جلسة 27 من يونيو سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وأحمد عبد العزيز أبو العزم - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(93)
الطعن رقم 1207 لسنة 40 قضائية عليا
أموال أسرة محمد علي - اختصاصات اللجنة الابتدائية واللجنة العليا.
المواد 1، 5، 9، 14 من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد علي.
القانون نص على تشكيل لجنتين أحداهما ابتدائية من رجال القضاء وحدد اختصاصاتها ومنها النظر في كل منازعة خاصة بأي تصرف من التصرفات التي يكون الأشخاص الذين شملهم قرار مجلس قيادة الثورة في 8/ 11/ 1954 طرفاً فيه. وتحال قرارات هذه اللجنة تلقائياً خلال سبعة أيام من صدورها إلى اللجنة العليا التي يصدر بتشكيلها قرار من مجلس قيادة الثورة، ولهذه اللجنة العليا سلطة مطلقة في تأييد أو إلغاء أو تعديل القرار الصادر من اللجنة الابتدائية ومنحها القانون سلطة تحديد الإجراءات التي تسير عليها في نظر الطلبات المشار إليها - هاتان اللجنتان تفصلان في خصومة وتتضمن هذه الخصومة إجراءات متعددة يقوم الخصوم ببعضها وتقوم اللجنتان بالبعض الآخر وتنتهي بصدور قرار نهائي غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية أو إدارية ومن آثار هذه الخصومة بالنسبة للخصوم أنها تؤكد حقوقاً والتزامات فيما بينهم - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 21/ 2/ 1994 أودع الدكتور/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن/ ....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1207 لسنة 40 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 4498 لسنة 40 ق بجلسة 25/ 1/ 1994 والقاضي بعدم جواز نظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم: -
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى والحكم بإلغاء قرار اللجنة العليا للأموال المصادرة الصادر بتاريخ 24/ 1/ 1954 فيما تضمنه من مصادرة منزله الذي اشتراه من والدته السيدة/ ........... بموجب العقد الرسمي المحرر في 18/ 5/ 1944 م والمسجل في 29/ 6/ 1944 تحت رقم 4798 شهر عقاري مصر وبتأييد قرار اللجنة القانونية للأموال المصادرة الصادر في أول فبراير سنة 1954 في الطلب المقيد بجدول اللجنة رقم 36/ 53 - 1954 فيما تضمنه من أحقية الطالب في المنزل موضوع الطلب.
ثالثاً: إلزام المطعون ضدهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق - وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/ 7/ 1998 وبجلسة 16/ 11/ 1998 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم - وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن حيث إن وقائع المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4498 لسنة 40 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 7/ 1986 م طلب في ختامها الحكم:
أولاً: بقبول الدعوى شكلاً.
ثانياً: بإلغاء قرار اللجنة العليا للأموال المصادرة الصادر بتاريخ 24/ 2/ 1954 فيما تضمنه من مصادرة المنزل الذي اشتراه من والدته السيدة/ ........ بموجب العقد الرسمي المحرر في 18/ 5/ 1944 والمسجل في 29/ 6/ 1944 تحت رقم 4798 شهر عقاري مصر وبتأييد قرار اللجنة القانونية للأموال المصادرة الصادر في أول فبراير 1954 في الطلب المقيد بجدول اللجنة رقم 36/ 1953 - 1954 فيما تضمنه من أحقية الطالب في المنزل موضوع الطلب.
ثالثاً: الحكم برد حيازة العقار موضوع التظلم إليه وإلزام المدعي عليه الأخير بتسليمه له ورفع يده عنه.
رابعاً: إلزام المدعى عليهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بياناً للدعوى أنه يمتلك العقار رقم 11 شارع ولي العهد رقم 2 شياخة حدائق القبة المبين تفصيلاً حدوده ومعالمه ومشتملاته بالصحيفة وذلك بموجب عقد البيع المسجل بتاريخ 29/ 6/ 1944 تحت رقم 4798 شهر عقاري مصر، وذلك بالشراء من والدته، وهو العقد الذي تضمن شرائه لقطعة أرض مساحتها 2435 متراً، وبناءً عليه تم نقل التكليف لتلك الأعيان المشتراة إلى المدعي وحازها بوضع يده عليها حتى فوجئ بتاريخ 9/ 12/ 1953 بنشر اسمه في الجريدة الرسمية باعتبار أنه هو وأفراد أسرته ممن شملهم قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/ 11/ 1953 بمصادرة أموال أسرة محمد علي وهو القرار الذي حرص على النص على أن المصادرة تقتصر على الأموال التي آلت منهم إلى غيرهم سواءً عن طريق الوراثة أو المصاهرة أو القرابة، وبناءً عليه وضعت أموالهم وممتلكاتهم تحت التحفظ تمهيداً لمصادرتها، فتقدم إلى اللجنة القانونية للأموال المصادرة في 16، 17، 18/ 12/ 1953 بتظلم مما تقدم وهي اللجنة التي أصدرت في أول فبراير سنة 1954 القرار الآتي قررت اللجنة قبول الطلبات أرقام 31، 36، 37 لسنة 53 - 1954 شكلاً - وضمها للفصل فيها وفي الموضوع بإلغاء القرار الإداري الصادر عن إدارة التصفية ببيان الأشخاص المصادرة أموالهم والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 9/ 12/ 1953 فيما تضمنه من إدراج أسماء الطالبين من بين هؤلاء الأشخاص ورفع إجراءات التحفظ على أموالهم المبينة بأسباب هذا الحكم - وبتاريخ 24/ 2/ 1954 انعقدت اللجنة العليا للأموال المصادرة وقررت إلغاء القرار الصادر من اللجنة فيما يختص بالمنزل الذي اشتراه المدعي وتأييد القرار فيما عدا ذلك.
وأضاف المدعي - أنه تظلم من قرار اللجنة العليا المذكور سنة 1960 إلى رئيس الجمهورية وتظلم آخر بتاريخ 27/ 5/ 1974 ثم تظلم ثالث في سنة 1977 ولم يتسلم أي رد وينعى المدعي على القرار المذكور صدوره منعدماً لعيب في شكله وهو صدروه بدون تسبيب لاستثنائه للعقار المملوك له من القرار الأصلي فضلاً عما شابه من انحراف بالسلطة لمخالفته لتخصيص الأهداف ذلك لأن قرار مجلس قيادة الثورة باسترداد أموال الشعب وممتلكاته من أسرة محمد علي، وهو من أسرة/ ........ ولا صلة له ولا للعقار بأسرة محمد علي - ولما كان القرار الصادر من اللجنة العليا للأموال المصادرة هو قرار إداري نهائي صادر من جهة إدارية ذات اختصاص قضائي وبالتالي فهو يخضع للطعن فيه - وهو قرار منعدم لا يزال ميعاد الطعن فيه قائماً - وكل ما بني على هذا القرار من قرارات تكون باطلة بطلاناً مطلقاً - ولما كان المدعى عليه الثاني قد أصدر القرار رقم 34 لسنة 1965 بتخصيص العقار موضوع النزاع للمنفعة العامة والذي لم يتم إعلانه به ومن ثم يكون هذا القرار باطل بطلاناً مطلقاً.
وبجلسة 25/ 1/ 1994 صدر الحكم المطعون فيه بعدم جواز نظر الدعوى وإلزام المدعي المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أن القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد علي بين نطاق تطبيقه - وقضى بتشكيل لجنة ابتدائية من رجال القضاء تختص بالفصل في المسائل التي عددتها المادة التاسعة ولا تعتبر قرارات هذه اللجنة نهائية وإنما تحال تلقائياً خلال سبعة أيام من تاريخ صدورها إلى اللجنة العليا التي يصدر بتشكيلها قرار من مجلس قيادة الثورة - ولهذه اللجنة سلطة مطلقة في تأييد أو إلغاء أو تعديل القرار الصادر من اللجنة الابتدائية - ويكون القرار الصادر من اللجنة العليا نهائياً وغير قابل لأي طعن أمام أي جهة - ولا يجوز لأية جهة قضائية سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 من نوفمبر سنة 1953 بمصادرتها حتى ولو لم يكن أطراف الدعوى من الذين صودرت أموالهم.
وأضافت المحكمة أن المادتين 190، 191 من دستور سنة 1956 قد أوضحتا تحصين القوانين والمراسيم والأوامر واللوائح والقرارات المعمول بها قبل صدور الدستور المذكور - وأن جميع القرارات إلى أصدرها مجلس قيادة الثورة - وجميع القوانين والقرارات التي تتصل بها وصدرت مكملة أو منفذه لها - وكذلك كل ما أصدرته الهيئات التي أمر مجلس قيادة الثورة بتشكيلها من قرارات أو أحكام والإجراءات والأعمال والتصرفات التي صدرت من هذه الهيئات أو من أية هيئة أخرى من الهيئات التي أنشئت بقصد حماية الثورة ونظام الحكم لا يجوز الطعن فيها بأي وجه من أوجه الطعن وأمام أية جهة إلغاء وتعويضاً - وأن هذه الحصانة نهائية لا تزول عن هذه القرارات والإجراءات بانتهاء العمل بذلك الدستور وأنه لا يسوغ تكرار النص عليها في الدساتير اللاحقة.
وقالت المحكمة - أنه بتطبيق ما تقدم يتبين أن مجلس قيادة الثورة كان قد أصدر قراره في 8/ 11/ 1953 يقضي باسترداد أموال الشعب وممتلكاته من أسرة محمد علي وذلك بمصادرة أموال وممتلكات هذه الأسرة - وتنفيذاً لهذا القرار صدر القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه والذي تبين من نصوصه منع المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها من سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8/ 11/ 1953 بمصادرتها حتى ولو لم يكن الأشخاص الذين صودرت أموالهم خصوماً في تلك الدعاوى - ويضاف إلى ذلك أن قرار مجلس قيادة الثورة والقانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليهما هما من القوانين والقرارات التي عناها المشرع بنص المادة 191 من دستور سنة 1956 وأضفى عليها الحصانة الدستورية النهائية - وبذلك أصبحت معصومة من الطعن فيها بأية صورة بما في ذلك الطعن بعدم دستوريتها بعد تحصينها بنص دستوري على الوجه المتقدم - وبهذه المثابة يكون الدفع الذي أبدته هيئة قضايا الدولة قد بني على سند صحيح من القانون - ويتعين الحكم بعدم جواز نظر الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والخطأ في القانون على النحو التالي: -
أولاً: الخطأ في تطبيق القانون: وذلك حين حصن القوانين والقرارات والمراسيم والأوامر واللوائح والقرارات المعمول بها قبل دستور سنة 1956 وكذلك قرارات مجلس قيادة الثورة من الطعن عليها بأي وجه من الوجوه وذلك بالمخالفة لما استقر عليه الشراح من أنه لا يجوز للمشرع دستورياً أن يحرم أي خصومة من أن يكون لها قاضي ولو اقتصرت ولايته على التعويض دون الإلغاء - وأنه بالنسبة للقانون رقم 598 لسنة 1953 فلا يجوز الاعتداد به لمخالفته للمبدأ الذي أرسته المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 4/ 12/ 1971 وهو أن احتواء الدستور على نص يقرر أن القوانين واللوائح والأوامر المعمول بها قبل صدور الدستور يبقى صحيحاً ونافذاً - لا يعني سوى مجرد استمرار نفاذ تلك القوانين دون تطهيرها مما قد يشوبها من عيوب ودون تحصينها ضد الطعن بعدم دستوريتها شأنها في ذلك شأن التشريعات التي تصدر في ظل الدستور القائم.
ثانياً: مخالفة الحكم المطعون فيه لحكم سابق: فقد سبق للمحكمة في الدعوى رقم 280 لسنة 34 ق المرفوعة من/ ...... الذي يدعى أنه يمتلك قطعة أرض داخلة ضمن الأرض التي اشتراها الطاعن من والدته بالعقد المشهر برقم 4795 مصر والتي دخلت ضمن الأرض المصادرة أعمالاً للقانون رقم 598 لسنة 1953 وحكمت بإلغاء القرارين المطعون فيهما (قرار المنفعة العامة وقرار الاستيلاء) مبررة هذا الإلغاء على أن الطاعن قد اغتصب هذه المساحة من هذا الشخص وهذا غير الحقيقة لأن ملكيته ثابتة بعقد مسجل منذ سنة 1944.
ثالثاً: الإخلال بحق الدفاع: وذلك لعدم رد الحكم المطعون فيه على ما أثاره الطاعن بأن القرار منعدم لعيب في الشكل وهو مخالفة الإدارة للقواعد الإجرائية واجبة الاتباع في إصدار القرارات الإدارية فضلاً عن صدوره دون تسبيب - كما لم يرد على فقدان القرار لركن السبب المبرر لصدوره لأنه لو كان صدر استناداً إلى أنه من أسرة محمد علي رغم المبدأ المستقر أن أولاد البطون لا يعتبرون ضمن أسرة محمد علي.
رابعاً: الخطأ في تطبيق القانون: فقد تجاهل الحكم المطعون فيه ما أثير عن وجود عيب الانحراف بالسلطة في القرار الإداري فالهدف الأصلي من قرار مجلس قيادة الثورة هو استرداد الشعب لأمواله المملوكة لأسرة محمد علي وقت قيام الثورة ومصادرتها وردها للشعب وذلك في حين أن الأموال المملوكة له لم تكن وقت قيام الثورة ملكاً لأسرة محمد علي وإنما كانت ملكاً له بعقود مسجلة منذ سنة 1944 أي قبل قيام الثورة بثماني سنوات مما يكن معه عيب الانحراف قائماً.
ومن حيث إن المادة الأولى من القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد علي تنص على أنه "على كل شخص كان تحت يده بأية صفة كانت في يوم 8 نوفمبر 1953 أو يكون لديه في أي تاريخ لاحق شيء من الأموال أو الممتلكات التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في التاريخ متقدم الذكر بمصادرتها أن يقدم إلى رئيس إدارة التصفية المنصوص عليها في المادة 17 بياناً بما تحت يده خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية عن أسماء الأشخاص الذين كانوا يمتلكون الأموال المصادرة أو من تاريخ وجود المال تحت يده أي المدتين أطول..." وتنص المادة الخامسة على أنه "لا تكون الحقوق الناشئة للغير عن التصرفات الصادرة عن الأشخاص الذين كانوا يمتلكون الأموال المصادرة نافذة بالنسبة لهذه الأموال إذا لم يكن للتصرفات المذكورة تاريخ ثابت قبل 8 نوفمبر 1953 ومع ذلك يجوز الاعتداد بهذه التصرفات ولو لم يكن لها هذا التاريخ الثابت إذا اقتضت العدالة ذلك - كما أنه يجوز عدم الاعتداد بتلك التصرفات إذا كان تاريخها الثابت في الفترة من 22 يوليو 1952 إلى 8 نوفمبر 1953 وكانت بغير عوض أو كان فيها ثمن فاحش وكان المغبون أحد الأشخاص المتقدم ذكرهم - ولا يجوز الاعتداد بأي تصرف أياً كان تاريخه ولو كان مسجلاً سواءً أكان بعوض أو بغير عوض متى تبين أنه صوري أو قصد به إخفاء أو تهريب شيء من الأموال والممتلكات المصادرة أو كان منطوياً على استغلال" وتنص المادة التاسعة على أنه "تشكل بقرار من وزير العدل لجنة أو أكثر برياسة أحد رجال القضاء الوطني بدرجة وكيل محكمة ويختار الأول والثالث وزير العدل ويختار الثاني رئيس مجلس الدولة، وتختص هذه اللجنة بالفصل في كل طلب بدين أو ادعاء بحق قبل أي شخص ممن شملهم قرار 8 من نوفمبر 1953 وفي كل منازعة خاصة بأي تصرف من التصرفات التي يكون الأشخاص الذين شملهم القرار المذكور طرفاً فيها وكذلك كل منازعة في دين لهؤلاء الأشخاص قبل الغير، كما تختص بنظر كل طلب خاص بتنفيذ حكم نهائي ضد أحد من هؤلاء الأشخاص قبل 8 نوفمبر سنة 1953 وبوجه عام تختص هذه اللجنة بالنظر في كل نزاع يتعلق بالأموال المصادرة" وتنص المادة العاشرة على أن "تقدم الطلبات إلى اللجنة المشار إليها في المادة السابقة بدون رسوم قضائية خلال 60 يوماً من تاريخ النشر في الجريدة الرسمية عن أسماء هؤلاء الأشخاص الذين يمتلكون شيئاً من الأموال المصادرة - ويرفع الطلب إلى رئيس اللجنة من أصل وصور بعدد الخصوم وتبين فيه موضوع الطلب وأسانيده ويؤشر رئيس اللجنة على الطلب بتحديد موعد الجلسة أو يخطر به الخصوم بالطريق الإداري - وتتبع اللجنة فيما عدا ذلك أحكام قانون المرافعات في نظر الدعاوى وإصدار حكم فيها إلا إذا رأت اللجنة مسوغاً للخروج على تلك الأحكام" وتنص المادة الحادية عشرة على أن "يحال قرار هذه اللجنة خلال سبعة أيام من تاريخ صدوره إلى لجنة عليا تشكل بقرار من مجلس قيادة الثورة - ولهذه اللجنة العليا أن تصدر قراراً بتأييد قرار اللجنة الابتدائية وبتعديله أو بإلغائه - ويكون قراراها غير قابل لأي طعن وتسير اللجنة في نظر الطلبات التي تحال إليها وفقاً للإجراءات التي تراها".
وتنص المادة الرابعة عشرة على أنه "استثناءً من حكم المادة 12 من قانون نظام القضاء والمادتين 3، 10 من قانون مجلس الدولة لا يجوز للمحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 نوفمبر 1953 بمصادرتها ويسري ذلك على الدعاوى المنظورة أمام المحاكم وقت العمل بهذا القانون ولو لم يكن الأشخاص المصادرة أموالهم خصوماً فيها....".
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن القانون رقم 598 لسنة 1953 المشار إليه نص على تشكيل لجنتين أحداهما ابتدائية من رجال القضاء وحدد اختصاصها في المادة التاسعة سالفة البيان ومن بين هذه الاختصاصات النظر في كل منازعة خاصة بأي تصرف من التصرفات التي يكون الأشخاص الذين شملهم قرار مجلس قيادة الثورة في 8/ 11/ 1954 طرفاً فيها - وتحال قرارات هذه اللجنة تلقائياً خلال سبعة أيام من صدورها إلى اللجنة العليا التي يصدر بتشكيلها قرار من مجلس قيادة الثورة - ولهذه اللجنة العليا سلطة مطلقة في تأييد أو إلغاء أو تعديل القرار الصادر من اللجنة الابتدائية بل منحها القانون في المادة (14) سلطة في تحديد الإجراءات التي تسير عليها في نظر الطلبات المشار إليها - على أن هاتين اللجنتين إنما تفصلان في خصومة وتتضمن هذه الخصومة إجراءات متعددة يقوم الخصوم ببعضها وتقوم اللجنتان بالبعض الآخر وتنتهي بصدور قرار نهائي غير قابل للطعن أمام أية جهة قضائية أو إدارية ومن آثار هذه الخصومة بالنسبة للخصوم أنها تؤكد حقوقاً والتزامات فيما بينهم.
ومن حيث إن القانون رقم 598 لسنة 1953 وأن سلخ هذه المنازعات من قاضيها الطبيعي وهو المحاكم إلا أنه أسند اختصاص الفصل فيها ابتداءً إلى لجنة تشكل كلها من عناصر قضائية مختلطة من القضاء العادي والقضاء الإداري ثم جعل قرار اللجنة العليا نهائياً غير قابل لأي طعن أمام أية جهة ولا يجوز لأية جهة قضائية سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8 من نوفمبر 1953 بمصادرتها، حتى ولو لم يكن أطراف الدعوى من الذين صودرت أموالهم.
ومن حيث إن المادة (190) من دستور سنة 1956 تنص على أن " كل ما قررته القوانين والمراسيم والأوامر واللوائح والقرارات من أحكام قبل صدور هذا الدستور، يبقى نافذاً ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقاً للقواعد والإجراءات المقررة في هذا الدستور".
وتنص المادة (191) من الدستور المذكور على أن "جميع القرارات التي صدرت من مجلس قيادة الثورة وجميع القوانين والقرارات التي تتصل بها وصدرت مكملة أو منفذة لها - وكذلك كل ما صدر من الهيئات التي أمر المجلس المذكور بتشكيلها من قرارات أو أحكام - وجميع الإجراءات والأعمال والتصرفات التي صدرت من هذه الهيئات أو من أية هيئة أخرى من الهيئات التي أنشئت بقصد حماية الثورة ونظام الحكم - ولا يجوز الطعن فيها أو المطالبة بإلغائها أو التعويض عنها بأي وجه من الوجوه وأمام أية هيئة كانت".
ومن حيث إن البين من الإطلاع على حكم المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 13 لسنة 10 ق دستورية الصادر بجلسة 11/ 10/ 1997 أنه قد تضمن في أسبابه أن الحصانة التي تضمنتها المادة (191) من دستور 1956 هي التي اتخذها القانون رقم 598 لسنة 1953 بشأن أموال أسرة محمد علي المصادرة مدخلاً لتقرير الأحكام التي تضمنتها المادتان 14، 15 من هذا القانون والتي تقضي أولاهما بعدم جواز سماع الدعاوى المتعلقة بالأموال التي صدر قرار مجلس قيادة الثورة في 8/ 11/ 1953 بمصادرتها - وتنص ثانيهما على عدم جواز الرجوع بتعويض على الدولة لجبر الأضرار الناشئة عن تنفيذ هذا القرار بعد أن صار نائياً عن الإلغاء والتعويض بمقتضى المادة 191 المشار إليها والتي لا زال حكمها قائماً حتى بعد سكوت ما تلاه من الدساتير عن النص عليها - وأن القول بامتداد المصادرة التي قضى بها قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/ 11/ 1953 إلى كل أموال المشمولين بها من أفراد أسرة محمد علي - لا يلتئم والأغراض التي توختها ولا يوفر كذلك نوع الحماية التي كفلها الدستور لحق الملكية كلما كان مصدرها مشروعاً ولأن الأموال موضعها لا تصل في الأعم من الأحوال لأصحابها دون جهد يبذل بل يكون نتيجة لأعمال يباشرونها، وأن المصادرة التي يعنيها قرار مجلس قيادة الثورة لا شأن لها بأموال تملكها أشخاص لا ينتمون إلى أسرة محمد علي - أو يرتبطون بها ولكن اكتسابها تم عن غير طريقها ويندرج تحتها تلك التي تلقوها عن آخرين قبل انضمامهم إلى أسرة محمد علي أيا كان سبب كسبهم لملكيتها وكذلك إذا كان مصدرها أعمالاً قانونية ارتبطوا بها بعد انضمامهم إليها ولم يكن لهذه الأسرة دخل بها - ويتأكد هذا المعنى من أمرين: -
أولهما: أن قرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 8/ 11/ 1985 لا يتوخى غير استرداد أموال وصفها بأنها من أموال الشعب من هذه الأسرة فلا تكون يدها عيها إلا غصباً مما يحتم مصادرتها لتنقل ملكيتها نهائياً إلى الدولة.
ثانيهما: أن رئيس مجلس الوزراء كان قد شكل - بمقتضى قراره رقم 906 لسنة 1977 - لجنة اختصها بإجراء ما تراه لازماً من أعمال التحقيق لتحديد مصدر الأموال المصادرة فعلاً في انتقالها من أسرة محمد علي أو من غيرها - على أن تقدم لرئيس مجلس الوزراء - وبعد دراستها للحالات التي تقدم إليها - مقترحاتها في شأن ما تراه لازماً في مجال تسويتها والتعويض عن الأضرار التي لابستها.
وأضافت المحكمة الدستورية العليا أن المشرع قد توخى بالفقرة الأولى من المادة 14، وكذلك بنص المادة 15 المطعون عليهما تعطل ضمانة التقاضي في مجال تطبيقها في شأن الأموال التي قرر مجلس قيادة الثورة في 8/ 11/ 1953 مصادرتها من أسرة محمد علي، ولما كان صون الدستور لضمانة التقاضي مؤداه امتناع هدمها أو انتقاضها بعمل تشريعي، ومن ثم حرص دستور سنة 1956 على إسقاطها من خلال الحصانة التي بسطها بنص المادة (191) منه على التدابير التي اتخذها مجلس قيادة الثورة في مجال تأمينها.
ويبقى تحديد نطاق هذه الحصانة فمن ناحية لا يجوز تفسيرها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة عنها - ولا تطبيقها تطبيقاً مرناً بما يوسع من دائرتها - ولا تغليبها في شأن أموال تملكها أصحابها بطريق مشروع وفقاً للدستور أو القانون - كذلك لا يجوز من ناحية أخرى أن تكون آثارها نطالاً بأفراد هذه الأسرة من خلال مصادرة تحيط بأموالهم جميعاً ولا تصل إلى أموال لا شأن لأسرة محمد علي بها بل تلقاها أصحابها عن غير طريق هذه الأسرة أشخاص ينتمون إليها أو اكتسبها أغيار لا يعتبرون من أعضائها فلا تجوز مصادرتها إلا بحكم قضائي عملاً بنص المادة 36 من الدستور.
ومن حيث إنه وقد صدر حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه والذي حدد نطاق حصانة قرارات لجان المصادرة المشار إليها على النحو السالف - من الطعن عليها قضاء - ولما كانت الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها والطعن الماثل قد أقيما قبل صدور الحكم المشار إليه ومن ثم فإن الدعوى والطعن يكونان قد استوفيا كافة إجراءاتهما المقررة قانوناً.
ومن حيث إن البين من الإطلاع على قرار اللجنة القانونية للأموال المصادرة المشار إليها في المادة التاسعة من القانون رقم 598 لسنة 1953 - الصادر بتاريخ 1/ 2/ 1954 - أنه تضمن أن مورث الطاعنين/ ........ هو ولد المرحوم/ ....... ابن المرحوم/ ........ من زوجة الأخير المرحومة السيدة/ ........ وهي ليست من أسرة/ ....... إلا أن/ ........ المذكور كان قد تزوج بتاريخ 16/ 7/ 1907 بالأميرة/ ........ ثم طلقت منه في 2/ 3/ 1921 كما يتبين من حكم مجلس البلاط الصادر بتاريخ 27/ 4/ 1924 أنه أنجب منها ولده/ ...... (مورث الطاعنين) فهو من أولاد البطون في أسرة محمد علي - وأضافت اللجنة أن السيد/ ...... يمتلك منزلاً بحدائق القبة بشارع ولى العهد رقم 11 قسم الوايلي - وقد آل إليه المنزل بطريق الشراء من والدته الأميرة السابقة/ ....... بموجب عقد رسمي مؤرخ 18/ 5/ 1944 ومسجل بتاريخ 29/ 6/ 1944 تحت رقم 4798 مصر ويقول الطالب أنه دفع ثمنه لوالدته وقدره 15000 من ماله الخاص ولا زالت والدته على قيد الحياة ويستدل على جدية الشراء من أن تاريخه سابق على الثورة بثمان سنوات، كما أن شقيق/ ....... كما هو ظاهر من العقد كان حاضراً وأقر بجدية الشراء وبدفع الثمن مع أنه أحد الورثة المحتملين لوالدته كما أن الطالب في حالة مالية تسمح له بهذا الشراء فهو أحد المستحقين في أوقاف/ ........ السابق الإشارة إليها - وقد توفى والده منذ 9/ 8/ 1936 وقد أتم تعليمه العالي في الخارج وعاد إلى مصر سنة 1938 واشتغل مهندساً بشركة قنال السويس ثم بشركة ترام القاهرة في سنة 1940 وظل بها إلى الآن حيث يشغل وظيفة مديرها العام، وترى اللجنة وقد استعرضت الأموال الخاصة التي طلب بعض الطالبين" ومنهم مورث الطاعنين" الإفراج عنها أنها آلت إليهم إما بطريق الميراث من غير أفراد أسرة محمد علي أو بطريق الشراء من مالهم الخاص المدخر أو المكتسب، كما أن إيرادات الطالبين المذكورين تسمح لهم باقتناء ما اقتنوه فإن هذه الأموال تكون بمنأى عن المصادرة.
ومن حيث إن قرار اللجنة العليا للأموال المصادرة بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/ 2/ 1954 م الصادر بإلغاء القرار السابق قام على سبب حاصله أن المنزل المذكور اشتراه مورث الطاعنين من والدته الأميرة السابقة/ ....... بموجب العقد المؤرخ 18/ 5/ 1944 ومن ثم فقد يخضع للمصادرة وتستمر عليه إجراءات التحفظ - ولم تبين اللجنة أسباب هذه المصادرة كما لم تناقش جدية العقد المذكور التي أوردها قرار اللجنة القانونية سالف البيان ومن ثم يكون قرار اللجنة العليا المشار إليه قد قام على غير أساس وهو ما يجعله جديراً بالإلغاء وما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار اللجنة العليا للأموال المصادرة الصادر بتاريخ 24/ 2/ 1954 فيما تضمنه من مصادرة العقار السابق الإشارة إليه - وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق