جلسة 6 من ديسمبر سنة 1998 م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أحمد الحسيني مسلم، وعبد الباري محمد شكري، وممدوح حسن يوسف راضي، وسمير إبراهيم البسيوني - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(15)
الطعن رقم 1479 لسنة 40 قضائية عليا
قرار إداري - قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري - الفرق بين الشكليات الجوهرية والشكليات الثانوية وأثر ذلك على بطلان القرار.
إن قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوساً وإنما هي إجراءات ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء وينبغي التفرقة في هذا المجال بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة ويؤثر إغفالها على سلامة القرار وصحته وغيرها من الشكليات الثانوية إذ لا يبطل القرار لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان متى تم إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته بحيث يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ الاثنين الموافق 7/ 3/ 1994 أودع الأستاذ/ ....... المحامي الوكيل عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريراً بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 1248 لسنة 46 ق بجلسة 13/ 4/ 1994 والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفاته".
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده الأول المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقد جرى إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصروفات.
نظرت الطعن دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) بجلسة 19/ 5/ 1997، 20/ 10/ 1997 وانتهت بالجلسة الأخيرة إلى إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة عليا للاختصاص وقد نظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلسة 13/ 1/ 1998 والجلسات التالية حيث قدم الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة وحافظة مستندات وبجلسة 26/ 5/ 1998 قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الخامسة موضوع) ونظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 28/ 6/ 1998 وما تلاها من جلسات وبجلسة 6/ 12/ 1998 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 6/ 12/ 1998 حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد تم تقديمه في المواعيد القانونية واستوفى أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن قد سبق له إقامة الدعوى رقم 1248 لسنة 46 أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الجيزة رقم 652 لسنة 1988 بتصحيح الأعمال المخالفة بفندق الليل والكائن بالعقار رقم 465 بشارع الأهرام بالجيزة وما يترتب على ذلك من آثار، وذكر شرحاً لدعواه بأنه قد حضرت إلى الفندق المملوك له قوة من شرطة مرافق الجيزة وشرعت في إخلاء الدور السادس فوق الأرضي بالفندق من نزلائه توطئة لتشميعه وإزالته وعلم من هذه القوة أن هذا الإجراء يتم تنفيذاً لقرار صادر من محافظ الجيزة برقم 652/ 88 والذي يقضي بتصحيح الأعمال المخالفة وهي تجاوز الارتفاعات المقررة قانوناً والتي تجيز للمحافظ إزالتها ونعى على القرار الطعين أن المادة 16 من القانون رقم 106 لسنة 76 التي يستند إليها المحافظ في قراره لا تنطبق إلا في حالة المباني الجديدة التي يشرع أصحابها فيها أما مباني الدور السادس المشار إليه فهي منشأة عام 1975 ومربوطة بالعوائد. وأن الدور السادس المذكور غير متجاوز الارتفاعات المقررة في سائر القرارات الصادرة من الوزارات المختلفة بشأن هذه المنطقة والتي تقرر ارتفاعاً مسموحاً به هو 37 متراً من مستوى الشارع في حين أن ارتفاع مبنى الفندق بالدور السادس المشار إليه لا يتجاوز عشرين متراً وأخيراً فإن المحكمة الجنائية قضت ببراءته من مخالفته الارتفاعات المقررة.
وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى حسبما هو ثابت بمحضر الجلسات إلى أن أصدرت بجلسة 13/ 1/ 1995 حكمها المطعون عليه وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نصوص المواد 4، 11، 15، 16 من القانون رقم 106/ 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء بأن الظاهر من الأوراق أن المدعي قام بتعلية الدور السادس فوق الأرضي بالعقار رقم 465 شارع الأهرام بالجيزة دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم متجاوزاً الارتفاع المقرر لهذه المنطقة وهو 18.60 م منسوب شارع الأهرام فتحرر ضده محضر المخالفة رقم 18/ 1987 وبعرض المخالفة على اللجنة الفنية المختصة رأت تصحيح الأعمال المخالفة ثم أصدر محافظ الجيزة قراره المطعون فيه رقم 652 لسنة 1988 بتاريخ 6/ 10/ 1988 بتصحيح هذه الأعمال المخالفة فمن ثم يكون هذا القرار متفقاً وصحيح حكم القانون خاصة وأن المدعي قد أقر بعريضة دعواه بأن ارتفاع عقاره لا يتجاوز عشرين متراً فضلاً عن أن الحكم بالبراءة لا يقيد جهة الإدارة في إصدار قرار الإزالة طالما ثبت صدور المخالفة وقيامها في الواقع وبالتالي فقد تخلف ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ بما يتعين رفضه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أن الحكم الطعين قد استخلص تخلف ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ مستنداً إلى نص المادتين 15، 16 من القانون رقم 106/ 76 وهو استخلاص مخالف للقانون إذ أن محل النصين المذكورين هو الأعمال الجاري إنشاؤها المخالفة للقانون والصادر بشأنها قرار إداري بالوقف ولا محل لتطبيقهما على المباني التي تمت ومضت سنوات على تمامها وأن محل تطبيق المادتين المشار إليهما هو تدخل الإدارة أثناء الإنشاء وصدور قرار منها بوقف الأعمال يتلوه قرار الإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة خلال مدة معينة من تاريخ إعلان قرار وقف الأعمال هذا وقد تم إنشاء المبنى بالفعل قبل صدور القرار الطعين بسنوات طويلة ولم يصدر في شأنه قرار بوقف الأعمال بدليل أن الجنحة قضى فيها استئنافياً برقم 15274/ 1989 الجيزة بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة وهي ثلاث سنوات من وقوع الجريمة قبل رفع الدعوى كما أن الثابت بدفاتر جرد العوائد عن عام 1980 أن العقار 465 شارع الأهرام مبنى من عدة أدوار من بينها الدور السادس.
ثانياً: أن العقار محل المنازعة منخفض عن مستوى شارع الأهرام بمقدار طابق كامل وبذلك يكون المبنى في حدود الارتفاع المسموح به.
ومن حيث إنه باستظهار ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ للقرار رقم 652/ 88 الصادر من محافظ الجيزة بتصحيح الأعمال المخالفة التي قام بها المدعي في العقار رقم 465 بشارع الأهرام فإن الظاهر من الأوراق قيام الطاعن بإجراء تعلية للدور السادس فوق الأرضي بالعقار المشار إليه دون ترخيص وبالتجاوز لقيود الارتفاع المقرر لهذه المنطقة وقدره 18.60 متراً من منسوب شارع الأهرام وهو ما تضمنه محضر المخالفة رقم 18/ 1987 وذلك بالمخالفة لحكم المادة الرابعة من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء التي حظرت إجراء أعمال البناء أو التعلية بدون ترخيص وإذ أصدر محافظ الجيزة قراره الطعين بتصحيح هذه الأعمال المخالفة مع أخذ رأي اللجنة الفنية المنصوص عليها في المادة 16 من ذات القانون فمن ثم فإن القرار المشار إليه قد صدر بحسب الظاهر في حدود الاختصاص المقرر للمحافظ ولأسباب تبرره واقعاً وقانوناً وبالتالي فقد تخلف ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ ويكون الحكم المطعون عليه قد قام على سند صحيح من القانون ولا وجه لما تمسك به الطاعن في طعنه من أن السلطة المخولة للمحافظ بإزالة الأعمال المخالفة تنصرف فقط إلى المباني الجاري إنشاؤها دون المباني التي أنشئت بالفعل كما هو الحال بالنسبة للدور السادس محل الإزالة فذلك الوجه من الطعن غير سديد إذ أن نص المادة 16 من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء الذي خول المحافظ سلطة إزالة أعمال البناء المخالفة قد ورد على وجه عام ينصرف إلى كافة أعمال البناء المخالفة دون فرق ولم يفرق بين الأعمال التي تم إنشاؤها أو تلك التي هي في طور الإنشاء كذلك فلا وجه للاعتداد بما ذهب إليه الطاعن من أن محل تطبيق المادتين 15، 16 من القانون المذكور هو صدور قرار بوقف الأعمال قبل الإزالة فذلك مردود بأنه إذا كانت المادة (15) من القانون قد خولت الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم سلطة إصدار قرار بوقف الأعمال المخالفة وأسندت المادة 16 من القانون للمحافظ المختص سلطة إصدار قرار إزالة الأعمال التي تم وقفها وما قد يحمله ذلك النص من اشتراط إصدار قرار سابق بوقف الأعمال - فإن تخلف ذلك الإجراء لا يؤدي إلى بطلان قرار الإزالة ذلك أن قواعد الشكل في إصدار القرار الإداري ليست كأصل عام هدفاً في ذاتها أو طقوساً وإنما هي إجراءات ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة ومصلحة الأفراد على السواء وينبغي التفرقة في هذا المجال بين الشكليات الجوهرية التي تنال من تلك المصلحة ويؤثر إغفالها على سلامة القرار وصحته وغيرها من الشكليات الثانوية إذ لا يبطل القرار لعيب شكلي إلا إذا نص القانون على البطلان متى تم إغفال الإجراء أو كان الإجراء جوهرياً في ذاته بحيث يترتب على إغفاله تفويت المصلحة التي عنى القانون بتأمينها (حكم المحكمة الإدارية في الطعن رقم 2118/ 31 بجلسة 22/ 12/ 1987 س 33 صـ 481) ولما كان المشرع قد ابتغى بنص المادة (15) المشار إليها منح الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم الوسيلة الفعالة لوقف الأعمال المخالفة فور وقوعها بهدف إعمال الأثر المباشر لقرار وقف الأعمال بمنع المخالف من الاستمرار في المخالفة فمن ثم فإن ذلك الإجراء مقرر لمصلحة الإدارة فقط وبالتالي لا يعد من الشكليات الجوهرية التي لا يترتب على إغفالها التأثير في سلامة القرار بالإزالة وعلى ذلك لا ينبغي لصاحب الشأن أن يستند إليها للتوصل منها لإهدار القرار الإداري.
ومن حيث إنه فيما يستند إليه الطاعن من صدور الحكم المستأنف رقم 15274/ 1989 الجيزة بانقضاء الدعوى الجنائية لمضي المدة فلا وجه للاحتجاج بذلك الحكم لأنه لا يحوز حجية أمام القضاء الإداري في الدعوى رقم 1248/ 46 ق لعدم ابتنائه على انتفاء المخالفة وأخيراً لا وجه لما ذهب إليه الطاعن من أن بناء الدور السادس بالعقار المشار إليه قد تم في حدود الارتفاع المسموح به إذ أن ذلك مردود بأن مخالفة الطاعن لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء ببناء الدور السادس بغير ترخيص تعد سبباً كافياً للتدخل بإصدار قرار الإزالة من السلطة المختصة بذلك.
ومتى كان ما تقدم جميعه فإن الطعن يفتقد إلى سنده القانوني بما يتعين معه الحكم برفضه وإلزام الطاعن بالمصروفات إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق