جلسة 7 مارس سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وبحضور السادة المستشارين: ماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وإلهام نجيب نوار والدكتور عادل عمر شريف. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
---------------
قاعدة رقم (69)
القضية رقم 15 لسنة 22 قضائية "دستورية"
(1) دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها".
المصلحة الشخصية المباشرة، مناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع.
(2) دستور "سلطة قضائية مستقلة - عدم قيام مسئولية السلطة التنفيذية عن التعويض عن القرارات القضائية - انتفاء المصلحة في الطعن على النصوص المنظمة لمخاصمة القضاة".
النص في المادة (165) من الدستور، على أن السلطة القضائية مستقلة وفي المادة (166) على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، يدل على أن تنظيم العدالة وإدارتها إدارة فعالة مسألة وثيقة الصلة بالحرية وصون الحقوق على اختلافها.
2 - النص في المادة (165) من الدستور، على أن السلطة القضائية مستقلة وفي المادة (166) على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة، يدل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تنظيم العدالة وإدارتها إدارة فعالة مسألة وثيقة الصلة بالحرية وصون الحقوق على اختلافها، وعلى أن الدستور جعل من هذا الاستقلال عاصماً من التدخل في أعمالها، أو التأثير فيها، أو تحريفها، أو الإخلال بمقوماتها، لتكون لها الكلمة النهائية في كل مسألة من طبيعة قضائية، وما ذلك إلا لأن السلطة القضائية سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع وقد ناط بها الدستور وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات؛ ولازم ذلك، ألا تسأل السلطة التنفيذية - ممثلة في أحد أعضائها - عن التعويض عما يدعيه المتقاضون من ضرر لحقهم نتيجة قرار أو أمر قضائي أصدره واحد من أعضاء السلطة القضائية؛ إذ أن أعضاء هذه السلطة لا يدينون بالتبعية للسلطة التنفيذية أو أحد وزرائها؛ ولا يستقيم كذلك القول بتمثيل الأخير لمرفق العدالة؛ إذ "العدالة" لا تعد مرفقاً؛ إنما هي سلطة بكل ما للسلطة من مقومات.
الإجراءات
بتاريخ الثاني والعشرين من يناير سنة 2000 أودعت المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية نصوص المواد (494 و495 و496 و497 و498 و499 و500) من قانون المرافعات.
وقدمت المدعية عدة مذكرات أصرت فيها على طلباتها، وأبانت وجه المصلحة في الدعوى من وجهة نظرها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة اختتمتها بطلب الحكم (أصلياً) بعدم قبول الدعوى و(احتياطياً) برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة؛ وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى، وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد/ محمد صميدة عبد الصمد وآخرين كانوا قد أقاموا ضد المدعية وزوجها السيد/ نصر حامد أبو زيد الدعوى رقم 591 لسنة 1993 أحوال شخصية كلي الجيزة، طالبين الحكم بالتفريق بينهما، قولاً منهم بأن زوج المدعية ولد لأسرة مسلمة ويشغل وظيفة أستاذ مساعد الدراسات الإسلامية والبلاغة بكلية الآداب جامعة القاهرة، وقد نشر كتباً وأبحاثاً تتضمن كفراً صريحاً بما يوجب التفريق بينهما، وبتاريخ 27/ 1/ 1994 قضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنف المحكوم ضدهم، وبتاريخ 14/ 6/ 1995 قُضى في الاستئناف رقم 287 لسنة 111 قضائية القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف، وبالتفريق بين الزوجين. طعن الزوجان - والنيابة العامة - على الحكم بطريق النقض، وبتاريخ 5/ 8/ 1996 قضت محكمة النقض في الطعون أرقام 475 و478 و481 لسنة 65 قضائية - برفضها. ثم أقامت المدعية الدعوى رقم 11188 لسنة 1999 كلي جنوب القاهرة ضد المدعى عليه الثالث بصفته (وزير العدل) ابتغاء القضاء (أصلياً) بإلزامه بأن يدفع لها بوصفه متبوعاً للقضاة مبلغ عشرة آلاف وجنيه واحد تعويضاً عما لحقها من ضرر مادي وأدبي نتيجة حكمي الاستئناف والنقض سالفي الذكر؛ بما تضمناه من اعتداء صارخ على حقها الدستوري في تكوين الأسرة واختيار زوجها، فضلاً عما وقعا فيه من أخطاء مهنية جسيمة و(احتياطياً) بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادة 494 وما بعدها من قانون المرافعات؛ وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع؛ أذنت للمدعية برفع دعواها الدستورية؛ فأقامتها ناعية على النصوص المطعون فيها مخالفتها لأحكام المواد (8 و40 و68 و69) من الدستور.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع؛ هي التي تحدد للدعوى الدستورية نصيبها من القبول، فلا تكون مقبولة؛ إلا إذا كان الحكم بصحة أو بطلان النصوص التشريعية محلها؛ مؤثراً بصفة مباشرة على النزاع الموضوعي.
وحيث إن النص في المادة (165) من الدستور، على أن السلطة القضائية مستقلة وفي المادة (166) على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة، يدل - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن تنظيم العدالة وإدارتها إدارة فعالة مسألة وثيقة الصلة بالحرية وصون الحقوق على اختلافها، وعلى أن الدستور جعل من هذا الاستقلال عاصماً من التدخل في أعمالها، أو التأثير فيها، أو تحريفها، أو الإخلال بمقوماتها، لتكون لها الكلمة النهائية في كل مسألة من طبيعة قضائية، وما ذلك إلا لأن السلطة القضائية سلطة أصيلة تقف على قدم المساواة مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتستمد وجودها وكيانها من الدستور ذاته لا من التشريع وقد ناط بها الدستور وحدها أمر العدالة مستقلة عن باقي السلطات؛ ولازم ذلك، ألا تسأل السلطة التنفيذية - ممثلة في أحد أعضائها - عن التعويض عما يدعيه المتقاضون من ضرر لحقهم نتيجة قرار أو أمر قضائي أصدره واحد من أعضاء السلطة القضائية؛ إذ أن أعضاء هذه السلطة لا يدينون بالتبعية للسلطة التنفيذية أو أحد وزرائها؛ ولا يستقيم كذلك القول بتمثيل الأخير لمرفق العدالة؛ إذ "العدالة" لا تعد مرفقاً؛ إنما هي سلطة بكل ما للسلطة من مقومات، لما كان ذلك وكان النزاع الموضوعي يتمحض مطالبة بالتعويض عن عمل قضائي في مواجهة الحكومة، وبهذه المثابة لا شأن له بمخاصمة أحد من أعضاء السلطة القضائية، فإن الفصل في صحة أو بطلان نظام مخاصمة القضاة الذي تحكمه النصوص الطعينة، لن يكون له من أثر على الفصل في ذلك النزاع؛ فإن الدعوى تكون غير مقبولة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق