بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 444 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ح. م. س. م. ا.
مطعون ضده:
خ. م. س. ر. ا.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/2108 استئناف تجاري بتاريخ 26-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده (خالد محمد سعيد راشد الملا) أقام أمام المحكمة الابتدائية بدبي الدعوى رقم 4439 لسنة 2023 تجاري قبل الطاعن (حسين محمد سالم محمد الميزه) وشركة (جلف جيت - شركة ذات مسئولية محدودة ) -غير مختصمة في الطعن- بطلبِ الحكم ببراءةِ ذمته من جميع ديون الشركة سالفة البيان، وبإلزام الطاعن بأن يؤدي إليه مبلغ (84،862،052) درهم قيمة المبلغ المقضي به عليهم بملف التنفيذ رقم 923 لسنة 2021 تنفيذ تجاري، وقال بياناً لذلك أنه بتاريخ 2009/6/22 باع المطعون ضده حصته في شركة جلف جيت ذ.م.م البالغة 50% إلى الطاعن الذي حل محل الأول وأقَّر بتحملهِ لجميع الحقوق والالتزامات المُترَتِبة عن الحصص المبيعة، وقد فوجئ المطعون ضده بتاريخ 20214/1/17 بصدور حكم التحكيم من غرفة التحكيم الدولية بنيويورك بإلزام الشركة والطاعن والمطعون ضده - بصفتهما كفلاء الدين- بأداء مبلغ المطالبة لشركة (سيسنا فاينانس كوربوريشن) تأسيساً على الاخلال بالتزامات تعاقدية بشأن اتفاقيتين تأجير طائرات، وقد فتحت الشركة المحكوم لها ملف التنفيذ رقم 923 لسنة 2021 تنفيذ تجاري دبي، مِمَّا حدا بالمطعون ضده لسداد كامل المبلغ محل التنفيذ وغلق الملف، ولما كان الطاعن هو المَنوط به السداد كونه من حل محل المطعون ضده بشركة جلف جيت ذ.م.م إلا أنه امتنع عن ذلك، مما حدا بالمطعون ضده لرفع دعواه الراهنة، ندبت المحكمة خبيرا بالدعوى ثم ندبت آخر وأعادت إليه المهمة وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 15 أكتوبر 2024 بمثابةِ الحضوري بإلزامِ الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده مبلغ (42،431،041) درهم، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2108 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 26 مارس 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/4/9 طلب فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث أن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الاخلال بحق الدفاع، إذ تمسك أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف لبطلان إعلانه بصحيفة الدعوى دون التأكد من عائدية رقم الهاتف المُعلن عليه إليه، إذ إن الهاتف رقم 0502455555 الوارد بإفادة التحري غير مسجل باسمه، وأن هاتفه الصحيح برقم 0502945555 وهو الهاتف المسجل بخدمات الرابط الإلكتروني لمحاكم دبي، وأنه طلب من المحكمة مخاطبة مؤسسة الإمارات للاتصالات للإفادة عن رقم هاتفه الصحيح، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض الدفاع المبدى منه تأسيساً على صحة الاعلان بواسطة الرسائل النصية على رقم الهاتف الوارد بالتحري، وهو ما لا يصلح رداً على دفاعه سالف البيان، مِمَّا يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، إذ أنه من المقرر وفقاً لنص المادة (86) من قانون الاجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الدفع ببطلان إعلان الأوراق القضائية ومنها الدفع ببطلان إعلان الحكم والاعلان بصحيفة الدعوى، مقررا لمصلحة من له الحق في التمسك به ولا يتعلق بالنظام العام ولا يجوز للمحكمة أن تعرض من تلقاء نفسها لبحث مدى صحة الاعلان بالحكم أو الاعلان بصحيفة الدعوى ما لم يتمسك صاحب الشأن به، فإن تخلف عن المثول أمام المحكمة وصدر الحكم بمثابة الحضوري قبله، فإنه يحق له التمسك بهذا البطلان لأول مرة أمام محكمة الاستئناف شريطة أن يضمنه في صحيفة الاستئناف أو في المذكرة الشارحة التي يقدمها في الجلسة الأولى لنظر استئنافه، وإلا سقط الحق في التمسك بالبطلان، ومن المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن إجراءات إعلان الحكم مستقلة عن إجراءات إعلان صحيفة الدعوى التي صدر فيها هذا الحكم والاعلان بالتكليف بالوفاء، وما قد يلحق إجراءات إعلان إحداها من عيب يكون بمنأى عن إجراءات إعلان الأخرى، ومن المقرر وفق الفقرة الأولى من المادة (9) من قانون الاجراءات المدنية الصادر بالمرسوم بقانون اتحادي رقم (42) لسنة 2022 على أن: (1. يتم إعلان الشخص المعلن إليه بأي من الطرق الآتية: - أ. المكالمات المسجلة الصوتية أو المرئية، أو الرسائل النصية على الهاتف المحمول، أو التطبيقات الذكية، أو البريد الإلكتروني أو الفاكس أو وسائل التقنية الأخرى أو بأية طريقة أخرى يتفق عليها الطرفان من الطرق الواردة في هذا القانون. ب. لشخصه أينما وجد أو في موطنه أو محل إقامته، أو لوكيله، فإذا لم يبلغ الاعلان بسبب يرجع إلى المعلن إليه أو رفض التبلغ به، يُعد ذلك تبليغًا لشخصه، وإذا لم يجد القائم بالاعلان الشخص المطلوب إعلانه في موطنه أو محل إقامته فعليه أن يُبلغ الاعلان إلى أي من الساكنين معه من الأزواج أو الأقارب أو الأصهار أو العاملين في خدمته، وفي حال رفض أي من المذكورين أعلاه التبليغ بالاعلان أو إذا لم يجد أحدًا ممن يصح تبليغ الاعلان إليه، أو كان محل إقامته مغلقًا، فعليه مباشرة أن يلصق الاعلان بشكل واضح على الباب الخارجي لمحل إقامته، أو بالادراج في الموقع الإلكتروني للمحكمة. ج. في موطنه المختار. د. في محل عمله، وإذا لم يجد الشخص المطلوب إعلانه فعليه أن يُبلّغ الاعلان لرئيسه في العمل أو لمن يقرر أنه من القائمين على إدارته أو من العاملين فيه ويُستثنى من ذلك الاعلانات المتعلقة بدعاوى الأحوال الشخصية فإنها تبلغ لشخصه في محل عمله.)، وأن تقدير مدى جدية كفاية التحريات التي يقوم بها المدعي قبل إعلان خصمه بالادراج على الموقع الإلكتروني للمحكمة، أو بطريق النشر في الصحف، هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها بحسب الظروف المحيطة بكل واقعة تم فيها الإعلان على حدة، طالما أن المحكمة قد أحاطت بما بذله المدعي من جهد في سبيل التوصل لمعرفة موطن الخصم قبل الالتجاء إلى إعلانه بهذا الطريق، ولها أن تَعتَّد بالتحري الوارد من جهة واحدة فقط، متى كان تقديرها لذلك سائغاً وله أصل ثابت في الأوراق ، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى رفض الدفع ببطلان إعلان صحيفة الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن ((وحيث تبين أن المدعى عليه المستأنف قد تم إعلانه أمام إدارة الدعوى بجلسة 6/11/2023 بواسطة الرسائل النصية وفقا للتحري الوارد فيكون الاعلان قد تم صحيحا ويكون الدفع على غير سند وتقضي المحكمة برفضه)) ، ولما كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه له أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون، ولا ينال منه تمسك الطاعن بعدم مخاطبة مؤسسة الإمارات للاتصالات للإفادة عن رقم هاتفه الصحيح، حال أنه قد تبين من الملف الالكتروني للدعوى الابتدائية أن مكتب إدارة الدعوى أجاز للمطعون ضده بالتحري من الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية عن عنوان وبيانات الطاعن، وقد جاء نتيجة التحري أن رقم الهاتف العائد للطاعن هو رقم 0502945555 وقد تَعذر إعلانه عليه، ثم وردت الإفادة الثانية المؤرخة 26-10-2023 من ذاتِ الجهة بعائدية الهاتف رقم 0502455555 إلى الطاعن، إلا أنه تَعذر أيضاً إعلانه عليه، فصُرح للمطعون ضده بإعلانه بطريق النشر في جريدة الوطن بالعدد 4189 بتاريخ 27-10-2023، وعليه فإن النعي بما ورد بسبب الطعن يكون قائماً على غير أساس.
وحيث ينعى الطاعن بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاع جوهري حاصله أن المطعون ضده لم يُسدد كامل المبلغ محل ملف التنفيذ رقم 923 لسنة 2021 تنفيذ تجاري، ودَلَّل على ذلك بأنه بعد غلق الملف تم إعادة فتحه مرة أخرى وإشراك عدد تسعة ملفات تنفيذ أخرى تتعلق بدائنين آخرين للمطعون ضده، وأنه تم تقسيم المبلغ المودع بالملفِ بين هؤلاء الدائنين كل وفق قائمة التوزيع، كما أن الثابت أن الدين الأصلي لم يتم اقتضاءه من قِبل الشركة طالبة التنفيذ بالسداد التام، ومن ثم لا يحق له مطالبته بحصتهِ التضامنية في الدين، كما قدم أمام المحكمة صورة من تقرير لجنة الخبراء المُنتدبة في الدعوى رقم 906 لسنة 2023 استئناف عقاري، المُتعلق موضوعها بذاتِ ملف التنفيذ انتهت فيه الخبرة إلى أن المُسَدَد بملفِ التنفيذ سالف البيان حتى تاريخ 4-3-2024 مبلغ (43،089،512,15) درهم فقط، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه الجوهري دون بحثه وقضى بتأييد الحكم المستأنف تعويلا على ما انتهى إليه تقرير لجنة الخبراء الصادر قبل إعادة فتح ملف التنفيذ، مِمَّا يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه من المقرَّر في قضاءِ هذه المحكمة أن مناط اعتماد المحكمة في قضائها على تقرير الخبير المُعين في الدعوى والأخذ به محمولاً على أسبابهِ أن يكون الخبير قد أدلى بقولهِ في نقاط الخلاف بين الطرفين ورد عليها بأسبابٍ سائغةٍ تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تأخذ في قضائها بما ترتاح إليه من الأدلة المُقدمة في الدعوى وتطرح ما عداها باعتبارها صاحبة الحق في تقدير ما يقدم إليها في الدعوى من أدلة وفي فهم الواقع فيها، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاص ما تقتنع به سائغاً وأن تكون الأسباب التي أوردتها في هذا الصدد من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهت إليه، فاذا ما اقتصر قضاؤها على مجرد الإحالة على تقرير الخبير المقدم في الدعوى دون بيان وجه ما استدل به الحكم على الحقيقة التي خَلُص إليها، دون أن تَتَفحص المحكمة أو ترد على الدفاع الجوهري الذي يطرحه الخصم عليها بما يُفيد أنها أحاطت بحقيقةِ الواقع في الدعوى عن بصرٍ وبصيرةٍ، دون أن تكشف عن وجهة نظرها فيما أبُدى أمامها من دفاع، فإن حكمها يكون قاصراً، وأن إغفال الحكم بحث دفاع أبداه الخصم يترتب عليه بطلان الحكم إذا كان هذا الدفاع جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها إذ يُعتبر ذلك الاغفال قصوراً في أسباب الحكم الواقعية بما يقتضي بطلانه، ومؤدى ذلك إنه إذا طُرح على المحكمة دفاع كان عليها أن تنظر في أثره في الدعوى فإن كان منتجاً فعليها أن تقدر مدى جديته حتى إذا ما رأته مُتسماً بالجدية مضت إلى فحصهِ لتقف على أثره في قضائها فإن هي لم تفعل كان حكمها قاصراً، لما كان ذلك وكان البين من مطالعةِ ملف التنفيذ رقم 923 لسنة 2021 تنفيذ تجاري -من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي لمحاكم دبي - تحت بند المطالبات المالية أن قيمة المطالبة الأساسية مبلغ (84،862،082) درهماً -مبلغ المطالبة- وأن رصيد المطالبة المتبقي مبلغ (36،002،518,68) درهماً، وأن الشركة طالبة التنفيذ صُرِف لها مبلغ (48،504،407,85) درهماً ويتبقى لها مبلغ (36،357،674,15) درهماً، وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الاستئناف بدفاعه الوارد بسبب النعي، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يتناوله ?إيراداً ورداً- بالبحث والتمحيص رغم إنه دفاع جوهري ? إن صح ? قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد وألزمت المطعون ضده بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق