الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 27 أكتوبر 2025

الطعن 8535 لسنة 94 ق جلسة 26 / 10 / 2025

باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة الجنائية
دائرة الأحد (ب)
المؤلفة برئاسة السيد القاضي / محمد عبد العال نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صلاح محمد أحمد و أيمن شعيب وشعبان محمود و محمد فاروق نواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / كريم رستم .
وأمين السر السيد / نجيب لبيب محمد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الأحد 4 من جمادى الأولى سنة ١٤٤٧ هـ الموافق ٢٦ من أكتوبر سنة ٢٠٢٥ م.
أصدرت الحكم الآتي:
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم ٨٥٣٥ لسنة ٩٤ القضائية.
المرفوع من :
النيابة العامة الطاعنة
ضد
............
المطعون ضده "محكوم عليه"
ومنه
ضد
النيابة العامة المطعون ضدها
-----------
"الوقائع"
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم ٧٦٥٢ لسنة ۲۰۲۳ جنايات جرجا والمقيدة برقم ٢٤٢٨ السنة ٢٠٢٣ كلي جنوب سوهاج) بأنه في يوم ۲۰۲۳/۹/۲۷ بدائرة مركز شرطة جرجا - محافظة سوهاج.
1 - أحرز بقصد الاتجار جوهرا مخدرا (ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانونا.
-٢- أحرز سلاحا ناريا غير مششخن فرد خرطوش بدون ترخيص
أحرز ذخائر (طبقتان) مما تستعمل على السلاح الناري أنف البيان حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه.
وأحالته إلى محكمة جنايات سوهاج لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في ١٥ من يناير سنة ۲۰۲٤ عملا بالمواد ۱، ۲، ۱/۳۸، ١/٤٢ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل، والبند رقم (۹۱) من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به، والمستبدل بقرار وزير الصحة رقم ٤٦ لسنة ۱۹۹٧ ، والمواد ۱/۱، ٦، ٤،١/٢٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل، والجدول رقم (۲) الملحق به مع إعمال نص المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات للتهمتين الثانية والثالثة، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه عن إحرازه للمواد المخدرة باعتبار إحرازه لها بغير قصد من القصود المسماة في القانون، وبالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمه ألف جنيه عن تهمة إحرازه السلاح الناري والذخيرة ومصادرة المواد المخدرة والسلاح والذخيرة.
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ ٢٧ من فبراير ٢٠٢٤.
وأودعت مذكرة بأسباب طعن المحكوم عليه بتاريخ ۱۱ من مارس سنة ٢٠٢٤ موقعا عليها من الأستاذ / ..... المحامي.
كما طعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض في 19 من فبراير سنة ٢٠٢٤.
وأودعت مذكرة بأسباب طعن النيابة العامة في ذات التاريخ موقعا عليها من محام عام .
وبجلسة المحاكمة سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
-----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر وبعد سماع المرافعة والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن طعن النيابة العامة، والمحكوم عليه استوفى الشكل المقرر قانونا.
ومن حيث إن النيابة العامة اتهمت المطعون ضده بجرائم إحراز جوهر الميثامفيتامين المخدر بقصد الاتجار، وإحراز سلاح ناري فرد خرطوش)، وذخائره بغير ترخيص، وقضت محكمة جنايات سوهاج في ٢٠٢٤/١/١٥، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنين وغرامة خمسين ألف جنيه باعتبار أن إحراز المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون، ومعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وغرامة ألف جنيه عن تهمتي إحراز السلاح والذخيرة ومصادرة المضبوطات، وألزمته بالمصاريف، فطعن كل من المحكوم عليه، والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن مبنى طعن النيابة العامة هو مخالفة الحكم المطعون فيه لقرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰۲۳ الصادر باستبدال الجداول الملحقة بقانون مكافحة المخدرات بتوقيع عقوبة تقل عن الحد الأدنى المقرر بنص المادتين ٣٦ ، 38 / 2 من القانون ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ بشأن مكافحة المخدرات، إذ تضمن ذلك القرار نقل جوهر الميثامفيتامين المخدر من القسم الثاني إلى القسم الأول (ب) من الجدول رقم (۱) الملحق بالقانون ۱۸۲ لسنة ۱۹٦٠ بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل، وهو ما ترتب عليه تشديد العقوبة المقررة لجريمة إحراز تلك المادة بغير قصد من القصود المسماة في القانون إلى السجن المؤبد، والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، طبقا للفقرة الثانية من المادة ٣٨ من القانون آنف الذكر. لما كان ذلك، وكان مفاد نص المادة ١/٢٩ من القانون رقم ٤٨ لسنة ۱۹۷۹ بإنشاء المحكمة الدستورية العليا أنه يجب على المحاكم على اختلاف درجاتها تطبيق القانون على الوجه الصحيح، وهو ما يستلزم من القاضي الجنائي أن يتحرى صحة القانون الصادر بالتجريم والعقاب الذي يقوم بتطبيقه على واقعة الدعوى من حيث مطابقته لمبدأ الشرعية الجنائية، الأمر الذي يتعين معه على هذه المحكمة - محكمة النقض - التعرض لمدى مطابقة قرار رئيس هيئة الدواء المصرية المبدأ الشرعية الجنائية باعتباره السند القانوني لطعن النيابة العامة في المطالبة بتشديد العقوبة.
لما كان ذلك، وكانت المادة ٩٥ من الدستور جرى نصها على أن [ العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ) ، وكان من المقرر بنص المادة ۳۲ من القانون رقم ۱۸۲ لسنة ١٩٦٠ المعدل أن [ للوزير المختص بقرار يصدره أن يعدل في الجداول الملحقة بهذا القانون بالحذف وبالإضافة أو بتغيير النسب الواردة فيها ] وكان من المستقر عليه في قضاء المحكمة الدستورية العليا في تفسير نص المادة 15 من الدستور، وهي بصدد الفصل في الطعن بعدم دستورية المادة ٣٢ من قانون مكافحة المخدرات أنه طبقا للأعمال التحضيرية للمادة ٦٦ من دستور ۱۹۲۳ - المقابلة لنص المادة ٩٥ من الدستور الحالي - أنه يجوز للسلطة التنفيذية أن تصدر لوائح لتحديد الجرائم، وتقرير العقوبات إلا أن شرط ذلك أن يتضمن القانون تفويضا إلى السلطة التنفيذية بإصدار تلك اللوائح، وكانت القرارات التي يصدرها الوزير المختص في هذا الشأن لا يستند في سلطة إصدارها إلى نص المادة ۱۷۰ من الدستور بشأن اللوائح التنفيذية، وإنما إلى نص المادة ٩٥ من الدستور. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مواد القانون رقم ١٥١ لسنة ۲۰۱۹ بإصدار قانون إنشاء هيئة الدواء المصرية أنه نص على أن تحل هيئة الدواء المصرية محل وزارة الصحة والسكان، ويحل رئيس مجلس إدارتها محل وزير الصحة والسكان، وقد حصر في المادة الثانية من مواد الإصدار ذلك في الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم ۱۲۷ لسنة ١٩٥٥ في شأن مزاولة مهنة الصيدلة والمتعلقة بتنظيم تسجيل وتداول ورقابة المستحضرات والمستلزمات الخاضعة لأحكام هذا القانون، كما حدد هذا القانون أهداف تلك الهيئة واختصاصاتها التنظيمية والتنفيذية والرقابية، إلا أنه قد خلا من النص على تفويض رئيس هيئة الدواء المصرية في تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات، ولا يغير في ذلك ما نصت عليه المادة ١٥ من قانون إنشاء هيئة الدواء من أن [ تتولى هيئة الدواء المصرية دون غيرها، الاختصاصات المقررة لوزارة الصحة والسكان والهيئة العامة والمصالح الحكومية فيما يخص تنظيم وتسجيل وتداول ورقابة المستحضرات الطبية الوارد تعريفها في المادة (۱) من هذا القانون، والمواد الخام التي تدخل في تصنيعها أينما وردت في القوانين واللوائح والقرارات التنظيمية ] ، فإن هذا النص طبقا لصريح ألفاظه لا يمكن اعتباره بمثابة تفويض من المشرع لرئيس هيئة الدواء في تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات، ذلك أنه يشترط في التفويض التشريعي الذي يجوز بناءً عليه إصدار لوائح تنفيذية تتصل بالتجريم والعقاب أن يكون واضحا صريحا، وأن يشتمل على حدود ذلك التفويض خاصة وأن تلك المادة قد حددت اختصاصات هيئة الدواء في التنظيم والتسجيل والتداول والرقابة على المستحضرات الطبية ولم تتضمن منح الهيئة سلطة إصدار قرارات بتعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات، ولا مجال في هذا الصدد إلى التوسع في تفسير ذلك النص، إذ إنه من المقرر أن إصدار التشريعات هو اختصاص أصيل للسلطة التشريعية ومباشرة السلطة التنفيذية لذلك الاختصاص هو استثناء من ذلك الأصل، من ثم لا يجوز افتراضه أو التوسع فيه أو القياس عليه، هذا فضلاً عن أن البين من التعريفات التي أوردتها المادة (1) من ذلك القانون للمستحضرات الطبية والمواد الخام أنها لم تشر إلى الجواهر المخدرة، ولا محل للقول بأن الجواهر المخدرة تندرج ضمن المستحضرات الطبية؛ لم هو مقرر من أن المشرع إذا أورد مصطلحاً معينا في نص ما لمعنى معين، وجب صرفه إلى هذا المعنى في كل نص آخر يردد ذات المصطلح، وكان المشرع في المادة (۱) من قانون مكافحة المخدرات قد أطلق لفظ الجواهر المخدرة على المواد المعاقب على حيازتها أو إحرازها قانونا، بينما أطلق لفظ المستحضرات على المواد المستثناة من النظام المطبق على المواد المخدرة، فإن مفاد ذلك مغايرة الجواهر المخدرة للمستحضرات الطبية في مجال تطبيق أحكام قانون مكافحة المخدرات والجداول الملحق به هذا إلى أن تعديل الجداول الملحقة بقانون المخدرات على نحو ما ورد بقرار رئيس هيئة الدواء المصرية من شأنه تشديد العقوبة لتصل إلى حد الإعدام في حالة إحراز جوهر الميثامفيتامين بقصد الاتجار ، وعقوبة المؤيد في حالة الإحراز المجرد. وهي عقوبات مغلطة تتأبى طبيعة تقريرها على غير السلطة التشريعية أو بناء على تفويض تشريعي صريحبستها، وما يؤيد ذلك النظر نص المادة (۱۷) أولا بند (۲) من قانون إنشاء هيئة الدواء التي نصت على اختصاص الهيئة باقتراح وضع قواعد جديدة في الأنظمة واللوائح التي تخرج عن اختصاصاتها على أن يتم رفع هذه المقترحات، وإحالتها إلى الجهات المختصة لدراستها وإصدارها وفقا للطرق والإجراءات المعمول بها، وهو ما يفصح عن أن اختصاص هيئة الدواء يقتصر على تقديم المقترحات إلى الجهات المختصة قانونا بشأن اللوائح ذات الصلة بالاختصاص المنوط بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة الدستورية العليا في شأن دستورية القوانين واللوائح مناطها مخالفة تلك النصوص القاعدة تضمنها الدستور، ولا شأن لها بالتعارض بين نصين قانونين، ما لم يكن هذا التعارض منطويا - بذاته على مخالفة دستورية، متى كان ذلك، وكان صدور قرار رئيس هيئة الدواء المصرية باستبدال الجداول المحقة بقانون مكافحة المخدرات، دون تفويض صريح من المشرع سواء في قانون مكافحة المخدرات أو في قانون إنشاء هيئة الدواء المصرية - على نحو ما تقدم - يعد بمثابة إخلال بمبدأ سيادة القانون. بما يتضمنه من التزام النص القانوني الأدنى للنص الأعلى، إلا إنه يعد - أيضا - إخلالا بمبدأ الشرعية الجنائية، ومن ناحية أخرى يعد تغولا من السلطة التنفيذية على اختصاصات السلطة التشريعية، بما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات، وهما من المبادئ التي تختص المحكمة الدستورية بحمايتها والذود عنها، وهو ما تنبسط معه ولايتها في الفصل في دستورية القرار محل الطعن.
لما كان ما تقدم، فإن هذه المحكمة - محكمة النقض - ترى أن قرار رئيس هيئة الدواء رقم ٦٠٠ لسنة ۲۰٢٣ باستبدال الجداول الملحقة بقانون المخدرات، قد صدر دون تفويض تشريعي بالمخالفة لنص المادتين 5 ، ٩٥ من الدستور، وهو ما يثير شبهة عدم الدستورية، من ثم تأمر المحكمة بوقف نظر الطعن. وإحالة الأوراق - بغير رسوم - إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في هذه المسألة، عملا بنص المادتين ٢٥ / أولاً، ١/٢٩ من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: أولاً: بقبول طعني النيابة العامة والمحكوم عليه شكلا.
ثانياً: بوقف نظر الطعن تعليقا، وإحالته إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية قرار رئيس هيئة الدواء المصرية رقم ٦٠٠ لسنة ٢٠٢٣.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق