جلسة 9 مايو سنة 1981
برئاسة السيد المستشار أحمد ممدوح عطية رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ فاروق محمود سيف النصر ومحمد فهمى حسن عشري وكمال سلامة عبد الله ود. فتحي عبد الصبور ومحمد على راغب بليغ وممدوح مصطفى حسن – أعضاء، والمستشار محمد كمال محفوظ – المفوض، والسيد/ سيد عبد الباري إبراهيم – أمين السر.
-----------------
(6)
القضية رقم 15 لسنة 1 قضائية "دستورية"
(1) دستور – المادة 66 منه
– النص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون – المدلول المقصود بها – مؤدى ذلك.
(2) مخدرات
– المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تتفق وحكم المادة 66 من الدستور – أساس ذلك.
(3) معاهدة دولية
– معاهدة المواد المخدرة – النعي بمخالفة قرار وزير الصحة لأحكامها لا يشكل خروجا على أحكام الدستور.
-----------------
1 – تنص المادة 66 من الدستور الحالي في فقرتها الثانية على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" وهي قاعدة دستورية وردت بذات العبارة في جميع الدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 الذى نص عليها في المادة السادسة منه. ويبين من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 أن صياغة هذه المادة في المشروع الذى أعدته اللجنة المكلفة بوضعه كانت تقضى بأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون" فعدلتها اللجنة الاستشارية التشريعية التي نقحت المشروع إلى "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" وذلك – وعلى ما جاء بتقريرها – "لأنه لا يصح وضع مبدأ يقرر أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون لأن العمل جرى في التشريع على أن يتضمن القانون نفسه تفويضاً إلى السلطة المكلفة بسن لوائح التنفيذ في تحديد الجرائم وتقرير العقوبات، فالأصوب أذن أن يقال لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون…".
ولما كان من المقرر أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين، وجب صرفه إلى هذا المعنى فى كل نص آخر يردد ذات المصطلح، وكان الدستور الحالي قد ردد فى المادة 66 منه عبارة "بناء على قانون" – الواردة فى المادة السادسة من دستور سنة 1923 والتي أفصحت أعماله التحضيرية عن المدلول المقصود بها – في حين أنه استعمل عبارة مغايرة في نصوص أخرى اشترط فيها أن يتم تحديد أو تنظيم مسائل معينة "بقانون" مثل التأميم في المادة 35 وإنشاء الضرائب وتعديلها في المادة 119، فإن مؤدى ذلك أن المادة 66 من الدستور تجيز أن يعهد القانون إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم أو العقاب، وذلك لاعتبارات تقدرها سلطة التشريع وفى الحدود وبالشروط التي يعينها القانون الصادر منها.
2 – لما كان المشرع فى المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد أعمل الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة 66 من الدستور وقصر ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، وذلك تقديرا منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية ومرونة في اتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة في مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع، وكانت القرارات التي يصدرها الوزير المختص في هذا الشأن لا تستند في سلطة إصدارها إلى المادة 108 أو المادة 144 من الدستور بشأن اللوائح التفويضية أو اللوائح التنفيذية وإنما إلى المادة 66 من الدستور، فإن النعي على المادة 32 المشار إليها بعدم الدستورية يكون على غير أساس.
3 – النعي بمخالفة قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 لمعاهدة المواد المخدرة باعتبارها قانوناً – أياً ما كان وجه الرأي في قيام هذه المخالفة – لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قرار لقانون، ولا يشكل بذلك خروجاً على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها.
----------------
الإجراءات
بتاريخ 15 فبراير سنة 1978 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بتعديل الجداول الملحقة بذلك القانون.
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة طلبت فيها رفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً أبدت فيه الرأى برفضها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة حيث التزمت هيئة المفوضين رأيها، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
حيث إن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن النيابة العامة كانت قد أقامت الدعوى الجنائية في الجناية رقم 2261 لسنة 1976 كلي مخدرات القاهرة ضد المدعى بوصف أنه أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "عقاري الموتولون والمندراكس" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، وطلبت عقابه وفقاً لأحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 والبند من الجدول رقم الملحق به والمستبدل بموجب قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976. وأثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع المدعى بعدم دستورية المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 وبعدم دستورية قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 الصادر استناداً إلى تلك المادة، وبجلسة 29 ديسمبر سنة 1977 قررت المحكمة تأجيل الدعوى حتى يرفع المدعى دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المدعى يطلب الحكم بعدم دستورية المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها استناداً إلى أن المادة الأولى منه تنص على أن تعتبر جواهر مخدرة فى تطبيق أحكامه المواد المبينة في الجدول رقم الملحق به، وبذلك يكون هذا الجدول جزءاً مكملاً للقانون وتصبح له ذات قوته التشريعية. وإذ أجازت المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه للوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل في الجداول الملحقة به، فإنها تكون قد خالفت المادة 66 من الدستور التي تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ذلك أن التعديل بإضافة مادة جديدة إلى الجدول يجعل من حيازتها وإحرازها والاتجار فيها فعلاً مجرماً بعد أن كان مباحاً الأمر الذى لا يجوز إجراؤه بغير القانون تطبيقا لهذه القاعدة الدستورية. ويستطرد المدعى إلى أنه لا مجال للقول بأن ما يصدره الوزير المختص من قرارات بتعديل الجداول تعد من اللوائح التفويضية أو التنفيذية التى يجيزها الدستور، لأن التفويض التشريعى الذى نصت عليه المادة 108 مقصور على رئيس الجمهورية وذلك عند الضرورة وفى الاحوال الاستثنائية وبشروط محددة، كما أن اللوائح التنفيذية للقوانين يجب ألا تتضمن تعديلاً لها طبقاً لما تقضى به المادة 144 من الدستور. وإذ صدر قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 بتعديل الجداول الملحقة بالقانون رقم 182 لسنة 1960 استناداً إلى المادة 32 منه التى تخالف المادة 66 من الدستور، فإنه يكون بدوره غير دستورى، بالإضافة إلى مخالفته معاهدة المواد المخدرة لعام 1961 التى أصبحت قانوناً من قوانين الدولة بالتصديق عليها.
وحيث إن المادة 66 من الدستور الحالى تنص فى فقرتها الثانية على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" وهى قاعدة دستورية وردت بذات العبارة فى جميع الدساتير المتعاقبة منذ دستور سنة 1923 الذى نص عليها فى المادة السادسة منه.
وحيث إنه يبين من الأعمال التحضيرية لدستور سنة 1923 أن صياغة هذه المادة فى المشروع الذى أعدته اللجنة المكلفة بوضعه كانت تقضى بأنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون" فعدلتها اللجنة الاستشارية التشريعية التى نقحت المشروع إلى "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون" وذلك – وعلى ما جاء بتقريرها – "لأنه لا يصح وضع مبدأ يقرر أن لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون لأن العمل جرى فى التشريع على أن يتضمن القانون نفسه تفويضاً إلى السلطة المكلفة بسن لوائح التنفيذ فى تحديد الجرائم وتقرير العقوبات، فالأصوب إذن أن يقال لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون…".
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين، وجب صرفه إلى هذا المعنى في كل نص آخر يردد ذات المصطلح، وكان الدستور الحالي قد ردد في المادة 66 منه عبارة "بناء على قانون" – الواردة في المادة السادسة من دستور سنة 1923 والتي أفصحت أعماله التحضيرية عن المدلول المقصود بها – في حين أنه استعمل عبارة مغايرة في نصوص أخرى اشترط فيها أن يتم تحديد أو تنظيم مسائل معينة "بقانون" مثل التأميم في المادة 35 وإنشاء الضرائب وتعديلها في المادة 119، فإن مؤدى ذلك أن المادة 66 من الدستور تجيز أن يعهد القانون إلى السلطة التنفيذية بإصدار قرارات لائحية تحدد بها بعض جوانب التجريم أو العقاب، وذلك لاعتبارات تقدرها سلطة التشريع وفي الحدود وبالشروط التي يعينها القانون الصادر منها.
لما كان ما تقدم وكان المشرع فى المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 قد أعمل هذه الرخصة المتاحة له بمقتضى المادة 66 من الدستور وقصر ما ناطه بالوزير المختص على تعديل الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها، وذلك تقديراً منه لما يتطلبه كشف وتحديد الجواهر المخدرة من خبرة فنية ومرونة في اتخاذ القرار يمكن معها مواجهة التغيرات المتلاحقة في مسمياتها وعناصرها تحقيقاً لصالح المجتمع، وكانت القرارات التي يصدرها الوزير المختص في هذا الشأن لا تستند فى سلطة إصدارها إلى المادة 108 أو المادة 144 من الدستور بشأن اللوائح التفويضية أو اللوائح التنفيذية وإنما إلى المادة 66 من الدستور على ما سلف بيانه، فإن النعي على المادة 32 المشار إليها بعدم الدستورية يكون على غير أساس.
وحيث إنه وقد ثبت على ما تقدم أن المادة 32 من القانون رقم 182 لسنة 1960 تتفق وأحكام الدستور، فإن النعي على قرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 الصادر استناداً إليها بمخالفة المادة 66 من الدستور يكون بدوره غير سديد، أما النعي بمخالفة هذا القرار لمعاهدة المواد المخدرة باعتبارها قانوناً – أياً ما كان وجه الرأي في قيام هذه المخالفة – فإنه لا يعدو أن يكون نعياً بمخالفة قرار لقانون، ولا يشكل بذلك خروجا على أحكام الدستور المنوط بهذه المحكمة صونها وحمايتها، مما يتعين معه الالتفات عنه.
لهذه الأسباب:
حكمت المحكمة برفض الدعوى ومصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ خمسين جنيها مقابل أتعاب المحاماة.
-------------------
أصدرت المحكمة في جلسة 9 مايو 1981 أحكاماً في القضايا أرقام 21، 30 سنة 1 قضائية و27 سنة 2 قضائية تضمنت ذات المبادئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق