جلسة 25 من أكتوبر سنة 1998
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أحمد الحسيني مسلم، وعبد البادي محمد شكري، وسمير إبراهيم البسيوني وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.
-------------------
(6)
الطعن رقم 4640 لسنة 40 قضائية - عليا
توجيه وتنظيم أعمال البناء - إزالة - عدم جواز تفويض المحافظ لمستشاره للشئون الفنية والهندسية.
المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982، والمادة 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية.
المشرع أجاز للمحافظ المختص أو من ينيبه إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تمت بدون ترخيص أو بالمخالفة للترخيص الممنوح بشأنها - المشرع لم يحدد الشخص أو الأشخاص الذين يجوز للمحافظ المختص إنابتهم - يتعين الرجوع لأحكام قانون نظام الحكم المحلي والتي حددت الأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم في سلطاته واختصاصاته فقصر هذا التفويض على مساعدي المحافظ وسكرتير عام المحافظة والسكرتير العام المساعد ورؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الأخرى - التفويض الصادر من المحافظ إلى مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية في هذا الشأن يكون باطلاً لمخالفته القانون، وما يصدر بناءً على هذا التفويض من قرارات يكون باطلاً لصدوره من غير مختص. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 25/ 9/ 1994 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدول المحكمة برقم 4640 لسنة 40 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة دائرة منازعات الأفراد والهيئات (ب) بجلسة 4/ 8/ 1994 والذي قضى "بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات".
وطلب الطاعن - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء له بطلباته التي أبداها أمام محكمة القضاء الإداري مع إلزام جهة الإدارة المصروفات عن الدرجتين".
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهم. كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 47 لسنة 1990 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 30/ 8/ 1998 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة) لنظره بجلسة 4/ 10/ 1998 وفي هذه الجلسة حضر الطرفان وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المدعي (الطاعن) أقام الدعوى رقم 4883 لسنة 44 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة - دائرة منازعات الأفراد والهيئات "ب" بتاريخ 22/ 5/ 1990 طالباً في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 47 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 2/ 10/ 1989 بإزالة الدور الأرضي والأول والثاني وأعمدة الثالث فوق الأرضي بالعقار المشار إليه بالعريضة وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه أُعلن بتاريخ 3/ 5/ 1990 بقرار الإزالة المذكور ونعى على هذا القرار بطلانه لمخالفته لأحكام المادة رقم 15 من القانون رقم 106 لسنة 1976 لصدوره بدون أسباب تبرره، بالإضافة إلى أنه لم يتم معاينة العقار بمعرفة اللجنة الثلاثية قبل الموافقة على الإزالة، وأن الجهة الإدارية مصدرة القرار لم تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة من إصدار هذا القرار بل قصدت الإضرار بالمدعي.
وقامت المحكمة بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة حيث قامت بتحضيرها وأودعت تقريراً مسبباً بالرأي القانوني فيها ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات.
وبجلسة 4/ 8/ 1994 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وقد شيدت هذا الحكم بعد استعراضها لنصوص المادتين الرابعة والسادسة عشر من القانون رقم 106 لسنة 1976 - المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982 - بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء - على أساس أن المدعي قام ببناء الدور الأرضي والأول والثاني وأعمدة الدور الثالث بالعقار المملوك له والموضح بعريضة الدعوى بدون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم، فقامت هذه الجهة بتحرير محضر مخالفة رقم 419 لسنة 1989 ضده ثم أصدرت القرار رقم 868 لسنة 1989 بوقف الأعمال المخالفة ثم أصدرت القرار المطعون فيه بإزالة هذه الأعمال ومن ثم يكون هذا القرار قائماً على سببه المبرر له متفقاً وصحيح حكم القانون. وأن صدور حكم جنائي بالبراءة لا يغير من الأمر شيئاً لقيامه على انقضاء الدعوى العمومية بمضي المدة.
ومن حيث إن الطاعن لم يرتض هذا الحكم فأقام الطعن الماثل على أساس أن الحكم المطعون فيه 1 - قد صدر بالمخالفة لحجية الحكم الجنائي النهائي ذلك أنه بعد أن صدر حكم من محكمة أول درجة في 23/ 10/ 1990 بتغريم الطاعن ستة عشر ألف جنيه والإزالة والمصاريف فقد قضت محكمة الاستئناف في الاستئناف رقم 7669 لسنة 1990 جنوب القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف بانقضاء الدعوى بمضي المدة، ومفاد ذلك أن الحكم الجنائي حمى المباني التي أقامها الطاعن بحيث لا يحكم عليه بعقوبة ولا بإزالة المباني المخالفة ولو كان الأمر غير ذلك لحكمت المحكمة الجنائية بعدم معاقبة الطاعن مع بقاء الإزالة.
2 - أن القرار الطعين صادر من غير مختص حيث يلاحظ من الاطلاع على القرار المطعون فيه أن مدير عام منطقة الإسكان بحي شرق القاهرة ورئيس حي شرق القاهرة قد أعدا مشروع قرار الإزالة ورفعاه إلى اللجنة المشكلة طبقاً للمادة رقم 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه فوافقت اللجنة على الإزالة ثم صدر قرار الإزالة من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية وأشار في ديباجته إلى قرار محافظ القاهرة رقم 195 سنة 1983 بتفويض المستشار الهندسي بالنسبة للمادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 ولما كان هذا التفويض قد ألغي وصار الأمر مقصوراً على المحافظ ونواب المحافظ ومن يفوضهم من رؤساء الأحياء فإن مفاد ذلك أن القرار المطعون فيه صدر من غير مختص مما يعدمه، وأضاف الطاعن أنه إذا صح ما ذهبت إليه هيئة قضايا الحكومة في دفاعها من أن القرار مذيل بتوقيع مدير مديرية الإسكان بتفويض من السيد المحافظ فلم يقم دليل على هذا التفويض فضلاً عن أنه بمقارنة هذا التوقيع على توقيع مدير عام منطقة الإسكان الثابت على ذات الورقة بمناسبة اقتراحه إصدار قرار الإزالة يبين أنه يختلف عن التوقيع الأول المذيل به القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن المادة رقم (16) من القانون رقم 106 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 1982 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء تنص على أنه "يصدر المحافظ المختص أو من ينيبه بعد أخذ رأي لجنة تشكل بقرار منه من ثلاثة من المهندسين المعماريين أو المدنيين من غير العاملين بالجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.. قراراً مسبباً بإزالة أو تصحيح الأعمال التي تم وقفها".
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن المشرع قد أجاز للمحافظ المختص أو من ينيبه إصدار قرار مسبب بإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة التي تمت بدون ترخيص أو بالمخالفة للترخيص الممنوح بشأنها، إلا أن المشرع لم يحدد الشخص أو الأشخاص الذين يجوز للمحافظ المختص إنابتهم في إصدار القرار المشار إليه، ومن ثم فإنه يتعين الرجوع في هذا الشأن لأحكام المادة رقم 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والتي حددت الأشخاص الذين يجوز للمحافظ أن يفوضهم في سلطاته واختصاصاته فقصر هذا التفويض في مساعدي المحافظ وسكرتير عام المحافظة والسكرتير العام المساعد
ورؤساء المصالح ورؤساء الوحدات الأخرى وبالتالي فيتعين أن يقتصر تفويض المحافظ لاختصاصاته وسلطاته لهؤلاء المذكورين في المادة 31 المشار إليها ولا يجوز - من ثم - تفويض أحد من غيرهم في شيء من هذه السلطات والاختصاصات.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة القرار المطعون فيه أنه صادر من مستشار المحافظ للشئون الهندسية والفنية بناءً على التفويض الصادر له من محافظ القاهرة بالقرار رقم 195 في 20/ 7/ 1983 بشأن تفويض السيد المستشار الهندسي في السلطة المخولة للمحافظ في المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 1976 والمادة الثالثة من القانون رقم 30 لسنة 1982، وكان المستشار الهندسي من غير الأشخاص والوظائف المنصوص عليها في المادة رقم 31 من القانون رقم 43 لسنة 1979 المشار إليه، وبالتالي فلا يجوز تفويضه في اختصاصات وسلطات المحافظ ويكون التفويض الصادر له في هذا الشأن باطلاً لمخالفته للقانون ويضحى بالتالي ما يصدر عنه من قرارات بناءً على هذا التفويض باطلة لصدورها من غير مختص (يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1278 لسنة 35 ق جلسة 25/ 12/ 1994).
ومن حيث إنه لما تقدم يضحى القرار المطعون فيه قد صدر بالمخالفة لأحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض الدعوى فإنه يكون قد صدر على خلاف أحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق