بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 25-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 434 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ز. س. ا. ل. س. أ. م. ش. ا. ش. ا. ا. ش.
مطعون ضده:
ب. و. ا. ل. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2023/672 استئناف تجاري بتاريخ 13-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة (زينر ستيوارد الكتروميكانيكال لمالكها سليم أحمد الشيخ محمد شريف العلماء شركة الشخص الواحد ش.ذ.م.م) أقامت أمام محكمة دبي الابتدائية الدعوى رقم 1112 لسنة 2022 تجاري قبل المطعون ضدها (بارك واي العالمية للمقاولات ش.ذ.م.م) طلبت في ختامها الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ (5،770،733,32) درهمًا، بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا اعتبارًا من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد التام، وقالت في بيان دعواها إنه بموجب عقد مقاولة من الباطن مؤرخ في 11 أبريل 2017 عهدت المطعون ضدها -كمقاول رئيسي- إليها -كمقاول من الباطن- تنفيذ الأعمال الميكانيكية والكهرباء والصحية الخاصة بمبنى مكتب مؤسسة تنظيم الاتصالات الجديد، والكائن على قطعة الأرض رقم (134-1075 ) في منطقة الممزر بدبي لقاء مبلغ (23،000،000) درهم، وأنه تم الاتفاق في العقد على أن يكون تاريخ الإنجاز التعاقدي في 2018/12/22، إلا أن المشروع قد تأخر عن تاريخ الإنجاز المتوقع بسبب التغييرات الكثيرة في التصميمات من قبل صاحب العمل واستشاري المشروع، مما أدى إلى تمديد المشروع من قبل المطعون ضدها لمرتين متتاليتين، وأنه قد تم اعتماد مبلغ (581،395) درهمًا كتكلفة تمديد بموجب الرسالة المرسلة من استشاري المشروع إلى المطعون ضدها، مما حدا بها إلى مطالبة الأخيرة بتكلفة التمديد بقيمة (394،499,13) درهمًا، أما التمديد الثاني فقد عجزت المطعون ضدها عن إثبات أحقيتها في تكلفة التمديد مما فوت على الطاعنة تأمين حقها في تكلفة التمديد الثاني، بالرغم من أنها أنجزت كافة أعمال المرحلة الأولى من المشروع موضوع الدعوى طبقًا لما هو متفق عليه بموجب عقد المقاولة من الباطن والخطابات المتبادلة بين طرفي النزاع، وبمطالبتها للمطعون ضدها بسداد المترصد في ذمتها امتنعت دون مسوغ قانوني، مما حدا بها لإقامة دعواها الراهنة، وجهت المطعون ضدها دعوى متقابلة بطلب الحكم بعمل المقاصة بين ما قد يكون مترصداً للطاعنة، وما يستحق لها في ذمتها، وبعد تصفية الحساب بينهما الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدي إليها مبلغ (3،495،888,54) درهمًا، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام، وإلزامها بأن تؤدي إليها التعويض المناسب لتغطية التكاليف الإدارية والمادية التي تكبدتها بسبب تأخر الطاعنة في تنفيذ التزاماتها ورفض الاستشاري التابع للمالك تسديد أي تعويض لها، واحتياطيًا ندب خبير هندسي في الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 2023/3/15 بعدم قبول الدعوى الأصلية، واعتبار قيد الصحيفة كأن لم تكن، وفي الدعوى المتقابلة بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ (3,043,479,42) درهمًا، والفائدة القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة وحتى السداد التام، ورفضت ماعدا ذلك من طلبات، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 672 لسنة 2023 تجاري، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 717 لسنة 2023 تجاري، ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول للارتباط، وبتاريخ 24 مايو 2023 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 672 لسنة 2023 تجاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به بشأن الطلب العارض، والقضاء مجددًا بعدم قبول الطلب العارض وتأييد الحكم فيما عدا ذلك، وفي موضوع الاستئناف رقم 717 لسنة 2023 تجاري برفضه، طعنت كل من المطعون ضدها والطاعنة على هذا القضاء بالطعنين بالتمييز رقمي 954، 1013 لسنة 2023 تجاري، وبتاريخ 2023/12/6 حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيه من جديد بدائرة مشكلة من قضاة آخرين، تدوول الاستئناف أمام محكمة الإحالة، وبتاريخ 2024/2/15 قضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول الدعوى الأصلية، وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها، وبوقف السير في الاستئنافين لحين الفصل في موضوع الدعوى الأصلية، ونفاذًا لذلك القضاء تدوولت الدعوى أمام محكمة أول درجة، وبتاريخ 2024/4/29 قضت في الدعوى الأصلية برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، وبإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي إلى الطاعنة مبلغ (2،974،461,63) درهمًا، والفائدة بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصل في 2022/5/26 وحتى السداد التام، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 725 لسنة 2024 تجاري، ضمت المحكمة هذا الاستئناف إلى الاستئنافين رقمي 672، 717 لسنة 2023 تجاري للارتباط. ندبت المحكمة خبيرًا في الاستئناف، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 13 مارس 2025 في موضوع الاستئناف رقم 672 لسنة 2023 تجاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في موضوع الدعوى المتقابلة والقضاء مجددًا برفضها، وفي موضوع الاستئناف رقم 717 لسنة 2023 تجاري برفضه. وفي موضوع الاستئناف رقم 725 لسنة 2024 تجاري بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في موضوع الدعوى الأصلية، والقضاء مجددًا بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان، طعنت الطاعنة على الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى إلكترونياً في 2025/4/8 طلب فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن قد أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفته للثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول دعواها لرفعها قبل الأوان تأسيسًا على خلو الأوراق مما يفيد حصول المطعون ضدها على مستحقاتها من رب العمل إعمالًا للعقد المبرم بين الطرفين، على الرغم من ثبوت تنازل المطعون ضدها عن شروط الدفع بموجب دعواها المتقابلة، ذلك أن طلب المطعون ضدها تصفية الحساب وإجراء المقاصة يعد تنازلًا منها عن شروط الدفع وشرط الباك تو باك، كما أن الحكم قد قضى بما لم يطلبه الخصوم، إذ إن المطعون ضدها قد قصرت طلباتها على المترصد لصالحها بعد تصفية الحساب بينهما، فضلا عن إن الثابت من تقرير الخبرة المودع ملف الدعوى أن المطعون ضدها قد أنهت العقد بإرادتها المنفردة، وبالتالي يكون العقد مفسوخًا، ويترتب عليه سقوط شرط الباك تو باك ، كما التفت الحكم المطعون فيه عن دفاع الطاعنة من أن المطعون ضدها قد قصرت في اقتضاء حقها من رب العمل، و أقرت ضمنيًا باستلامها كامل قيمة التعاقد بقولها إن الاستشاري التابع للمالك رفض تسديد أي تعويض لها بسبب التأخر في تنفيذ العقد، كما أن محكمة أول درجة قد رفضت الدفع المبدى من المطعون ضدها بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان على أسباب سائغة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مُفاد نصوص المواد 243، 420، 423، 425 من قانون المعاملات المدنية أن آثار العقد من حقوق والتزامات تثبت في المعقود عليه وفي بدله بمجرد انعقاده دون توقف على أي شرط آخر ما لم ينص القانون أو الاتفاق على غير ذلك، وتكون تلك الآثار منجزة وتقع في الحال إذا تم العقد بصفة مطلقة غير مضاف إلى أجل مستقبل أو معلق على شرط، والشرط أمر مستقبل على خطر الوجود لا محققًا ولا مستحيلًا، فإذا كان الالتزام معلقًا على شرط واقف فلا يكون الالتزام نافذًا إلا إذا تحقق هذا الشرط، أما قبل أن يتحقق فلا يكون الالتزام قابلًا للتنفيذ القهري، وعبء إثبات تحقق الشرط يقع على عاتق الدائن. ومن المقرر أنه يترتب على اتفاق المقاول الأصلي مع المقاول من الباطن على عدم سداد مستحقات الأخير إلا بعد استلام المقاول الأصلي تلك المستحقات من صاحب العمل، أن التزام المقاول الأصلي يصبح معلقًا على شرط واقف من شأنه أن يوقف نفاذ هذا الالتزام إلى أن تتحقق الواقعة المشروطة، ولا يكون من حق المقاول من الباطن أن يطالب المقاول الأصلي بمستحقاته طالما لم يتحقق هذا الشرط، كما من المقرر أن عقد المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه وهو المقاول بأن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر وهو رب العمل، وإذا بدأ المقاول في التنفيذ ثم أصبح عاجزا عن إتمامه لسبب لا يد له فيه فإنه يستحق قيمة ما تم من الأعمال وما أنفق في سبيل التنفيذ بقدر ما يعود على صاحب العمل من نفع، ويجوز للمقاول أن يكل تنفيذ العقد كله أو بعضه إلى مقاول آخر ما لم يمنعه شرط في العقد أو تقتضي طبيعة العمل أن يقوم به بنفسه، ويعتبر المقاول الأصلي في هذه الحالة بمثابة رب العمل بالنسبة لما يقوم به المقاول من الباطن من أعمال، وينقضي عقد المقاولة بإنجاز العمل المتفق عليه أو بفسخ العقد رضاءً أو قضاءً، وللمضرور من الفسخ أن يطالب الطرف الآخر بتعويضه في الحدود التي يقرها العرف، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها وإطراح ما عداها وتقدير عمل أهل الخبرة والمفاضلة بينها والأخذ بالنتيجة التي انتهى إليها تقرير الخبير طالما اطمأنت إليه واقتنعت بصحة أسبابه وسلامة الأسس والأبحاث التي بني عليها، وهي غير ملزمة من بعد أن ترد بأسباب خاصة على كل ما أبداه الخصم من مطاعن على تقرير الخبير لأن في أخذها بالتقرير الذي عولت عليه محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصوم ما ينال من صحة النتيجة التي توصل إليها الخبير في تقريره ولا يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه هذا التقرير، ولا بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم، ولا بأن تتبعهـم في مختلف أقوالهم وحججهم، وترد استقلالا على كل منها، كما لا تلتزم بإعادة المأمورية للخبير مرة أخرى أو ندب خبير آخر أو استجوابه كطلب الخصم بعد أن قدم الخبير تقريره ورأت المحكمة أنه قد فصل الأمر تفصيلاً أقنع المحكمة بما رأت معه وضوح الحقيقة التي أقامت عليها قضاءها ما دام أن الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها فيه الرد المسقط لتلك الأقوال والحجج، والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم قبول دعوى الطاعنة لرفعها قبل الأوان تأسيسًا على أن الثابت بعقد المقاولة من الباطن محل التداعي المؤرخ في 2017/4/11 المبرم بين الطرفين، أن الشركة المطعون ضدها قد اشترطت على الشركة الطاعنة عدم سداد مستحقاتها الناشئة عن هذا العقد، إلا بعد تحقق الواقعة المشروطة وهي استلام الأولى تلك المستحقات من رب العمل، وكانت المطعون ضدها قد تمسكت بعدم تحقق هذا الشرط، وخلت الأوراق مما يفيد استيفاء المطعون ضدها لمستحقاتها من رب العمل، على الرغم من أن الحكم المطعون فيه قد سبق وأن انتهى إلى عدم أحقية المطعون ضدها في مطالبة الطاعنة بغرامة التأخير المتفق عليها لقيامها بإنهاء عقد المقاولة سند التداعي من جانبها بإرادتها المنفردة بتاريخ 2022/4/12، وهو ما يترتب عليه بطريق اللزوم أيضًا سقوط كافة الشروط التي تم الاتفاق عليها بذلك العقد، ومنها الشرط المعروف باسم الدفع ظهرًا بظهر "باك تو باك " ?Back to Back" ، فضلاً عن أن في إقامة المطعون ضدها لدعواها المتقابلة بطلب إجراء المقاصة بين ما قد يكون مترصد للطاعنة وما يستحق لها في ذمتها عن عقد المقاولة محل التداعي، وبعد تصفية الحساب بينهما الحكم بإلزام الطاعنة أن تؤدي إليها مبلغ (3،495،888,54) درهمًا، ما يعد تنازلًا ضمنيًا منها عن إعمال هذا الشرط، ولا يستقيم معه التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان، كما وأن الحكم المستأنف قد أنتهى فيما توصل إليه من قضاء بثبوت إخلال المطعون ضدها بالتزاماتها التعاقدية سندا لما أنتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من أنه بتصفية الحساب فأنه يترصد لصالح المدعية أصليا/ الطاعنة (زينـــــــر ستيـــــــوارد الكتروميكانيكـــــال - ش.ذ.م.م) بذمة المدعي عليها أصليا/ المطعون ضدها (بـــارك واى العالميـــــة للمقـــــاولات-ش.ذ.م.م) مبلغ وقدره (2،974،461,63) درهم شامل قيمة الضريبة المضافة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان فإنه يكون معيبًا بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والتناقض بما يوجب نقضه فيما قضي به في الاستئناف رقم (725) لسنة 2024 تجاري .
وحيث أن الطعن لثاني مرة فإن المحكمة تتصدى للفصل في موضوع الاستئناف رقم (725) لسنة 2024 تجاري عملا بنص المادة (186) من قانون الاجراءات المدنية سالف الذكر والمادة 19 فقرة ج من القانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي.
وحيث أن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم فأنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم (725) لسنة 2024 تجاري برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في الاستئناف رقم (725) لسنة 2024 تجاري، وبإلزام المطعون ضدها بالمصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، وفي موضوع الاستئناف رقم (725) لسنة 2024 تجاري برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وبإلزام المستأنفة بالمصروفات ومبلغ ألف درهم مقابل أتعاب المحاماة ومصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق