الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 مارس 2021

الطعن 760 لسنة 61 ق جلسة 20 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 132 ص 858

جلسة 20 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ حسن غلاب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة وبدر الدين السيد وحسن أبو المعالي أبو النصر.

---------------------

(132)
الطعن رقم 760 لسنة 61 القضائية

 (1)إثبات "بوجه عام" "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة. وإيراد مؤدى أقوال شاهد الإثبات في بيان وافٍ. لا قصور.
(2) جريمة "أركانها". استيلاء على مال للدولة بغير حق. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التحدث استقلالاً عن ملكية المال موضوع جريمة الاستيلاء. غير لازم. ما دامت تلك الملكية لم تكن محل منازعة.
 (3)عقوبة "العقوبة المبررة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة الارتباط". طعن "المصلحة في الطعن". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اتهام الطاعنين بعدة جرائم. مؤاخذتهم عنها بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لإحداها إعمالاً للمادة 32 عقوبات. عدم قبول نعيهم عن باقي الجرائم.
(4) استيلاء على مال للدولة بغير حق. دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". "نقض" أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تعويل الحكم على الدليل المستمد من التفتيش ينحسر معه الالتزام بالرد على الدفع ببطلانه.
(5) جريمة "أركانها". إخفاء أشياء مسروقة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة. نفسي. استفادته. ليس فقط من أقوال الشهود بل من ظروف الدعوى وملابساتها. عدم التزام المحكمة التحدث عنه صراحة ما دامت الوقائع الثابتة بالحكم تفيد توافره.
(6) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز النعي على المحكمة قعودها عن دفاع لم يثر أمامها.
الدفاع الموضوعي. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.

--------------------
1 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال الشاهد....... والطاعن الأول - يبين منه الدور الذي أسهم به كل من المتهمين الأول والثاني في مقارفة الجريمتين اللتين دينا بهما وذلك خلافاً لما ادعاه الطاعنان الأول والثاني بأسباب طعنهما فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
2 - لما كان الثابت من محضر الجلسة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني لم ينازع في ملكية الهيئة المجني عليها للأسلاك المضبوطة وكان التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك مما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها.
3 - لا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجريمة التسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية والمكالمات التليفونية ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة عن الجريمتين تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة التي أثبتها الحكم في حقهما.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى حدوث تفتيش على الطاعنين الأول والثاني وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد على الدفع ببطلان التفتيش الذي لم يستمد الحكم مما أسفر عنه دليلاً قبل الطاعنين.
5 - من المقرر أن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره وكان ما أورده الحكم فيما تقدم في مقام التدليل على ثبوت ركن العلم في حق الطاعن الثالث سائغ وكاف لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
6 - لما كان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن وكيل الطاعن الثالث لم يضمن دفاعه ما يثيره بوجه النعي أن الأسلاك المضبوطة مما يباع مثلها في الأسواق فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثيره أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم: أولاً: تسببوا عمداً في انقطاع المراسلات التليفونية والمطالبات التليفونية بقطعهم الأسلاك الموصلة وكسرهم أحد القوائم والأعمدة الرافعة لها على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: سرقوا الأسلاك المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمستعملة في الاتصالات السلكية واللاسلكية للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية. المتهم الثالث: (1) اشترك بالتحريض والاتفاق مع المتهمين في ارتكابه الجرائم سالفة الذكر فوقعت بناء على ذلك التحريض والاتفاق. (2) أخفى المسروقات سالفة الذكر والمتحصلة من جناية مع علمه بذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 164، 116، 316 مكرراً ثانياً، 44/ 1 - 2 مكرراً من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 1، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عما أسند إليهم وإلزامهم بدفع مبلغ 1845 جنيهاً تعويض عن الخسارة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين الأول والثاني بجريمتي التسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية والمكالمات التليفونية وسرقة الأسلاك المستعملة في الاتصالات السلكية والمملوكة للهيئة القومية للاتصالات السلكية واللاسلكية ودان الثالث بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من جناية سرقة قد شابه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول الطاعنان الأول والثاني أن الحكم لم يورد مؤدى أقوال الشاهد.... والطاعن الأول التي عول عليها في الإدانة ولم يدلل على ملكية الهيئة المجني عليها للأسلاك موضوع الجريمة كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي للجريمة الأولى التي دانهما بها هذا وقد دفعا - ببطلان التفتيش - إلا أن الحكم التفت عن الرد على هذا الدفع أما الطاعن الثالث فيقول إن دفاعه انبنى على أنه لم يكن يعلم بأن الأسلاك المضبوطة متحصلة من جناية سرقة مدللاً على ذلك بشواهد عدة منها أن المضبوطات مما يباع مثلها في الأسواق بدلالة ما نشر بالصحف عن إعلان الهيئة المجني عليها وغيرها عن بيع مثل هذه الأسلاك إلا أن الحكم رفض هذا الدفاع ورد عليه رداً قاصراً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دين الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى أتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة ومن بينها أقوال الشاهد....... والطاعن الأول - يبين منه الدور الذي أسهم به كل من المتهمين الأول والثاني في مقارفة الجريمتين اللتين دينا بهما وذلك خلافاً لما ادعاه الطاعنان الأول والثاني بأسباب طعنهما فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر الجلسة أن المدافع عن الطاعنين الأول والثاني لم ينازع في ملكية الهيئة المجني عليها للأسلاك المضبوطة وكان التحدث استقلالاً عن ملكية المال ليس شرطاً لازماً لصحة الحكم بالإدانة ما دامت مدونات الحكم تكشف عن ذلك مما يتحقق به سلامة التطبيق القانوني الذي خلص إليه وما دامت تلك الملكية على ما هو حاصل في الدعوى لم تكن محل منازعة حتى يلزم الحكم بمواجهتها. لما كان ذلك، وكان لا مصلحة للطاعنين فيما ينعياه على الحكم بالنسبة لجريمة التسبب عمداً في انقطاع المراسلات التلغرافية والمكالمات التليفونية ما دام البين من مدوناته أنه طبق نص المادة 32 من قانون العقوبات وأوقع عليهما عقوبة واحدة عن الجريمتين تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة السرقة التي أثبتها الحكم في حقهما. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يشر إلى حدوث تفتيش على الطاعنين الأول والثاني وبنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها فيكون من غير المجدي النعي على الحكم بعدم الرد على الدفع ببطلان التفتيش الذي لم يستمد الحكم مما أسفر عنه دليلاً قبل الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن الثالث بانتفاء علمه بأن الأسلاك مسروقة وأطرحه استناداً إلى ثبوت التهمة قبل المتهم الرابع بإخفائه الأسلاك التليفونية مع علمه بأنها متحصلة من جناية السرقة موضوع التهمة الثانية التي ارتكبها المتهمين الأول والثالث فقد جاءت أقوال المتهمين الأول والثاني في محضر جمع الاستدلالات وأقوال الثاني في تحقيق النيابة والتي تساندها تحريات الشاهدين الأول والثاني مؤكدة توافر علم الرابع بأن الأسلاك التي اشتراها منهما هي أسلاك تليفونية متحصلة من جناية السرقة التي ارتكبها باقي المتهمين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ولا يشترط أن يتحدث الحكم عنه صراحة على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره وكان ما أورده الحكم فيما تقدم في مقام التدليل على ثبوت ركن العلم في حق الطاعن الثالث سائغ وكاف لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن وكيل الطاعن الثالث لم يضمن دفاعه ما يثيره بوجه النعي أن الأسلاك المضبوطة مما يباع مثلها في الأسواق فإنه لا يكون له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثيره أمامها ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 861 لسنة 61 ق جلسة 21 / 10 / 1992 مكتب فني 43 ق 134 ص 867

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1992

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب نائب رئيس المحكمة وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب ومجدي أبو العلا.

-----------------

(134)
الطعن رقم 861 لسنة 61 القضائية

 (1)حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". إثبات "شهود".
الخطأ في الإسناد. ماهيته؟
مثال لخطأ في الإسناد. لا يعيب الحكم.
 (2)دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم دفع الطاعن أمام محكمة الموضوع. ببطلان اعتراف متهم آخر عليه. النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في هذا الخصوص. غير سديد.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها". دفوع "الدفع بعدم الدستورية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اختصاص محكمة الموضوع وحدها بتقدير جدية الدفع بعدم الدستورية. لها مطلق التقدير في وقف نظر الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية.
إيراد الحكم تقريراً قانونياً خاطئاً. لم يكن له تأثير في النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
 (4)مواد مخدرة. أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب"، نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حالتي التمتع بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960. الأولى: إخبار السلطات بالجريمة قبل علمها بها. والثانية: أن يكون إخبار السلطات بعد علمها بالجريمة هو الذي مكنها من ضبط باقي الجناة.
الفصل في مدى أثر الإخبار في تحديد أشخاص الجناة وتمكين السلطات من ضبطهم. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ لانتفاء أحقية الطاعن في التمتع بالإعفاء طبقاً للحالة الثانية.
(5) مواد مخدرة. إثبات "بوجه عام". "شهود". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ما يقرره الوكيل بحضور موكله. بمثابة ما يقرره الموكل. ما لم ينفه بنفسه بالجلسة. أساس ذلك؟
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
الدفاع وإن تعدد المدافعون. وحدة لا تتجزأ. ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم.
عدم تمسك الطاعن بأن الدفاع انقسم على وكيليه. إغفال المحكمة الرد على طلب تمسك به أحد المدافعين عنه ونزل عنه الآخر. لا إخلال بحق الدفاع.
مثال.
(6) مواد مخدرة. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب كاف في إطراح دفاع الطاعن بأن الصندوق الذي ضبط به المخدر ليس هو الصندوق ذاته الذي تم شحنه من الخارج.
(7) مواد مخدرة. جلب. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جلب المخدر في مفهوم القانون رقم 182 لسنة 1960. معناه؟
متى يلزم التحدث عن القصد من جلب المخدر استقلالاً؟
إثبات الحكم ضخامة كمية المخدر الذي أدخله الطاعن إلى البلاد. كفايته لانطباق وصف الجلب على هذا الفعل.
إثارة الطاعن أنه لم يتم وزن كل طربة من المخدر على حدة وتحليلها. وأثر ذلك على قصد الجلب. منازعة موضوعية. عدم جواز إثارتها أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
 (8)نقض "الصفة في الطعن" "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. توقيعها".
توقيع مذكرة الأسباب بإمضاء غير مقروء. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(9) إثبات "بوجه عام" "اعتراف". استدلالات. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق. ولو عدل عنه. علة ذلك؟
التحريات معززة للأدلة.
الأدلة في المواد الجنائية متساندة. مؤدى ذلك؟
منازعة الطاعن في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة. دفاع موضوعي. قصد به التشكيك في تلك الأدلة. عدم التزام المحكمة بالرد عليه رداً صريحاً.

------------------
1 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم في تحصيل أقوال الشاهد السابع - العقيد.... بشأن ما أبلغه به الشاهد الأول........ عن الشخصين اللذين هدداه لحمله على شحن جهاز الكمبراسور باسمه من بيروت إلى الإسكندرية، فإنه وبفرض صحته قد ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم، ولم يكن له أثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون مقبولاً.
2 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الثالث فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في التسبيب - في هذا الخصوص - يكون غير سديد.
3 - لما كان مؤدى نص المادة 29 من القانون 48 لسنة 1979 أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقرير جدية الدفع بعدم الدستورية، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت - بحق - أن دفع الطاعن بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فإنه لا يعيب حكمها - من بعد - ما أورده في معرض الرد على الدفع بعدم الدستورية من تقرير قانوني خاطئ ما دام لا تأثير له في سلامة النتيجة التي انتهى إليها، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
4 - لما كان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعن بالتمتع بالإعفاء، أن شخصية كل من المتهمين الأول والرابع كانت معلومة للسلطات على نحو ما جاء بمحضر التحريات وما سطر بإذن النيابة العامة قبل أن يدلي الطاعن بأية معلومات عنهما بعد ضبطه وهو ما له أصله الصحيح بالأوراق على ما يبين من المفردات، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يقدح في سلامته ما استهل به في الرد على الدفع من أن ما صدر من الطاعن لم يكن مبادرة منه بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل علمها بها ما دام قد واجه الدفع ورد عليه وفق ما أثاره الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
5 - لما كان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضي به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الدفاع - وإن تعدد المدافعون وحدة لا تتجزأ، لأن كان مدافع إنما ينطق بلسان موكله، ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يشير في أسباب طعنه إلى أن الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما إلى شيء من ذلك في مرافعتهما التي لا تفصح بدورها عنه، فإن النعي على الحكم بقالة إغفال المحكمة الرد على ذلك الطلب الاحتياطي لا يكون له محل.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من أن الصندوق الذي عثر فيه على المخدر المضبوط ليس هو الصندوق الذي تم شحنه من بيروت وأطرحه تأسيساً على ما قرره الطاعن بتحقيقات النيابة من أن الصندوق الذي تم ضبط المخدر فيه هو الصندوق ذاته الذي أخفي المخدر بقاعدته وتم شحنه من لبنان إلى الأراضي المصرية، وأن الطاعن قد عاون وكيل النيابة المحقق على فصل المخدر المضبوط عن قاعدة الصندوق الخشبية، وأفضى إليه بأن المتهم الثاني قد أرشده عن كيفية استخراج المخدر من الصندوق وقت وضع المخدر بداخله بجمهورية لبنان، فإن ما أورده الحكم على هذا السياق، وهو ما له معينه بالأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة، يعد كافياً وسائغاً في إطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص، وبالتالي يكون النعي على الحكم بقالتي القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد على غير أساس.
7 - لما كان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالوساطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان، ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن الشارع نفسه لم يغفل في نصه عن الجلب الإشارة إلى القصد منه، بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز، ولما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من ضخامة كمية الجوهر الذي أدخل البلاد والتي بلغت 13.7.29 كيلو جرام حشيش كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه الطاعن لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه، خاصة وأن ما يثيره الطاعن من أنه لم يتم وزن كل طربة من طرب المخدر المضبوط على حدة ولم يجر تحليلها لبيان كنهها وأثر ذلك على قصد الجلب لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية في كنه بقية المواد المضبوطة التي لم ترسل للتحليل ولا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض، ما دام الطاعن لا ينازع في أن العينات التي تم تحليلها هي جزء من مجموع ما ضبط، ولم يطلب من محكمة الموضع اتخاذ إجراء في هذا الشأن، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
8 - لما كان البين من مذكرة أسباب الطعن التي تحمل في صدرها ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامي..... أنها موقع عليها بنموذج لتوقيع لا يقرأ البتة وقد استحال معرفة موقعها لعدم حضور أحد من المحامين المقبولين أمام هذه المحكمة ليقرر أن التوقيع له، فإنها تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ويتعين استبعادها.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أدلة الثبوت وتوافرها في حق الطاعن وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها منتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها فإن ما يثيره بشأن اعتراف المتهم الثالث وعدوله عنه وعدم جدية التحريات، والمنازعة في سبب حيازته للأوراق المضبوطة يتمخض دفاعاً موضوعياً قصد به التشكيك في تلك الأدلة، ولا يستوجب من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من (1)........ (2)........ طاعن (3)...... طاعن (4)...... طاعن في قضية الجناية رقم....... بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الثالث: - (1) جلبوا إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية جوهراً مخدراً "حشيش" قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة المختصة (2) اشتركوا في اتفاق جنائي حرض المتهمان الأول والثاني عليه وتداخلا في إدارة حركته الغرض منه ارتكاب جناية جلب جوهراً مخدراً "حشيش" إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة بأن اتحدت إرادتهم على القيام بها ودبروا خطة وزمان ومكان اقترافها واتفقوا على الأعمال المجهزة والمسهلة على ارتكابها فوقعت الجريمة المبينة في التهمة الأولى بناء على هذا الاتفاق ومع علمهم به (3) هربوا البضائع الواردة والمبينة الوصف بالتحقيقات موضوع التهمة الأولى إلى أراضي جمهورية مصر العربية بطريق غير مشروع وبالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة - ثانياً: المتهمان الثالث والرابع: اشتركا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية إتجار بالجوهر المخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً بأن اتحدت إرادتهما على القيام بها ودبروا خطة وزمان ومكان اقترافها واتفقا على الأعمال المجهزة والمسبقة على ارتكابها - ثالثاً: المتهم الرابع علم بوقوع جناية جلب المتهمون من الأول إلى الثالث للجوهر المخدر المضبوط وأعان الجناة بإخفاء أمر التوريد وفاتورة شراء الجهاز المضبوط به المخدر وسند شحنه من بيروت لميناء الإسكندرية الدالة على ارتكابهم الجريمة، وأحالتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للباقين عملاً بالمواد 40، 41، 48/ 1 - 2 - 3، 145 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 33/ أ، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 والمواد 1، 2، 3، 4، 12، 15، 121/ 1، 2، 122/ 1، 2، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 مع إعمال المادتين 17، 32 من قانون العقوبات أولاً: بمعاقبة المتهمين الأول والثاني والثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهم ثلاثة آلاف جنيه عما أسند إليهم. ثانياً: بمعاقبة المتهم الرابع بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه. ثالثاً: بمصادرة المخدر والجهاز المضبوط.
فطعن كل من المحكوم عليهم عدا الأول في هذا الحكم بطريق النقض ........ إلخ.


المحكمة

أولاً: - الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم جلب جوهر مخدر إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة والاشتراك في اتفاق جنائي وتهريب بضائع إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية بطريق غير مشروع وبالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في الإسناد، ذلك بأن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد السابع....... من أن الشاهد الأول...... أبلغه بواقعة شحن المخدر بجهاز الكمبراسور باسمه من بيروت إلى الإسكندرية تحت تأثير ضغط وقع عليه من جانب المتهمين الأول والثاني، يخالف الثابت بأقوال الشاهد الأول، من أن التهديد كان من جانب المتهم الأول...... شقيق المتهم الثاني - وليس من الطاعن، ورد الحكم على الدفع بصدور اعتراف المتهم الثالث نتيجة إكراه وتهديد بما لا يصلح رداً - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهم الثالث وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، وكان ما يثيره الطاعن من خطأ الحكم في تحصيل أقوال الشاهد السابع - العقيد...... بشأن ما أبلغه به الشاهد الأول...... عن الشخصين اللذين هدداه لحمله على شحن جهاز الكمبراسور باسمه من بيروت إلى الإسكندرية، فإنه وبفرض صحته قد ورد بشأن أقوال لم تكن قوام جوهر الواقعة التي اعتنقها الحكم، ولم يكن له أثر في منطق الحكم وسلامة استدلاله على مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان اعتراف المتهم الثالث فإن ما ينعاه على الحكم من قصور في التسبيب - في هذا الخصوص - يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث:
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم جلب جوهر مخدر إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة والاشتراك في اتفاق جنائي وتهريب بضائع إلى داخل أراضي جمهورية مصر العربية بطريق غير مشروع وبالمخالفة للشروط المعمول بها في شأن البضائع الممنوعة، قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب وخطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال - ذلك بأن الحكم أطرح الدفع بعدم دستورية القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 لعدم عرضه على مجلس الأمة فور انعقاده، تأسيساً على أن الدستور الصادر عام 1958 لم يرتب جزاء على عدم عرض قرارات رئيس الجمهورية بقوانين على ذلك المجلس، ويعد هذا الرد من المحكمة مراقبة منها على دستورية القوانين وهو ما يخرج عن اختصاصها، وكان عليها أن تصرح للطاعن بالطعن على ذلك القانون أمام المحكمة المختصة، ورد الحكم على الدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 وأطرحه بما لا يسوغ إطراحه، برغم أن ما أدلى به الطاعن من أقوال ومعلومات بشأن المتهمين الأول والرابع، اتسم بالجدية والكفاية والصدق وأدى إلى الكشف عن شخصية المتهم الأول والقبض على المتهم الرابع وتقديمهما للمحاكمة، وأن ما ساقه الحكم في معرض الرد على هذا الدفع من أن السلطات كانت على علم مسبق باسمي هذين المتهمين على نحو ما جاء بالتحريات وإذن النيابة العامة لا يتفق والثابت بالأوراق، إذ خلت التحريات وخلا الإذن من تحديد شخصية كل منهما، كما استند في إطراحه لذلك الدفع إلى عدم توافر شروط الإعفاء الواردة بالفقرة الأولى من المادة 48 من المقرر بقانون - المار ذكره - في حين أن الدفع بالإعفاء قام على سند من أحكام الفقرة الثانية من تلك المادة وأغفلت المحكمة الرد على طلب الدفاع الاحتياطي الذي ضمنه مذكرته المقدمة بجلسة المحاكمة بشأن سؤال شهود الإثبات، وعرضت لطلب إجراء تحقيق بخصوص الصندوق المضبوط والذي أجري تفتيشه استناداً إلى أنه ليس هو الصندوق الوارد برسالة الشحن وردت عليه رداً قاصراً، وأورد الحكم في معرض تحصيله لاعتراف الطاعن أنه قرر بأن الصندوق المضبوط الذي عثر به على المخدر، هو ذاته الذي تم شحنه من بيروت بعد إخفاء المخدر في قاعدته الخشبية - وهو ما لا أصل له في الأوراق - إذ أن أقوال الطاعن في هذا الصدد لا تنصرف إلى الصندوق وإنما إلى جهاز الضغط المشحون بداخله والذي لم يعثر فيه على شيء من الممنوعات، واستند الحكم في التدليل على توافر قصد الجلب على مجرد مجموع وزن العينات التي أخذت من الطرب الخمس المضبوطة وأجري عليها التحليل، دون بيان وزن كل طربة على حدة وإجراء التحليل عليها لبيان كنهها، بما لا يصلح معه التعويل على وزن طرب المخدر برمتها في إثبات قصد الجلب في حق الطاعن - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا المعمول به وقت نظر الدعوى - نص في المادة 29 منه على أن تتولى هذه المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي....... (ب) "إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئات أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يتجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن" وكان مؤدى هذا النص أن محكمة الموضوع وحدها هي الجهة المختصة بتقرير جدية الدفع بعدم الدستورية، وأن الأمر بوقف الدعوى المنظورة أمامها وتحديد ميعاد لرفع الدعوى بعدم الدستورية جوازي لها ومتروك لمطلق تقديرها وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة في حدود سلطتها التقديرية رأت - بحق - أن دفع الطاعن بعدم الدستورية غير جدي ولا محل لوقف الدعوى المنظورة أمامها لرفع الدعوى بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، فإنه لا يعيب حكمها - من بعد - ما أورده في معرض الرد على الدفع بعدم الدستورية من تقرير قانوني خاطئ ما دام لا تأثير له في سلامة النتيجة التي انتهى إليها، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بتمتع الطاعن بالإعفاء طبقاً للمادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 ورد عليه في قوله "وإذ كان الثابت بالتحقيقات في هذه الدعوى أن ما صدر من المتهم لا يعد مبادرة منه بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل علمها بها، وإنما محض اعتراف بارتكابها بعد ضبط مخدر الحشيش بقاعدة الصندوق الخشبية، ولم يكن لإخباره بأسماء المتهمين الأول والرابع أية فائدة إذ كانت السلطات على علم بأسمائهما على نحو ما هو ثابت بالتحريات والإذن الصادر من النيابة العامة. إذ تضمن محضر التحريات المؤرخ......... اسم المتهم الرابع وأوصافه ودوره في ارتكابه الجريمة ونوع السيارة قيادته، وصدر إذن النيابة العامة بتاريخ..... بضبطه وتفتيشه قبل استجواب المتهم الثالث "الطاعن" وقبل أن يدلي باسمه، وبالنسبة للمتهم الأول فقد تضمن المحضر المؤرخ....... أن الشاهد....... قد ذكر اسم الأول وجنسيته قبل أن يدلي المتهم الثالث "الطاعن" بالاسم الثاني ولم يضف جديداً يكشف عن شخصيته، ومن ثم فلا محل لادعائه باستحقاقه الإعفاء من العقاب". لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 قد فرق بين حالتين للإعفاء في المادة 48 منه تتميز كل منهما بعناصر مستقلة وأفرد لكل حالة فقرة خاصة واشترط في الحالة الأولى فضلاً عن المبادرة بالإخبار أن يصدر الإخبار قبل علم السلطات العامة بالجريمة أما الحالة الثانية من حالتي الإعفاء فهي لم تستلزم المبادرة بالإخبار بل اشترط القانون في مقابل الفسحة التي منحها للجاني في الإخبار أن يكون إخباره هو الذي مكن السلطات من ضبط باقي الجناة مرتكبي الجريمة، وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه في معرض سرده لواقعة الدعوى والرد على دفع الطاعن بالتمتع بالإعفاء، أن شخصية كل من المتهمين الأول والرابع كانت معلومة للسلطات على نحو ما جاء بمحضر التحريات وما سطر بإذن النيابة العامة قبل أن يدلي الطاعن بأية معلومات عنهما بعد ضبطه وهو ما له أصله الصحيح بالأوراق على ما يبين من المفردات، وكان الفصل في كل ذلك من خصائص قاضي الموضوع ما دام يقيمه على ما ينتجه من عناصر الدعوى - كما هو الحال في الدعوى - فإن الحكم المطعون فيه إذ أطرح الدفع بالإعفاء طبقاً للفقرة الثانية من المادة 48 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 يكون قد أصاب صحيح القانون، ولا يقدح في سلامته ما استهل به في الرد على الدفع من أن ما صدر من الطاعن لم يكن مبادرة منه بإبلاغ السلطات بالجريمة قبل علمها بها ما دام قد واجه الدفع ورد عليه وفق ما أثاره الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة، ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أول من ترافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً البراءة وقدم مذكرة بدفاعه يبين من الاطلاع عليها أنها تضمنت طلباً احتياطياً بسماع أقوال شهود الإثبات ثم تلاه محام ثان ترافع في الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ولم يتمسك بذلك الطلب الاحتياطي ودون اعتراض من الطاعن ولا تعقيب ممن طلب سماع الشهود وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله - وعلى ما يقضي به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الدفاع - وإن تعدد المدافعون وحدة لا تتجزأ، لأن كل مدافع إنما ينطق بلسان موكله، ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم لما كان ذلك وكان الطاعن لم يشير في أسباب طعنه إلى أن الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما إلى شيء من ذلك في مرافعتهما التي لا تفصح بدورها عنه، فإن النعي على الحكم بقالة إغفال المحكمة الرد على ذلك الطلب الاحتياطي لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن من أن الصندوق الذي عثر فيه على المخدر المضبوط ليس هو الصندوق الذي تم شحنه من بيروت وأطرحه تأسيساً على ما قرره الطاعن بتحقيقات النيابة من أن الصندوق الذي تم ضبط المخدر فيه هو الصندوق ذاته الذي أخفي المخدر بقاعدته وتم شحنه من لبنان إلى الأراضي المصرية، وأن الطاعن قد عاون وكيل النيابة المحقق على فصل المخدر المضبوط عن قاعدة الصندوق الخشبية، وأفضى إليه بأن المتهم الثاني قد أرشده عن كيفية استخراج المخدر من الصندوق وقت وضع المخدر بداخله بجمهورية لبنان، فإن ما أورده الحكم على هذا السياق، وهو ما له معينه بالأوراق على ما يبين من المفردات المضمومة، يعد كافياً وسائغاً في إطراح دفاع الطاعن في هذا الخصوص، وبالتالي يكون النعي على الحكم بقالتي القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد على غير أساس، لما كان ذلك، وكان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 إذ عاقب في المادة 33 منه على جلب المواد المخدرة فقد دل على أن المراد بجلب المخدر استيراده بالذات أو بالوساطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء كان الجالب استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره متى تجاوز بفعله الخط الجمركي، قصداً من الشارع القضاء على انتشار المخدرات في المجتمع الدولي، وهذا المعنى يلابس الفعل المادي المكون للجريمة ولا يحتاج في تقريره إلى بيان، ولا يلزم الحكم أن يتحدث عنه على استقلال، إلا إذا كان الجوهر المجلوب لا يفيض عن حاجة الشخص أو استعماله الشخصي أو دفع المتهم بقيام قصد التعاطي لديه أو لدى من نقل المخدر لحسابه، وكان ظاهر الحال من ظروف الدعوى وملابساتها يشهد له، يدل على ذلك فوق دلالة المعنى اللغوي والاصطلاحي للفظ الجلب أن الشارع نفسه لم يغفل في نصه عن الجلب بالإشارة إلى القصد منه، بعكس ما استنه في الحيازة أو الإحراز، ولما كان ما أثبته الحكم المطعون فيه من ضخامة كمية الجوهر الذي أدخل البلاد والتي بلغت 13.7.29 كيلو جرام حشيش كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه الطاعن لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما يتضمنه من طرح الجوهر المخدر في التعامل بغير حاجة إلى استظهار القصد الخاص لهذا الفعل صراحة ولو دفع بانتفائه، خاصة وإن ما يثيره الطاعن من أنه لم يتم وزن كل طربة من طرب المخدر المضبوط على حدة ولم يجر تحليلها لبيان كنهها وأثر ذلك على قصد الجلب لا يعدو أن يكون منازعة موضوعية في كنه بقية المواد المضبوطة التي لم ترسل للتحليل ولا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض، ما دام الطاعن لا ينازع في أن العينات التي تم تحليلها هي جزء من مجموع ما ضبط، ولم يطلب من محكمة الموضوع اتخاذ إجراء في هذا الشأن، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً - الطعن المقدم من المحكوم عليه الرابع:
من حيث إنه يبين من مذكرة أسباب الطعن التي تحمل في صدرها ما يشير إلى صدورها من مكتب المحامي..... أنها موقع عليها بنموذج لتوقيع لا يقرأ البتة: وقد استحال معرفة موقعها لعدم حضور أحد من المحامين المقبولين أمام هذه المحكمة ليقرر أن التوقيع له، فإنها تكون باطلة وغير ذات أثر في الخصومة الجنائية ويتعين استبعادها.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه الاتجار في جوهر مخدر وإعانة الجناة على إخفاء أدلة الجريمة. قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه عول في إدانته على ما جاء بالتحريات وأقوال المتهم الثالث، وما أسفر عنه تفتيشه وسيارته من ضبط صور فوتوغرافية للمتهم الثالث وأوراق شراء الجهاز المضبوط وسند شحنه، وأغفل دفاع الطاعن من أن العميد........ لم يذكر في أقواله مصدر التحريات وأسماء التجار الذين عرض الطاعن عليهم بيع المخدر، وأن ما أدلى به المتهم الثالث من أقوال في حق الطاعن، كان في معرض الدفاع عن نفسه وبغرض التمتع بالإعفاء من العقاب، وقد عول عنها بتحقيقات النيابة، وأن وجود صورة المتهم الثالث مع الطاعن كان بقصد التعرف عليه، واسمه لتقاضي أجرة استخدامه السيارة في تنقلاته، وأن الأوراق الخاصة بشحن الجهاز كان المتهم الثالث قد تركها سهواً بسيارته - مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ساق للتدليل على ثبوت الجريمتين المسندتين إلى الطاعن أدلة مستمدة من أقوال المتهم الثالث وما جاء بتحريات الشرطة وما أسفر عنه تفتيش شخصه وسيارته من ضبط صورة فوتوغرافية للمتهم الثالث والأوراق المتعلقة بشراء الجهاز المضبوط وسند شحنه من بيروت. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة وكانت المحكمة قد أفصحت عن اطمئنانها إلى أدلة الثبوت وتوافرها في حق الطاعن وكانت الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها منتجة في إقناع المحكمة واطمئنانها فإن ما يثيره بشأن اعتراف المتهم الثالث وعدوله عنه وعدم جدية التحريات، والمنازعة في سبب حيازته للأوراق المضبوطة يتمخض دفاعاً موضوعياً قصد به التشكيك في تلك الأدلة، ولا يستوجب من المحكمة رداً صريحاً، ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 201 لسنة 46 ق إدارية عليا جلسة 14 / 6 / 2003

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى - موضوع
-------------------------

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 14/6/2003 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / علي فكري حسن صالح ، د. محمد ماجد محمود أحمد ، أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد . نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة مفوض الدولة

وحضور السيد / كمال نجيب رمسيس سكرتير المحكمة

---------------------

الإجـــراءات 
بتاريخ 13/10/1999 أودع وكيل رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات الحكومية " بصفته " قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 251 لسنة 46 ق.عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية والتعويضات ) بجلسة 15/8/1999 في الدعوى رقم 6518 لسنة 53ق . والقاضي بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى .

وطلب الطاعن " بصفته " - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه ووقف البيع بالمزاد العلني الحاصل في27،26 /4/1999 للعقار رقم .... ش نجيب الريحاني - الأزبكية - القاهرة ، وفي الموضوع بإلغاء هذا البيع وإلزام المطعون ضدهما الأول والثاني بصفتهما والمطعون ضده الرابع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي ، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى ، وقد تم إعلان تقرير الطعن .

وبتاريخ 14/10/1999 أودع وكيل الممثل القانوني للشركة ..... للتوريدات الكهربائية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 258 / 46 ق.ع في حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه .

وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى ، وإحالتها إلى المحكمة المختصة بالقضاء العادي ، مع إلزام المطعون ضده الأول بقيمة المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة .

وقد تم ضم الطعنين وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعنين ارتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً ، ورفضهما موضوعاً وإلزام الطاعنين المصروفات .

وقد عين لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 1/4/2002 ، وبجلسة 18/11/2002 قررت الدائرة إحالة الطعنين إلى الدائرة الأولى موضوع بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 11/1/2003 ، وقد نظرت المحكمة الطعنين بهذه الجلسة والجلسة التالية ، وبجلسة 15/3/2003 قررت المحكمة إصدار حكمها بجلسة 7/6/2003 ومذكرات في شهر ، ومد أجله للنطق به بجلسة اليوم

وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به .

--------------------

المحــكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فهما مقبولان شكلاً
ومـن حـيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسـبـما يبيـن من الأوراق - في أن رئـيـس مـجـلس إدارة الهـيـئة الـعـامـة للخـدمات الحـكومـية " بـصفته " أقـام الـدعـوى رقـم 6518 لـسنة 53 ق بـإيـداع صحيـفـتها قـلم كـتاب مـحـكمة الـقـضاء الإداري ( دائرة العقود والتعويضات ) بتاريخ 8/5/1999 طالباً في ختامها الحكم بوقف البيع بالمزاد العلني الحاصل يومي 26 ، 27 أبريل 1999 للعقار رقم .... شارع نجيب الريحاني ، و في الموضوع بإلغاء هذا البيع .

وقد سند المدعي دعواه بأن الهيئة التي يرأس مجلس إدارتها تمتلك العقار محل النزاع طبقاً لأحكام القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن مصادرة أموال وممتلكات أسرة محمد على ، والقانون رقم 127 لسنة 1956 بشأن تخويل وزارة المالية سلطة التصرف في الأموال المصادرة ، فضلاً عن سبق حصول الهيئة على أحكام نهائية من محكمة استئناف القاهرة ضد بعض من المقام عليهم الدعوى الماثلة بفسخ عقد الإيجار وتسليمهما العـقار محـل الـنزاع الـماثل خالياً ، وعلى الرغـم من ذلك فـقد قامت هـيئة الأوقاف المـصرية ومـديـرية أوقـاف الـقاهـرة بإجراء مزاد علني لبيع العقار الـمذكـور يـومـي 26 ، 27 /4/1999 ومن ثم كان هذا البيع تم ممن لا يملك التصرف ودون سند قانوني .

وبجلسة 15/8/1999 أصدرت المحكمة حكمها بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى .

وقد أسست المحكمة حكمها على سند أن حقيقة النزاع يدور حول أحقية هيئتين عامتين في العقار محل النزاع ، مما تختص به الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة طبقاً لحكم المادة 66 من قانون مجلس الدولة .

ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 251/46 ق. عليا المقدم من الهيئة العامة للخدمات الحكومية هو الخطأ في تطبيق القانون على سند أن طلبات الهيئة كانت تنحصر في وقف وإلغاء البيع الذي تم بالمزاد العلني للعقار رقم .... ش نجيب الريحاني الأزبكية -القاهرة دون بحث الملكية الثابتة للهيئة بنصوص القانونين رقمي 598/1953 ، 127 / 1956 وكذلك القرار الوزاري رقم 103 لسنة 1978 بشأن لجنة تصفية الأموال المستردة ، ومـن ثـم فإن الاختصاص بالـفصل في تلك الـطلبات ينعـقد لمحـكمة الـقـضاء الإداري ، و انتهى إلى طلباته سالفة الذكر .

ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 258 / 46 ق. عليا هو الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في فهم الوقائع والقصور في التسبيب وذلك على أساس أن الحكم المطعون فيه خالف ما انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا من أن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف المصرية في خصوص الأوقاف الخيرية تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ويختص بنظرها القضاء العادي ، وأن المحكمة أخذت بظاهر الأوراق دون أن تلتفت إلى ملكية هيئة الأوقاف للعقار . وانتهى إلى طلباته سالفة الذكر .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن أصل الدعوى هو طلب الهيئة العامة للخدمات الحكومية بوقف البيع بالمزاد العلني الحاصل يومي 26 ، 27 أبريل 1999 للعقار رقم .... شارع نجيب الريحاني والذي أجرته هيئة الأوقاف المصرية باعتبارها ناظراً للوقف.

ومن حيث إن دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقاً للمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد انتهت في حكمها الصادر في الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية بجلسة 6/5/1999 إلى أن مشروع القانون رقم 272 لسنة1959 إذ ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية كما يقوم النظار ابتغاء مصلحة الوقف وإشفاقاً على ريعه من أن تمتد إليه يد غير أمينة تستولي عليه عمداً أو تنفقه مبدداً ، ولقد خلفتها في هذا العبء هيئة الأوقاف التي أنشئت بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 حيث أصبحت لها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف في أموال الأوقاف الخيرية باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف ، والوقف من أشخاص القانون الخاص ، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصباً عاماً ولا يقوم ناظر الوقف هنا وهو هيئة الأوقاف إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص ، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة ، وإنما باعتبارها نائبة عن الناظر على الوقف وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري وليس من شأن هذه النظارة أن يخلع على أموال الوقف صفة المال العام ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية ، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية ، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات .

ومن ثم حكمت المحكمة بأن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف ، نيابة عن وزير الأوقاف ، بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية ، في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها تعد من التصرفات الصادرة عن أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها .

ومن حيث إن القرار المطعون فيه يتعلق بترسية المزاد وإجراءاته هي إجراءات تتعلق بأعيان وقف خيري ( أياً كانت المنازعة في الملكية ) ومن ثم فلا اختصاص للقضاء الإداري ولا الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بها لأن أحد أطراف المنازعة ( وهو هيئة الأوقاف بوصفها نائب ناظر الوقف ) شخص من أشخاص القانون الخاص وبالتالي فلا اختصاص للجمعية العمومية في ذلك طبقاً للمادة 66/ د من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحا غير هذا المنحى فمن ثم فإن النعي عليه يكون في محله مما يتعين معه إلغاؤه والحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى باعتبار أنها تتعلق بشخص من أشخاص القانون الخاص .

ومن حيث إن المادة 110 من قانون المرافعات تقضي عند الحكم بعدم الاختصاص ضرورة الحكم بالإحالة إلى المحكمة المختصة وأن المحكمة المختصة طبقاً لقانون المرافعات هي محكمة موقع العقار ، وهي محكمة شمال القاهرة الابتدائية .

ومن حيث إن الحكم بعدم الاختصاص غير منه للخصومة .

فلهــــذه الأسبــــاب
------------------
حكمت المحكمة :بقبول الطعنين شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ،والقضاء مجدداً بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري ولائياً بنظر الدعوى ، وإحالتها بحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للاختصاص ، وأبقت الفصل في المصروفات .

 

الطعن 3096 لسنة 35 ق جلسة 6 / 5 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 توحيد المبادئ ق 1 ص 9

جلسة 6 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد يسري زين العابدين، وشفيق محمد سليم، وثروت عبد الله أحمد عبد الله، ورأفت محمد السيد يوسف، ورائد جعفر النفراوي، ود. إبراهيم علي حسن، وسعد الله محمد حنتيره، وعويس عبد الوهاب عويس، ومحمد أحمد الحسيني، ومحمد عبد الرحمن سلامه - نواب رئيس مجلس الدولة.

---------------------

(1)
الطعن رقم 3096 لسنة 35 قضائية. عليا

اختصاص - ما يخرج عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري

المنازعات المتعلقة بإدارة أموال الأوقاف واستثمارها أو التصرف فيها.
المادة 970 من القانون المدني.
القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف.
الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصاً اعتبارياً خاصاً، وتعتبر أمواله أموالاً خاصة لا يغير من طبيعتها أن يكون القانون قد أسبغ عليها نوعاً من الحماية والرعاية فحظر تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري 
- الوقف من أشخاص القانون الخاص فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصباً عاماً، ولا يقوم ناظر الوقف - وهو هيئة الأوقاف - إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص، فما يصدر عنها لا يصدر بوصفه سلطة عامة 
- ليس من شأن النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاقه عليه في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين أن يخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية - ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 17 من يونيه سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف بمحافظة الغربية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدول تلك المحكمة تحت رقم 3069 لسنة 35 ق. ع ضد المطعون ضده السيد/ ...... عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب - بجلسة 27 من أبريل سنة 1989 في الدعوى رقم 795 لسنة 40 ق والذي قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بإلغائه والحكم أصلياً بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة في رفعها، ومن باب الاحتياط الكلي برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق، وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة، التي أعدت تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وحددت جلسة 16 من يناير سنة 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي تداولت نظره بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 15/ 5/ 1995 (إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى - موضوع) لنظره بجلسة 18/ 6/ 1995 وتدوّل الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا "دائرة الموضوع" التي ارتأت أن النزاع الماثل يدور حول تصرف هيئة الأوقاف بالتمليك لوحدات العقار المملوك لها من أموال الأوقاف والكائن بشارع عزيز فهمي بطنطا دون الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 357 لسنة 1986 بشأن نسب تملك الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف، وأن الأمر يقتضي ابتداءً الفصل في مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع ذلك أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن هيئة الأوقاف إنما تنوب قانوناً عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً للوقف، وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف في تصديه للقيام على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف، ولما كان الوقف هو من أشخاص القانون الخاص، فمن ثم فإن النزاع المتصل بشأن من شئون النظارة على الوقف - ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام - لا يعتبر متعلقاً بقرار إداري كما لا يمثل منازعة إدارية ومن ثم يخرج الفصل فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري (في هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 711 و717 لسنة 28 ق. ع بجلسة 41/ 6/ 1986 وحكمها في الطعن رقم 2360 لسنة 30 ق. ع بجلسة 5/ 12/ 1987).
إلا أن هناك توجهاً آخراً يرى أن النزاع الماثل يدخل في اختصاص القضاء الإداري باعتباره منازعة إدارية تأسيساً على أن هيئة الأوقاف تعتبر وفقاً للقانون رقم 80 لسنة 1971 الصادر بإنشائها هيئة عامة أي أنها شخص من أشخاص القانون العام، وأنه وإن كانت الأوقاف التي تديرها الهيئة بقصد تنميتها تعتبر أموالاً خاصة، إلا أن المشرع أولاها عناية متميزة فعهد إلى أحد الوزراء وهو وزير الأوقاف - بإدارتها ثم نقل هذا الاختصاص لهيئة الأوقاف كما ساوى بين هذه الأموال والأموال المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة من حيث عدم جواز كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وجواز إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري بقرار من الوزير.
إزاء ما سبق قررت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من مارس سنة 1997 (إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ المشكلة طبقاً للمادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة، للفصل في الخلاف القائم حول مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة.
وقد حددت جلسة 5 يونيه سنة 1997 لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني خلصت فيه إلى أنها ترى أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها تعتبر من المنازعات الإدارية التي تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري.
ولقد تدوّل الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو الثابت بمحاضر جلساتها دون أن يحضر المطعون ضده بنفسه أو بوكيل عنه أي من هذه الجلسات رغم تكرار إخطاره ودون أن يقدم أية مذكرات، بينما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بجلسة 7/ 5/ 1998 (أكدت فيها على وجهة نظرها في أن المنازعات التي تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها لا تعتبر منازعات إدارية، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل فيها، وإنما يدخل ذلك في اختصاص القضاء العادي. قررت المحكمة حجز الطعن للحكم، وصدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول طبيعة التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف بصفتها ناظراً للوقف على الأموال الموقوفة وما إذا كانت هذه التصرفات ذات طبيعة إدارية تسوغ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بنظر المنازعات التي تثور بشأنها، أم أنها تعد من قبيل التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بنظر الأنزعة التي تتفرع عنها.
ومن حيث إن المادة (52) من القانون المدني تنص على أن "الأشخاص الاعتبارية هي:
1 - الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التي يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
2 - الهيئات والطوائف الدينية التي تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.
3 - الأوقاف. 4 - ........
وتنص المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف على أن "تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية:
أولاً: الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه.......
ثانياً: الأوقاف التي لا يعرف مستحقوها ولا جهة الاستحقاق فيها حتى تحدد صفتها.
ثالثاً: الأوقاف الخيرية التي يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين.
رابعاً: الأوقاف التي انتهت بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 المشار إليه (الصادر بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات) ولا زالت في حراسة الوزارة وذلك إلى أن يتسلمها أصحابها.
خامساً: الأوقاف التي خوّل القانون رقم 22 لسنة 1958 لوزارة الأوقاف إدارتها."
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أن "تتقاضى وزارة الأوقاف نظير إداراتها أعيان الوقف التي انتهت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا زالت في حراستها رسماً بنسبة 10% من أصل إيراداتها، ويؤخذ علاوة على ذلك 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التي تنفذ في هذه الأعيان....".
ولقد صدر بعد ذلك القانون (80) لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ونصت المادة (1) على أن "تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة الأوقاف المصرية" تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف، ويكون مقرها مدينة القاهرة ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة".
كما نصت المادة (2) على أن "تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية:
أولاً: الأوقاف المنصوص عليها في المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا....... ثانياً: ....... ثالثاً: ....... رابعاً: الأوقاف التي يئول حق النظر عليها لوزارة الأوقاف بعد العمل بهذا القانون.
وتنص المادة (5) بأن "تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقفين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك محاسبة مستحقي الأوقاف الأهلية وفقاً لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1963 المشار إليه وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة".
وأخيراً تنص المادة (6) على أن "على الهيئة أن تؤدي إلى وزارة الأوقاف صافي ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقاً لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من إجمالي الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الأعيان...."
من حيث إن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون المدني أدخل في المادة (52) منه (البند 3) - ضمن صور الأشخاص الاعتبارية - الأوقاف بعد أن عدد في البند (1) من ذات المادة الأشخاص الاعتبارية العامة كالدولة والمديريات (المحافظات) والمدن والقرى والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة، ويستفاد من هذه المقابلة أن الوقف الخيري لا يعدو أن يكون شخصاً اعتبارياً خاصاً، وتعتبر أمواله أموالاً خاصة لا يغير من طبيعتها أن تكون المادة (970) من القانون المدني قد أسبغت عليها نوعاً من الحماية والرعاية حفظاً لها من طمع الطامعين فحظرت تملكها أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، وأجازت في الوقت ذاته إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري، ذلك أن المشرع ساوى في شأن الحماية التي سبغها بموجب نص المادة (970) المشار إليها بين أموال الأوقاف الخيرية وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وكذلك أموال شركات القطاع العام غير التابعة لأيهما دون أن يدعي أحد بأن أموال هذه الجهات تعتبر أموالاً عامة تتماثل في طبيعتها وصفاتها مع المال العام المملوك للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة مخصصاً لأغراض النفع العام.
وحيث إن مشروع القانون رقم 272 لسنة 1959 إذ ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية كما يقوم النظار ابتغاء مصلحة الوقف وإشفاقاً على ريعه من أن تمتد إليه أيد غير أمينة تستولي عليه عمداً أو تنفقه بدداً، ولقد خلفتها في هذا العبء هيئة الأوقاف التي أنشئت بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 حيث أصبح لها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار التصرف في أموال الأوقاف الخيرية باعتبارها نائبة عن وزير الأوقاف الذي يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف، والوقف من أشخاص القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص في القانون بحكم شغله منصباً عاماً، لأن ولاية هذا المنصب - وإن كانت سند النظر - إلا أنها لا تصبح بذلك جزءاً من الدلالة العامة للمنصب، إذ يظل النظر على وضعه القانوني محدداً نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، ولا يقوم ناظر الوقف هنا - وهو هيئة الأوقاف - إلا بأعمال تقع في نطاق القانون الخاص - فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة، وإنما باعتبارها نائبة على الناظر على الوقف وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأي ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيري، وليس من شأن هذه النظارة المتمثلة في تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وإنفاقه عليه في المصارف التي نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين أن يخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التي تتخذها الهيئة في إدارة هذه الأموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل في عموم المنازعات الإدارية التي نص عليها البند الرابع عشر في القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في هذه الدعاوى والمنازعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بأن التصرفات التي تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف، بصفته ناظراً على الأوقاف الخيرية. في شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها تعد من التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بالفصل في المنازعات التي تتفرع عنها وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.