جلسة 22 من أكتوبر سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / عابد راشد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد أحمد خليل ، أحمد محمود شلتوت ووليد عادل نواب رئيس المحكمة وعلي أحمد فرجالة
-----------------
(80)
الطعن رقم 580 لسنة 92 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
تدليل الحكم سائغاً على توافر نية القتل في حق الطاعن . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(3) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس من أركانها . الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله . لا يعيب الحكم .
مثال .
(4) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " . عقوبة " العقوبة المبررة " .
البحث في توافر ظرف سبق الإصرار . موضوعي . حد ذلك ؟
نعي الطاعن على الحكم بشأن ظرف سبق الإصرار . غير مقبول . متى عاقبه بعقوبة تدخل في الحدود المقررة للقتل العمد مجردة من هذا الظرف .
(5) قتل عمد . اقتران . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .
النعي بعدم توافر ظرف الاقتران . غير مجد . ما دامت العقوبة الموقعة على الطاعن تدخل في الحدود المقررة لجريمة القتل العمد مجردة من هذا الظرف .
(6) استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة .
النعي بنسخ المادة 54 من الدستور لما تضمنته المادة 124 إجراءات جنائية من جواز استجواب المتهم دون حضور محام معه . غير مقبول . علة وأساس ذلك ؟
مثال .
(7) قتل عمد . سبق إصرار . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمة حيازة وإحراز السلاح الناري . متى دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار وأوقع عليه عقوبتها بوصفها الأشد .
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " .
تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً ومناسبتها إلى كل متهم . موضوعي .
مثال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة- كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له .
2- من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى كافياً وسائغاً في استظهار قيامها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد .
3- لما كان لا يعيب الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة هو الأخذ بالثأر لمقتل والدي الطاعن لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة .
4- من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
5- لما كانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي السجن المؤبد تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار - بعد إعمال حكم المادة ۱۷ من قانون العقوبات - مجردة من ظرف الاقتران ، فإن الطاعن لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذا الظرف .
6- لما كانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانونين رقمي ١٤٥ لسنة ۲۰۰٦ ، ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ تنص على أنه : ( لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يُثبته المحقق في المحضر ، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق ، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار ، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً .... ) ، وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه إن وُجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته أن يندب له المحقق محامياً وقد استثنى المشرع حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة من نطاق التزام المحقق بحضور محام مع المتهم عند استجوابه وهو استثناء تبرره مصلحة التحقيق . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم أن وكيل النيابة المحقق قد أثبت في محضره أن الطاعن أقر شفاهة أمامه بالاتهام المسند إليه مقرراً بعدم وجود محام معه فأرسل المحقق إلى حجرة نقابة المحامين لاستدعاء أحد المحامين فلم يجد أحداً ولخوفه من ضياع الأدلة وضرورة سرعة استجواب المتهم بادر بالتحقيق معه ، وإذ تعذر على المحقق ندب محام للحضور مع الطاعن مما اضطره لاستجوابه خشية ضياع الأدلة ، فإن مفاد ذلك كله توافر حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وهي إحدى الحالتين اللتين استثنتهما المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية من حظر استجواب الطاعن دون حضور محام معه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى اطراح ما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ، ولما كانت المادة ٥٤ من دستور سنة ٢٠١٤ قد نصت على ذات ما ورد بالمادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية - المار بيانها - في شأن ضمانة وجوب حضور محام مع المتهم عند التحقيق معه فإن مؤدى هذا ولازمه أن عبارة ( وفقاً للإجراءات المقررة في القانون ) التي وردت في نهاية تلك المادة من الدستور تفيد الإحالة إلى القانون في شأن بيان إعمال هذه الضمانة وما يستلزم ذلك من إجراءات بما يحقق مصلحة التحقيق ولا يمس حقوق المتهم وهو ما لا يستقيم معه القول بأن المادة ٥٤ من الدستور قد نسخت ما تضمنته المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية على الوجه الذي أثاره الطاعن بأسباب طعنه ، ومن ثم يضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير صائب .
7- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقرر للجريمة الأشد - وهي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة حيازة وإحراز السلاح الناري ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن الجرائم المسندة إليه ، وكانت العقوبة المقررة قانوناً لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجرائم الشروع في القتل العمد في المادتين ۲۳۰ ، ٢٣٤ /٢ من قانون العقوبات - هي الإعدام - أشد من العقوبة المقررة لكل من الجرائم الأخرى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد ، وقضى بمعاقبته بعد أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة ۱۷ من قانون العقوبات بالسجن المؤبد ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون مُعقِّب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ( الطاعن ) 2- .... 3- .... 4- .... 5- .... بأنهم :-
١- قتلوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك الغرض أسلحة نارية ( بنادق آلية ) وتوجهوا لمكان تواجده بمسكنه وما إن ظفروا به حتى انهالوا عليه بإطلاق عدة أعيرة نارية صوبه قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وقد اقترنت تلك الجنايـة بجنايـة أخرى وهي أنهم في ذات الزمان والمكـان سالفي الذكـر :
- شرعوا في قتل المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن ارتكبوا الأفعال محل الوصف السابق فأحدثوا إصابته الموصوفة بالتقرير الطبي قاصدين من ذلك قتله إلا أنه خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركته بالعلاج وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
2- حازوا وأحرزوا أسلحة نارية مششخنة ( بنادق آلية ) وهي مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
3- حازوا وأحرزوا ذخائر مما تُستخدم على الأسلحة النارية محل الوصف السابق وهي مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
4- أتلفوا عمداً جدران حوائط مسكن المجني عليه / .... حال إطلاقهم الأعيرة النارية صوبه وارتكاب الأفعال محل الوصف الأول على النحو الوارد بمعاينة النيابة وترتب على ذلك الفعل ضرر مادي قيمته أكثر من خمسين جنيهاً وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول وغيابياً لباقي المتهمين عملاً بالمواد ٤٥ ، ٤٦ /1 ، ۲۳٤ /2،1 ، 361 /2،1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/2 ، ٦ ، 26 /4،3 ، 30/ 1 من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (٣) الملحق والمعدل بالمرسوم بقانون رقم ٦ لسنة ۲۰۱۲ ، مع إعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من القانون الأول ، بمعاقبتهم بالسجن المؤبد عما أُسند إليهم ، وأمرت بمصادرة السلاح الناري المضبوط .
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد مع سبق الإصرار المقترن بجناية الشروع فيه وحيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة مما لا يجوز ترخيصها وذخائرها والإتلاف الذي تزيد قيمة الضرر عنه عن خمسين جنيهاً جاء مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات مجملة مبهمة خلت من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به الأركان القانونية للجرائم التي دانه بها ، ولم يُدلل تدليلاً سائغاً وكافياً على توافر نية القتل مكتفياً بإيراد الأفعال المادية ، ودلل على توافر الباعث على القتل بوجود خصومة ثأرية بين الطاعن والمجني عليه ، فضلاً عن أن الحكم لم يدلل أيضاً تدليلاً كافياً على توافر ظرف سبق الإصرار والاقتران والتي تؤكد ظروف الحادث انتفاءهما ، مُطرحاً الحكم بما لا يسوغ الدفع ببطلان استجواب الطاعن وبطلان الدليل المستمد منه لعدم حضور محام معه بالتحقيقات على ما تضمنه نص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية من استثناء حالتي التلبس والسرعة خوفاً من ضياع الأدلة على الرغم من أن هذا الاستثناء قد نُسخ ضمناً بنص المادة ٥٤ من الدستور الجديد ، ودان الطاعن بجريمة إحراز سلاح ناري مششخن ( بندقية آلية ) رغم عدم ضبط السلاح الثاني المستخدم وتعذر فحصه فنياً وتحديد نوعه وعدم تحديد الحائز والمحرز للسلاح المضبوط ، مما كان يتعين على المحكمة أخذ الطاعن بالقدر المتيقن وهو معاقبته بإحراز سلاح ناري غير مششخن ، وأخيراً قضى الحكم بمعاقبته بالسجن المؤبد رغم إعماله المادة ١٧ من قانون العقوبات ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يُدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه تدليلاً على توافر نية القتل في حق الطاعن مما أوضحه من الظروف والملابسات وما استقاه من عناصر الدعوى كافياً وسائغاً في استظهار قيامها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يكون قد أشار إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة هو الأخذ بالثأر لمقتل والدي الطاعن لأن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث تفصيلاً أو الخطأ فيه أو ابتنائه على الظن أو إغفاله جملة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلاً مع ذلك الاستنتاج ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لهذا الظرف وكشف عن توافره وساق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ، وكان الحكم فوق ذلك قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة الموقعة على الطاعن وهي السجن المؤبد تدخل في الحدود المقررة لجناية القتل العمد مع سبق الإصرار - بعد إعمال حكم المادة ۱۷ من قانون العقوبات - مجردة من ظرف الاقتران ، فإن الطاعن لا يكون له مصلحة فيما أثاره من تخلف هذا الظرف . لما كان ذلك ، وكانت المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية المستبدلة بالقانونين رقمي ١٤٥ لسنة ۲۰۰٦ ، ٧٤ لسنة ۲۰۰۷ تنص على أنه : ( لا يجوز للمحقق في الجنايات وفي الجنح المعاقب عليها بالحبس وجوباً أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يُثبته المحقق في المحضر ، وعلى المتهم أن يعلن اسم محاميه بتقرير لدى قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن أو يخطر به المحقق ، كما يجوز لمحاميه أن يتولى هذا الإعلان أو الإخطار ، وإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته وجب على المحقق من تلقاء نفسه أن يندب له محامياً .... ) ، وكان مفاد هذا النص أن المشرع تطلب ضمانة خاصة لكل متهم في جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس وجوباً هي وجوب دعوة محاميه إن وُجد لحضور الاستجواب أو المواجهة فإذا لم يكن للمتهم محام أو لم يحضر محاميه بعد دعوته أن يندب له المحقق محامياً وقد استثنى المشرع حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة من نطاق التزام المحقق بحضور محام مع المتهم عند استجوابه وهو استثناء تبرره مصلحة التحقيق . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم أن وكيل النيابة المحقق قد أثبت في محضره أن الطاعن أقر شفاهةً أمامه بالاتهام المسند إليه مقرراً بعدم وجود محام معه فأرسل المحقق إلى حجرة نقابة المحامين لاستدعاء أحد المحامين فلم يجد أحداً ولخوفه من ضياع الأدلة وضرورة سرعة استجواب المتهم بادر بالتحقيق معه ، وإذ تعذر على المحقق ندب محام للحضور مع الطاعن مما اضطره لاستجوابه خشية ضياع الأدلة ، فإن مفاد ذلك كله توافر حالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة وهي إحدى الحالتين اللتين استثنتهما المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية من حظر استجواب الطاعن دون حضور محام معه ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وخلص إلى اطراح ما تمسك به الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ، ولما كانت المادة ٥٤ من دستور سنة ٢٠١٤ قد نصت على ذات ما ورد بالمادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية - المار بيانها - في شأن ضمانة وجوب حضور محام مع المتهم عند التحقيق معه فإن مؤدى هذا ولازمه أن عبارة ( وفقاً للإجراءات المقررة في القانون ) التي وردت في نهاية تلك المادة من الدستور تفيد الإحالة إلى القانون في شأن بيان إعمال هذه الضمانة وما يستلزم ذلك من إجراءات بما يحقق مصلحة التحقيق ولا يمس حقوق المتهم وهو ما لا يستقيم معه القول بأن المادة ٥٤ من الدستور قد نسخت ما تضمنته المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية على الوجه الذي أثاره الطاعن بأسباب طعنه ، ومن ثم يضحى منعاه على الحكم في هذا الصدد غير صائب . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقرر للجريمة الأشد - وهي جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار - فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة حيازة وإحراز السلاح الناري ما دامت المحكمة دانته بالجريمة الأشد وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن عن الجرائم المسندة إليه ، وكانت العقوبة المقررة قانوناً لجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار المقترنة بجرائم الشروع في القتل العمد في المادتين ۲۳۰ ، ٢٣٤ /٢ من قانون العقوبات - هي الإعدام - أشد من العقوبة المقررة لكل من الجرائم الأخرى ، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد ، وقضى بمعاقبته بعد أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة ۱۷ من قانون العقوبات بالسجن المؤبد ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون مُعقِّب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس خليقاً برفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق