الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 يونيو 2023

الطعن 1001 لسنة 42 ق جلسة 24 / 11 / 1998 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 11 ص 141

جلسة 24 من نوفمبر سنة 1998

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ود. أحمد محمود جمعة، ومحمد منير السيد أحمد جويفل، وسالم عبد الهادي محروس جمعة - نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------------

(11)

الطعن رقم 1001 لسنة 42 قضائية عليا

عقد إداري. حق الإدارة في تعديل العقد. طبيعته
يثبت للجهة الإدارية دائماً حق تعديل العقد الإداري بغير حاجة إلى النص عليه أو تطلب موافقة المتعاقد معها. إذا أشارت نصوص العقد لهذا التعديل، فإن ذلك لا يعدو أن يكون تنظيماً لسلطة الإدارة وبيان أوضاع وأحوال ممارستها وما يترتب على ذلك - لا يجوز للإدارة أن تتنازل عن ممارسة هذه السلطة لتعلقها بالنظام العام. ذلك أن العقود الإدارية تختلف عن العقود المدنية في أنها تستهدف مصلحة عامة وهي تسيير المرفق العام عن طريق الاستعانة بالنشاط الفردي. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق أول يناير سنة 1996 أودع السيد الأستاذ الدكتور/ ..... المحامي بصفته وكيلاً عن كل من السيدين/ ....، ..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1001 لسنة 42 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 5/ 11/ 1995. في الدعوى رقم 3788 لسنة 47 ق المرفوعة من الطاعنين ضد المطعون ضده والذي قضى بقبولها شكلاً، وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعيين المصروفات. وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً. وثانياً: بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه والقضاء بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها الصادر في 14/ 12/ 1992 والمتضمن تحديد الإيجار بالإرادة المنفردة بالمخالفة للعقدين بمبلغ ستين جنيهاً للفدان الواحد.. وثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس إدارة الهيئة المطعون ضدها الصادر بتاريخ 14/ 12/ 1992 والقضاء بتحديد الإيجار السنوي للفدان الواحد بمبلغ خمسة عشر جنيهاً للطاعن الأول وبمبلغ 22.500 ج للطاعن الثاني، وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصروفات وأتعاب المحاماة.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) جلسة 6/ 3/ 1996 وتدوّل نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات. قدمت خلالها هيئة مفوضي الدولة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً. وفي الموضوع إلغاء قرار الهيئة المطعون ضدها بزيادة سعر إيجار الفدان الواحد عند تجديد التعاقد مع الشركتين الطاعنتين في خصوص المساحة المخصصة لكل منهما بمبلغ ستين جنيهاً. ورفض ما عدا ذلك من طلبات وتحميل طرفي الطعن المصروفات. مناصفة بينهما. كما قدم الطاعنان والهيئة المطعون ضدها مذكرات دفاع، وبجلسة 15/ 7/ 1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 20/ 10/ 1998 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وفيها قدم الحاضر عن الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفاع. وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات. وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني واستوفى باقي أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن وقائعه تتحصل في أن كلاً من السيدين/ ......... بصفته الممثل القانوني لشركة ادكو للاستزراع السمكي،.......... بصفته الممثل القانوني لشركة الحرمين للاستزراع السمكي أقاما الدعوى رقم 3788 لسنة 47 قضائية ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود) بالقاهرة بتاريخ 3/ 3/ 1993 بطلب الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف قرار الهيئة المدعى عليها الصادر بجلسة 14/ 12/ 1992 فيما تضمنه من تحديد الإيجار بالإدارة المنفردة بالمخالفة للعقدين بمبلغ ستين جنيهاً للفدان الواحد سنوياً. وثانياً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، والقضاء بتحديد الإيجار السنوي للفدان الواحد بمقدار 15 جنيهاً سنوياً للمدعي الأول (الطاعن الأول) وبمقدار 22.500 جنيهاً سنوياً للفدان الواحد للمدعي الثاني (الطاعن الثاني) أخذاً بالمعيار الذي وضعه الوزير المختص بزيادة 50% من الإيجار واعتبار ذلك قاعدة عامة تسري عند كل تجديد، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات وأتعاب المحاماة.
وشرحاً للدعوى قال المدعيان إنه بتاريخ 1/ 12/ 1986 أبرمت الهيئة المدعى عليها مع شركة إدكو للاستزراع السمكي عقد إيجار لمساحة مقدارها ألف فدان من الأراضي البور كائنة في منطقة مزرعة دمياط بمحافظة دمياط للاستزراع السمكي، ولمدة خمس سنوات تنتهي في 30/ 11/ 1991 بإيجار مقداره عشرة جنيهات للفدان الواحد بعد السنة الثانية من الإيجار، كما أبرمت الهيئة عقد إيجار آخر مع شركة الحرمين للاستزراع السمكي لمساحة مقدارها خمسمائة فدان من الأراضي البور لمدة خمس سنوات بدأت في 1/ 1/ 1987 وحتى 31/ 12/ 1991 بإيجار سنوي مقداره خمسة عشر جنيهاً سنوياً للفدان الواحد، غير أنه عند انتهاء مدة العقدين أصرت الهيئة على أن يكون الإيجار السنوي للفدان الواحد مبلغاً مقداره ستون جنيهاً طبقاً لقرار صادر بالإدارة المنفردة للهيئة المدعى عليها ودون اتفاق الطرفين، وهذا المبلغ يمثل زيادة جسيمة غير عادية في الإيجار المستحق عن الفدان الواحد. على حين أن نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة قرر بتاريخ 7/ 5/ 1992 وبوصفه الوزير المختص بألا يتم الرفع إلا بمقدار لا يزيد عن 50% من الإيجار، وعلى أثر ذلك سددت الشركتان إيجار السنة الأولى بعد هذه الزيادة فقامت الهيئة المدعى عليها بعرض مذكرة على الوزير المختص بتاريخ 9/ 7/ 1992 فقرر أن يراعي ما يكون قد تم من إنشاءات وتحسينات، غير أن الهيئة هددت بطرح التأجير بالمزاد العلني، وأخطرت الشركتين بقرار مجلس إدارتها الصادر بجلسة 14/ 12/ 1992 المتضمن زيادة الإيجار السنوي ليكون ستين جنيهاً للفدان الواحد، ومن ثم فقد أقاما دعواهما بطلب الحكم بالطلبات سالفة الذكر، تأسيساً على أن الهيئة المدعى عليها قد خالفت البند (24) من بنود العقد والذي تضمن الاتفاق على أن يتجدد العقد تلقائياً لمدد أخرى بمبلغ الإيجار الذي يتفق عليه الطرفان. وبالتالي لا يجوز أن تحدد الهيئة مبلغ الإيجار عند التجديد بمقتضى إرادتها المنفردة. كما وأن المادة السادسة من لائحة تأجير الأراضي التابعة للهيئة والصادرة بقرار مجلس إدارتها برقم 70 لسنة 1986 نصت على أنه يجوز إقرار وضع خاص للشركات والجمعيات التعاونية للثروة المائية التي تقوم بتنفيذ مشروعات كبيرة بعد التحقق من جدواها الاقتصادية، ونصت المادة السابعة من ذات اللائحة على أن يراعى ما يطرأ على العين المؤجرة من زيادة أو نقص في قيمتها. ومن ثم فإن المدعيين يطعنان على قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر في 14/ 12/ 1992 لمخالفته للقانون ولاتسامه بعيب إساءة استعمال السلطة. وبجلسة 5/ 11/ 1995 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبرفضها موضوعاً وألزمت المدعيين المصروفات، وأقامت قضاءها على أن المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية رقم 190 لسنة 1983 بإنشاء الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، قد أناطت في فقرتها الرابعة بالهيئة سلطة تنظيم استغلال مناطق الصيد والمرابي والمزارع السمكية بالمسطحات المائية وإصدار التراخيص اللازمة للصيد. وأن المادة الثامنة من هذا القرار نصت على أن يتولى القيام على شئون الهيئة مجلس إدارتها وله مباشرة جميع التصرفات اللازمة لإدارة أموال الهيئة واستثمارها وإصدار النظم واللوائح الداخلية والقرارات المتعلقة بالشئون المالية والإدارية والفنية دون التقيد بالقواعد الحكومية، وأنه وفقاً للمادة العاشرة تبلغ قرارات مجلس الإدارة إلى وزير الزراعة والأمن الغذائي خلال أسبوع على الأكثر من تاريخ صدورها لاعتمادها، فإذا لم يعتمدها خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغها إليه، اعتبرت نهائية ونافذة، وإذا اعترض عليها خلال هذه المدة يعاد عرضها على مجلس الإدارة لنظرها في ضوء ملاحظات الوزير، وأن قرار الهيئة رقم 70 لسنة 1986 بنظام تأجير الأراضي التابعة لها لإقامة المزارع والمرابي السمكية قد أناط في مادته الرابعة باللجان التي يتم تشكيلها بقرار من رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل مهمة تقدير القيمة الإيجارية الأساسية للقطع التي يتم تأجيرها بالمزاد العلني، وتلك التي تؤجر بغير هذا الطريق في الأحوال المحددة بالقرار المذكورة في مادته السادسة، ولا يكون التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من رئيس مجلس الإدارة، كما تضمن القرار النص في مادته السابعة على أن يبرم عقد الإيجار لمدة خمس سنوات ويجوز لمجلس إدارة الهيئة أن يقرر تجديد التعاقد مع نفس المستأجر لمدد أخرى مماثلة بالقيمة التي يتم تحديدها مع مراعاة ما طرأ على العين المؤجرة من زيادة أو نقص، وأنه في حالة عدم تجديد الإيجار يعلن عن إعادة التأجير بالمزاد العلني، ونصت المادة التاسعة على ضرورة تضمن عقود الإيجار نصاً يقرر اعتبار أحكام هذا القرار جزءاً لا يتجزأ من العقد، وأن كلاً من العقدين محل المنازعة قد تضمن تلك الأحكام سواءً من حيث مدة العقد وكيفية تجديده أو سريان أحكام القرار رقم 70 لسنة 1986، وأن الثابت من الأوراق أن مدة العقدين وفقاً لما ورد بالبند (3) من العقدين هي خمس سنوات، وقد انتهت هذه المادة فإنه وفقاً للبند (24) من العقدين والذي اعتبر أحكام القرار رقم 70 لسنة 1986 جزءاً لا يتجزأ منه وما تضمنه ذلك العقد من أن تحديد العقد لمدد أخرى منوط بضرورة الاتفاق على الأسعار الجديدة والتي التزمت الهيئة وهي بصدد تقديرها الأحكام والسنن والضوابط المنصوص عليها في القرار رقم 70 لسنة 1986 ولم تحجبها عنها نصوص وأحكام العقد المبرم مع كل من المدعيين، فإن قرار مجلس إدارة الهيئة في هذا الشأن وهو القرار محل المنازعة والذي اعتمد من وزير الزراعة بعد أن تفهم مبررات الهيئة في الزيادة يكون والحالة هذه متفقاً والقانون لا مطعن عليه، وأنه لا ينال من ذلك ما ذكره المدعيان في صحيفة الدعوى أو مذكرات الدفاع من أن القرار محل الطعن لم يلزم تأشيرة الوزير بأن تكون الزيادة في حدود 50% من الإيجار الأول، فذلك مردود عليه بأنه وبعد إرسال قرار مجلس إدارة الهيئة بخصوص الزيادة إلى الوزير لاعتماده أشر عليه بملحوظة مفادها أن تكون الزيادة في حدود 50% من الإيجار الأول وفي ضوء ذلك أعاد وفقاً للسلطة المخولة له في المادة العاشرة من القانون رقم 190 لسنة 1983، نظر المسألة في ضوء اعتراض الوزير عليها وأكد المجلس تمسكه بقراره فيما يتعلق بمقدار الزيادة، وأنه بعرض الأمر بعد ذلك على الوزير من خلال مذكرة مؤرخة في 27/ 12/ 1992 بالمبررات أشر عليها بإرسال الرد إلى الجهات المعنية والمتظلمين، وهو ما يعنى اعتماد الوزير لقرار المجلس في خصوص الزيادة، وأن استلام الهيئة لقيمة الإيجار من المدعيين بزيادة مقدارها50 % طبقاً لتأشيرة الوزير لا ينفي الخلاف بين الطرفين وهو ما أقر به المدعيان بخطابهما في
15/ 4/ 1993.
ومن حيث إن الطاعنين - وهما الممثلان الجدد للشركتين المشار إليهما - ينعيان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون تأسيساً على ما يأتي:
1 - البند (24) من العقدين فيما يتضمنه من ضرورة الاتفاق بين الطرفين على الأسعار الجديدة عند تجديد العقد قد جاء تطبيقاً لأحكام المادة 147 من القانون المدني فيما نصت عليه بأن العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه أو تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وأنه وفقاً لذلك فلا يجوز للهيئة المطعون ضدها أن تنقض العقد وتقرر زيادة الإيجار بالمخالفة للعقد، وأن هذا الاتفاق الخاص الذي تضمنه العقد يقيد أحكام القرار رقم 70 لسنة 1986، كما وأن ليس للإدارة الحق في تعديل العقد الذي ليس له صلة بالمرفق العام.
2 - أن الحكم المطعون قد تناقض في أسبابه حيث أقر الحكم بأن البند (24) هو الذي يحكم تجديد العقد ثم يعود ويقر الزيادة التي قررتها الهيئة بإرادتها المنفردة.
ومن حيث إنه فيما ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون استناداً إلى مخالفة الحكم المطعون فيه ما ورد النص عليه في العقد محل المنازعة بأن يجدد العقد تلقائياًَ لمدد أخرى بالإيجار الذي سيتفق عليه من الطرفين، فإنه مردود بأنه من المقرر فقهاً وقضاءً أنه يثبت للجهة الإدارية دائماً حق تعديل العقد الإداري بغير حاجة إلى النص عليه في العقد أو تطلب موافقة المتعاقد معها، حتى إذا أشارت نصوص العقد إلى هذا التعديل، فإن ذلك لا يكون إلا مجرد تنظيم لسلطة الجهة الإدارية في تعديل العقد وبيان أوضاع وأحوال ممارستها وما يترتب على ذلك. ولا يجوز للجهة الإدارية أن تتنازل عن ممارسة هذه السلطة لتعلقها بالنظام العام. ذلك أن العقود الإدارية تختلف عن العقود المدنية في أنها تستهدف مصلحة عامة وهي تسيير المرافق العامة عن طريق الاستعانة بالنشاط الفردي، مما ينبغي معه أن يراعي فيها دائماً وقبل كل شيء تغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة، ومن أجل تحقيق هذا الهدف خولت جهة الإدارة سلطات استثنائية بقصد الوفاء بحاجة المرافق العامة وضمان سيرها وانتظامها واستمرارها، ومن ذلك سلطة الجهة الإدارية في تعديل العقد، وهي الطابع الرئيسي لنظام العقود الإدارية، بل هي أبرز الخصائص التي تميز نظام العقود الإدارية عن نظام العقود المدنية، وتقتضي هذه السلطة أن الجهة الإدارية تملك من جانبها وحدها وبإرادتها المنفردة. على خلاف المألوف في معاملات الأفراد فيما بينهم. حق تعديل العقد أثناء تنفيذه وتعديل مدى التزامات المتعاقد معها على نحو وبصورة لم تكن معروفة وقت إبرام العقد فتزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الطرف المتعاقد معها أو تنقصها وتتناول الأعمال أو الكميات المتعاقدة عليها بالزيادة أو النقصان، على خلاف ما ينص عليه العقد وذلك كلما اقتضت حاجة المرفق هذا التعديل من غير أن يحتج عليها المتعاقد معها بقاعدة الحق المكتسب أو بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين فطبيعة العقود الإدارية وأهدافها وقيامها على فكرة استمرار المرافق العامة تفترض مقدماً حدوث تغيير في ظروف العقد وملابساته وطرق تنفيذه تبعاً لمقتضيات سير المرفق.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان لا يجوز قانوناً للجهة الإدارية أن تتنازل عن ممارسة سلطتها في تعديل العقد سواءً أثناء تنفيذه أو عند تجديد العقد لتعلقها بالنظام العام، وكان الثابت من مطالعة العقدين محل النزاع الماثل أن الهيئة المطعون ضدها قد تنازلت عن حقها في ممارستها سلطتها في تعديل قيمة الإيجار عند تجديد العقدين المشار إليهما. وذلك فيما ورد بهذين العقدين في البند (24) على أنه يجوز تجديد العقد تلقائياً لمدد أخرى بالإيجار الذي سيتفق عليه من الطرفين، وكان ذلك إعمالاً لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، فإن هذا الشرط من شروط العقد يعد باطلاً لمخالفته للنظام العام، لأنه يفيد تنازل الهيئة المطعون ضدها عن سلطتها في تعديل العقد بإرادتها المنفردة بتحديد قيمة الإيجار المستحق لها عند تجديد العقد، إذ يجوز للهيئة المطعون ضدها أن تحدد هذه القيمة على الوجه الذي يحقق أهداف المرفق العام الذي تتولاه وفق أحكام المادة الأولى من قرار إنشائها رقم 190 لسنة 1983 بأن تهدف الهيئة إلى تنمية الاقتصاد القومي في مجال الثروة السمكية وإقامة مشروعات التوسع الأفقي والرأسي في هذا المجال ضمن إطار السياسة العامة والخطة العامة للدولة، والثابت أن الهيئة المطعون ضدها قد قامت بتحديد قيمة الإيجار السنوي للفدان الواحد بمبلغ ستين جنيهاً طبقاً لأحكام المادة الرابعة من قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 70 لسنة 1986 بنظام تأجير الأراضي التابعة للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية المخصصة لإقامة المزارع والمرابي السمكية والتي نصت على أن (تشكل بقرار من رئيس الإدارة المركزية للإنتاج والتشغيل لجان تضم ممثلين للإدارة العامة للمرابي والبحيرات وإدارة الشئون المالية وإدارة الشئون القانونية ومندوب عن المنطقة المختصة تتولى تقدير القيمة الإيجارية الأساسية للقطع التي يتم تأجيرها بالمزاد العلني، وكذلك القيمة الإيجارية للتي يتم تأجيرها بغير طريق المزاد العلني.. ولا يكون هذا التقدير نهائياً إلا بعد اعتماده من رئيس مجلس الإدارة وأوضحت المادة السابعة من هذا القرار عن حق الهيئة المطعون ضدها في تحديد القيمة الإيجارية عند تجديد العقد مع نفس المستأجر لمدد أخرى مماثلة وذلك فيما نصت عليه بأن (يبرم عقد الإيجار لمدة خمس سنوات، ويجوز لرئيس مجلس إدارة الهيئة أن يقرر تجديد التعاقد مع نفس المستأجر لمدد أخرى مماثلة بالقيمة الإيجارية التي يتم تحديدها مع مراعاة ما طرأ على العين المؤجرة من زيادة أو نقص في قيمتها. وفي حالة عدم تجديد الإيجار يعلن عن إعادة التأجير بالمزاد العلني)، ومن ثم فقد حرصت الهيئة المطعون ضدها على تضمين العقدين الإشارة إلى القرار رقم 70 لسنة 1986 المشار إليه الذي يفيد حق الهيئة المطعون ضدها في تحديد قيمة الإيجار بإرادتها المنفردة وعلى النحو الوارد في هذا القرار، وإذ لم يرتض الطاعنان هذه القيمة فإنه لا إجبار على الهيئة المطعون ضدها بتجديد العقدين.
ومن حيث إنه استناداً إلى جميع ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من القضاء برفض الدعوى، قد صادف صحيح حكم القانون، ويكون نعى الطاعنين على الحكم المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون. مما يتعين معه الحكم بتأييد الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن.
ومن حيث إن الطاعنين قد خسرا الطعن، فيلزما بالمصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1986.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وألزمت الطاعنين المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق