باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الخميس ( د )
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / محمد العكازي " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / علاء البغدادي و عصام إبراهيم محمد رشاد و محمد الدخميسي " نواب رئيس المحكمة "
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / محمد عزوز .
وأمين السر السيد / ياسر حمدي .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الخميس 24 من ذي القعدة سنة 1446 ه الموافق 22 من مايو سنة 2025 م .
أصدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 431 لسنة 95 القضائية .
المرفوع من
......... " المحكوم عليه - الطاعن "
ضد
النيابة العامة
----------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية رقم ٣٦٥١ لسنة ٢٠٢٣ مركز ناصر ( المقيدة بالجدول الكلي برقم ٦٤٨٦ لسنة ۲۰٢٣ بني سويف ) بأنه في 20 من فبراير سنة 2023 - بدائرة مركز ناصر - محافظة بني سويف .
- أحرز جوهرا مخدرا ( الترامادول ) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا
وأحالته إلى محكمة جنايات بني سويف - بدرجتها الأولى - لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا بجلسة ١٧ من يوليو سنة ٢٠٢٤ ، وعملا بالمواد ١/١ ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ۱۹۸۹ والبند رقم (۱۱۷) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰۲۳ ، بمعاقبة / عبد الرحمن عبد الغفار محمد عبد الحق بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيها وألزمته المصروفات الجنائية وأمرت بمصادرة الجوهر المخدر المضبوط .
وإذ لم يلق ذلك القضاء قبولا لدى المحكوم عليه فطعن عليه بطريق الاستئناف ، وقيد استئنافه برقم 769 لسنة 2024 جنايات مستأنف بني سويف .
ومحكمة جنايات بني سويف – بهيئة استئنافية – قضت حضوريا بجلسة 21 من أكتوبر سنة 2024 ، بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في 24 من أكتوبر سنة 2024 ، وأودعت مذكرة بأسباب طعنه بالنقض في 12 من ديسمبر سنة 2024 موقعا عليها من الأستاذ / ...... المحامي .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانونا :
حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر الترامادول المخدر بغير قصد من الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانونا ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ؛ ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بيانا تتحقق به أركان الجريمة التي دانه بها ومؤدى الأدلة التي أقام عليها قضاءه ووجه استدلاله بها في الإدانة ، ولم ينشأ لنفسه أسبابا منطقية ، ولم يحفل بدفاعه القائم على انتفاء الركنين المادي والمعنوي ، ورد قاصرا على الدفع ببطلان إجراءات التفتيش لمخالفته للمادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية والمادة ٨٥ من القانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ في شأن مزاولة مهنة الصيدلة لعدم وجود إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس فضلا عن ضبط المخدر في مكان مغلق دون أن يدرك مأموري الضبط القضائي - مفتشي الصيدلة - كنه ما بداخله بما ينبئ عن تجاوزهما حدود التفتيش الإداري ، ويبطل معه الدليل المستمد من تلك الإجراءات وشهادة القائمين بها ، وعول الحكم في قضائه بالإدانة على أقوال مفتشي الصيدلة والضابط مجري التحريات رغم أن أيا منها لا يرقى إلى مرتبة الدليل ودون دليل مادي أو فني أو شاهد رؤية يؤيدها ومع أن أقوال مفتشي الصيدلة جاءت متناقضة مع بعضها البعض استدلالا وبالتحقيقات كما أنها أقوالا مرسلة أرادا بها الزج به في الاتهام ، فضلا عن أن تحريات المباحث جاءت مكتبية وترديدا لأقوالهما وهي لا تعدو مجرد قرينة لا تعبر إلا عن رأي مجريها مطرحا بما لا يصلح ردا الدفع بعدم جديتها وانعدامها ، والتفت عن دفوعه بانعدام سيطرته على مكان العثور على المخدر وخضوعه لسيطرة الطبيبة مالكة الصيدلية بدلالة أقوالها بالتحقيقات ، واختلاف ما تم ضبطه عما تم عرضه على النيابة العامة وجرى فحصه ، وبطلان محضر الضبط لشواهد عددها ، وخلا محضر الجلسة والحكم مما يفيد اطلاع المحكمة على المستندات المقدمة منه وإثبات مضمونها ، وأخيرا لم تعن المحكمة بتحقيق أوجه دفاعه ؛ كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات وضابط التحريات وتقرير المعامل الكيماوية والإقرار الموثق بالشهر العقاري الصادر من المتهم ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون ؛ ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تحيل عليها إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها كأنها صادرة منها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الاستئنافية رأت - وبحق - كفاية الأسباب التي بني عليها الحكم المستأنف بالنسبة لبيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وثبوتها في حق الطاعن ؛ فإن ذلك يكون منها تسبيبا كافيا ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالا مباشرا أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة عن علم وإرادة أما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ، ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، كما أن القصد الجنائي يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحوزه من المواد المخدرة ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن أي من الركنين بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف كافيا في الدلالة على قيامهما ، وإذا كان ما أورده الحكم المطعون فيه كافيا في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وعلى علمه بكنهه ، هذا فضلا عن أن البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه قد عرض للدفع بانتفاء أركان الجريمة في حقه ، ورد عليه برد سائغ ويتفق وصحيح القانون ؛ فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان يبين من نص المادة ۲۳ من قانون الإجراءات الجنائية أن مأموري الضبط القضائي ذوي الاختصاص العام ، بعضهم ذو اختصاص خاص مقصور على جرائم معينة تحددها طبيعة وظائفهم ، والحكمة التي من أجلها أسبغ القانون عليهم وعلى الهيئات التي ينتمون إليها كيانا خاصا يميزهم عن غيرهم ، وهم الذين عنتهم المادة ٢٣ عندما أوردت بعد وضع قائمة مأمور الضبط السالف ذكرهم قولها : ( ويجوز بقرار من وزير العدل بالاتفاق مع الوزير المختص تخويل بعض الموظفين صفة مأموري الضبط القضائي بالنسبة إلى الجرائم التي تقع في دائرة اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم .... ) . كما أن القانون ١٥١ لسنة ٢٠١٩ بإصدار قانون إنشاء هيئة الدواء المصرية قد صدر ونشر بالجريدة الرسمية في 25/8/2019 ونص في المادة الثانية منه : ( بأن تحل هيئة الدواء المصرية محل وزارة الصحة والسكان في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ في شأن مزاولة مهنة الصيدلية ونصت المادة ۲۸ منه أيضا على أن يكون للعاملين بهيئة الدواء المصرية الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة صفة الضبطية القضائية وذلك بالنسبة للجرائم المنصوص عليها في القانون ١٢٧ لسنة ١٩٥٥ - آنف الذكر - ولهم في سبيل ذلك دخول أي منشأة تخضع لرقابتها وتفتيشها .... ) وذلك كله على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون . ثم صدرت - تبعا لذلك - اللائحة التنفيذية بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم ۷۷۷ لسنة ۲۰۲۰ والتي عمل بها اعتبارا من 30/3/2020 وجاء بالمادة 17/2 منها ( تباشر هيئة الدواء المصرية الاختصاصات الرقابية الآتية ٢- الرقابة والمتابعة والتفتيش على جميع أنواع المنشآت الصيدلية وعلى العاملين فيها واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين .... ) ، ونصت المادة ۳۱ من ذات اللائحة على أن ( .... يكون للعاملين بالهيئة القائمين على تنفيذ أحكام القانون والقوانين واللوائح التي تدخل في نطاق عمل الهيئة الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير العدل بالاتفاق مع رئيس مجلس إدارة الهيئة دون غيرهم صفة مأموري الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام تلك القوانين والقرارات الصادرة تنفيذا لها ) . لما كان ما تقدم ، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إجراءات التفتيش واطرحه برد مفاده أن شاهدي الإثبات الأول والثانية من مفتشي الصيدليات بهيئة الدواء المصرية هما من أجريا تفتيش الصيدلية وضبط المادة المخدرة ، وأنهما من المختصين بذلك وفقا للقانون ، وهو رد يتفق وصحيح القانون ، ولا محل لما يثيره الطاعن بشأن التفتيش الإداري وتجاوز مأموري الضبط حدوده بعد أن انتهى الحكم إلى قيام حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش ، ولا على مأمور الضبط القضائي إن هو لم يسع للحصول على إذن من النيابة العامة بذلك ، إذ لم يكن في حاجة إليه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أثبت صحة إجراءات تفتيش الصيدلية الخاضعة لإدارة الطاعن ، فإن في هذا ما يتضمن بذاته الرد على ما أثاره الطاعن في شأن بطلان الدليل المستمد مما أسفر عنه التفتيش بما يدل على اطراحه ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به مأموري الضبط القضائي من تفتيش الصيدلية الخاضعة لإدارة الطاعن ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقوالهما في إدانته ؛ ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ؛ ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى - ولا يماري في ذلك الطاعن - ، كما أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه ، فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، وهي متى أخذت بشهادته ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولها أن تعول على شهادته دون أن يسانده شاهد رؤية آخر لما هو مقرر من أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وهو ما لا ينازع فيه الطاعن ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شاهدي الإثبات والتي تأيدت بتحريات الشرطة وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي والإقرار الموثق بالشهر العقاري الصادر من المتهم والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها ؛ فإن ما كل ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى بما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات هو من المسائل الموضوعية التي تخضع لإشراف محكمة الموضوع ، وأن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكان لا ينال من صحتها أن تكون ترديدا لما أبلغ به القائمين بالضبط لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، وكانت المحكمة قد أبدت اطمئنانها إلى تحريات الشرطة بجانب ما ساقته من دليل أساسي في الدعوى ؛ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل جدل موضوعي في تقدير دليل الدعوى ولا يجوز مصادرتها فيه أمام محكمة النقض ، وفضلا عن ذلك ، فإن الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه استنادا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة هذه التحريات وجديتها ، وهو ما يعد كافيا للرد على ما أثير في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يشترط لاعتبار الجاني حائزا لمادة مخدرة أن يكون محرزا للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطا عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصا غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وكان الدفع بعدم سيطرة المتهم على مكان الضبط وانتفاء صلته بالواقعة وأن مرتكب الجريمة شخصا آخر لا سيما أنه ليس مالك الصيدلية من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة ردا خاصا اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط تأسيسا على أدلة سائغة وتتفق والاقتضاء العقلي ؛ فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ولا عليها إن هي التفتت عن أي دليل آخر لأن في عدم إيرادها له ما يفيد اطراحه وعدم التعويل عليه ؛ ومن ثم فإن نعي الطاعن على الحكم إغفاله أقوال الطبيبة مالكة الصيدلية لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلانا بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن المخدر المضبوط لم يمتد إليه يد العبث ، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المثبتة بمحضر الشرطة عن تلك المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهدي الإثبات وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في عقيدتها في ذلك وهو من إطلاقاتها ، ولا جناح عليها إن هي التفتت عن الرد على دفاعه هذا - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما دام أنه ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من نعي على الحكم لعدم رده على دفعه ببطلان محضر الضبط فمردودا بأن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ، ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط ؛ ومن ثم فإنه قد انحسر عنه الالتزام بالرد استقلالا على هذا الدفع . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا ، وكان الطاعن لم يفصح عن ماهية المستندات التي لم يعرض لها الحكم حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى ، هذا فضلا عن أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قد اطلعت على حوافظ المستندات المقدمة من الطاعن والتي طويت على صورة من حكم استرشادي وقيد زواج الطاعن وقيد ميلاد أبناءه وشهادات تقدير حاصل عليها من جهة عمله ، ولم تر فيها ما يغير وجه الرأي لديها فاطرحتها ؛ فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق معين في شأن ما أثاره من دفاع ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه .لما كان ما تقدم ؛ فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق