جلسة 4 من إبريل سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------
(48)
الطعن رقم 4084 لسنة 40 قضائية عليا
أملاك الدولة العامة - تعريفها - أساليب تخصيص المال للمنفعة العامة.
المادة (87) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954.
إن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها من الأموال المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة - تكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة، أو بموجب التخصيص الفعلي، بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام - يثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام، ولا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام ووجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة - كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 21/ 8/ 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4084 لسنة 40 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط في الدعوى رقم 259 لسنة 2 ق. بجلسة 29/ 6/ 1994 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/ 7/ 1998، وبجلسة 21/ 12/ 1998 قررت إحالته إلى هذه المحكمة التي نظرته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 259 لسنة 2 ق. بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط بتاريخ 17/ 12/ 1990 طلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة البلينا محافظة سوهاج رقم 42 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 9/ 12/ 1990 فيما تضمنه من إزالة المبنى الخاص بهم، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالوا شرحاً للدعوى إنهم يمتلكون ويضعون اليد على أربعة قراريط وأربعة أسهم بحوض داير الناحية نمرة 6 قطعة رقم 58 بناحية بني جميل مركز البلينا وأقاموا على هذه المساحة مضيفة لعائلتهم، إلا أنهم فوجئوا بتاريخ 9/ 12/ 1990 بصدور قرار اللجنة الهندسية الخاصة رقم 42 لسنة 1990 بإزالة التعديات على أرض الدولة الحاصلة منهم على شارع حرم السكن قطعة رقم 61 حوض داير الناحية بزمام ناحية بني جميل في جزء من المضيفة فتظلموا من القرار دون جدوى، ونعى المدعون على القرار مخالفته لصحيح الواقع والقانون ذلك أن الثابت بالمستندات الرسمية القاطعة وهي الكشوف الرسمية والعقد المسجل أن هذه المساحة المقام عليها هذه المضيفة والتي صدر بشأنها القرار المطعون فيه مملوكة ملكية خاصة لهم، كذلك فإن القرار المطعون فيه صدر لتصفية حسابات بين المرشحين لعضوية مجلس الشعب في انتخابات عام 1990 ومن ثم فالقرار مشوب بالتعسف في استعمال السلطة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه صدر خالياً من ركن السبب مجحفاً بحقوق المطعون ضدهم جديراً بالإلغاء فضلاً عن حرمانهم من استغلال ملكهم الخاص وتشريد عائلة بأسرها.
وبجلسة 29/ 6/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من أوراق الدعوى أنه بتاريخ 9/ 12/ 1990 حررت الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة البلينا مذكرة تضمنت تعدي المدعين على أرض الدولة بشارع حرم السكن (61) حوض داير الناحية (6) بناحية بني جميل وذلك بإضافة جزء من الشارع إلى المضيفة الخاصة بهم فأصدر رئيس الوحدة المحلية القرار رقم 42 لسنة 1990 المطعون فيه بإزالة هذه التعديات، وقامت النيابة العامة بتحريك الدعوى العمومية ضدهم بالجنحة رقم 67 لسنة 1991 جنح البلينا بأنهم تعدوا على أملاك الدولة بالبناء عليها، وأن الثابت من تقرير الخبير المودع في هذه الدعوى أن المتهمين لم يتعدوا على أرض ملك الدولة، وبجلسة 21/ 12/ 1991 قضت المحكمة ببراءة المتهمين مما أسند إليهم طبقاً لما ورد بتقرير الخبير، وأن إسناد الاتهام قد جاء على غير سند من الواقع والقانون ومن ثم يكون الحكم المذكور قد نفى حصول تعدي من المدعين على أملاك الدولة وهو حكم حائز للحجية، ويضحى القرار المطعون فيه غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن المطعون ضدهم تعدوا على أملاك الدولة العامة بالقطعة رقم 46 بحوض داير الناحية رقم 6 والخريطة المساحية الموضح بها موقع التعدي وهو ما دفع الإدارة لإصدار القرار المطعون فيه بإزالة التعدي بموجب التفويض الصادر من محافظ سوهاج برقم 245 لسنة 1980 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صدر ممن يملك سلطة إصداره وقائماً على سبب يبرره ومتفقاً وصحيح حكم القانون ومستهدفاً حماية المال العام. ولا محاجة فيما استند إليه الحكم الطعين من صدور الحكم الجنائي ببراءة المطعون ضدهم ذلك أن الخبير المنتدب في الدعوى قد انتقل إلى القطعة رقم 61 حرم السكن في حين أن التعدي وقع على القطعة رقم 46 بحوض داير الناحية رقم (6) بناحية بني جميل مركز البلينا ومن ثم يكون الخبير قد باشر مأموريته على أرض أخرى ليست هي الأرض محل النزاع فضلاً عن أنه لم يتصل بجهة الإدارة حتى تمكنه من مباشرة مأموريته على الوجه الصحيح، مع إيضاح أن القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 قد وقع فيه خطأ مادي في ذكر رقم القطعة المتعدي عليها مما حدا بجهة الإدارة إلى إصدار القرار رقم 1 لسنة 1993 بتصحيح هذا الخطأ المادي بأن رقم القطعة المتعدي عليها هو رقم 46 وليس 61، وإذ خالف الحكم الطعين هذا النظر مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن المادة (87) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 331 لسنة 1954 تنص في فقرتها الأولى على أنه "تعتبر أموالاً عامة العقارات والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة، والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص......" ومفاد حكم هذا النص أن الطرق والشوارع والترع والقناطر والجسور وغيرها المخصصة للمنفعة العامة، أي المخصصة لاستعمال الجمهور تعتبر أملاكاً عامة وتكون هذه الأشياء مخصصة للمنفعة العامة إما بموجب أداة قانونية مما أورده النص وهذا هو التخصيص الرسمي للمنفعة العامة بأداة قانونية من السلطة المختصة أو بموجب التخصيص الفعلي، بأن يكون الطريق أو القنطرة أو الجسر أو الترعة، مخصصاً للاستعمال العام بالفعل أي مطروقاً يمر فيه الناس ووسائل النقل دون تحديد أو تخصيص من فترة زمنية طويلة كافية لاستقرار تخصيصه بالفعل للنفع العام، ويثبت ذلك من المظاهر الواقعية للتخصيص للنفع العام، ولا يشترط لاعتبار شيء من ذلك مخصصاً للنفع العام، وجود مصلحة تنظيم في الجهة التي يوجد بها الطريق أو الجسر أو القنطرة كما لا يشترط أن يتم الصرف على شيء منها بمعرفة الحكومة.
ومن حيث إن المادة (970) من القانون المدني معدلة بالقانون رقم 55 لسنة 1975 تنص على أنه ".... ولا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة.... أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم. ولا يجوز التعدي على الأموال المشار إليها بالفقرة السابقة، وفي حالة حصول التعدي يكون للوزير المختص حق إزالته إدارياً.
كما تنص المادة (26) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 145 لسنة 1988 على أن "... وللمحافظ أن يتخذ جميع الإجراءات الكفيلة بحماية أملاك الدولة العامة والخاصة وإزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإداري".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 الصادر من رئيس مركز البلينا بموجب التفويض الممنوح له من محافظ سوهاج رقم 245 لسنة 1980 وبناءً على مذكرة الإدارة الهندسية المؤرخة 9/ 12/ 1990 بقيام المطعون ضدهم بالتعدي على أرض الدولة شارع حرم السكن 61 حوض داير الناحية رقم (6) ناحية بني جميل وذلك بإضافة جزء من الشارع إلى المضيفة الخاصة بهم بطول 17.30 م وعرض 4.10 م مباني بالطوب الأحمر ومونة الأسمنت بارتفاع 3.5 م عن سطح الأرض، ومن ثم صدر القرار المطعون فيه بإزالة هذا التعدي على أرض الدولة بشارع حرم السكن 61 حوض داير الناحية رقم (6).
وبالاطلاع على حافظة مستندات الجهة الإدارية المودعة بجلسة 5/ 10/ 1998 يتبين أنها أحتوت مذكرة الإدارة الهندسية بمركز البلينا، وقد ورد بها "أنه تلاحظ بعد صدور القرار المشار إليه أن التعدي يقع بالطريق الميري رقم 46 وليس بالشارع حرم السكن 61 بذات الحوض وذلك بعد إعادة المعاينة على الطبيعة والاطلاع على الخرائط المساحية الجديدة أرقام 7 - 20 - 96، 8 - 20 - 96 - وعلى ذلك تحررت هذه المذكرة من لجنة التعديات بتعديل وتصحيح رقم الشارع الذي يقع فيه التعدي".
ومن حيث إن البين مما سبق أن المطعون ضدهم قاموا بالتعدي بالبناء على الشارع (الطريق الميري 46) بحوض داير الناحية رقم (6) بزمام قرية بني جميل مركز البلينا محافظة سوهاج. وهذا التعدي واقع بالفعل إبان صدور القرار المطعون فيه رقم 42 لسنة 1990 ولا يغير من ذلك ولا ينفي عنهم صفة التعدي ما ورد بالقرار المطعون فيه خطأ بند ذكر اسم الشارع (حرم السكن 61) بدلاً من الشارع الذي وقع عليه التعدي فعلاً (الطريق الميري 46) فالخطأ في ذكر اسم الشارع لا ينفي واقعة التعدي بالبناء والذي هو واقعة مادية، وقد وقع التعدي على شارع قائم بالفعل ومطروق وهو ما ينطبق عليه وصف الأموال العامة المملوكة للدولة، وإذا كان المطعون ضدهم يملكون مضيفة بالقطعة رقم (58) الملاصقة لشارع حرم السكن 61 ولشارع الطريق الميري 46 فإن المطعون ضدهم لم يقدموا سند ملكيتهم لكامل مساحة المضيفة فقد ورد بحافظة المستندات المقدمة منهم أمام محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 27/ 3/ 1991 وبكشف التحديد الصادر بناءً على طلبهم رقم 92 في 24/ 1/ 1991 وبدون بحث الملكية والتكليف وتحت مسئولية طالبيه أن مساحة المضيفة عبارة عن 363 متراً مربعاً بالقطعة 58 حوض داير الناحية/ 6 في حين يبين من الكشوف الرسمية المستخرجة من سجلات مصلحة الضرائب العقارية أن جملة مساحة مورثهم.... بحوض داير الناحية هو 8 س، 1 ط وهو ما جملته 233.33 م ومن ثم فإن المطعون ضدهم لم يقيموا الدليل على ملكيتهم لباقي مساحة المضيفة، هذا بالإضافة إلى أنهم لم يعقبوا على حافظة مستندات جهة الإدارة المشار إليها بحدوث خطأ في اسم الشارع في القرار المطعون فيه ولم يدفعوا ذلك بثمة دفع وكان بإمكانهم إقامة الدليل على ملكيتهم في هذا الشأن.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك ما ورد بتقرير الخبير في الدعوى رقم 67 لسنة 1991 جنح البلينا والقاضي ببراءة المطعون ضدهم من تهمة التعدي بإضافة جزء من شارع حرم السكن 61 بحوض داير الناحية نمرة 6 بزمام بني جميل بمسطح 71 م تقريباً فقد استند الحكم على ما ورد بتقرير الخبير في الدعوى والذي أثبت أن المتهمين لم يتعدوا على أرض ملك الدولة والمضيفة المملوكة لهم مقامة على القطعة رقم 58 بحوض داير الناحية وبعيدة عن القطعة 61 حرم السكن ومن ثم صدر الحكم المشار إليه ببراءتهم من التعدي ولما كان الحكم الجنائي إنما تقوم حجيته فيما فصل فيه من وقائع عندئذ يتقيد به القاضي الإداري وإذ لم يفصل الحكم الجنائي في تعدي المطعون ضدهم على شارع طريق الميري 46 والذي هو التعدي القائم فعلاً ومن ثم فإن حجية الحكم الجنائي إنما تقتصر على ما فصل فيه من وقائع، ويظل تعدي المطعون ضدهم على شارع طريق الميري 46 بحوض داير الناحية بزمام قرية بني جميل مركز البلينا محافظة سوهاج قائماً بالبناء على جزء من هذا الشارع بل إن مستندات جهة الإدارة أمام محكمة القضاء الإداري وعلى ما ورد بكتاب رئيس الوحدة المحلية ببني جميل المؤرخ 8/ 12/ 1990 حددت التعدي "ذكر أن بيارة المسجد الكبير والتابع لمديرية الأوقاف تقع تحت هذه المباني المستجدة" ومن ثم فالتعدي قائم وإذ صدر القرار المطعون فيه بعد تصحيح اسم الشارع الواقع به التعدي بإزالة التعدي المشار إليه ومن ثم يكون قائماً على صحيح سنده من الواقع والقانون، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ومن ثم يكون جديراً بالإلغاء وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق