جلسة 4 من يوليو سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوي - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وإدوارد غالب سيفين، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ - نواب رئيس مجلس الدولة.
------------------
(95)
الطعن رقم 2414 لسنة 42 قضائية عليا
نقابات عمالية - عضوية العامل في المنظمة النقابية - انتهاؤها - الاستثناء والقيد الوارد عليه.
المواد 7، 19، 23، 36 من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1981.
المشرع وضع أصلاً عاماً مقتضاه انتهاء عضوية العامل في المنظمة النقابية بانتهاء خدمته بجهة عمله - بيد أنه رغبة منه في إتاحة الفرصة للعامل المتقاعد للتمتع بالمزايا والخدمات التي يقدمها التنظيم النقابي أجاز له استثناءً الاحتفاظ بعضويته بشرط سداد الاشتراكات متى كانت إحالته للتقاعد مرجعها العجز أو بلوغ السن القانونية وفقاً لنظام التوظيف الخاضع له - أورد المشرع قيداً مؤداه عدم أحقية العامل المتقاعد في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 28/ 2/ 1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2414 لسنة 42 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 8800 لسنة 45 ق بجلسة 21/ 1/ 1996 القاضي بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة. وفي الموضوع بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى إلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتحددت جلسة 19/ 10/ 1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة وتداولت نظره بالجلسات التالية إلى أن قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لنظره بجلسة 21/ 2/ 1999، وقد نظرته هذه المحكمة ثم قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 8800 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالبين الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر برفض إدراج أسمائهم في كشوف المرشحين لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية المهنية للخدمات الإدارية والاجتماعية بمحافظة الجيزة ومقرها - المنوات - جيزة - بدعوى بلوغهم سن الستين ولا يجوز ترشيحهم بسبب إحالتهم للمعاش.
ونعى المدعون على هذا القرار بمخالفته لأحكام القانون رقم 35/ 1976 وتعديلاته والتي جاءت خلواً من تحديد حد أقصى لسن المرشح مما يكون معه القرار الصادر في هذا الشأن غير صحيح.
وبتاريخ 21/ 1/ 1996 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها في الدعوى بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن استظهرت نصوص القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية على أساس أن المشرع حدد البنيان النقابي من ثلاث مستويات هي اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية. والنقابة العامة، والاتحاد العام لنقابات العمال. وقد أبان القانون كيفية تشكيل كل مستوى من هذه المستويات الثلاث سواءً من حيث تشكيل الجمعية العمومية أو من حيث تشكيل مجلس الإدارة والشروط التي ينبغي توافرها وذلك بالنسبة لكل المخاطبين بأحكام القانون ممن لهم حق الانضمام لتلك المنظمات سواءً كانوا من العاملين المدنيين بالدولة أو بالقطاع العام أو القطاع الخاص أو كانوا من المشتغلين بإحدى المهن أو الأعمال الداخلة في التصنيف النقابي، كما وأن المادة (36) من القانون وإن اقتضت فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة المنظمة النقابية ألا يكون معاراً أو منتدباً أو في إجازة خاصة بدون مرتب فإن مثل هذا القيد لا يتصور وجوده بالنسبة لمن يكون عضواً في اللجنة النقابية أو من يرشح نفسه لمجلس الإدارة حيث تطلب القانون شروطاً أخرى ليس من بينها أن يكون قد تجاوز سن الستين.
ولما كان المدعون منهم من يعمل بمهنة كاتب عمومي، ومهنة نقاش، ومهنة وكيل محامي وأنهم تقدموا للترشيح لعضوية مجلس إدارة اللجنة النقابية للخدمات الإدارية والاجتماعية فمن ثم يكون قرار استبعادهم من الترشيح تأسيساً على أنهم تجاوزوا سن الستين قد جاء على غير سند صحيح من الواقع والقانون. وخلص الحكم من ذلك لقضائه السابق.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه ذلك أنه وفقاً لحكم المادة (23) من القانون رقم 35/ 1976 يحتفظ العامل المتعطل بعضويته في النقابة العامة إذا كانت قد انقضت عليها سنة على الأقل ويعفى في هذه الحالة من سداد اشتراك النقابة خلال فترة تعطله - كما أنه يجوز للعامل الذي يحال إلى التقاعد بسبب العجز أو بلوغ السن القانونية أن يحتفظ بعضويته في النقابة العامة بشرط سداد اشتراك النقابة وليس لأيهما (العضو المتعطل أو المتقاعد) الحق في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية، ونظراً لأن المطعون ضدهم تجاوزا سن الستين قبل فتح باب الترشيح للدورة من 91/ 1995 فإن استبعادهم من كشوف المرشحين يكون صحيحاً بما يتفق مع حكم المادة (23) من القانون.
ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإن الطاعنين يطلبون الحكم بإلغائه والقضاء بما سبق إبداءه من طلبات.
ومن حيث إن المادة (7) من قانون النقابات العمالية الصادر بالقانون رقم 35 لسنة 1976 والمعدل بالقانون رقم 1 لسنة 1981 تنص على أنه:
"يقوم البنيان النقابي على شكل هرمي وعلى أساس وحدة الحركة النقابية وتتكون مستوياته من المنظمات النقابية التالية:
- اللجنة النقابية بالمنشأة أو اللجنة النقابية المهنية.
- النقابة العامة.
- الاتحاد العام لنقابات العمال.
ويصدر الاتحاد العام لنقابات العمال قرار بقواعد وإجراءات تشكيل هذه المنظمات النقابية المشار إليها بالفقرة السابقة وفروعها.
تنص المادة (19) على أنه: يشترط فيمن يكون عضواً في اللجنة النقابية ما يلي:
...... جـ) ألا يكون صاحب عمل في أي مهنة من المهن.
هـ) ألا يكن من بين الفئات الآتية: ....... العاملين المختصين أو المفوضين في ممارسة كل أو بعض سلطات صاحب العمل في القطاع الخاص وذلك فترة مباشرة هذه السلطات.
و) أن يكون عاملاً مشتغلاً بإحدى المهن أو الأعمال الداخلة في التصنيف النقابي الذي تضعه النقابة العامة.....
كما تنص المادة (23) على أن "يحتفظ العامل المتعطل بعضويته في النقابة العامة...... ويجوز للعامل الذي أحيل للتقاعد بسبب العجز أو بلوغه السن القانونية الاحتفاظ بعضويته في النقابة العامة.... ولا يكون للعضو المتعطل أو المتقاعد الحق في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية.
وتقضي المادة (36) على أنه "يشترط فيمن يرشح نفسه لعضوية مجلس إدارة منظمة نقابية ما يلي: ..... د) أن يكون عضواً بالجمعية العمومية للمستوى المطلوب تشكيله......
هـ) ألا يكون معاراً أو منتدباً أو مكلفاً أو مجنداً أو في إجازة خاصة بدون مرتب لمدة تجاوز ستة أشهر من بداية الدورة النقابية.
ويسري هذا الحكم على عضو مجلس الإدارة بعد انتخابه.
ومن حيث إن المستفاد مما تقدم أن المشرع وضع أصلاً عاماً مقتضاه انتهاء عضوية العامل في المنظمة النقابية بانتهاء خدمته بجهة عمله فيها بيد أنه رغبة منه في إتاحة الفرصة للعامل المتقاعد للتمتع بالمزايا والخدمات التي يقدمها التنظيم النقابي أجاز له استثناءً الاحتفاظ بعضويته في المنظمة النقابية بشرط سداد الاشتراكات متى كانت إحالته للتقاعد مرجعها العجز أو بلوغ السن القانونية وفقاً لنظام التوظيف الخاضع له - وأورد المشرع قيداً في هذا الصدد مؤداه عدم أحقية العامل المتقاعد في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية.
ومن حيث إنه وان كان نصوص نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 ونظام العاملين بالقطاع العام رقم 48 لسنة 1978 قضت بانتهاء خدمة العامل ببلوغه سن الستين، إلا أن المشرع في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 137 لسنة 1981 جعل من سن الستين حد أدنى لإنهاء العقد من جانب صاحب العمل حيث تقضي الفقرة الرابعة من المادة 52 منه بأنه لا يجوز إنهاء الصفة للتقاعد عن العمل إلا ببلوغ العامل سن الستين على الأقل مع عدم الإخلال بأحكام قانون التأمين الاجتماعي" ومفاد ما تقدم أن ليس ثمة ما يمنع من أن تبقى علاقة العمل قائمة بين العامل ورئيس العمل رغم تجاوز العامل سن الستين.
ومن حيث إن أحكام قانون النقابات العمالية تسري وفقاً لنص المادة الثانية منه على العاملين بالقطاع الخاص من ثم فإنه متى استمرت علاقة العمل قائمة بعد سن الستين فإن العامل يبقى متمتعاً بالعضوية الكاملة في النقابة، ولا يرد على هذه العضوية ما قررته المادة 23 من قانون النقابات العمالية من الحرمان من الحق في الانتخاب أو الترشيح للمنظمات النقابية لأن هذا الخطر لا يتأتى إعماله إلا إذا كان العضو متعطلاً أو متقاعداً والعبرة في تحقق ذلك بما هو واقع فعلاً وليس ببلوغ سن الستين والأمر في ذلك كله مرجعه إلى النظام القانوني الذي يخضع له العامل فإذا كانت علاقة العمل قائمة وفقاً لهذا النظام أو طبقاً للواقع الفعلي والعملي لممارسة المهنة فلا يجوز الاستناد إلى بلوغ هذه السن سبيلاً للانتقاص من حقوق العضوية في النقابات العمالية التي كفلها الدستور ونظمها القانون.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك وكان المطعون ضدهم ممن يعملون بالقطاع الخاص ولم يثبت عجز أحدهم أو اعتزاله لعمله بما يتحقق معه صفة التقاعد فمن ثم لا يجوز تطبيق الحظر الوارد بالمادة (23) المشار إليها على حالتهم.
وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر فإنه يكون أصاب وجه الحق فيما قضى به ويكون الطعن عليه خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق