الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 1369 لسنة 40 ق جلسة 24 / 1 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 27 ص 297

جلسة 24 من يناير سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(27)

الطعن رقم 1369 لسنة 40 قضائية عليا

تحكيم - طبيعته - وجوب اتفاق أطراف الخصومة.
المادة الرابعة من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994.
اللجوء للتحكيم كوسيلة لفض ما يثور بين أطراف الخصومة من نزاع مرده وجود اتفاق صريح بينهما لما يرتبه هذا الاتفاق من أثر يحول دون اختصاص المحاكم بالفصل في المسائل التي تناولها التحكيم - الأصل في التحكيم أنه عرض نزاع معين بين طرفيه على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل في هذا النزاع بقرار مجرد من التحامل وقاطعٍ لدابر الخصومة في جوانبها - لا يجوز أن يكون التحكيم إجبارياً يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذاً لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها وذلك سواءً كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً أو محتملاً - فالتحكيم مصدره الاتفاق وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون والالتزام بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 2/ 3/ 1994 أودعت الأستاذة/ ..... المحامي نائباً عن الأستاذ/ ...... المحامي بالنقض والوكيل عن الممثل القانوني لشركة أتوبيس الوجه القبلي قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1369 لسنة 40 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 1119 لسنة 4 ق بجلسة 26/ 1/ 1994 القاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب المبينة بعريضة الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص والفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وتم إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري لتفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وتحددت جلسة 4/ 5/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وتداولت نظره بالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لنظره بجلسة 13/ 12/ 1998 وبهذه الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تتحصل - حسبما اتضح من الأوراق - في أنه بتاريخ 7/ 6/ 1993 أقام الطاعن بصفته الدعوى رقم 1119 لسنة 4 ق أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 349 لسنة 1993 الصادر من محافظ أسيوط بإعادة تخصيص مساحة 4000 م2 من أملاك الدولة الخاصة والتي كان مرخصاً للشركة الانتفاع بها منذ عام 1975، وذلك لاستغلالها مقراً لقوات الأمن بديروط بصفة مؤقتة لحين انتهاء مهمة هذه القوات نظير أجر اسمي مقداره مائة جنيه سنوياً.
وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقالت الشركة المدعية شرحاً لدعواها بأن رئيس مركز ومدينة ديروط أصدر قراراً في 10/ 2/ 1975 بتخصيص قطعة أرض فضاء مساحتها 4640 م2 لتستخدمها الشركة كورشة وجراج للسيارات المملوكة لها، وقد استمرت في الانتفاع بهذه المساحة منذ ذلك التاريخ نظير مقابل انتفاع تقوم بسداده بانتظام لمجلس مدينة ديروط، إلا أنها فوجئت بصدور القرار رقم 349 لسنة 1993 من محافظ أسيوط بإعادة تخصيص قطعة الأرض لصالح قوات الأمن فتظلمت من القرار ولم يلق تظلمها قبولاً من الجهة الإدارية فأقامت دعواها بطلباتها الموضحة سلفاً.
وبتاريخ 26/ 1/ 1994 أصدرت محكمة القضاء الإداري بأسيوط حكمها المطعون فيه بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المادة (40) من القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال تنص على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع فيما بين الشركة الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من الكتاب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية".
ولما كان مفاد ذلك أن الاختصاص بنظر المنازعات التي تنشأ بين الشركات الخاضعة لأحكام قانون شركات قطاع الأعمال أو بينها وبين إحدى الجهات الواردة بالنص المذكور ينعقد لهيئات التحكيم المشكلة طبقاً لأحكام قانون المرافعات، ونظراً لأن المنازعة الماثلة قائمة بين إحدى الشركات الخاضعة للقانون 203 لسنة 1991 وأحد الأشخاص الاعتبارية العامة، فمن ثم ينحسر اختصاص المحكمة عن نظرها.
وانتهت المحكمة من ذلك إلى قضائها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه ذلك لأن اختصاص محاكم مجلس الدولة بالفصل في سائر المنازعات الإدارية هو أمر مقرر بصريح نصوص الدستور والقانون رقم 47 لسنة 1972 بإصدار قانون مجلس الدولة، ومن ثم فإن ولاية تلك المحاكم ولاية عامة بنظر تلك المسائل ومن بينها النزاع المعروض مما يجعل الحكم المطعون فيه وقد صدر على خلاف هذا الأصل المقرر مخالفاً للقانون.
يضاف إلى ذلك ما وقع فيه الحكم من مخالفة لصريح نص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي تستوجب الإحالة إلى المحكمة المختصة حالة الحكم بعدم اختصاص المحكمة المقام أمامها النزاع وهو ما لم تعمله المحكمة التي صدر عنها الحكم الطعين.
واختتم الطاعن عريضة طعنه بسبب ثالث يرتبط بتطبيق حكم المادة (40) من القانون رقم 203 لسنة 1991 المشار إليها وذلك بأن يكون ثمة اتفاق ارتضى به أطراف الخصومة اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات، وفي حالة عدم وجود مثل هذا الاتفاق فإنه لا يكون هناك من ملجأ سوى القاضي الطبيعي المختص بنظر النزاع.
وإذ خلت أوراق الدعوى من ذلك فإن القضاء الإداري يكون هو صاحب الولاية والفصل في أصل النزاع.
ومن حيث إن المادة (40) من قانون قطاع الأعمال العام رقم 203 لسنة 1991 تنص على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تقع بين الشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية العامة أو الأشخاص الاعتبارية من القطاع الخاص أو الأفراد وطنيين كانوا أو أجانب، وتطبق في هذا الشأن أحكام الباب الثالث من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
وتنص المادة الرابعة من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 على أنه "ينصرف لفظ التحكيم في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفاً النزاع بإرادتهما الحرة".
ومفاد هذين النصين أن اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لفض ما يثور بين أطراف الخصومة من نزاع مرده وجود اتفاق صريح بينهما لما يرتبه ذلك الاتفاق من أثر يحول دون اختصاص المحاكم بالفصل في المسائل التي تناولها اتفاق التحكيم، وقد أكدت المحكمة الدستورية العليا على هذا المبدأ في القضية رقم 13 لسنة 15 ق دستورية جلسة 17 ديسمبر 1994 حين قالت بأن الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائياً عن شبهة الممالأة، مجرداً من التحامل وقاطعاً لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه.... ولا يجوز بحال أن يكون التحكيم إجبارياً يذعن إليه أحد الطرفين إنفاذاً لقاعدة قانونية آمرة لا يجوز الاتفاق على خلافها وذلك سواءً كان موضوع التحكيم نزاعاً قائماً أو محتملاً لأن التحكيم مصدره الاتفاق، وإليه ترتد السلطة الكاملة التي يباشرها المحكمون والالتزام بالنزول على القرار الصادر فيه وتنفيذه.
ومن حيث إنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائي يعتبر من النظام العام، وأن النصوص الدستورية والقانونية تقضي بأن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يعتبر صاحب الولاية والقاضي الطبيعي بنظر الطعون في القرارات الإدارية وسائر المنازعات الإدارية إلا في حالات النص الصريح بأن يكون الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لمحاكم أو لجهة أخرى.
وإذ خلت الأوراق من وجود اتفاق بين طرفي الخصومة على اللجوء إلى التحكيم كأسلوب لفض النزاع، وكان القرار الطعين صدر عن سلطة عامة مختصة بإصداره باعتباره ترخيصاً بالانتفاع بمال خاص مملوك للدولة، فمن ثم يكون الاختصاص بنظر ما يثور بشأنه من نزاع معقوداً للقضاء الإداري باعتباره صاحب الولاية العامة والقاضي الطبيعي المخول له الفصل في مثل هذه المسائل.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير ذلك وقضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون أخطأ في تطبيق صحيح حكم القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر النزاع حيث لم تتعرض لموضوع الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وأبقت الفصل في المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق