبل الآخر ، إلا أنه قد جاء بالبند رقم (13) من ذات الأتفاق أن " هذه الاتفاقية تخضع وتفسر وفق القوانين السارية في إمارة دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ولمحاكم دبي السلطة القضائية الحصرية في ذلك الصدد" وهوما يتعارض مع البند 14 إذ ما ارتأى المحكم تفسير لنص مادة من الاتفاق لخضوع ذلك حصرياً للسلطة القضائية بمحاكم دبي ، ومؤدى ذلك أن ما ورد بالبندين سالفي البيان لا يعد اتفاقًا ملزمًا للطرفين باللجوء إلى التحكيم يمنع محاكم الدولة من نظر النزاع، لأن أي شرط تحكيم يأتي في سياق التجاور مع اختصاص قضاء الدولة ، أو التخيير بينهما ، ولا يحتوي إلا على مبدأ اللجوء إلى التحكيم، دون أن يقطع في الاتفاق على التحكيم وحده والتقيد بقوته الملزمة، لا يكون ملزمًا. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدفع المبدي من الطاعنة بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيم تأسيسًا على أن اللجوء إلى التحكيم وفقًا لهذين البندين إختياري وليس إلزاميًا، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ، ويكون النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس
وحيث انه ــ ولما تقدم ــ فإنه يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وبالزام الطاعنة بالمصروفات ، ومبلغ الفي درهم مقابل أتعاب محاماة ، مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق