الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 5017 لسنة 43 ق جلسة 6 / 3 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 أحزاب ق 4 ص 57

جلسة 6 من مارس سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة الشخصيات العامة: الأستاذ/ د. عاصم أحمد السيد الدسوقي، الأستاذ/ د. عمرو عزت سلامة، الأستاذ/ د. أحمد نبيل عبد الوهاب السلاوي، الأستاذ/ محمد رفقي محمد صديق والأستاذ/ حسن محمد حسين حسني.

----------------

(4)

الطعن رقم 5017 لسنة 43 قضائية - عليا

أحزاب سياسية - التمييز بين الحزب والجمعية والنقابة - تحديد هوية الشخص المعنوي.
المواد 5، 55، 56 من الدستور، المواد 1، 2، 3، 4، 9 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية، المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 932 لسنة 1966.
لا يجوز وفقاً للدستور والقانون إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية، ولا جمعية في شكل حزب، ولا نقابة في شكل جمعية - يتعين أن ينشأ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والقانون الخاص به - تأسيساً على ذلك - الحزب إذا ما استهدف تحقيق أغراض غير الأغراض التي حددها الدستور والقانون المنظم للأحزاب حق للجنة الأحزاب السياسية رفضه - في المقابل إذا ما استهدفت الجمعية تحقيق أغراض خلاف ما هو محدد لها كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها حسب الأحوال - يتعين على مؤسس الشخص المعنوي تحديد هويته وشخصيته وفقاً للدستور والقانون بحيث لا تختلط طبيعة تلك الأشخاص ببعضها على نحو يؤدي إلى التحلل من الالتزامات المفروضة قانوناً وفقاً لكل نوع منها أو اكتسابها لحقوق ومزايا على نحو يخل بالتنظيم القانوني المقرر لكل منها أو يقلل من الرقابة والمتابعة للجهات الإدارية على كل شخص من هذه الأشخاص. تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 3/ 7/ 1997 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5017 لسنة 43 ق في القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 25/ 5/ 1997 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ........ بتأسيس حزب باسم "حزب الحياة".
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على الطلب المقدم بتأسيس حزب سياسي باسم حزب الحياة واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 13/ 12/ 1997 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حيث تقرر إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ ....... عن نفسه وبصفته وكيلاً عن طالبي تأسيس حزب الحياة تقدم بتاريخ 22/ 1/ 1997 بإخطار كتابي إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية يطلب فيه الموافقة على تأسيس حزب باسم حزب الحياة، وأرفق بالإخطار برنامج الحزب ولائحة نظامه الأساسي وكشفاً بأسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم 126 عضواً منهم (51) من الفئات و(75) من العمال مصدق على توقيعاتهم جميعاً بصفة رسمية، وقد عرض هذا الإخطار على اللجنة على النحو الثابت بمحاضرها حيث استمعت إلى إيضاحات وكيل طالبي تأسيس الحزب، وبجلسة 25/ 5/ 1997 أصدرت قرارها المطعون فيه وذلك بعد أن استعرضت تفصيلاً برنامج الحزب ثم أضافت أنه بجلستها المنعقدة بتاريخ 22/ 5/ 1997 استمعت اللجنة إلى إيضاحات وكيل طالبي تأسيس الحزب فقرر في بدايتها ما نصه "الحزب يعد حزباً اجتماعياً أساساً يهدف للخدمة الاجتماعية أولاً وأخيراً" ثم عرض ملخصاً لما ورد ببرنامج الحزب المقدم منه إلى اللجنة أعقبه ببيان أوجه تميز هذا البرنامج عن برامج الأحزاب القائمة وفي هذا المجال قرر ما نصه "الأحزاب الموجودة تؤدي دورها ولكني أقول أنني كحزب الحياة حزب اجتماعي سيبدأ من خدمة الأفراد العاديين - توجد بعض الأحزاب لها أهداف سياسية فالحزب الناصري أو حزب الوفد مثلاً لكل منهما هدف سياسي ونحن كحزب ليس له هدف سياسي ولكن لخدمة المجتمع".
واستطردت اللجنة في قرارها إلى أن "ما قرره وكيل طالبي التأسيس على النحو المتقدم يفيد أن الحزب المطلوب تأسيسه يقوم أساساً على طابع اجتماعي وليست له أية أهداف سياسية ومن ثم فإنه بذلك قد أخرج الحزب من مجال العمل السياسي إلى مجال العمل الاجتماعي وهو مجال يختلف كلية عن مجال العمل الحزبي إذ ينفي عن الحزب الصفة السياسية ويفقده بالتالي كيانه كحزب سياسي. وأنه تأسيساً على كل ما سبق يبين للجنة أن برنامج حزب الحياة "تحت التأسيس" يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي إذ أن هذا البرنامج قد جاء في جملته ترديداً لبرامج وخطط قائمة أو يجرى تنفيذها ولا يحمل أية سمات تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة بالإضافة إلى أن ما أوضحه وكيل المؤسسين أمام اللجنة - من أن الحزب يسعى أساساً إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست له أهداف سياسية - يفقد الحزب قوامه السياسي الذي هو أساس العمل الحزبي ومن ثم فإن الحزب المطلوب تأسيسه يكون غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسي مع باقي الأحزاب القائمة نظراً لأنه لا تتوافر فيه الشروط التي تتطلبها المادة الثانية والبند ثانياً من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه ولذلك قررت اللجنة الاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ....... بتأسيس حزب سياسي جديد باسم "حزب الحياة".
ومن حيث إن الطعن على قرار لجنة شئون الأحزاب المطعون فيه يتأسس على الأسباب الآتية:
أولاً: تميز برنامج الحزب: فقد تناولت المحكمة الإدارية العليا في العديد من أحكامها شرط التميز في برنامج الحزب وحددت مفهومه بأن المقصود بالتميز هو الاختلاف في البرامج والسياسات أو الأساليب من تلك التي يقوم عليها حزب آخر، فالتميز لا يقصد به أن يكون برنامج الحزب متميزاً عن كافة ما تقوم عليه برامج الأحزاب الأخرى كلها، إنما يتحقق التميز متى توافر التفرد والانفصال في برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه عن حزب آخر، كما قررت المحكمة أن التميز يكمن صدقاً وحقاً في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شخصية حزبية متميزة وتعبر عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة أو اختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة في ظروف الحياة الواقعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمواطنين المصريين ينفرد به عن باقي الأحزاب ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأي من الأحزاب القائمة وأوضح الطاعن أنه بإنزال المفهوم المتقدم على برنامج حزبه المكون من أربع عشرة صفحة يبين أنه متميز تميزاً جوهرياً عن برامج الأحزاب في الآتي:
أ - في مجال السياسة الداخلية: يدعو الحزب إلى حرية تشكيل النقابات، وهو ما يعني تبني فكرة وجود أكثر من نقابة واحدة للعاملين في المنشأة أو أكثر من اتحاد صناعي أو أكثر من اتحاد واحد للعمال فذلك هو أحد جوانب الحرية النقابية، كما يدعو الحزب إلى حرية الامتناع عن العمل في حدود القانون أي أنه يدعو إلى حق العاملين في الإضراب عن العمل على أن يكون الإضراب في إطار الأهداف المهنية، كما يدعو إلى أن يكون عقد العمل الفردي هو وحده الذي يحكم علاقات العمل، وهو ما يعني إلغاء تعدد النظم القانونية التي تحكم علاقات العمل في القطاع العام وقطاع الأعمال العام والمناجم والقطاع الخاص، كما يطالب برنامج الحزب بنظام غلاء المعيشة تبعاً للأعباء العائلية بدلاً من الزيادات العشوائية للمرتبات أو العلاوات الخاصة.
كما يتميز برنامج الحزب أياً كانت الآراء الأخرى بالدعوة إلى وضع برنامج جديد لتطوير التعليم، بحيث يشتمل على ثلاثة مراحل الأولى مرحلة إلزامية مجانية مدتها تسع سنوات الدراسة فيها إجبارية للقضاء على الأمية وتتولى الدولة كل ما يخص هذه المرحلة من بناء مدارس وتوفير مدرسين وأدوات وأجهزة تعليمية، ومرحلة تجريبية (الثانوية الحالية) بحيث تتضمن الدراسة فيها جانب نظري علمي وجانب تطبيقي عملي يؤهل الطالب للالتحاق بالدراسات العليا أو الاكتفاء بهذه المرحلة والعمل بموجب ما تعلمه أو اكتسبه من خبرات ومهارات وتأهيل علمي وتكون هذه المرحلة نصف مجانية، أما المرحلة الأخيرة فهي مرحلة الدراسات العليا ويحب أن ترتكز على معاهد متخصصة وجامعات متكاملة على أن يشرف عليها جميعاً مجلس أعلى مستقل عن الحكومة، وهذا المجلس يشرف على مراكز للبحوث ومشروعات تجريبية تمول ذاتياً بعيداً عن الحكومة ويدعو البرنامج إلى جعل هذه المرحلة بمصروفات كاملة مع تخصيص منح للمتفوقين، وهذا التصور بصورته المتكاملة فيه تميز ظاهر عن البرامج الأخرى للأحزاب حتى وإن كانت ثمة جزئيات منه في هذا البرنامج أو ذاك.
وفي مجال الصحة: يركز البرنامج على الصحة الوقائية والأخذ بنظام طبيب العائلة في التجمعات السكانية المختلفة، وقد اضطرت لجنة شئون الأحزاب أن تعلق على هذا البند الظاهر التميز فقالت "أما دعوة الحزب إلى الأخذ بنظام طبيب العائلة فهي دعوة مطروحة على الساحة تنادي بها بعض الأقلام وتثار في المؤتمرات والندوات الصحية والطبية وكانت ضمن ما ناقشه المؤتمر العلمي السنوي التاسع لكلية طب جامعة القاهرة الذي أقيم خلال شهر فبراير 1997" ولم تذكر اللجنة طبعاً أن هذه الفكرة واردة في برامج الأحزاب الأخرى.
ويدعو برنامج الحزب في مجال الثقافة والإعلام، إلى نقاط متميزة لا يجدي معها الاستشهاد ببعض نصوص دستورية كما فعلت لجنة شئون الأحزاب ومن ذلك ما تضمنه برنامج الحزب من حق الأفراد في تملك الصحف والمجلات حيث لا تزال ملكية الصحف والدوريات معترف بها للحكومة أو الأحزاب أو الشركات المساهمة برأسمال ضخم، كما أن الدعوة إلى ملكية الأفراد لمحطات الإذاعة والتليفزيون دعوة متميزة مع إلغاء الرقابة على الإنتاج الفكري والفني على أن يكون الخروج على مقتضيات الآداب والنظام العام خاضعاً لرقابة المحاكم العادية. وأن تبتعد الدولة عن إدارة الهيئات الثقافية والفنية (فنون تشكيلية وسينما ومسرح وموسيقى) بحيث تديرها مجالس منتخبة وأن تقتصر الأنشطة التي تدار بواسطة الحكومة على المكتبات العامة والمعارض والآثار والمتاحف فقط، كما يطالب البرنامج بإنشاء صندوق لدعم الهيئات الثقافية والإعلامية يتم تمويله شعبياً (تبرعات وهبات ومساهمات) من الشركات والجمعيات...".
وفي مجال الإسكان، يدعو البرنامج إلى استمرار الأخذ بفكرة عقد الإيجار غير محدد المدة بحيث لا يطرد المستأجر طالما يدفع القيمة الإيجارية التي يمكن أن تزداد بنسبة متفق عليها في عقد الإيجار أي أن الاقتراح المذكور يتعارض مع التعديلات التشريعية التي أجريت أو ستجرى مستقبلاً على نحو ما تعلن الحكومة من تطبيق قواعد القانون المدني على عقد الإيجار مع استمرار الأخذ بفكرة الإيجار غير محدد المدة طبقاً لقوانين إيجار الأماكن الاستثنائية، ولا شك أن في هذا تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب الأخرى وأيضاً عن توجهات الحكومة وتشريعاتها المزمع إصدارها. ويدعو البرنامج إلى استخدام مواد البناء المحلية للقضاء على ارتفاع أسعار الأسمنت وحديد التسليح، والاستفادة بأراضي المناطق القريبة من الصحراء لمقاومة ارتفاع أسعار أراضي البناء.
وفي مجال الشئون الاجتماعية والتكافل والتضامن الاجتماعي، يتميز برنامج الحزب بالدعوة إلى تحريم تشغيل الأطفال إطلاقاً (أي خلال المرحلة السنية الممتدة حتى 18 سنة طبقاً لتعريف الطفل في القانون المصري واتفاقية حماية الطفل) ويدعو البرنامج إلى دعم الأسر التي يقل دخلها عن مائة جنيه شهرياً مع إنشاء صندوق للتكافل يمول من أموال الزكاة والتبرعات والدعم الحكومي.
وفي مجال التربية الدينية، يدعو البرنامج إلى أفكار متميزة مثل اكتفاء وزارة الأوقاف بتعيين وتدريب الدعاة وتوزيعهم على المساجد على أن تترك إدارة المساجد لمجالس منتخبة أو للجمعيات الأهلية مع السماح للجمعيات بإنشاء معاهد لتخريج الدعاة على أن تعترف بهم الأوقاف وأن تتولى وزارة الأوقاف وضع برامج إعلامية للقضاء على البدع والأمور الدخيلة على الإسلام، ويدعو البرنامج صراحة إلى فصل الدين عن السياسة.
وفي مجال الاقتصاد، يدعو البرنامج إلى تصفية ملكية الدولة وتحويلها إلى شكل الشركات المساهمة تحديداً أو تشجيع القطاع الخاص والتعاوني والحرفي وإطلاق آليات السوق بحيث يكون قانون العرض والطلب هو الحاكم للنشاط الاقتصادي، ويطالب البرنامج بأن تقوم وزارة الزراعة بإعداد خريطة زراعية لمائة عام تحدد مستقبل الأراضي وطرق الانتفاع بها، مع إطلاق حرية تملك الأراضي للمصريين بدون حدود للملكية وهو موقف متميز أياً كانت آراء الآخرين في ذلك.
ب - في مجال السياسة الخارجية:
يدعو برنامج الحزب إلى التركيز على التعاون مع دول حوض النيل تحديداً لأهمية قضية المياه بالنسبة لمصر وكذا دول الجوار (ليبيا والسودان)، ويرفض البرنامج محاولات الدخول في تكتلات إقليمية أو دولية.
ثانياً: من حيث جدارة الحزب المطلوب تأسيسه بالانتماء إلى حلبة العمل السياسي:
إذ يستند اعتراض لجنة شئون الأحزاب إلى صدور قولة عفوية لوكيل طالبي التأسيس مؤداها أن الحزب المطلوب تأسيسه يقوم أساساً على طابع اجتماعي وليست له أهداف سياسية وتنتهي اللجنة إلى أن الحزب ترتيباً على ذلك يخرج من مجال العمل الحزبي إذ تنتفي عنه الصفة السياسية التي هي أساس كل حزب سياسي. وهذه مماحكة لا جدوى منها لأن الرجوع إلى برنامج الحزب يقطع بأن الحزب يحوز الصفة السياسية حيث أن له رؤية في مختلف القضايا السياسية (السياسة الخارجية والسياسة الداخلية من تصورات حول الديمقراطية والمجتمع المدني والتعددية الحزبية والنقابية والتنمية الشاملة وعلاقات العمل والثقافة والإعلام....".
إذ لا يمكن أن تكون هذه التصورات السياسية الشاملة سمة جمعية خيرية أو نقابة تدافع عن المصالح المهنية لأعضائها أو هيئة اجتماعية تهتم بمسائل مجتمعية مثل قضايا المرأة أو الأحداث أو المعوقين."
وينتهي الطاعن إلى أن طرح كل هذه القضايا وتنظيم العمل حولها وبناءً هيكل تنظيمي من كادر وعضوية وأساليب للعمل هو انغماس في السياسة حتى النخاع ولا يمكن اصطياد تعبير غير دقيق وعرض ورد في إيضاحات وكيل المؤسسين لبناء هذا الحكم التعسفي بأن الحزب المطلوب تأسيسه ليس حزباً سياسياً.
ومن حيث إن المادة (5) من الدستور تنص على أن "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور، وينظم القانون الأحزاب السياسية."
وتنص المادة (55) من الدستور على أن "للمواطنين حق تكوين الجمعيات على الوجه المبين في القانون ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معادياً لنظام المجتمع أو سرياً أو ذا طابع عسكري".
وتنص المادة (56) على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي، حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية..".
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية تنص على أن "للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصري الحق في الانتماء لأي حزب سياسي وذلك طبقاً لأحكام هذا القانون".
وتنص المادة الثانية على أنه "يقصد بالحزب السياسي كل جماعة منظمة تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم".
وتنص المادة الثالثة على أن "تسهم الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعي والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور، وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً".
وتنص المادة الرابعة على أنه "يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي:
أولاً: عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع:
1 - مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع.
2 - مبادئ ثورتي 23 يوليو 1952، 15 مايو 1971.
3 - الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية.
ثانياً: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ثالثاً: ...... رابعاً: ........ تاسعاً: ......"
وتنص المادة التاسعة على أن "يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه السياسي.."
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 32 لسنة 1964 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة تنص على أن "تعتبر جمعية في تطبيق أحكام هذا القانون كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعية لا يقل عددهم عن عشرة أو من أشخاص اعتبارية بغرض غير الحصول على ربح مادي." وقد حددت المادة الأولى من اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 932 لسنة 1966 ميادين عمل الجمعيات والمؤسسات الخاصة بما يلي:
1 - رعاية الطفولة والأمومة. 2 - رعاية الأسرة. 3 - المساعدات الاجتماعية. 4 - رعاية الشيخوخة. 5 - رعاية الفئات الخاصة والمعوقين. 6 - الخدمات الثقافية والعلمية والمدنية. 7 - تنمية المجتمعات. 8 - ميدان الإدارة والتنظيم. 9 - ميدان رعاية المسجونين. 10 - ميدان تنظيم الأسرة. 11 - ميدان الصداقة بين شعب الجمهورية العربية المتحدة والشعوب الصديقة. 12 - ميدان أصحاب المعاشات.
ويجوز لوزير الأوقاف والشئون الاجتماعية أن يضيف بقرار منه ميادين عمل جديدة للجمعيات والمؤسسات الخاصة. ولا يجوز للجمعية أن تعمل في أكثر من ميدان واحد رئيسي من الميادين المذكورة إلا بعد أخذ رأي الاتحاد المختص وموافقة مجلس المحافظة."
ومن حيث إن البين من النصوص السابقة أن الحزب السياسي هو جماعة منظمة تؤسس في إطار الشرعية طبقاً لأحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 سالف البيان، وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة تعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة في مسئوليات الحكم، ويتقيد من ثم بالأسس الجوهرية للدستور وإلا فلا يعد حزباً يمكن أن تقرر له الشرعية للمشاركة في مسئوليات الحكم التي تحكمها المبادئ الأساسية للنظام الدستوري ويتقيد بالشرعية وسيادة القانون والدستور كذلك فإن البين من نصوص القانون رقم 32 لسنة 1964 المشار إليه ومذكرته الإيضاحية أن الجمعيات والمؤسسات الخاصة هي تجمع لأشخاص طبيعية أو اعتبارية يهدف إلى تحقيق أغراض غير مادية تتمثل في ميادين الرعاية الاجتماعية المختلفة وتقديم الخدمات الثقافية والعلمية والعمل على تنمية المجتمع، وهي في ذلك كله تخضع لإشراف الجهة الإدارية التي لها حق توجيهها ومراقبة تنفيذ الجمعية لنشاطها وتحقيق الغرض من تكوينها.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية التي تمثل النظام العام للأشخاص المعنوية أن هدف هذه الأشخاص ينشأ وفقاً لما يحدده الدستور والقانون وبإرادة من الذين يؤسسونها بعد موافقة السلطة المختصة في الدولة لتحقيق أغراض محددة ومتخصصة لكل نوع منها فالحزب السياسي يوافق عليه وتقوم شخصيته وفقاً لأحكام المادة (5) من الدستور وأحكام القانون المنظم للأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977. وتكوين الجمعيات الخاصة يقوم طبقاً للمادة (55) من الدستور وأحكام القانون رقم 32 لسنة 1964 المنظمة لها ولأغراض غير سياسية، والنقابات تقوم طبقاً للمادة (56) من الدستور ووفقاً لقوانين النقابات المهنية ولقانون العمل ولأغراض نقابية... ومن ثم فإنه يتعين لشرعية قيام أي من الأشخاص المعنوية المختلفة داخل الدولة في إطار سيادة الدستور والقانون أن تنشأ وفقاً لأحكامها وفي حدود الغرض والهدف المخصص له هذا النوع من الأشخاص المعنوية فلا يجوز وفقاً للدستور والقانون إنشاء حزب بحسب أهدافه وطبيعته وغاياته في صورة جمعية، ولا جمعية في شكل حزب، ولا نقابة في شكل جمعية.... بل يتعين أن ينشأ الشخص المعنوي بحسب طبيعته وأهدافه طبقاً لأحكام الدستور والنظام القانوني الخاص به وتأسيساً على ذلك فإن الحزب إذا ما استهدف تحقيق أغراض غير الأغراض التي حددها الدستور والقانون المنظم للأحزاب حق للجنة المشار إليها في القانون رفضه، وفي المقابل فإن الجمعية إذا ما استهدفت تحقيق أغراض خلاف ما هو محدد لها كان للجهة الإدارية المختصة حق رفض شهرها أو حق إصدار قرار بحلها - حسب الأحوال - ويتعين على مؤسس الشخص المعنوي تحديد هويته وشخصيته وفقاً للدستور والقانون بحيث لا تختلط طبيعة تلك الأشخاص ببعضها على نحو يؤدي إلى التحلل من الالتزامات المفروضة قانوناً وفقاً لكل نوع منها أو اكتسابها لحقوق ومزايا والجمع بين تلك المزايا على نحو يخل بالتنظيم القانوني المقرر لكل منها أو يقلل من الرقابة والمتابعة المقررة للجهات الإدارية على كل شخص من تلك الأشخاص.
ومن حيث إنه من بين الشروط والضوابط التي أوردها القانون رقم (40) لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند ثانياً من المادة الرابعة التي تشترط لتأسيس الحزب واستمراره، تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه في تحقيق هذا البرنامج تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى.
ومن حيث إنه لا شك أنه يتعين توافر هذا الشرط في كل حزب ضماناً للجدية التي تمثل مبدأ أساسياً من النظام العام السياسي والدستوري في تطبيق مبدأ التعدد الحزبي وفقاً لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر وحتى يكون الحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسي ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى، وذلك حتى يكون لمبدأ تعدد الأحزاب السياسية جدوى سياسية محققة للصالح العام بما تحقق من إثراء للعمل الوطني ودعماً للممارسة الديمقراطية تبعاً لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، وتوسيعاً لنطاق المفاضلة بين الأحزاب أمامهم واختيار أصلحها من حيث تبنيها لأنسب الحلول وأنفعها لتحقيق المصالح العامة للشعب.
ومن حيث إنه يتعين الإشارة إلى أن الأحزاب السياسية القائمة فعلاً أو التي تطلب التأسيس تلتزم أساساً باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص عليها في الدستور والتي نظمها في الباب الثاني منه والمتمثلة في المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة في الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية الواردة في الفصل الثاني من الباب المذكور، وتلتزم تلك الأحزاب بألا تتعارض في مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع ومبادئ ثورتي 23 يوليو 1952 و15 مايو 1971.
كما تلتزم بالمحافظة على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه في القانون رقم 40 لسنة 1977، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون المشار إليه، قد تطلبا لزاماً اتفاق الأحزاب في أمور غير مسموح في شأنها بالاختلاف أو التميز دستورياً وقانوناً سواءً في المبادئ والمقومات أو في الأساليب والسياسات ومن ثم فإن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائماً خارج إطار تلك المبادئ والأهداف، كذلك فإن التميز المطلوب قانوناً في حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليها سلفاً، لا يمكن أن يكون مقصوداً به الانفصال التام في برامج الحزب وأساليبه عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى مجتمعة فليس في عبارة النص المشار إليه - أو دلالته أو مقتضاه - ما يوحي بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها ذلك أن الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيداً هو أقرب إلى تحريم تكوين أي حزب جديد ومصادرة حقه في ممارسة الحياة السياسية، منه إلى تنظيم هذا الحق ومن ثم فليس المطلوب في التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل إن هذا التميز يظل قائماً ومنتجاً لآثاره القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليبه أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى.
فذلك أمر منطقي وطبيعي، مرده إلى أن جميع الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانباً من النظام العام السياسي والدستوري للبلاد، يلزمهم جميعاً وفقاً للمبدأ الأساسي لوطنية الأحزاب فالمقومات الأساسية للمجتمع المصري التي تواضعت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها وتمسكت بها من خلال تجاربها عبر العصور التي انصهرت في بوتقة التاريخ وكونت لها شخصيتها المصرية المتحدة المتعارف عليها بين الدول، فكل حزب إذا كان مصرياً لا بد أن يحمل على كاهله - وهو يعد برامجه وسياساته - تراث آلاف السنين وتجارب المصريين في صراعهم المستمر في سبيل الحياة وفي سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع متطور يتمتع بالقوة والرفاهية وهذه التجارب وما نجم عنها جزء لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث، مما يفرض فوراً وحتماً عديداً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية عند وضعها للسياسات والبرامج الخاصة بكل منها، دون أن ينفي ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التي تشكل منه إضافة غير مكررة للحياة السياسية المصرية.
ومن حيث إن التميز يكمن - صدقاً وحقاً - في تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية التي ترد في برامج الحزب وأساليبه وسياساته التي ارتضاها لنفسه ليكون ملامح حزبية متميزة ومعبرة عن توجه فكري مميز في مواجهة المشاكل العامة، واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة ينفرد بها عن باقي الأحزاب ويعرف به بينها فلا يكون نسخة أخرى مكررة من برامج وسياسات يتبناها حزب قائم فعلاً، فالتميز يختلف عن الإنفراد ذلك لأن التميز - وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد - يعني ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس بينما الإنفراد يعني عدم تماثل أي أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أي من الأحزاب القائمة، وهو أمر يستحيل في ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين على النحو المشار إليه.
ومن حيث إن الامتياز والأفضلية لحزب على غيره يكمنان في مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياساته وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والتفكير إلى دائرة الواقع والتطبيق، ومن ثم يكفي ليكون الحزب جاداً فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التي أوردها الحزب بحسب الثابت في عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنة عقلاً ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج التي انتهى إليها، أما إذا كانت مستحيلة التنفيذ أو مغرقة في الأوهام أو تدخل في مجال الأمنيات فإن هذا يكشف عن حزب غير جاد في رعاية مصالح الجماهير ومن ثم يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي، وفي المقابل فإن المبادئ الأساسية التي قررتها نصوص الدستور وقانون الأحزاب السياسية المشار إليه تحتم تحقيقاً للنظام العام الدستوري ألا توصد الأبواب أمام أي حزب تحت التأسيس له تميز ظاهر في برامجه أو سياساته يجعله أهلاً للمشاركة في حل مشاكل الجماهير والانضمام إلى ساحة الأحزاب السياسية القائمة.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب بالاعتراض على تأسيس حزب الحياة قد أقام اعتراضه - طبقاً لما ورد بأسباب القرار - على ما استبان للجنة من أن الحزب المطلوب تأسيسه - وعلى ما قرره وكيل طالبي التأسيس على النحو المتقدم - أن الحزب يعد حزباً اجتماعياً أساساً، ويهدف للخدمة الاجتماعية أولاً وأخيراً وليست له أهداف سياسية ومن ثم فإنه بذلك قد خرج من مجال العمل السياسي إلى مجال العمل الاجتماعي وهو مجال يختلف كلية عن مجال العمل الحزبي إذ ينفي عن الحزب الصفة السياسية ويفقده بالتالي كيانه كحزب سياسي.
وأضافت اللجنة أن برنامج حزب الحياة "تحت التأسيس" يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي إذ أن هذا البرنامج قد جاء في جملته ترديداً لبرامج وخطط قائمة أو يجري تنفيذها ولا يحمل أي سمات تميزه تميزاً ظاهراً عن برامج الأحزاب القائمة بالإضافة إلى أن ما أوضحه وكيل المؤسسين أما اللجنة - من أن الحزب يسعى أساساً إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست أهداف سياسية، يفقد الحزب قوامه السياسي الذي هو أساس العمل الحزبي ومن ثم فإن الحزب المطلوب تأسيسه يكون غير جدير بالانتماء إلى الأحزاب القائمة الأمر الذي يتعين معه عدم إجازة عمله في الساحة السياسية وبالتالي الاعتراض على تأسيسه.
ومن حيث إنه يبين من برنامج الحزب تحت التأسيس ومن الإيضاحات التي قدمها وكيل طالبي التأسيس أمام اللجنة المطعون على قراراها، أنه لا يعدو أن يكون إما تأكيداً لما هو قائم ومعمول به فعلاً من مبادئ وسياسات تقوم بها الدولة، أو تكفلت به برامج الأحزاب القائمة فعلاً، أو هي أمور تكفل الدستور أو القوانين المعمول بها ببيانها ولم يتجاوز الحزب في بعضها مجرد النقل منها، أو هو في النهاية أمنيات وأحلام تذخر بها صدور المصريين جميعاً لم يحدد الحزب تحت التأسيس الوسيلة لتحقيقها في ظل الظروف والإمكانيات المتاحة، أو عبارات خطابية إنشائية تطرق أسماع المتلقين لها إلا أنها لا تكفي وحدها كي تشكل برنامجاً متميزاً لحزب ينوي دخول معترك السياسة وممارسة أساليب الحكم لتطبيق برنامجه، وقد تكفل القرار الطعين وأسبابه تفصيلاً بيان ذلك على نحو يغني عن تكراره دون أن يعقب الطاعن على ذلك، والبادي أن الطاعن حين أقبل هو ومؤسسي الحزب على تأسيسه قد اختلط عليهم الأمر بين تأسيس حزب أو مجرد جمعية تمارس نشاطها الاجتماعي في نطاق المجالات السابق بيانها، فصدر برنامج الحزب عجز عن الإلمام بكافة ظروف المجتمع وقدراته السياسية والاقتصادية ولم يبرز سياسة متكاملة متجانسة للحزب توضح مشكلات الجماهير وأسس وأساليب حلها بما يتناسب والظروف والقدرات المشار إليها واقتصر البرنامج على مجرد ترديد لسياسات قائمة تتبناها الدولة أو تضمنتها برامج أحزاب قائمة، أو أمور تناولها الدستور الحالي والقوانين المطبقة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشروعات والأفكار التي عرضها الحزب تحت التأسيس في برنامجه لا تعدو أن تكون إما شعارات ومجموعة من الأفكار والأقوال المرسلة التي لا يتوافر فيها الجدية الواجبة، ولا يتحقق من ورائها أية جدوى ظاهرة، وتفتقر إلى تحديد وسائل تحقيقها، وإما تبني لمبادئ وسياسات قائمة بالفعل مما يجعل من ترديدها وتكرارها مجرد تكرار لنسخة جديدة من الأحزاب القائمة فضلاً عما ساقه وكيل طالبي التأسيس بأنه يهدف إلى تحقيق أهداف اجتماعية وليست سياسية.
وفي ضوء ما تقدم فإن برنامج الحزب تحت التأسيس محل الطعن الماثل يفتقر إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التي تشكل إضافة جادة للعمل السياسي ومن ثم فإنه غير جدير بالانتماء إلى حلبة الأحزاب السياسية القائمة.
ومن حيث إنه وإذ انتهت لجنة الأحزاب إلى افتقار برنامج الحزب للتحديد والتميز وأصدرت قرارها بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد/ ...... لتأسيس حزب الحياة فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه، ويكون النعي على قرارها على غير أساس من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الطاعن قد خسر طعنه ومن ثم فإنه يلزم بالمصروفات عملاً بالمادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق