الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 10 يونيو 2023

الطعن 469 لسنة 36 ق جلسة 1 / 6 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 117 ص 711

جلسة أول يونيه سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، محمد أسعد إبراهيم.

----------------

(117)
الطعن رقم 469 لسنة 36 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".
مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. قيامها على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس. مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته. تحققها كلما كان فعل التابع قد وقع أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته أو هيأت له بأية طريقة فرصة ارتكابه. سواء أكان ذلك لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي متصل بالوظيفة أولاً، وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "السبب الواقعي".
السبب الذي يقوم على واقع ولم يقدم الطاعن ما يدل على تمسكه به أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.

--------------
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة (1) أن القانون المدني أقام في المادة 174 منه مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه. وتقصيره في رقابته وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه، بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء أكان الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها؛ وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه.
2 - إذا كان ما يثيره الطاعن من أن المكان الذي وقع فيه الحادث هو غرفة أعدت للراحة وليست غرفة للميكانيكا، هو مسألة واقع لم يقدم الطاعن ما يدل على أنه تمسك به أمام محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثانية أقاما الدعوى رقم 7328/ 63 مدني كلي القاهرة ضد وزير الحربية بصفته - الطاعن - وضد المطعون عليهما الثالث والرابع، وطلبا الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ 5000 ج وقالا شرحاً للدعوى إنه بينما كان ولدهما المرحوم عبد الستار عبد الله المكلف بأداء الخدمة العسكرية يجلس مع نفر من زملائه في غرفة الميكانيكا بالمعسكر الذي يتبعه دخل عليهم زميلهم المجند ناجي السيد سليمان المطعون عليه الثالث وأخرج مسدساً كان معه، وقال إن صهره - المطعون عليه الرابع - سلمه إياه لإصلاحه ثم أخذ يعبث بماسورة ذلك المسدس حتى إذا جذبها للخلف انطلق منه عيار ناري أصاب ولدهما المذكور الذي كان يجلس على سرير في مواجهته فأراده قتيلاً، وقدم المطعون عليهما الثالث والرابع للمحاكمة الجنائية وقضى بإدانتهما في القضية رقم 41/ 62 جنايات السويس الأمر الذي تترتب عليه مسئوليتهما المدنية عن الأضرار التي لحقت بالمطعون عليهما الأولين نتيجة وفاة ولدهما من جراء الحادث المشار إليه. وإذ وقع ذلك الحادث من المطعون عليه الثالث في المعسكر حيث كان مكلفاً بأداء الخدمة العسكرية، وحال أدائه لها بما يجعل الطاعن بصفته مسئولاً عن تعويض هذه الأضرار مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه وكانت تلك الأضرار تقدر بالمبلغ السابق الذكر فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، وبتاريخ 2 مارس سنة 1965 قضت محكمة أول درجة بإلزام الطاعن والمطعون عليهما الثالث والرابع بأن يدفعوا متضامنين للمطعون عليهما الأولين مبلغ 3000 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 788/ 82 ق، وبتاريخ 28 يونيه سنة 1966 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بمساءلته عن التعويض المحكوم به على أساس أن العيار الناري الذي أصاب ولد المطعون عليهما الأولين وأودى بحياته قد انطلق من مسدس كان يحمله تابعه وهو المطعون عليه الثالث حال تأديته لوظيفته وبسببها كمجند بالجيش، استناداً من الحكم إلى أن هذه الوظيفة هي التي هيأت لذلك التابع ارتكاب الحادث المشار إليه، وأنه لولاها لما استطاع أن يحضر المسدس الذي ارتكب به ذلك الحادث إلى المعسكر الذي يعمل به ولما قام في ذهن المطعون عليه الرابع الذي سلم ذلك المسدس إلى المطعون عليه الثالث أنه قادر على إصلاحه، هذا في حين أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه إنما تقتصر على الخطأ الذي يقع منه حال تأديته لوظيفته وبسببها، بحيث تكون هذه الوظيفة هي السبب المباشر في وقوع الخطأ، أما إذا اقتصر دور الوظيفة على تيسير ارتكاب الفعل أو تهيئة الفرصة لوقوعه أو كان الخطأ أجنبياً عن الوظيفة فإن المتبوع لا يكون مسئولاً عن خطأ تابعه، واستطرد الطاعن إلى القول بأن المطعون عليه الثالث لم يكن مؤتمراً بأوامره وقت وقوع الحادث ولم تكن للطاعن سيطرة على المسدس الذي استعمل في تنفيذه، وأن الثابت من الاطلاع على الحكم الجنائي الصادر بمعاقبة المطعون عليهما الثالث والرابع أن العيار الناري أصاب ولد المطعون عليهما الأولين بينما كان يجلس على سرير في مواجهة المطعون عليه الثالث مما مؤداه أنهما كانا في حجرة أعدت للراحة رغم تسميتها بحجرة الميكانيكا وهو ما ينتفي به ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الحادث وقع حال تأدية المطعون عليه الثالث لوظيفته وبسببها. وإذ لم يبين الحكم كيف ساعدت وظيفة المطعون عليه الثالث أو هيأت الفرصة لارتكاب الخطأ، وذهب الحكم للتدليل على مسئولية الطاعن إلى أن المطعون عليه الرابع كان يعتقد أن في استطاعة المطعون عليه الثالث حمل المسدس إلى مكان عمله لإصلاحه، مع أن هذا الاعتقاد إنما كان يجب توافره لدى المطعون عليه الثالث، فإن الحكم فوق خطئه في القانون يكون معيباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن القانون المدني نص في المادة 174 على أن "يكون المتبوع مسئولاً عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع متى كان واقعاً منه في حال تأدية وظيفته أو بسببها" قد أقام هذه المسئولية على خطأ مفترض في جانب المتبوع فرضاً لا يقبل إثبات العكس، مرجعه سوء اختياره لتابعه وتقصيره في رقابته، وأن القانون إذ حدد نطاق هذه المسئولية بأن يكون العمل الضار غير المشروع واقعاً من التابع "حال تأدية الوظيفة أو بسببها" لم يقصد أن تكون المسئولية مقتصرة على خطأ التابع وهو يؤدي عملاً من أعمال وظيفته، أو أن تكون الوظيفة هي السبب المباشر لهذا الخطأ، أو أن تكون ضرورية لإمكان وقوعه بل تتحقق المسئولية أيضاً كلما كان فعل التابع قد وقع منه أثناء تأدية الوظيفة، أو كلما استغل وظيفته أو ساعدته هذه الوظيفة على إتيان فعله غير المشروع أو هيأت له بأية طريقة كانت فرصة ارتكابه، سواء ارتكبه التابع لمصلحة المتبوع أو عن باعث شخصي، وسواء أكان الباعث الذي دفعه إليه متصلاً بالوظيفة أو لا علاقة له بها وسواء وقع الخطأ بعلم المتبوع أو بغير علمه. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على قوله "إن مسئولية الوزارة الطاعنة عن أعمال تابعيها إنما تتحقق كلما كانت الوظيفة هي التي ساعدت على إتيان الخطأ وهيأت الفرصة لارتكابه، وإن كان ما وقع من فعل ضار كان في حالة تأدية الوظيفة وإن لم يكن من أعمالها ولكن هيأت له أداؤه للوظيفة بحيث لولا هذا الأداء ما كان الفعل ليقع على النحو الذي وقع فإنها لا شك مسئولة عنه، فلولا عمل المستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - كعسكري مجند في الجيش ما استطاع أن يأخذ المسدس من صهره والتصدي لإصلاحه..... ولما استطاع أن يحمله معه إلى غرفة الميكانيكا وإخراجه وما أعقب ذلك من سقوطه ثم تناوله والعبث به وانطلاق الطلقة منه ووقوع الفعل الضار في أثناء ذلك وفي حال تأديته لوظيفته كمجند" وكان هذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه صحيحاً في القانون ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإنه يكون غير منتج ما يثيره الطاعن من أنه كان على الحكم وهو في مقام البحث عن العلة في وصول المسدس ليد المطعون عليه الثالث أن يتحرى ما قام في اعتقاده هو ساعة استلامه من أنه يستطيع إصلاحه لا فيما قام في اعتقاد المطعون عليه الرابع من المطعون عليه الثالث هو الذي يستطيع إصلاح المسدس، لأنه بحسب الحكم أنه أقام قضاءه - وعلى ما سبق البيان - على أن وظيفة المطعون عليه الثالث باعتباره مجنداً هي التي هيأت له استلام المسدس وحمله إلى داخل المعسكر الذي يعمل به حيث وقع الحادث، كما لا يجدي الطاعن قوله إنه فات الحكم أنه لم يكن لوزارة الحربية السيطرة على المسدس، وأن المطعون عليه الثالث لم يكن مؤتمراً بأوامرها وقت وقوع الحادث، لأنه يكفي طبقاً لما قرره الحكم في هذا الخصوص أن تكون الوظيفة هي التي هيأت الظروف لوقوع الفعل الضار، ولو لم يكن التابع في ارتكابه ذلك الفعل يعمل لحساب متبوعه وبعلمه، لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن من أن المكان الذي وقع فيه الحادث هو غرفة أعدت للراحة وليست غرفة للميكانيكا هو مسألة واقع لم يقدم الطاعن ما يدل على أنه تمسك به أمام محكمة الموضوع، فإن النعي على الحكم بالخطأ في القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال يكون على غير أساس.


(1) نقض 3/ 5/ 56 مجموعة المكتب الفني. س 7. ص 582.
نقض 7/ 11/ 67 مجموعة المكتب الفني. س 18. ص 1614.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق