جلسة 7 مارس سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح ومحمد عبد العزيز الشناوي وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
----------------
قاعدة رقم (72)
القضية رقم 67 لسنة 23 قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية "أوضاع إجرائية - دعوى أصلية".
الدعاوى الدستورية لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً. وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة.
(2) دعوى دستورية "مصلحة شخصية مباشرة - عدم انطباق النص الطعين على النزاع الموضوعي".
المصلحة الشخصية المباشرة مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي.
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من إبريل سنة 2001، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 وببعض الأحكام الخاصة بإيجار الأماكن غير السكنية، وذلك فيما تضمنه من تأبيد عقود إيجار الأماكن التي تستأجرها الأشخاص الاعتبارية لغير أغراض السكنى، وبعدم دستورية نص المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر، وذلك فيما تضمنه من حظر إخلاء الأماكن غير المعدة لأغراض السكنى التي تشغلها الأشخاص الاعتبارية على وجه التأبيد.
وقدمت الشركة المدعى عليها الثانية مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: - بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطياً: برفضها.
كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
ثم أودع المدعي مذكرة بدفاعه.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 807 لسنة 2001 مساكن الإسكندرية ضد الشركة المدعى عليها الثانية، بطلب الحكم بطردها من العين المؤجرة لها في العقار المملوك له، وقد دفع في صحيفة تلك الدعوى، بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فيما تضمنه من تخويل الأشخاص الاعتبارية البقاء في الأعيان التي تستأجرها لغير أغراض السكنى دون التقيد بزمن معين. وقال شرحاً لتلك الدعوى إن الشركة المدعى عليها الثانية تستأجر العين المبينة بصحيفة الدعوى من المدعي، بموجب عقد إيجار كان المالك السابق للعقار قد حرره لها، ثم آلت ملكية هذا العقار إلى المدعي بعد إبرام العقد المشار إليه، وبعد صدور القانون رقم 6 لسنة 1997 المشار إليه، الذي حدد الأجرة القانونية وفق القواعد المنصوص عليها في مادته الثالثة، ثار نزاع بين الشركة المدعى عليها الثانية والمدعي بشأن حقيقة الأجرة التي تلتزم بها قانوناً، لذا أقامت الشركة ضد المدعي الدعوى رقم 6847 لسنة 2000 كلي الإسكندرية، بطلب الحكم بندب خبير من مصلحة الخبراء بوزارة العدل لتحديد القيمة الإيجارية للأعيان التي استأجرتها من سلفه، كما أقام المدعي الدعوى رقم 807 لسنة 2001 مساكن الإسكندرية منازعاً في حق الشركة في البقاء في العين المؤجرة، بعد صدور حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 44 لسنة 17 قضائية "دستورية"، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997، وقررت تأجيل نظر الدعوى إلى جلسة 27/ 6/ 2001 وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام دعواه الماثلة.
وحيث إن ولاية المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية - وعلى ما جرى به قضاؤها - لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة في قانونها، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي للفصل في المسألة الدستورية، وإما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعي، وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه. وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً في التقاضي تغيا به المشرع مصلحة عامة، حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها. إذ كان ذلك، وكان الثابت مما تقدم أن المدعي قصر دفعه بعدم الدستورية على نص المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، فإن دعواه الدستورية لا تكون مقبولة بالنسبة إلى المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981، لعدم اتصالها في هذا الشق بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977، وببعض الأحكام الخاص بإيجار الأماكن غير السكنية المطعون فيه تنص على ما يلي: -
"يُستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، النص الآتي: -
فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، لا ينتهي العقد بموت المستأجر، ويستمر لصالح الذين يستعملون العين من ورثته في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، أزواجاً وأقارب حتى الدرجة الثانية، ذكوراً وإناثاً من قُصّر وبُلّغ، يستوي في ذلك أن يكون الاستعمال بالذات أو بواسطة نائب عنهم.
واعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر هذا القانون المعدل، لا يستمر العقد بموت أحد أصحاب حق البقاء في العين إلا لصالح المستفيدين من ورثة المستأجر الأصلي دون غيره ولمرة واحدة".
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن تتوافر ثمة علاقة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في النزاع الموضوعي، وذلك بأن يكون الحكم في المسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، وكان من المقرر كذلك أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، ومؤداه ألا تقبل الخصومة إلا من هؤلاء الذين أضيروا من جريان سريان النص المطعون عليه في شأنهم، سواء أكان هذا الضرر يتهددهم أم كان قد وقع فعلاً، وبشرط أن يكون هذا الضرر مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكناً تحديده ومواجهته بالترضية القضائية تسوية لآثاره، عائداً في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه؛ دل ذلك على انتفاء مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص القانوني في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة المدعى عليها في الدعوى الموضوعية هي المستأجر الأصلي لعين النزاع، وما زالت شاغلة لها، وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 6 لسنة 1997 بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المطعون فيه يتناول مسألة امتداد عقد إيجار الأماكن غير السكنية إلى غير المستأجر الأصلي، واستمراره لصالح من كان يستعمل العين من الفئات التي حددها في ذات النشاط الذي كان يمارسه المستأجر الأصلي طبقاً للعقد، فإن هذا النص لا ينطبق على النزاع الموضوعي، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى الماثلة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي بالمصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق