جلسة 8 من أغسطس سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن علي غربي، ومحمد عبد البديع عسران، وسمير إبراهيم البسيوني، وعبد الباري محمد شكري - نواب رئيس مجلس الدولة.
-----------------------
(106)
الطعن رقم 978 لسنة 38 قضائية عليا
تأديب - جزاءات - جزاء الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى - شرط توقيعه.
إعمال جزاء الخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة يتطلب ألا يكون العامل في أدنى درجات السلم الوظيفي. لأن صدور مثل هذا الجزاء على العامل في أدنى درجات التعيين يجعله مخالفاً للقانون لأن الحكم في هذه الحالة يكون قد أتى بعقوبة لم ينص عليها في القانون فضلاً عن استحالة تنفيذها. تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 15/ 3/ 1992 أودع الأستاذ/ ......... المستشار بهيئة قضايا الدولة بصفته نائباً عن السيد وزير العدل بصفته، أودع تقرير الطعن الماثل في القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية في القضية رقم 2 لسنة 1992 تأديب بجلسة 9/ 2/ 1992 الذي قضى بمجازاة المطعون ضده بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية.
ويطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن. الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في المنطوق وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده. وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 29/ 3/ 1992.
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها في الطعن انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 26/ 1/ 1999 بحضور ممثل الجهة الإدارية وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 21/ 3/ 1999 حيث نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وقررت إصدار الحكم بجلسة 25/ 7/ 1999 ثم قررت مد أجل الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن حاز أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل فيما نسب إلى المطعون ضده بوصفه محضراً بمحكمة كوم حمادة أنه في الجنحة رقم 1251 لسنة 1991 كوم حمادة قام بإعلان المواطن/ ...... على غير محل إقامته ونسب إليه التوقيع بالاستلام رغم أنه لم يوقع ولم يتسلم الإعلان كما أن محل إقامته غير المعلن فيه.
وقد خلص مجلس تأديب العاملين بمحكمة دمنهور الابتدائية إلى أن ما نسب إلى المحضر المذكور أي المطعون ضده فضلاً عن أنه يشكل جنايتي تزوير محرر رسمي هو الإعلان بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي الانتقال إلى مكان غير المعتاد لإقامة المراد إعلانه وإثباته على غير الحقيقة تقابله مع الأخير ثم وقع على المحضر محل الجريمة بتوقيع نسب زوراً للمدون اسمه في ورقة الإعلان ثم بصم على هذا المحرر ببصمة خاتم غير مقروءة , وكذا جناية استعمال محرر مزور فيما زور من أجله وهو الأمر المعاقب عليه بنصوص قانون العقوبات. فإنها تشكل خروجاً على مقتضى الواجب الوظيفي الذي يفرض عليه الأمانة والدقة لما للعمل المكلف به من أهمية بالغة وآثار في غاية الخطورة وأن اقترفه يقلل من الثقة في جهة عمله التي ينتمي إليها ويجعلها محل تشكك من جمهور المتقاضين. وهي بمنأى عن ذلك. إذ إن المفروض في الجهاز المعاون للقضاء والنيابة العامة أن يكون على مستوى الأمانة والشرف لما للقضاء من مكانة وقدسية تسمو على أي مكانة عداها. الأمر الذي يضاعف من جسامة ما اقترفه الموظف المحال وهو الأمر الذي يدعو إلى أخذه بالجزاء المناسب زجراً له وردعاً لسواه مما قد تسول له نفسه اقتراف مثل فعله وجرمه ومن ثم ينتهي المجلس إلى مجازاته تأديباً بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض الأجر إلى القدر الذي كان عليه قبل الترقية إعمالاً لنص الفقرة التاسعة من المادة 80 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة.
لم يرتض الطاعن بصفته هذا الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل للأسباب المبينة بتقرير الطعن ومؤداها أن المطعون ضده عين بالقرار الوزاري رقم 5824 في 7/ 10/ 1987 بالدرجة الرابعة المكتبية وما زال يشغلها. وهذه الوظيفة هي أدنى وظائف المجموعة التي يشغلها ولا توجد وظائف في ذات المجموعة منها الأمر الذي ينتج عنه أن قرار الجزاء يعتبر كأن لم يكن في حين إن الجزاء يجب أن يكون متفقاً مع حقيقة الواقع ومتناسباً مع المخالفة المرتكبة بينما الحكم المطعون فيه مستحيل التنفيذ لأن المطعون ضده يشغل أدنى الدرجات اعتباراً من تاريخ دخوله الخدمة وظل يشغلها حتى صدور الحكم المطعون فيه، لذا يتعين إلغاء هذا الحكم وتوقيع الجزاء المناسب من الجزاءات المنصوص عليها في المادة (80) من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978.
ومن حيث إنه يتعين بداءة الإشارة إلى أن المطعون ضده لم يطعن على قرار مجلس التأديب ومن ثم يكون هذا القرار قد غدا نهائياً فيما يتعلق بثبوت إدانته عن المخالفات التأديبية المنسوبة إليه، ويقتصر ما هو معروض على المحكمة الآن على طعن الجهة الإدارية على الجزاء الذي تضمنه قرار مجلس التأديب لتوقيع جزاء آخر يتفق مع أحكام القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إعمال جزاء الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة يتطلب أن يكون العامل في أدنى درجات السلم الوظيفي لأن صدور مثل هذا الجزاء على عامل في أدنى درجات التعيين يجعله مخالفاً للقانون لأن الحكم في هذه الحالة يكون قد أتى بعقوبة لم ينص عليها القانون فضلاً عن استحالة تنفيذها (طعن رقم 1826/ 29 ق بجلسة 3/ 3/ 1987، والطعن رقم 1554/ 21 ق بجلسة 12/ 3/ 1988).
ومن حيث إنه متى كان ذلك. وكان الثابت أن المطعون ضده يشغل منذ تعيينه الدرجة الرابعة وهي أدنى وظيفة محضر المقرر لشغلها الحصول على مؤهل متوسط فإن القرار المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتوقيع هذا الجزاء غير الجائز توقيعه على من يشغل أدنى درجات الوظيفة المعين عليها الأمر الذي يتعين إلغاؤه في هذه الخصوصية وتوقيع جزاءً آخر مناسباً لما يثبت في جانبه من المخالفات من الجزاءات المنصوص عليها في المادة (80) من قانون العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه ومجازاة المطعون ضده/ ........ بالوقف عن العمل لمدة شهور مع صرف نصف الأجر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق