جلسة 4 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(51)
الطعن رقم 6837 لسنة 42 قضائية عليا
دعوى الإلغاء - ارتباط طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء - حقيقة الطلبات في الدعوى المحالة من المحكمة - المدنية.
المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
قيام المدعي برفع دعوى بطلب تنفيذ القرار المطعون فيه أمام المحكمة المدنية ينطوي على طلب بإلغاء ذلك القرار الذي هو من اختصاص محاكم مجلس الدولة - أساس ذلك: أن المدعي أقام دعواه وحدد طلباته أمام القضاء المدني وفقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا الشأن وطبقاً للأحكام المقررة أمام ذلك القضاء - متى قضت المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري للاختصاص فإنه يكون لهذا القضاء أن يكيف طلبات الدعوى في ضوء طبيعة دعوى الإلغاء والإجراءات الواجبة قانوناً لرفعها - والأخذ بذلك ليس طليقاً من كل قيد وإنما هو مقيد بضرورة أن تكون المحكمة المدنية المرفوع أمامها طلب وقف التنفيذ تملك أصلاً سلطة الفصل في الدعوى بحكم اختصاصها المنوط بها قانوناً بما مؤداه أن تكون المحكمة المدنية التي أقيمت الدعوى أمامها بطلب وقف التنفيذ هي أصلاً محكمة الموضوع أي أنها مختصة بالفصل في موضوع الدعوى المرفوعة أمامها وليس بنظر الطلب العاجل فقط حتى يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ المرفوع به الدعوى ينطوي ضمناً على طلب بإلغاء القرار المطعون فيه - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 23 سبتمبر سنة 1996 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 25/ 7/ 1996 في الدعوى رقم 1681 لسنة 50 ق الذي قضى بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى.
وقد جرى إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
وعينت جلسة 15/ 6/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) التي تداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، إلى أن قررت النطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 6/ 1995 أقامت المدعية الدعوى رقم 2477 لسنة 1995 - ابتداءً أمام محكمة تنفيذ الإسكندرية طالبة الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من حي المنتزه بشأن العقار رقم 22 بعزبة السيوف خلف فيلا جلال قسم المنتزه، لحين الفصل في الطعن المقام أمام محكمة القضاء الإداري، وذلك على سند من أنها تمتلك العقار المذكور وفوجئت بصدور القرار المطعون فيه متضمناً تصحيح مخالفة الترخيص الممنوح لها، وهو قرار مخالف للقانون لأنه صدر ممن لا يملك إصداره، ودون أن تعلن المدعية بصدوره، وأن طعناً أقيم عليه أمام محكمة القضاء الإداري.
وقد حكمت محكمة تنفيذ الإسكندرية بجلسة 26/ 7/ 1995 في مادة تنفيذ وقتية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الإشكال وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظره، وتنفيذاً لذلك أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري التي قضت بعدم قبول الدعوى وإلزام المدعية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن المشرع اشترط لقبول طلب وقف تنفيذ القرار الإداري النهائي أن يقترن هذا الطلب بطلب الإلغاء في صحف الدعاوى، وأن تقديم طلب وقف التنفيذ على استقلال يكون موجباً لعدم قبوله، ولما كان المدعي لم يقرن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه بطلب إلغائه فإن دعواه تكون غير مقبولة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على سند من أنه كان يتعين على محكمة القضاء الإداري - وقد أحيلت إليها الدعوى من القضاء المدني - أن تكيف طلبات المدعية بما يندرج في اختصاصها بحسبان أنها تهدف من دعواها رفع آثر القرار عاجلاً أو آجلاً، ولا يتحقق ذلك إلا بوقف تنفيذه وإلغائه، الأمر الذي كان يتعين معه اعتبار طلب وقف التنفيذ المقام أصلاً أمام القضاء المدني ينطوي ضمناً على طلب الإلغاء، من ناحية أخرى فإن المحكمة حينما أصدرت حكمها المطعون فيه لم تحاول استكشاف نية المدعي الحقيقية من وراء طلباته، ولم تطلب منه تعديل طلباته، وهي بذلك تكون قد انتهت إلى نتيجة خطيرة هي مصادرة حق المدعي في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي لرفع الآثار الناجمة عن القرار الذي يراه مجحفاً بحقوقه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى واطرد - في مقام تفسير نص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على أن قيام المدعي برفع دعوى بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه أمام المحكمة المدنية ينطوي على طلب بإلغاء ذلك القرار الذي هو من اختصاص محاكم مجلس الدولة تأسيساً على أن المدعي أقام دعواه وحدد طلباته أمام القضاء المدني وفقاً للقواعد المنصوص عليها في هذا الشأن وطبقاً للأحكام المقررة أمام ذلك القضاء ومن ثم فإنه متى قضت المحكمة المدنية بإحالة الدعوى إلى القضاء الإداري للاختصاص فإنه يكون لهذا القضاء أن يكيف طلبات الدعوى في ضوء طبيعة دعوى الإلغاء والإجراءات الواجبة الاتباع قانوناً لرفعها.
ومن حيث إنه ولئن كان ذلك، إلا أن الأخذ به ليس طليقاً من كل قيد وإنما هو مقيد بضرورة أن تكون المحكمة المدنية المرفوع أمامها طلب وقف التنفيذ تملك أصلاً سلطة الفصل في الدعوى بحكم اختصاصها المنوط بها قانوناً، بمعنى أن إعمال المبدأ الذي جرى عليه قضاء هذه المحكمة المشار إليها سلفاً بشأن تفسير نص المادة 49 من قانون مجلس الدولة منوط بأن تكون المحكمة المدنية التي أقيمت الدعوى أمامها بطلب وقف التنفيذ هي أصلاً محكمة الموضوع أي أنها المحكمة المختصة بنظر الدعوى المرفوعة أمامها وليس بنظر الطلب العاجل فقط حتى يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ ينطوي ضمناً على طلب بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه إعمالاً لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعية أقامت دعواها ابتداءً أمام محكمة تنفيذ الإسكندرية طالبة الحكم بوقف تنفيذ قرار التصحيح الصادر من حي المنتزه لحين الفصل في الطعن المقام أمام محكمة القضاء الإداري، وأن المحكمة المذكورة قضت في مادة تنفيذ وقتية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الإشكال وبإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية لنظره، فإذا ما أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإداري وقضت فيها بعدم قبولها لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء إعمالاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة فإن قضاءها يكون صحيحاً ومطابقا للقانون بعد إذ تبين للمحكمة أن الدعوى - المحالة إليها - مرفوعة ابتداءً أمام "محكمة تنفيذ" وهي لا تملك أصلاً التصدي لموضوع الدعوى مما لا يمكن القول بأن طلب وقف التنفيذ ينطوي ضمناً على طلب بالإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى بعدم قبول الدعوى فإنه يكون صحيحاً ويكون النعي عليه بمخالفته للقانون نعياً غير سديد ويتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق