جلسة أول يونيه سنة 1971
برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول، وعضوية السادة المستشارين: أحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، محمد أسعد محمود.
-------------------
(118)
الطعن رقم 474 لسنة 36 القضائية
(أ) خبرة. "التظلم من تقدير أتعاب الخبير". استئناف. "نظر الاستئناف". دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". نقض. "أسباب الطعن". بطلان.
وجوب نظر التظلم من تقدير أتعاب الخبير ومصاريفه واستئناف الحكم الصادر في التظلم في غرفة المشورة وفي غير علانية وفقاً لقانون المرافعات السابق. النعي على الحكم بالبطلان لنظر التظلم في جلسات علنية دون تقديم ما يدل على ذلك. عار عن الدليل.
(ب) حكم. "النطق بالحكم".
وجوب النطق بالحكم في علانية ولو ونظرت بالدعوى في غرفة المشورة. م 345 مرافعات سابق.
(ج) الأوامر على عرائض. "التظلم منها". حكم. "الأحكام الجائز الطعن فيها". خبرة.
خلو قانون المرافعات السابق من نص خاص يمنع من الطعن في الحكم الصادر في التظلم من أوامر تقدير أتعاب الخبراء. وجوب الرجوع في هذا الشأن إلى القواعد العامة للأوامر على العرائض الواردة في ذات القانون. جواز الطعن طبقاً لهذه القواعد في الأحكام الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض بجميع طرق الطعن المقررة ما لم يرد نص خاص يمنع من ذلك.
(د) استئناف. "الخصوم في الاستئناف".
عدم وجوب شمول الاستئناف لكل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة.
(هـ) حكم. "الطعن في الحكم". "المصلحة في الطعن". استئناف. خبرة.
إلزام الحكم الابتدائي المطعون عليها بدفع باقي أتعاب ومصاريف الخبير المتظلم. دفع الخبير بعدم قبول استئناف المطعون عليها لذلك الحكم تأسيساً على أنه لا مصلحة لها طالما قضى على خصمها نهائياً في دعوى الموضوع بالمصروفات. القضاء برفض هذا الدفع استناداً على احتمال عدم وجود أموال للمحكوم عليهم في دعوى الموضوع يمكن التنفيذ عليها. لا خطأ.
(و) خبرة. "تقدير أتعاب الخبير". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أتعاب الخبير". نقض. "أسباب الطعن". حكم. "عيوب التدليل". "ما لا يعد قصوراً".
تقدير أتعاب الخبير مما يستقل به قاضي الموضوع مادام قد راعى العناصر اللازمة لذلك. حق محكمة الاستئناف في تعديل التقدير دون إيجاب بيان الأسباب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة السكر والتقطير (المطعون عليها) أقامت ضد الحارس العام بصفته الممثل القانوني للمهندس محمد أحمد عبود الدعوى رقم 138 سنة 1956 تجاري كلي القاهرة وطلبت الحكم بإلزامه أن يؤدي لها مبلغ 33561 ج و 366 م وقررت فيها أن المهندس محمد أحمد عبود اشترى أثناء إدارته للشركة طائرتين من أموالها لاستعمالها في مصالحها غير أنه استأثر باستعمالهما لمنفعته الخاصة وسخر موظفي الشركة في ذلك أيضاً وقد أنفق المبلغ المطالب به لأغراضه الخاصة ومن ثم أقامت المطعون عليها ضد الحارس العام بصفته السابقة دعواها بطلباتها سالفة البيان، وبتاريخ 5/ 6/ 1963 ندبت المحكمة الطاعن خبيراً في الدعوى للاطلاع على دفاتر حسابات الشركة والملفات الخاصة بالطائرتين لمعرفة المبالغ التي استلمها المهندس محمد أحمد عبود من الشركة لدفع ثمن الطائرة الثانية، وبيان المصروفات التي أنفقتها الشركة على الطائرتين منذ تاريخ شرائهما والجهات التي قصدتا السفر إليها وسبب السفر وقدمت المحكمة مبلغ 100 ج أمانة للخبير (الطاعن) وبعد أن أودع تقريره قدم طلباً بتقدير أتعابه ومصاريفه ضد المطعون عليها بمبلغ 2000 ج، وبتاريخ 2/ 7/ 1964 قدر رئيس الدائرة أتعاب الطاعن ومصاريفه بمبلغ 1000 ج يخصم منه مبلغ الأمانة السابق إيداعه وينفذ بالباقي ضد المطعون عليها. تظلم الطاعن والمطعون عليها من هذا التقدير أمام المحكمة، وبتاريخ 20/ 6/ 1965 قضت المحكمة بتعديل أمر التقدير إلى مبلغ 1500 ج يخصم منه الأمانة السابق إيداعها وينفذ بالباقي ضد المطعون عليها. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 563 سنة 82 ق ودفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف واحتياطياً بعدم قبوله تأسيساً على أنه لا مصلحة للمطعون عليها في رفعه، وبتاريخ 8 نوفمبر سنة 1966 قضت المحكمة برفض الدفعين وبتعديل الحكم المستأنف بجعل أتعاب الطاعن ومصاريفه مبلغ 500 ج. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالرابع منها على الحكم المطعون فيه قيامه على إجراءات باطلة، ويقول في بيان ذلك إن محكمة الاستئناف لم تنظر التظلم في غرفة المشورة بجلسة سرية، بل نظرته ونطقت بالحكم في جلسة علنية على خلاف ما تقضي به المادتان 251، 416 من قانون المرافعات السابق مما يعيب الحكم بالبطلان.
وحيث إنه وإن كانت المادة 251 من قانون المرافعات السابق تقضي بأن ينظر التظلم من تقدير أتعاب الخبير ومصاريفه في غرفة المشورة وتقضي المادة 416 من قانون المرافعات السابق بأن يجري على قضية الاستئناف ما يجرى من القواعد على القضايا أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام ما لم يقض القانون على خلافه، مما مفاده أن استئناف الحكم الصادر في التظلم من أمر تقدير الخبير ينظر أمام محكمة الاستئناف في غرفة المشورة وفي غير علانية إلا أنه لما كان الطاعن لم يقدم ما يدل على أن التظلم قد نظر أمام محكمة الاستئناف في جلسات علنية، فإن النعي على الحكم بالبطلان في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل، والنعي على الحكم بالبطلان للنطق به في جلسة علنية مردود بأنه يتعين - طبقاً للمادة 345 من قانون المرافعات السابق - النطق بجميع الأحكام في علانية ولو نظرت الدعوى في غرفة المشورة.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم جواز الاستئناف استناداً إلى أن المشرع أفرد لتقدير أتعاب الخبراء ومصاريفهم وكيفية الطعن فيها وطرق الطعن المواد 247 - 252 من قانون المرافعات السابق ولم يرد في هذه النصوص سوى التظلم أمام المحكمة في أمر التقدير دون أن تجيز استئناف الأحكام الصادرة في التظلم، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بجواز الاستئناف مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه كانت أوامر تقدير أتعاب الخبراء ومصاريفهم طبقاً لنص المادة 247 من قانون المرافعات السابق لا تعدو أن تكون من الأوامر على العرائض، وكانت المواد 247 - 252 من قانون المرافعات السابق الخاصة بتقدير أتعاب الخبراء ومصاريفهم والتظلم منها لم يرد بها نص خاص يمنع من الطعن في الحكم الصادر في التظلم، فإنه يتعين الرجوع إلى القواعد العامة للأوامر على العرائض الواردة في الباب الحادي عشر من قانون المرافعات السابق، وإذ تقضي المادة 375/ 2 من قانون المرافعات السابق الواردة في الباب الحادي عشر سالف البيان بأن يحكم القاضي في التظلم على وجه السرعة ويكون حكمه قابلاً لطرق الطعن المقررة للأحكام التي تصدر على وجه السرعة، فقد أفاد هذا النص بجواز الطعن في الأحكام الصادرة في التظلم من الأوامر على العرائض بجميع طرق الطعن المقررة في القانون، وذلك بصفة عامة ما لم يرد نص خاص يمنع من الطعن، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع المقدم من الطاعن بعدم جواز الاستئناف، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن دعوى الموضوع الأصلية التي ندب خبيراً فيها كانت مرفوعة من المطعون عليها ضد الحراسة العامة وورثة المرحوم المهندس محمد أحمد عبود، ثم حلت إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة محل الحراسة وقد أقامت المطعون عليها استئنافها عن الحكم الصادر في التظلم من تقدير أتعاب الطاعن ومصاريفه، واكتفت باختصام الطاعن في الاستئناف دون أن توجهه إلى باقي الخصوم في دعوى الموضوع، مع أن الطاعن كان قد أدخلهم أمام محكمة أول درجة في التظلم المرفوع منه، وكان على الحكم المطعون فيه أن يقضي بعدم قبول الاستئناف غير أنه قضى بقبوله مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الثابت من الحكم الابتدائي بتقدير أتعاب الطاعن ومصاريفه أنه قد صدر ضد المطعون عليها وحدها، وقضى الحكم الابتدائي في التظلمين المقدمين من الطاعن والمطعون عليها بأن تدفع للطاعن باقي أتعابه ومصاريفه، فلا على المطعون عليها إن هي لم تختصم في الاستئناف سوى الطاعن المقدرة له الأتعاب والمصاريف ضدها، مادام أن القانون لم يوجب اختصام باقي الخصوم في التظلم، ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمن يرى من الخصوم أن له مصلحة في مخاصمة من لم يختصم في الاستئناف أن يدخله في الدعوى إذ لم يوجب القانون شمول الاستئناف لكل من كان خصماً في الدعوى أمام محكمة أول درجة، وإذ لم يطلب الطاعن إدخال هؤلاء الخصوم أمام محكمة الاستئناف، فلا على الحكم إن هو قضى بقبول الاستئناف الموجه من المطعون عليها قبل الطاعن وحده ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليها استناداً إلى أنه لا مصلحة لها في رفعه ضد الطاعن، إذ قضى في دعوى الموضوع لصالحها ضد إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة وضد ورثة المرحوم محمد أحمد عبود، وقضى عليهم بمصروفات الدعوى ومنها أتعاب الطاعن ومصاريفه وأصبح حكم الموضوع إنتهائياً بعدم الطعن فيه، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع، استناداً إلى أنه قضى ضد المطعون عليها بأتعاب الطاعن ومصاريفه وأن لها مصلحة محتملة إذ قد لا تكون لدى المحكوم عليه أموال ينفذ عليها مع أن للمهندس محمد أحمد عبود أموالاً طائلة يمكن التنفيذ عليها، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائي أنه ألزم المطعون عليها بأن تدفع للطاعن باقي أتعابه ومصاريفه مما مفاده أن للطاعن أن ينفذ ضدها بالمبلغ المقضى به، وإذ قضى الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف تأسيساً على هذا وعلى أنه للمطعون عليها مصلحة احتمالية إذ قد لا يوجد لدى المحكوم عليهم في دعوى الموضوع من الأموال ما يمكن معه للمطعون عليها الرجوع عليهم بأتعاب الطاعن ومصاريفه، وإذ كانت المصلحة المحتملة تكفي لرفع الطعن فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم قضى بتعديل أتعابه ومصاريفه وقدرها جزافاً دون بيان عناصر هذا التقدير أو سبب تعديله لتقدير محكمة أول درجة مما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الحكم المطعون فيه أنه قضى بتعديل أتعاب الطاعن ومصاريفه بعد أن اطلع على تقريره ومحاضر أعماله والأوراق المقدمة منه والجهد الذي بذله، وانتهى الحكم بعد هذا إلى أن في المبلغ الذي قدره الطاعن ما يكفي لتغطية جميع مصاريفه وكافة أتعابه، ولما كان تقدير الأتعاب ما يستقل به قاضي الموضوع، وكان الحكم قد رأى في تقدير أتعاب الطاعن ومصاريفه العناصر اللازمة لذلك على النحو السالف بيانه، وكانت محكمة الاستئناف إذا عدلت في تقدير محكمة الدرجة الأولى لمبلغ الأتعاب غير ملزمة ببيان سبب هذا التعديل، لأنه مما يدخل في سلطتها التقديرية، فإن النعي على الحكم بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً، ويكون النعي على الحكم بالقصور يكون على غير أساس.
(1) نقض 5/ 6/ 1958 مجموعة المكتب الفني. ص 9. ص 531.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق