الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 3006 لسنة 42 ق جلسة 18 / 5 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 82 ص 839

جلسة 18 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعد الله محمد عبد الرحمن حنتيرة، وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ود/ أحمد محمود جمعة، وسالم عبد الهادي محروس جمعة - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(82)

الطعن رقم 3006 لسنة 42 قضائية عليا

مبانٍ - مسئولية المقاول والمهندس المعماري عن الأعمال التي شيدوها - سقوط الضمان.
المادتان (651، 654) من القانون المدني.
المشرع ألزم المقاول بضمان سلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، وحدد لذلك الضمان مدة معينة هي عشر سنوات تبدأ من وقت تسلم المبنى - يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضي ثلاث سنوات على انكشاف العيب أو حصول التهدم، فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم - المقصود بتسليم المبنى الذي تبدأ منه مدة الضمان هو التسليم النهائي الذي بمقتضاه ينتقل المبنى إلى حوزة صاحب العمل - يكفي أن يظهر العيب خلال العشر السنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 27/ 3/ 1996 أودع الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الأستاذ الدكتور رئيس جامعة المنصورة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3006 لسنة 42 ق ضد رئيس مجلس إدارة شركة النصر للمباني والإنشاءات (بصفته) في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة في الدعويين رقمي 2127 لسنة 14 ق و1046 لسنة 15 ق بجلسة 27/ 1/ 1996 والقاضي بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً، وإلزام المدعي بصفته المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدها المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وبعد إعلان تقرير الطعن، قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3/ 6/ 1998، وبجلسة 20/ 9/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) وحددت لنظره أمامها جلسة 8/ 12/ 1998، وتدول نظر الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 9/ 3/ 1999 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن جامعة المنصورة أقامت الدعوى رقم 2127 لسنة 14 ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 19/ 9/ 1992 طالبةً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وبصفة مستعجلة ندب لجنة خبراء من أساتذة كلية الهندسة جامعة القاهرة لمعاينة العيوب الخفية بمبنى كلية الحقوق جامعة المنصورة القديم والتي كشف عنها التقرير الفني المؤرخ 10/ 4/ 1990 وإعداد تقرير فني بقيمة التكاليف التقديرية اللازمة لمعالجة هذه العيوب، وفي الموضوع بإلزام المدعى عليها أن تدفع للمدعي مبلغ 1000000 (مليون جنيه) كتعويض مؤقت لضمان هذه العيوب، وإلزامها كذلك بالفوائد اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد بواقع 4% مع إلزامها المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن جامعة المنصورة أسندت إلى شركة النصر للمباني والإنشاءات عملية إنشاء وتنفيذ مبنى كلية الحقوق جامعة المنصورة، وتم تسليم المبنى ابتدائياً في 15/ 3/ 1980 ونهائياً في 13/ 2/ 1986، إلا أن الجامعة اكتشفت عيوباً كانت خفية يتوالى ظهورها تهدد بتصدع المبنى وتعرض الطلاب للخطر وأول هذه العيوب الخفية ظهر في 25/ 10/ 1988 وأخطرت به الشركة لإصلاحه بالكتاب رقم 3850 المؤرخ 25/ 10/ 1988 فطلبت الشركة إرجاء البت للدراسة، فأقامت الجامعة الدعوى رقم 248 لسنة 46 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في 10/ 10/ 1991 لإلزام الشركة بضمان العيوب الخفية التي أخطرت بها بالكتاب المشار إليه، وكلفت الجامعة مركز الدراسات والبحوث والاستشارات الهندسية بكلية الهندسة جامعة المنصورة بمعاينة المبنى على الطبيعة وتقرير حالته الفنية وإعداد تقرير بذلك حيث قدم المركز تقريرين أولهما في 10/ 4/ 1990 وثانيهما في 22/ 4/ 1991 وأخطرت الشركة بصورة من هذين التقريرين في 11/ 3/ 1991 و24/ 4/ 1991 فأفادت بكتابها المؤرخ 6/ 5/ 1991 أنه قد تم تسليم المبنى ابتدائياً في 15/ 3/ 1980 دون عيوب أو ملاحظات وانقضى عليه أكثر من عشر سنوات مما تعتبر غير مسئولة عن أي إصلاحات أو عيوب بالمبنى.
وأضاف المدعي أن المسئولية عن ضمان العيوب الخفية تنظمها المواد 651 - 654 مدني وكذلك المادة 98 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 والتي تم تنفيذ العملية في ظلها باعتبار أن هذه العيوب الخفية تكشفت بموجب التقرير الفني المؤرخ 10/ 4/ 1990 وأن مدة سريان الضمان المنصوص عليها في القانون المدني تبدأ اعتباراً من تاريخ التسليم النهائي في 12/ 2/ 1986 واستقرت آراء الفقهاء وأحكام محكمة النقض على هذا المبدأ، وقد خلطت الشركة في ردها المؤرخ 6/ 5/ 1991 بين مدة الضمان العشري المنصوص عليها في المادة 651 مدني وهذه المدة التي يجب أن يحدث خلالها الهدم أو ينكشف خلالها العيب الخفي وبين مدة التقادم المتعلقة بدعوى الضمان وهذه المدة المنصوص عليها في المادة 654 ومقدارها ثلاث سنوات يترتب على فواتها سقوط دعوى الضمان.
واستطرد المدعي أنه إزاء امتناع الشركة المدعى عليها عن الوفاء بالتزاماتها بضمان العيوب الخفية التي كشف عنها التقرير الفني المؤرخ 10/ 4/ 1990 ورفضها إصلاح وعلاج هذه العيوب اضطرت إلى طرح عملية علاج وإصلاح هذه العيوب بالمناقصة المحدودة رقم 1 لسنة 1991 وأسندت إلى شركة المشروعات الهندسية لمواد البناء في 13/ 10/ 1991 وكلفتها بتقديم تقرير فني عن كيفية العلاج والإصلاح وقيمة التكلفة التقريبية فأفادت بأن التكلفة تتراوح بين المليون و 1.150.000، فضلاً عن أن مركز الدراسات والبحوث والاستشارات الهندسية بكلية الهندسة جامعة المنصورة قدر التكلفة التقديرية بمبلغ مليون جنيه.
وتخلص وقائع الدعوى رقم 1046 لسنة 15 ق أنه بتاريخ 10/ 10/ 1991 أودع الحاضر عن جامعة المنصورة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة عريضة موقعة من محامٍ طلب في ختامها الحكم بإلزام شركة النصر للمباني والإنشاءات بأن تؤدي للجامعة مبلغاً مقداره 915.000 (تسعمائة وخمسة عشر ألف جنيه) تعويضاً عما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب نتيجة عدم قيام الشركة بإصلاح العيوب الخفية التي تهدد مبنى كلية الحقوق جامعة المنصورة فضلاً عن الفوائد القانونية بواقع 7% من تاريخ الاستحقاق حتى تمام السداد.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إن الجامعة أسندت لشركة النصر للمباني والإنشاءات عملية تنفيذ وإنشاء مبنى كلية الحقوق جامعة المنصورة، وتم تسليم المبنى ابتدائياً في 15/ 3/ 1980 ونهائياً في 12/ 12/ 1986 ثم ظهرت بالمبنى العيوب الخفية التي أخطرت بها الشركة المدعى عليها بالكتاب رقم 3850 المؤرخ 25/ 10/ 1988 وهذه العيوب ظهرت في فترة الضمان ولا تسقط دعوى الضمان إلا بفوات ثلاث سنوات اعتباراً من 25/ 10/ 1988.
وأضاف المدعي أن فترة الضمان المنصوص عليها في المادة 651 مدني إنما تسري من تاريخ التسليم النهائي للمبنى إذ يعتبر وحده الذي يفيد القبول، أما التسليم المؤقت فهو لا يفيد هذا القبول واستقر الفقه والقضاء على هذا المبدأ وقد قامت الجامعة خلال فترة الضمان باحتباس مبلغ 450.000 جنيه من مستحقات الشركة المدعى عليها.
وبجلسة 19/ 5/ 1995 قررت المحكمة ضم الدعوى رقم 1046 لسنة 15 ق إلى الدعوى رقم 2127 لسنة 14 ق للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد.
وبجلسة 27/ 1/ 1996 قضت المحكمة بقبول الدعويين شكلاً ورفضهما موضوعاً، وألزمت المدعي بصفته المصروفات. وشيدت المحكمة قضاءها على أن المادة 651 من القانون المدني تنص على أن (1) يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مبانٍ أو أقاموه من منشآت ثابتة أخرى ولو كان التهدم ناشئاً عن عيوب في الأرض ذاتها أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى المنشآت مدة أقل من عشر سنوات. (2) ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته.. (2) وتبدأ مدة السنوات العشر من وقت تسلم العمل.
ومن حيث إن المستفاد من النصين المتقدمين أن المهندس المعماري أو المقاول ملتزمان بالتضامن عما يقع خلال العشر سنوات في المباني والمنشآت التي شيدوها من تهدم كلي أو جزئي وتبدأ هذه المدة اعتباراً من تسلم المبنى. ويتعين على مالك المبنى أن يقيم دعوى الضمان للرجوع عليهما بقيمة تكاليف وإصلاح العيوب الخفية أو بما لحق المبنى من تهدم وذلك خلال ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الهدم أو اكتشاف العيب طالما كانت هذه المدة ضمن مدة العشر السنوات الواردة بالمادة 651 مدني المشار إليها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق بما لا يدع مجالاً للشك أو المنازعة من طرفي الدعويين أن العيوب الخفية بمبنى كلية الحقوق جامعة المنصورة والذي أسند تنفيذه إلى شركة النصر للمباني والإنشاءات وتسلم ابتدائياً للجامعة في 15/ 3/ 1980 ونهائياً في 12/ 2/ 1986 وقد اكتشفت الجهة المختصة وجود عيوب خفية في تنفيذ عملية إنشاء المبنى وهي ظهور شروخ في أعمدة المبنى مما يعرضه للخطر وطلبت من مدير الشركة بالمنصورة اتخاذ ما يلزم لمعاينة المبنى وإزالة هذه الأسباب على النحو الوارد بكتاب عميد كلية الحقوق جامعة المنصورة المؤرخ 1/ 2/ 1988 إلى مدير الشركة المذكورة، ومن ثم تكون العيوب الخفية التي لحقت بالمبنى قد اكتشفتها الجهة المختصة اعتباراً من هذا التاريخ، وتبدأ تبعاً لذلك مدة الثلاث السنوات وهي مدة إقامة دعوى الضمان التي خلالها يقيم صاحب البناء دعواه للرجوع على المهندس المعماري أو المقاول متضامنين عما يقع في المنشآت التي أقاموها من تهدم كلي أو جزئي أو عيوبٍ خفية وتعتبر مدة الثلاث السنوات هي مدة تقادم مسقط لا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها إنما يجب أن يدفع به أحد طرفي الدعوى وإذ أقام المدعي الدعوى رقم 1046 لسنة 15 ق في 10/ 10/ 1991 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ثم أقام الدعوى رقم 2127 لسنة 14 ق في 15/ 9/ 1992 أمام هذه المحكمة، ومن ثم يكون المدعي "جامعة المنصورة" قد أقام دعوى الضمان المنصوص عليها في المادة 654 مدني بعد انقضاء الثلاث السنوات المنصوص عليها في هذه المادة من تاريخ اكتشاف العيوب الخفية في 1/ 2/ 1988، إذ كان يتعين عليه أن يقيم الدعوى في موعد غايته 31/ 1/ 1991م وليس 10/ 10/ 1991 على النحو المشار إليه، وإذ تمسك المدعى عليه بالتقادم المسقط، وبالتالي تكون دعوى الضمان قد سقطت بالتقادم لانقضاء المدة المقررة قانوناً لإقامتها، مما تقضي معه المحكمة برفض الدعوى.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وتأويله وذلك للأسباب الآتية: -
1 - لا يسوغ الاعتداد أو الاحتجاج بما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تاريخ اكتشاف العيوب الخفية بمبنى كلية الحقوق قد حدث بموجب خطاب عميد كلية الحقوق الموجه إلى مدير الشركة المدعى عليها في 1/ 2/ 1988 ذلك أن العبرة في اكتشاف العيب هي بعلم رب العمل وليس بعلم شاغل المكان، إذ إن شاغل المكان (عميد كلية الحقوق) لم يكن ممثلاً أو موكلاً أو مفوضاً من قبل رئيس الجامعة للتعامل مع الغير طبقاً لنص المادة 26 من قانون الجامعات رقم 49 لسنة 1972 والذي يجعل لرئيس الجامعة سلطة تمثيلها أمام الهيئات الأخرى وقد أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 187 لسنة 1988 بتاريخ 2/ 3/ 1988 بتفويض أمين الجامعة المساعد للشئون المالية الإشراف على إدارة الشئون الهندسية، ومن ثم يكون الإخطار الموجه من أمين عام الجامعة المساعد إلى الشركة المدعى عليها في 25/ 10/ 1988 برقم 3850 وهو الإخطار الذي أقيمت الدعوى رقم 1046 لسنة 15 ق استناداً إليه هو الإخطار بوجود العيب الخفي هو الإخطار الصحيح الذي يجب الاعتداد والتعويل عليه لكونه صادراً من رب العمل بالتفويض ولما كان هذا الإخطار قد تم في 25/ 10/ 1988 وأقيمت دعوى الضمان في 10/ 10/ 1991 ومن ثم تكون قد أقيمت خلال الثلاث السنوات المنصوص عليها في المادة (654 مدني).
2 - أن العبرة في حساب مدة الضمان وبدء سريان مدة التقادم هي بتاريخ التسليم النهائي للمباني والإنشاءات محل الضمان وأنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تعدي دعاوى الضمان بتعدد العيوب التي يتم الكشف عنها بحيث يمثل كل عيب سبباً مستقلاً للدعوى المتعلقة به.
3 - أن مضمون الخطاب الموجه من عميد كلية الحقوق إلى مدير الشركة في 1/ 2/ 1988 لم يرد فيه ما يفيد اكتشاف العيوب الخفية بالمبنى محل الدعوى إذ ورد بالخطاب العبارات الآتية (نتشرف بالإحاطة بأنه قد لوحظ لنا وجود شروخ في أعمدة مبنى الكلية.. ونأمل التكرم باتخاذ اللازم نحو سرعة معاينة مبنى الكلية واتخاذ الإجراءات اللازمة للوقوف على هذه الأسباب...).
4 - مما يؤكد أن الجامعة لم تقف على حقيقة العيوب الخفية ومداها أنها في سبيل التعرف على حالة المبنى وبعد ظهور التشققات وبعد امتناع الشركة المطعون ضدها عن معاينة المبنى أصدر رئيس الجامعة تكليفاً لرئيس مركز الدراسات والبحوث والاستشارات الهندسية بكلية الهندسة بالجامعة في 12/ 6/ 1989 بمعاينة المبنى على الطبيعة وتقديم تقرير بحالته. وقد انتهى مركز الدراسات من هذه المهمة في 10/ 4/ 1990 وهو التاريخ الذي يمكن الاعتداد به كنقطة لبدء كشف العيوب الخفية بالمبنى.
كما يقوم الطعن على أن الحكم المطعون فيه عابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع حيث لم يبين بأسبابه لماذا اعتد بخطاب عميد كلية الحقوق المؤرخ 1/ 2/ 1988 والموجه إلى الشركة المطعون ضدها كنقطة بداية لسريان مدة دعوى الضمان دون أن يرد بأسبابه ماهية العيوب التي كشف عنها هذا الخطاب ومدى اتفاقها أو اختلافها عن العيوب المرفوعة بها الدعوى والواردة بتقرير مركز الدراسات والاستشارات المؤرخ 10/ 4/ 1990.
ومن حيث إن المادة 651 من القانون المدني تقضي بأن يضمن المقاول والمهندس المعماري ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت أخرى وتبدأ مدة السنوات العشر من تاريخ تسلم العمل، وتنص المادة 654 من ذلك القانون على أن تسقط دعوى الضمان المذكورة بانقضاء ثلاث سنوات من وقت حصول التهدم أو انكشاف العيب، فإن مفاد هاتين المادتين أن المشرع ألزم المقاول بضمان سلامة البناء من التهدم الكلي أو الجزئي أو العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته، وحدد لذلك الضمان مدة معينة هي عشر سنوات تبدأ من وقت تسلم المبنى ويتحقق الضمان إذا حدث سببه خلال هذه المدة على أن القانون قد حدد في المادة 654 مدة لتقادم دعوى الضمان وهي ثلاث سنوات تبدأ من وقت حصول التهدم أو ظهور العيب، وبذلك فإنه وإن كان يشترط لتحقق الضمان أن يحصل التهدم أو يظهر العيب خلال مدة عشر سنوات من تسلم رب العمل البناء إلا أنه يلزم لسماع دعوى الضمان ألا تمضي ثلاث سنوات على انكشاف العيب أو حصول التهدم، فإذا انقضت هذه المدة سقطت دعوى الضمان بالتقادم، ولما كان من المقرر أنه على صاحب الدفع إثبات دفعه ومن ثم على من يتمسك بالتقادم أن يثبت انكشاف العيب في وقت معين ومضي المدة المذكورة بعدئذ.
والمقصود بتسليم المبنى الذي تبدأ منه مدة الضمان المنصوص عليها في المادة 651 من القانون المدني هو التسليم النهائي الذي بمقتضاه ينتقل المبنى إلى حوزة صاحب العمل ويوضع موضع الاستعمال العادي وتنتهي به مدة الضمان الخاص المقرر بلائحة المفاوضات والمزايدات ويكفي أن يظهر العيب خلال العشر السنوات حتى يمكن رفع دعوى الضمان وليس من الضروري أن ينتظر رب العمل تهدم البناء إنما يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل تهدم حتى يستطيع العلم به ولو لم يتم العلم به فعلاً وأن وقت اكتشاف العيب أو حصول التهدم يثبت بجميع طرق الإثبات لأن المطلوب هو إثبات واقعة مادية.
(المحكمة الإدارية العليا الطعن رقم 283 لسنة 12 ق جلسة 6/ 4/ 1968) ولما كان الكتاب المرسل من السيد الدكتور عميد كلية الحقوق إلى الشركة في 12/ 2/ 1986 المشار إليه في الحكم المطعون فيه يوضح بما لا يدع مجالاً للشك انكشاف العيب الخفي بالمبني بظهور شروخ به فإن انكشاف العيب كواقعة مادية - يكون قد تم اعتباراً من هذا التاريخ. ولا حجة لما أبدته الطاعنة من أن الميعاد لا يبدأ إلا من تاريخ ورود تقرير مركز الدراسات والبحوث والاستشارات الهندسية بالجامعة في 10/ 4/ 1990 لأن هذا التقرير أكد العيب السابقة ظهوره واكتشافه.
كما لا حجة لما ذهبت إليه الطاعنة من أن العبرة في اكتشاف العيب بعلم رب العمل وهو رئيس الجامعة الذي له سلطة تمثيلها في مواجهة الغير، إذ الأمر لا يتعلق بتمثيل الجامعة، إنما يتعلق بواقعة مادية يمكن إثباتها بأي طريق من طرق الإثبات ومن المقرر في هذا الشأن أنه يكفي أن ينكشف العيب أو يحصل التهدم حتى يستطاع العلم بذلك ولو لم يتم العلم به فعلاً.
ولا حجة كذلك لما ذهبت إليه الطاعنة من أنه ليس ثمة ما يمنع قانوناً من تعدد دعاوى الضمان بتعدد العيوب التي يتم الكشف عنها، ذلك أن مسئولية المقاول تقوم على التزام عقدي أنشأه عقد المقاولة والقول بتعدد دعاوى الضمان عن المبنى الواحد مفاده تعدد التزام المقاول بسلامة البناء خلال تلك المدة في المقاولة الواحدة وعن المبنى الواحد، كما أن مثل هذا القول يتنافى والحكمة من تقرير ميعاد لسقوط الدعوى حتى لا يظل موقف المقاول معلقاً لمدة طويلة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من سقوط الدعوى لانقضاء ثلاث سنين من تاريخ اكتشاف العيب حتى تاريخ رفع الدعوى ومن ثم يكون الطعن غير قائم على أساس سليم من القانون ويتعين لذلك القضاء برفضه وإلزام الطاعنة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق