جلسة 20 من سبتمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن علي غربي، وعبد الباري محمد شكري، وممدوح حسن يوسف راضي، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.
-------------
(114)
الطعن رقم 1936 لسنة 44 قضائية عليا
(أ) مجلس تأديب العاملين بالمحاكم - السلطة المختصة بإحالة موظفي النيابات إلى مجلس التأديب المختص.
المادة 168 من القانون رقم 46/ 73 بشأن السلطة القضائية.
قانون السلطة القضائية حدد السلطة المختصة بإحالة موظفي المحاكم والنيابات إلى مجلس التأديب المختص إذ قضت بإقامة الدعوى التأديبية بالنسبة للعاملين بالنيابات بناءً على طلب النائب العام أو رئيس النيابة - القرار الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية، بإحالة الموظف بالنيابة لمجلس التأديب تنفيذاً لطلب المحامي العام للنيابات، يعد مجرد إجراء تنفيذي للقرار الصادر من السلطة المختصة قانوناً بالإحالة - تطبيق.
(ب) دعوى تأديبية - سقوطها - المخالفات المستمرة - أثرها على استطالة مدة السقوط.
إذا كانت المخالفة المنسوبة للعامل من قبيل المخالفات التأديبية المستمرة فإن سقوط الدعوى التأديبية بشأنها لا يبدأ إلا من التاريخ الذي يثبت فيه إنهاء حالة الاستمرار، والأفعال المستمرة للمخالفة والتي تستطيل فيها المدة اللازمة لسقوط الدعوى هي تلك الأفعال التي تتدخل فيها إرادة الجاني تدخلاً مستمراً ومتجدداً بغض النظر عن استمرار الآثار المترتبة على تلك المخالفة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ الأحد الموافق 18/ 1/ 98 أودع الأستاذ/ ......... المحامي نيابة عن الأستاذ/ ........... المحامي الوكيل عن الطاعن. قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن في قرار مجلس التأديب المشار إليه والقاضي في منطوقه بإحالة/ ........ الموظف بنيابة طامية إلى المعاش وطلب الطاعن وللأسباب المبينة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 25/ 4/ 99 حيث قررت إحالته إلى الدائرة الخامسة عليا "موضوعي" لنظره بجلسة 20/ 6/ 99 وقد نظرت المحكمة الطعن بدورها بتلك الجلسة وقررت إصدار الحكم بجلسة 22/ 8/ 99 مع تقديم مذكرات في خلال شهر وخلال تلك المهلة قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة الدفاع التمست فيها الحكم برفض الطعن موضوعاً، هذا وقد تأجل إصدار الحكم لجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
وبعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه في المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن الحكم في موضوع الطعن يغني عن الحكم في طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - أن المفتش الجنائي بنيابة الفيوم الكلية قد أورى بمذكرته المؤرخة 30/ 12/ 96 وما قرره بالتحقيقات من أنه أثناء قيامه بالتفتيش على أعمال نيابة طامية عن أعوام 88، 89، 90، 1991 تبين له وجود العديد من القضايا المتعلقة بالبناء على الأرض الزراعية بدون ترخيص قد صدر فيها قرار المحكمة بإحالتها إلى مكتب خبراء وزارة العدل إلا أنها لم ترسل إلى مكتب الخبراء كما لم تسدد الأمانات المقررة لهذه القضايا إلا في تاريخي 21/ 12/ 96، 25/ 12/ 96 وتبين أن عدد تلك القضايا 48 قضية وأنها كانت بحوزة الموظف المختص المشكو في حقه "الطاعن" والذي لم يقم بتسليمها للموظف الذي أسند إليه العمل بعده حيث قد صدر قرار بنقله من نيابة طامية إلى نيابة سنورس بتاريخ 30/ 5/ 92 ورغم ذلك احتفظ بتلك القضايا وحرر عنها ملفات استعارية وما زالت متداولة بالجلسات رغم عدم إرسالها إلى مكتب الخبراء. وأضاف أن المسئول عن ذلك هو المشكو في حقه حيث إنه يعمل سكرتير جلسة الجنح حينئذ وأن أمانات تلك القضايا بلغ إجمالها مبلغ 960 وأنه لا يعلم ما إذا كان المتهمين قد قاموا بسداد هذه الأمانات من عدمه واستطرد مقرراً بأن المشكو في حقه قام بنفسه بعد إجراء التحقيق الإداري بسداد الأمانات من ماله الخاص وأرسلت إلى مكتب الخبراء غير أنه ترتب على خطأ المشكو في حقه تعطيل الفصل في هذه القضايا.
وقد سئل المشكو في حقه/ ....... بالتحقيقات فقرر أنه كان يعمل سكرتير جلسة محكمة طامية الدائرة الثانية وأنه كان يختص بالعمل سكرتير جلسة منذ عام 1980 وحتى 1992 وأنه لم يقم بمطالبة المتهمين بسداد الأمانات المقررة عن القضايا منذ عام 1988 في 1991 والتي بلغ عددها 48 قضية وموضوعها جميعاً البناء على الأرض الزراعية وبأنه حرر ملفات استعارية لتلك القضايا تداولت بالجلسات ولم يقم بإرسال القضايا الأصلية لمكتب الخبراء سهواً منه كما لم يقم بتسليم هذه القضايا بعد نقله واحتفظ بها حيث منعته ظروف نقله من تسليمها لسكرتير الجلسة الذي أسند إليه العمل بعده وقام بنفسه بسداد الأمانات المقررة لها بمبلغ 960 من ماله الخاص بتاريخ 25/ 12/ 96 حيث لم يقم المتهمين في تلك القضايا بسداد الأمانات وعقب ذلك قام بإرسالها إلى مكتب الخبراء وذكر بأنه كان متعيناً عليه في حالة عدم سداد المتهمين للأمانات عرض الأمر على المحكمة إلا أنه حرر عنها ملفات استعارية تداولت بالجلسات وكان يتم تأجيلها لورود التقرير رغم عدم إرسالها لمكتب الخبراء، وبتاريخ 14/ 6/ 1997 أصدر المحامي العام لنيابات الفيوم قراره بإحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية لما نسب إليه في تحقيقات القضية رقم 275/ 97 إداري مركز طامية إذ أنه لم يقم بإرسال القضايا المنوه عنها بالتحقيقات إلى مكتب خبراء وزارة العدل بالفيوم تنفيذاً لقرار المحكمة ولم يسدد أماناتها أثناء فترة عمله كسكرتير جلسة بمحكمة طامية الجزئية إلا أنه وبعد التحقيق معه قام بسداد هذه الأمانات وإرسال تلك القضايا إلى مكتب خبراء وزارة العدل، وقد أرسلت الأوراق إلى رئيس محكمة الفيوم الابتدائية الذي أصدر قراراً بإحالة المذكور إلى مجلس التأديب لمحاكمته تأديبياً بتاريخ 6/ 7/ 1997.
وقد أحيل الطاعن إلى مجلس التأديب بالدعوى التأديبية رقم 3/ 1997 وتداول مجلس التأديب نظر الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسات إلى أن قرر بجلسة 13/ 12/ 1997 إحالة الطاعن إلى المعاش استناداً إلى أنه قد أقر في التحقيقات أنه تقاعس عن اتخاذ الإجراءات القانونية نحو مطالبة المتهمين بالأمانات المقررة في القضايا والتي صدرت فيها أحكاماً تمهيدية بإحالتها لمكتب الخبراء لبنائهم على الأرض الزراعية وبدون ترخيص والتي بلغ عددها 48 قضية منذ عام 1988 حتى عام 1991 كما أنه أهمل في عرض تلك القضايا على المحكمة للفصل فيها بحالتها كما أنه أهمل في تسليم تلك القضايا للموظف الذي أسند إليه العمل بعد صدور قرار بنقله إلى نيابة سنورس واحتفظ بها كما أنه أدخل غشاً على المحكمة لأنه حرر عن تلك القضايا ملفات استعارية وطرحها للتداول بالجلسات على سند من أن الأمانات قد سددت مما حدا بالمحكمة إلى تأجيل تلك القضايا عدة سنوات لورود التقرير فمن ثم تكون الأوراق قد قطعت بأن المتهم قد أخل إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه وظيفته وخرج على مقتضياتها وهو ما يلقي بظلال من الشك والريبة في سلوك المتهم الوظيفي ويفقده الاحترام الواجب في الانضباط ولا ينال من ذلك قيام المتهم بسداد تلك الأمانات فور التحقيق معه وإرسال هذه القضايا إلى مكتب الخبراء لأن كل ذلك لا ينفى عنه الإهمال الذي كشفت عنه الأوراق كما أن سجل جزاءاته خلال فترة تعيينه كانت زاخرة بالجزاءات وهو الأمر الذي يرى معه المجلس إحالة الطاعن إلى المعاش.
ومن حيث إن مبنى الطعن يقوم تأسيساً على مخالفة القرار المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وتفسيره للأسباب الآتية:
أولاً: تم تحريك الدعوى التأديبية ضده من قبل رئيس محكمة الفيوم الابتدائية ولم يكن من قبل النيابة العامة برغم كونه من موظفي النيابة العامة وهو الأمر الذي يجعل قرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية باطلاً وما يترتب على من آثار.
ثانياً: كذلك فإن المخالفة المنسوبة إليه قد وقعت خلال الفترة من عام 1991 وقد سقطت الدعوى التأديبية عنها لمضي أكثر من ثلاث سنوات على ارتكابها ولعلم الرئيس المباشر له بها وهو المفتش الجنائي الذي على أساس مذكرته تم تحريك الأوراق.
ثالثاً: إنه وإن كان الطاعن قد اعترف بارتكابه للمخالفة إلا أن ذلك يعد في صالحه من حيث حسن النية وانتفاء الإهمال فيما نسب إليه غير أن ذلك يقابله تقصير من الرئيس المباشر الذي لا يمكن إنكار مسئوليته في الرقابة والذي يشاركه المسئولية بما يجعل الاتهام شائعاً ويدخل فيه أشخاص آخرين مع الطاعن في المسئولية ومن ثم يتأكد أن الجزاء غير متناسب بأي وجه مع الخطأ المنسوب إليه.
رابعاً: أنه لم ينسب إلى الطاعن أنه أخل بواجبه لصالح أحاد الناس وأن ما أتاه يعدو مجرد إهمال وأن ما عولت عليه المحكمة في خصوص الجزاءات السابق توقيعها عليه غير جائز لاعتبارها جميعاً كأن لم تكن.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من الطعن فإن المادة 168 من القانون رقم 46/ 73 بشأن السلطة القضائية قد حددت السلطة المختصة بإحالة موظفي المحاكم والنيابات إلى مجلس التأديب المختص إذ قضت بإقامة الدعوى التأديبية بالنسبة للعاملين بالنيابات بناءً على طلب النائب العام أو رئيس النيابة والثابت أنه وإن كان الطاعن قد تم إحالته إلى مجلس التأديب بموجب قرار رئيس محكمة الفيوم الابتدائية إلا أن ذلك القرار كان تنفيذاً لما طلبه المحامي العام لنيابات الفيوم بكتابه المؤرخ 15/ 6/ 1997 بإرسال القضية رقم 285/ 1997 إداري طامية وقرار إحالة/ ........ الموظف بنيابة طامية "الطاعن" إلى المحاكمة التأديبية ومن ثم فقد تم إقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعن باعتباره من العاملين بالنيابات من السلطة المختصة قانوناً وبالتالي فقد أقيمت الدعوى التأديبية بموجب إجراءات صحيحة مطابقة للقانون ولا يعدو القرار الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية بالإحالة لمجلس التأديب إلا مجرد الإجراء التنفيذي للقرار الصادر من السلطة المختصة قانوناً بالإحالة ومن ثم يغدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن فإن المادة "91" من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/ 1978 تقضي بسقوط الدعوى التأديبية بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة غير أن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أنه إذا كانت المخالفة من قبيل المخالفات التأديبية المستمرة فإن سقوط الدعوى التأديبية بشأنها لا يبدأ إلا من التاريخ الذي يثبت فيه إنهاء حالة الاستمرار وأن بقاء الحالة المستمرة للمخالفة والتي تستطيل فيها المدة اللازمة لسقوط الدعوى هي تلك الأفعال التي تتدخل فيها إرادة الجاني تدخلاً مستمراً ومتجدداً بغض النظر عن استمرار الآثار المترتبة على تلك المخالفة وبالتطبيق لما تقدم فإن الثابت أن المخالفة التي أسندت إلى الطاعن تمثلت في عدم قيامه بإرسال عدد 48 قضية صدرت فيها أحكام تمهيدية بإحالتها إلى مكتب الخبراء منذ 1988 إلى عام 1991 ولم يحصل أماناتها وحرر لها ملفات استعمارية لتظل هذه القضايا متداولة بالجلسات فضلاً عن أنه قد احتفظ لنفسه بملفات هذه القضايا ولم يسلمها عند نقله من نيابة طامية إلى نيابة سنورس في عام 1992 إلى أن تم اكتشاف كل ذلك في 30/ 12/ 94 بناءً على مذكرة المفتش الجنائي بنيابة الفيوم الكلية المحررة بذلك التاريخ ومن ثم فقد تدخل الطاعن بإرادته في قيام حالة الاستمرار للمخالفة المسندة إليه وبالتالي فإن مدة سقوط الدعوى لا تبدأ إلا منذ إنهاء حالة الاستمرار في 30/ 12/ 96 تاريخ اكتشافها وإذ أقيمت الدعوى التأديبية ضد الطاعن في 15/ 6/ 97 أي خلال مدة الثلاث سنوات المقررة للسقوط فمن ثم فلم تسقط الدعوى التأديبية قبل الطاعن ويبدو هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالوجه الثالث من الطعن فإن ما يتمسك به الطاعن من شيوع الاتهام بينه وبين رئيسه المختص بالرقابة والإشراف وتداخل أشخاص آخرين فهذا الوجه من الطعن غير سديد.
إذ أن الثابت أن ما أسند إليه يعد فعلاً إيجابياً محدداً وأسهم بإحداثه بإرادته ويشكل بهذه المثابة مخالفة تأديبية لواجبات وظيفته وبالتالي فلا يسوغ له الاستناد إلى خطأ الرئيس المباشر له وتقصيره في الرقابة والإشراف على فرض حدوثه للقول بشيوع التهمة بينه وبين غيره كذلك فلا يفيد الطاعن التمسك بالغلو في توقيع الجزاء إذا أن ذلك مردود بأن ما ثبت في حق الطاعن يشكل خروجاً صارخاً على واجبات وظيفته وما تقتضيه من تأدية عمله بدقة وأمانة بما يفقده الصلاحية للبقاء بالوظيفة ومن ثم فإن الجزاء الذي انتهى إليه المجلس التأديبي بإحالة الطاعن للمعاش يعد مناسباً مع خطورة الذنب الإداري المرتكب بما يجعل هذا الوجه من الدفع غير قائم على سند سليم من الواقع أو القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه أخيراً فلا وجه لما يتمسك به الطاعن بالوجه الرابع من الطعن من أن ما نسب إليه لا يعدو مجرد إهمال فذلك مردود بأن المخالفة المرتكبة من الطاعن هي أنه قد أهمل إرسال ملفات القضايا المشار إليها إلى مصلحة الخبراء وقد تعاصر معها إيثار الطاعن إنشاء ملفات استعارية لها أمام المحكمة وظلت متداولة أمامها طيلة ثماني سنوات بما تتجاوز معه المخالفة مجرد الإهمال إلى الفعل الإرادي وسوء القصد كذلك فإن اعتبار الجزاءات السابق توقيعها كأن لم تكن بقوة القانون والتي استند إليها القرار الطعين فإن الأسباب الأخرى التي استند إليها القرار الطعين من ثبوت الاتهام ودرجة خطورة الذنب الإداري ما يكفي لحمله ومن ثم يضحى هذا الوجه من الطعن غير قائم على سند سليم متعين الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق