بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 11-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 446 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ي. ج. ت. و. ل. ش. ذ. م. م.
مطعون ضده:
ا. غ. م. د. م. س.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/963 استئناف تجاري بتاريخ 13-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدها (انكاس غروب م.د.م.س) أقامت أمام محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقيم 1166 لسنة 2024 تجاري قبل الطاعنة (يو جي تي ورلد للتجارة ش.ذ.م.م) طلبت فيها الحكم بإلزام الأخيرة بأن تؤدي لها مبلغ (6،470،000) درهم والفائدة بواقع 9% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام ، وذلك على سند من القول حاصله أنه بموجب اتفاق بين الطرفين أصدرت الطاعنة الفاتورة رقم ( UGTW-043-2022 ) المؤرخة في 2022/12/10 بشأن قيامها بتوريد (1000) طن من ألواح الحديد المدرفل على الساخن بإجمالي مبلغ المطالبة، والثابت بها أن الشحن والتسليم يتم خلال مدة (120) يوماً، وبموجب تلك الفاتورة قامت المطعون ضدها بتاريخ 2022/12/15 بتحويل المبلغ محل المطالبة على حساب الطاعنة الوارد في الفاتورة بموجب التحويل البنكي الصادر من بنك مصر، إلا أن الأخيرة لم تقم بتوريد تلك الألواح رغم المطالبات الودية مما دفع المطعون ضدها لإقامة دعواها الراهنة، لم تمثل الطاعنة، وبتاريخ 2024/5/16 قضت المحكمة بمثابة الحضوري بإلزام المدعى عليها/ الطاعنة بأن تؤدي للمدعية/ المطعون ضدها مبلغ (6،470،000) درهم والفائدة بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 963 لسنة 2024 تجاري، ودفعت ببطلان إعلانها بصحيفة افتتاح الدعوى، وأنكرت وجحدت الفاتورة التي استشهدت بها المطعون ضدها وقررت بأنها لا تخص الطاعنة نهائياً بل إن التعامل بينهما يتعلق بعقد أدوية بشرية وفق الفاتورة الصحيحة المرفقة وإذن الاستلام والحاضر عن المطعون ضدها تمسك بإنكار المستندين المقدمين من الطاعنة السالف بيانهما، وتمسكت بتزويرهما على المطعون ضدها في الإمضاء المنسوب لمديرها وخاتمها، وبتاريخ 2024/9/19 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداً برفض الدعوى بحالتها ، طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بالتمييز رقم 1144 لسنة 2024 تجاري وبتاريخ 2025/2/5 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين تأسيساً على القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع لعدم تقديم الطاعنة أصول المستندات التي تثبت تنفيذها لالتزاماتها التعاقدية ، وإذ أعيد تداول الدعوى بذات رقم الاستئناف وبتاريخ 2025/3/13 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف ، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة إلكترونية أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/4/14 طلبت فيها نقضه، وقدم وكيل المطعون ضدها مذكرة بدفاعها خلال الأجل طلبت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعي به الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول خالف الحكم المطعون فيه حجية الدليل الإلكتروني ومستخرجاته في الإثبات، وحجيته كمحرر عرفي فيما يتعلق برسائل الواتساب - المتمثلة في عقد التوريد وإذن الاستلام - التي تم من خلالها التعاقد وتبادل الإيجاب والقبول وتأكيد التنفيذ بين الطرفين، كما أغفل أن عبء إثبات عدم صحته ومستخرجاته بعد تقديمه يقع على من ينكره، سيما وأن مستخرجات الدليل الإلكتروني جميعها صور وليس لها أصل حتى تقدمه إلى المحكمة ليتم فحص التوقيع من خلال المختبر الجنائي، واعتبر الحكم عدم تقديم الأصل الموقع للمحررين (الفاتورة ومذكرة التسليم) أنهما مزوران، وأسقط حجيتهما لمجرد الجحد والإنكار ودون تحقيق الطعن على الدليل الإلكتروني بما يناسبه، ومن ثم ينتقل عب إثبات عدم صحة هذا الدليل ومستخرجاته إلى المطعون ضدها عملا بنص المادة (58) من قانون الإثبات، كما أن تلك المستندات موقعة من مديرها ومختومة بخاتمه فيقع عليها هي عبء إثبات عدم إرسالها أو عدم تكليف من أرسلها عنه، وهو ما لم يفطن إليه الحكم المطعون فيه، فضلا عن مخالفة الحكم المطعون فيه لحجية الدفاتر الحسابية المنتظمة بين التجار وبعضهم البعض، حال ثبوت عدم انتظام كشوفات الحساب العائدة للمطعون ضدها عنها للطاعنة، كما التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على دفاع الطاعنة الجوهري بعدم اعتراض المطعون ضدها على باقي مستندات التعاقد (من الرخصة، العقد، أمر الشراء، فاتورة البيع، طلب تحويل جزء من ثمن البيع، إفادة البنك بالتحويل، رسالة البنك لمديرها على الهاتف بالتحويل، رسائلها بالتعهد بسداد باقي الثمن) بما يفيد بإتمام التعاقد بينهما وأن المطعون ضدها من أخلت بالتزاماتها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إن عقد التوريد هو العقد الذي يلتزم فيه التاجر أو الصانع بأن يورّد أو يزوّد المشتري بسلع أو خدمات من إنتاجه أو إنتاج غيره بمواصفات متفق عليها بين الطرفين وبكميات محددة وفي أوقات محددة تُسلم للأخير في الموقع المُتفق عليه، وذلك مقابل ثمن يدفعه المشتري على فترات محددة أو عند انتهاء تنفيذ العقد، وأن آثاره من حقوق والتزامات تثبت في المعقود عليه وفي بدله بمجرد انعقاده دون توقف على أي شرط آخر ما لم ينص القانون أو يقضي الاتفاق بغير ذلك، وتكون هذه الآثار منجزة طالما لم يُقيد العقد بقيد أو شرط أو أجل ، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن تقدير تقابل الالتزامات في العقود الملزمة للجانبين واستخلاص الوفاء بها أو الاخلال في تنفيذها وتحديد الجانب المقصر في العقد أو نفي التقصير عنه واستخلاص جدية الادعاء بالمديونية والتحقق من انشغال الذمة المالية بها ، هو مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع في نطاق سلطتها في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن القضائية والمستندات والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها، وحسبها أن تُقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، كما من المقرر أيضا بقضاء هذه المحكمة أن من يدعي براءة الذمة فعليه إقامة دليلها، ولا يعفى المنكر من الإثبات إلا إذا كان إنكاره مجردا فلا يجيب على الدعوى بغير الإنكار أما إذا أقر بالدعوى في أحد عناصرها المدعاة وادعى من جانبه خلاف الظاهر فيها فإن عليه يقع عبء إثبات ما يخالفه. ومن المقرر كذلك أنه وإن كان الأصل أن سبب التحويل المصرفي هو وفاء لدين على الآمر بالتحويل للمحول إليه تنفيذا لالتزام على الآمر ناشئ عن عقد سابق وعلى ما يدعي خلاف هذا الأصل إقامة الدليل على ما يدعيه، بما مؤداه قيام قرينة قانونية إلى جانب المحول إليه من أنه بمجرد قيد المبلغ في حسابه لدى البنك إنما يكون قد استوفى حقا له قِبل العميل الآمر بالتحويل، إلا أن هذه القرينة هي قرينة بسيطة مبنية على الغالب من الأحوال فيجوز لمن تقوم هذه القرينة في غير صالحه نقضها بجميع طرق الإثبات وإثبات السبب الحقيقي للتحويل المصرفي كما إذا كان على سبيل القرض أو كان المحول إليه وكيلا عن الآمر أو موهوبا إليه أو لغير ذلك من الأسباب وإخلال المحول إليه بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي من أجلها تم التحويل المصرفي، ومن المقرر أيضا أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها تقديما صحيحا والموازنة بينهما وترجيح ما تطمئن إليه، ومن المقرر وفق نص المادتين (33/ب)، (35) من قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية رقم 35 لسنة 2022 أن للخصم في الدعاوى التجارية أن يطلب إلزام خصمه بتقديم أي محرر ورقي أو إلكتروني مشتركا بينهما يكون منتجا في الدعوى وله علاقة بالتعامل التجاري بينهما بأن كان مثبتا لالتزاماتهما وحقوقهما المتبادلة أو مؤثرا في المركز القانوني لكليهما، فإذا أمتنع عن ذلك فللمحكمة أن تعد امتناعه قرينة على صحة ما يدعيه خصمه، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف تأسيساً على ما أورده بأسبابه من أنه ((لما كان الثابت بالأوراق إن المستأنفة أقرت إقرارا قضائياً بأن سبب استلامها المبالغ من المستأنف ضدها هو أن تقوم بتوريد مواد (أيا كان الخلاف في نوعها) للمستأنف ضدها، وزعمت أنها أوفت بتنفيذ التزامها بأن قدمت صورة مذكرة تسليم قد أنكرتها المستأنف ضدها وجحدتها وطلبت تقديم أصلها والطعن عليها بالتزوير، إلا أن المستأنفة لم تقدم الاصل للمحكمة، ومن ثم يكون الالتزام بإثبات قيام المستأنفة بالوفاء بالتزامها قد انتقل للمستأنفة بعد أن أقرت بأنها تسلمت المبلغ المحول اليها مقابل توريد بضائع للمستأنف ضدها، ولما كانت المستأنفة لم تقدم أصل مذكرة التسليم المطعون عليها بالتزوير وهو ما يفقد الصورة المقدمة لهذه المذكرة أي حجية في إثبات قيام المستأنفة بتسليم البضائع التي تسلمت ثمنها من المستأنف ضدها(كما أقرت)، وحيث إن عدم تقديم المستأنفة لأصل المستندات المطعون عليها بالتزوير(الفاتورة ومذكرة التسليم) هو ما من شأنه أن يفقد مذكرة التسليم أي حجية وهو كذلك من شأنه ما يقطع بعدم قيام المستأنفة بتوريد أدوية (كما زعمت) أو أي بضائع للمستأنف ضدها، ومن ثم تكون المستأنفة قد عجزت عن اثبات الوفاء بالتزامها بتوريد البضائع موضوع التداعى للمستأنف ضدها وكذلك لم تثبت المستأنفة انقضاء الالتزام بأي سبب من أسباب الانقضاء خلاف الوفاء كالتقادم أو المقاصة أو الإبراء أو تجديد الالتزام أو اتحاد الذمة إلى آخر ذلك من أسباب الانقضاء وبذلك تكون دعوى المدعية قد جاءت وفق صحيح الواقع والقانون متعيناً والحال كذلك- القضاء بإلزام المستأنفة بأن تؤدي للمدعية (المستأنف ضدها/المطعون ضدها) مبلغ وقدره (6,470,000) درهم إماراتي (ستة ملايين واربعمائة وسبعون الف درهم)، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة وحتى السداد، وهو ما تقضى به المحكمة على نحو ما سيرد بمنطوق هذا الحكم)) وإذ كان هذا الذي أورده الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه وفيه الرد المسقط لما يخالفه، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعنة بالمصروفات، ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق