جلسة 18 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(65)
الطعن رقم 3945 لسنة 41 قضائية عليا
ترخيص - ترخيص محال تجارية وصناعية - حظر الترخيص في أحياء أو مناطق معينة، المادتان 9، 16 من القانون رقم 453 لسنة 1954 في شأن المحال التجارية والصناعية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة.
المشرع تقديراً منه للطبيعة الخاصة لأنواع معينة من المحال أطلق عليها مسمى المحال التجارية والصناعية والمقلقة للراحة والمضرة بالصحة العامة والخطرة، وأفرد لها تنظيماً تشريعياً خاصاً مؤداه عدم جواز إقامتها أو إدارتها إلا بترخيص، وأحاط الحصول عليه بقواعد وإجراءات منها أولاً: وجود المحل في موقع توافق عليه الجهة الإدارية المختصة بمراعاة نوع النشاط ومدى تأثيره على البيئة المحيطة به أو ما يسببه من مضايقات وإقلاق لراحة السكان وثانياً: ضرورة توافر اشتراطات معينة لإقامة هذا النوع من النشاط سواءً كانت عامة لجميع أنواع المحال أو لنوع منها أو اشتراطات خاصة يتعين أن تتوافر في المحل المقدم عنه طلب الترخيص. نتيجة ذلك: يترتب على إصدار قرار من الجهة المختصة بحظر النشاط في أحد الأحياء أو إحدى المناطق عدم جواز الترخيص بإقامة أو إدارة المحال التي حددها وإلغاء التراخيص السابق إصدارها تطبيقاً لنص الفقرة السابعة من المادة (16) من القانون رقم 453 لسنة 1954 المشار إليه وتصبح المحال التي صدرت لها تراخيص غير مستوفاة للاشتراطات العامة من حيث الموقع والمكان. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 6/ 7/ 1995 أودع الأستاذ/....... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعوى رقم 948 لسنة 43 ق بجلسة 15/ 5/ 1995 والقاضي بعدم قبول الطعن في قراري الغلق المطعون فيهما لزوال المصلحة ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية والمدعي المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلغاء قراري رئيس حي شرق الإسكندرية رقمي 46 و53 لسنة 1988 وما يترتب عليهما من آثار، وبإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحه ترخيص المصنع، وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (دائرة أولى) جلسة 1/ 6/ 1998 والجلسات التالية، وقررت الدائرة إحالته إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 6/ 12/ 1998، وبعد تداول نظره، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمرافعة والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه عن الموضوع، فإنه يتلخص - حسبما يتبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 948 لسنة 43 ق بتاريخ 15/ 2/ 1989 أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طالباً في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قراري رئيس حي شرق الإسكندرية رقمي 46، 53 لسنة 1988 بإغلاق المصنع، كما طلب الحكم بإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن تسليمه ترخيص المصنع، وإلزام المدعى عليهما المصروفات.
وقال شرحاً للدعوى إنه تقدم بطلب مؤرخ 16/ 8/ 1987 لإدارة التراخيص بحي شرق الإسكندرية للحصول على ترخيص إدارة وتشغيل مصنع خياطة ملابس جاهزة بشارع الدكتور سيد فهمي بالدور الثاني علوي بالبرج السادس من أبراج سيدي جابر بسموحه، وسدد رسم المعاينة للموقع وتم إخطاره بتاريخ 4/ 10/ 1987 بالموافقة على الموقع بالشروط التي حددتها جهة الإدارة، وعلى أن يصرف إليه ترخيص مؤقت لمدة سنتين لمراقبة النشاط ولحين تسجيل الأرض.
وأضاف المدعي بأنه قام بتسجيل المصنع بالسجل الصناعي بتاريخ 26/ 4/ 1988 وبدأ الإنتاج خلال عام 1988، وأن المصنع يعمل به حوالي 76 عاملاً، تم التأمين عليهم بوزارة التأمينات الاجتماعية، غير أنه فوجئ بالقرارين المطعون فيهما بغلق المصنع بسبب وقوعه في منطقة يحظر فيها ممارسة النشاط الصناعي، تطبيقاً لقرار السيد المحافظ رقم 227 لسنة 1988 الصادر بتاريخ 1/ 11/ 1988.
وينعى المدعي على القرارين المطعون عليهما بعيب مخالفة القانون، نظراً لأنه سبق له الترخيص بتشغيل وإدارة المصنع، في تاريخ سابق على صدور قرار المحافظ المشار إليه.
وجرى تداول الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة، وأودع المدعي حافظة مستندات طويت على صور المكاتبات الخاصة بطلب الترخيص واستيفاء الاشتراطات ومذكرة مديرية الإسكان الصادر بناءً عليها قرار المحافظ رقم 227 لسنة 1988 بتعديل القرار رقم 96 لسنة 1975 وصورة كشوف التأمين على عمال المصنع وطلبات تصدير منتجات المصنع، كما أودعت الجهة الإدارية مذكرة طلبت فيها أصلياً عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً برفض الدعوى بشقيها وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 21/ 12/ 1989 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما وألزمت جهة الإدارة مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني في طلب الإلغاء.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى طلب الحكم بإلغاء قراري غلق المصنع رقمي 46 و53 لسنة 1988 وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام جهة الإدارة المصروفات، وبجلسة 15/ 5/ 1995 حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن في قراري الغلق المطعون فيهما لزوال المصلحة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وإلزام الجهة الإدارية والمدعي بالمصروفات مناصفة.
وشيدت المحكمة قضاءها تأسيساً على أن المدعي يطلب الحكم بإلغاء قراري رئيس حي شرق الإسكندرية رقمي 46 و53 لسنة 1988 بغلق المصنع، وإلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحه ترخيص التشغيل، وما يترتب على ذلك من آثار.
واستطردت المحكمة فذكرت بأن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية قد أخطرت المدعي بتاريخ 4/ 10/ 1987 بالموافقة على الطلب المقدم منه بطلب الترخيص بإنشاء مصنع خياطة ملابس جاهزة بالبرج السادس بمنطقة سموحة في ظل العمل بقرار المحافظ رقم 96 لسنة 1975 الذي لم يكن يتضمن حظر النشاط بهذه المنطقة، واقترنت الموافقة باستيفاء شروط معينة، وكان الترخيص مؤقتاً لمدة سنتين، واستوفى المدعي الاشتراطات المطلوبة قبل مباشرة النشاط وذلك بتاريخ 13/ 8/ 1988 م طبقاً لما جاء بكتاب مدير عام الرخص المرفق صورته ضمن حافظة مستندات المدعي، وذلك قبل صدور قرار المحافظ رقم 227 لسنة 1988، بتاريخ 1/ 11/ 1988 بتعديل القرار رقم 96 لسنة 1975، والذي تضمن حظر النشاط بمنطقة سموحة، ومن ثم يضحى المدعي صاحب حق ذاتي في مباشرة نشاط المصنع لمدة السنتين المنصوص عليهما بالترخيص والتي انتهت في 13/ 8/ 1990، أما بعد انتهاء هذه المدة فلا يوجد إلزام على جهة الإدارة بتجديد الترخيص أو إصداره بالمخالفة للحظر المنصوص عليه بقرار المحافظ الأخير، وهو ما ينتفي معه القول بوجود قرار سلبي بالامتناع عن إصدار الترخيص، مما يقتضي رفض هذا الطلب.
وخلصت المحكمة مما تقدم، إلى أن الطعن على قراري غلق المصنع قد أصبح غير ذي جدوى، بعد انتهاء مدة التشغيل المؤقت، مما يجعل طلب إلغائهما غير ذي موضوع، وهو ما تقضي معه المحكمة بعدم قبوله لزوال المصلحة، وأما عن المصروفات فذكرت المحكمة أنه لما كان المدعي قد أخفق في طلب إلغاء قرار الامتناع عن منحه ترخيص التشغيل، كما أن الجهة الإدارية كانت قد أصدرت قراري الغلق خلال مدة التشغيل المؤقت بالمخالفة للمركز الذاتي الذي اكتسبه المدعي، فإنه يتعين أن يلزم المدعي والجهة الإدارية بالمصروفات مناصفة بينهما.
ومن حيث إن مبنى الطعن في الحكم سالف الذكر يقوم على أنه خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتفسيره وتأويله وشابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع للأسباب الآتية:
1) يتضح من المستندات أن جهة الإدارة تعسفت في استخدام سلطتها بعدم استخراج الترخيص بعد أن تمت الموافقة على الموقع ومراقبة التشغيل وتوافر كافة الاشتراطات.
2) إن القرارين المطعون فيهما بغلق المصنع صدرا بالمخالفة للقانون وكان يتعين الحكم بإلغائهما وليس بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة.
3) إنه لا يجوز أن يسري القرار رقم 227 لسنة 1988 بأثر رجعي على حالته بعد أن اكتسب مركزاً قانونياً ذاتياً في ظل القواعد المطبقة قبل العمل به.
4) لم يتعرض الحكم لما أثاره الطاعن من دفاع في مذكرته المقدمة بجلسة 12/ 12/ 1994.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن مفاد أحكام القانون رقم 453 لسنة 1954 بشأن المحال التجارية والصناعية المقلقة للراحة والمضرة بالصحة والخطرة ومن بيان المحال الواردة بالجداول الملحقة بالقانون، أن المشرع تقديراً منه للطبيعة الخاصة لأنواع معينة من المحال أطلق عليها مسمى المحال التجارية والصناعية المقلقة للراحة والمضرة بالصحة العامة والخطرة، وأفرد لها تنظيماً تشريعياً خاصاً مؤداه عدم جواز إقامتها أو إدارتها إلا بترخيص، وأحاط الحصول عليه، بقواعد وإجراءات منها أولاً: وجود المحل في موقع توافق عليه الجهة الإدارية المختصة بمراعاة نوع النشاط ومدى تأثيره على البيئة المحيطة به أو ما يسببه من مضايقات وإقلاق لراحة السكان، وثانياً: ضرورة توافر اشتراطات معينة لإقامة هذا النوع من النشاط، سواءً كانت عامة لجميع أنواع المحال أو لنوع منها، أو اشتراطات خاصة يتعين أن تتوافر في المحل المقدم عنه طلب الترخيص" يراجع الحكم الصادر في الطعن رقم 1402 لسنة 39 ق عليا بجلسة 26/ 7/ 1998.
وقرر المشرع في المادة 16 من القانون المشار إليه إلغاء الترخيص في حالات محددة ومنها إذا أصبح المحل غير مستوف للاشتراطات من حيث الموقع والمكان الذي يدار فيه النشاط، وخولت المادة 1/ 3 من القانون وزير الشئون البلدية والقروية (المحافظ حالياً) أن يتعين بقرار منه الأحياء أو المناطق التي يحظر فيها إقامة هذه المحال أو نوع منها.
كما أجازت المادة 9 إصدار تراخيص مؤقتة يجوز تجديدها بعد أداء رسوم المعاينة.
ومن حيث إنه يترتب على إصدار قرار من الجهة المختصة بحظر النشاط في أحد الأحياء أو إحدى المناطق عدم جواز الترخيص بإقامة أو إدارة المحال التي حددها وإلغاء التراخيص السابق إصدارها، وذلك تطبيقاً للمادة 16/ 7 من القانون، إذ تصبح المحال التي صدرت لها تراخيص غير مستوفاة للاشتراطات العامة من حيث الموقع والمكان.
وحيث إنه بتطبيق ما سلف على وقائع الطعن الماثل، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن قدم طلباً بتاريخ 16/ 8/ 1986 لإدارة التراخيص بالإسكندرية لمنحه رخصة لإدارة مصنع ملابس جاهزة بشارع الدكتور سيد فهمي بالدور الثاني علوي بالبرج السادس بمنطقة سموحة قسم سيدي جابر وذلك في ظل العمل بقرار المحافظ رقم 96 لسنة 1975 الذي لم يكن يتضمن حظراً لهذا النوع من النشاط في المنطقة الواقع بها العقار، وبتاريخ 4/ 10/ 1987 وافقت جهة الإدارة على الترخيص له بصفة مؤقتة لمدة سنتين لمراقبة مدى التزام الطالب بالاشتراطات ولحين تسجيل الأرض المقام عليها العقار، إلا أنه بتاريخ 1/ 11/ 1988 أصدر محافظ الإسكندرية القرار رقم 227 لسنة 1988 الذي تضمن حظر الترخيص في المنطقة الواقع بها المحل بأي نشاط خاضع للقانون رقم 453 لسنة 1954 وبناءً عليه امتنعت جهة الإدارة عن منحه ترخيصاً لإدارة المحل وأصدرت القرارين المطعون فيهما بغلق المحل إدارياً.
ومن حيث إنه لما كان الثابت من الأوراق أن مدة السنتين التي صدر بهما الترخيص المؤقت تنتهي في 13/ 8/ 1990، وبعدها يصبح المحل بدون ترخيص، إذ لا إلزام على الجهة الإدارية بمنحه ترخيصاً مؤقتاً أو بتجديده، كما لا يجوز لها إصدار أية تراخيص لإدارة هذا النوع من النشاط بعد صدور قرار المحافظ بحظر مباشرة ذلك النشاط بالمنطقة الكائن بدائرتها المحل المملوك للطاعن الأمر الذي يترتب عليه أن تكون مطالبة الطاعن بإلغاء قراري الغلق رقمي 46 و53 لسنة 1988 غير قائمة على مصلحة شخصية ومباشرة، لانتهاء مدة الترخيص بتاريخ 13/ 8/ 1990 واستمراره في مباشرة النشاط حتى ذلك التاريخ بعد صدور الحكم لصالحه في الشق العاجل من الدعوى بجلسة 21/ 2/ 1989 بوقف تنفيذ القرارين المطعون فيهما بإغلاق المحل، أما عن طلبه إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن منحه الترخيص لإدارة المحل، فإن هذا الطلب لا يعتبر قائماً على سند صحيح من القانون، لما سلف بيانه من أنه لا يجوز للجهة الإدارية أن تصدر تراخيص جديدة، بعد أن أصدر المحافظ قراره رقم 227 لسنة 1988 بحظر مباشرة هذا النوع من النشاط في المنطقة الكائن بها المحل موضوع المنازعة.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد اعتنق هذه الوجهة من النظر فإنه يكون قد أصاب الحق في قضائه، مما يتعين معه الحكم برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق