جلسة 30 من مايو سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: منصور حسن علي غربي، وممدوح حسن يوسف راضي، وسمير إبراهيم البسيوني، وأحمد عبد الحليم أحمد صقر - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(85)
الطعن رقم 2321 لسنة 43 قضائية عليا
دعوى - الدفوع في الدعوى - الدفع بعدم الدستورية - جدية الدفع - مناطها.
المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية منوط بالمحكمة المنظور أمامها الدعوى، فإذا ما قدرت جدية الدفع فإنها توقف الفصل في الدعوى وتحدد ميعاداً لمن أثار الدفع لرفع دعواه بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا الجدية التي يتطلبها المشرع تنصرف إلى أمرين:
1 - أن يكون الفصل في مسألة الدستورية منتجاً بمعنى أن يكون النص القانوني أو اللائحي المطعون على دستوريته متصلاً بموضوع الدعوى.
2 - ضرورة وجود ما يشير إلى خروج النص على أحكام الدستور - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 5/ 3/ 1997 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2321 لسنة 43 ق. ع وذلك طعناً في حكم مجلس تأديب أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي - في الدعوى المقامة من وزارة الخارجية ضد الطاعن - الصادر بجلسة 9/ 1/ 1997 والقاضي في منطوقه أولاً: رفض الدفع المبدى من المحال بعدم دستورية المادتين 5/ 2، 79 من نظام السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982 ورفض الدفع المبدى منه بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة ثانياً: مجازاة المحال المستشار/ ....... بالإحالة إلى المعاش.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بصحيفة طعنه الحكم أولاً: بقبول الطعن شكلاً لرفعه في الميعاد ثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن ثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه والقضاء مجدداً ببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وقد أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده بتاريخ 9/ 3/ 1997.
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن انتهت للأسباب الواردة به إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام الدائرة الخامسة فحص بالمحكمة الإدارية العليا جلسة 14/ 7/ 1998 وتدوول نظر الطعن أمامها على النحو الثابت بمحضر الجلسة حيث أودع الحاضر عن الجهة الإدارية مذكرة التمس في ختامها رفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه فيما قضى به من إحالة الطاعن للمعاش مع إلزامه المصروفات والأتعاب وبجلسة 12/ 1/ 1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة موضوع لنظره بجلسة 14/ 2/ 1999 وقد تدوول نظر الطعن أمام الدائرة على النحو المبين بمحضر الجلسة حيث قررت الدائرة حجز الطعن للحكم بجلسة 23/ 5/ 1999 وصرحت بمذكرات خلال شهر أودع خلالها وكيل الطاعن مذكرة التمس في ختامها طلب الحكم أصلياً: بقبول الطعن شكلاً لرفعه في الميعاد وبإلغاء الحكم المطعون فيه واحتياطياً وقف تنفيذ حكم مجلس التأديب المطعون فيه والتصريح للطاعن بإقامة الدعوى الدستورية طعناً على المادتين 5/ 2، 79 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي ووقف نظر الدعوى حتى يتم الفصل أمام القضاء الدستوري.
وبجلسة 23/ 5/ 1999 قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 30/ 5/ 1999 وفيها صدر الحكم المطعون فيه وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد أقيم في خلال الميعاد المقرر له قانوناً وإذ استوفى أوضاعه الشكلية الأخرى الأمر الذي يتعين معه القضاء بقبوله شكلاً.
ومن حيث إن موضوع الطعن حسبما يخلص من الأوراق أن السيد وزير الخارجية أصدر القرار رقم 2794 لسنة 1996 بإحالة السيد المستشار/ ....... إلى مجلس تأديب لمحاكمته تأديبياً على المخالفات الآتية:
1 - ارتكابه الأفعال الآتية: ( أ ) أنه قد عاشر أنثى حال كونها زوجة لأخيه (ب) أنه قد نسب لنفسه طفلة مولودة في ظل عقد زواج صحيح لم يكن هو طرفاً فيه (جـ) أنه قد أنجب طفلاً ثانياً من علاقة غير شرعية (د) أنه قد استخرج - مخالفاً للشريعة الإسلامية والقانون الوضعي معاً شهادتي ميلاد رسميتين للطفلين المشار إليهما (هـ) أنه قد استخدم شهادتي الميلاد المشار إليهما كمستندين تقدم بهما إلى الوزارة لاكتساب وضع اجتماعي غير حقيقي (و) أنه نتيجة للوضع الاجتماعي غير الحقيقي قد حصل على مزايا لم يكن من حقه الحصول عليها "العلاوات الاجتماعية - تذاكر سفر للطفلين...".
2 - سكوته على وجود بيانات متعلقة به وغير مطابقة للحقيقة في قائمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالفلبين إبان عمله بسفارة جمهورية مصر العربية في مانيلا.
3 - استغلال وضعه الوظيفي إبان عمله بسفارة جمهورية مصر العربية في مانيلا للحصول على تأشيرة دخول دبلوماسية متعددة للسيدة/ ...... بادعاء أنها زوجته رغم أنها ليست كذلك.
وقد نظرت الدعوى أمام مجلس التأديب المشار إليه حيث دفع الحاضر عن المحال بعدم دستورية نص المادتين 5/ 2، 79 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982 ووقف الدعوى لاتخاذ اللازم نحو تحريك الدعوى بعدم الدستورية واحتياطياً ببراءة المحال مما نسب إليه وعلى سبيل الاحتياط الكلي استعمال الرأفة في معالجة الأمر كما قدم بالجلسات التالية مذكرة دفع فيها بانقضاء الدعوى التأديبية عن الاتهامات الواردة بقرار الإحالة كما تبادل طرفا الخصومة تقديم المستندات والمذكرات وبجلسة 9/ 1/ 1997 صدر حكم مجلس التأديب المطعون فيه وقد أقام قضاءه تأسيساً على أن ما نسب إلى المحال في المخالفة الأولى ثبت في حقه من واقع ما اعترف به وقطعت به الأوراق من أنه سلك مسلكاً ملتوياً في زواجه وعلاقته بالسيدة/ ....... يناقض ما هو ثابت بالوثائق الرسمية فقد اعترف بزواج السيدة المذكورة من شقيقه حتى تتمكن من الحصول على الجنسية المصرية بغية الزواج منها وهو بذلك يكون مرتكباً سلوكاً معيباً معها بالاشتراك مع شقيقه في الإدلاء ببيانات غير صحيحة يعلم هو كذبها إلى موظف رسمي هو المأذون وقد استمر هذا الزواج بين شقيق المحال والسيدة المذكورة حتى تطليقها بتاريخ 17/ 6/ 1987 حيث تزوجها المحال بوثيقة رسمية بتاريخ 17/ 12/ 1987 ونسب إلى نفسه منها طفلة مولودة بتاريخ 12/ 7/ 1985 أي قبل زواجه رسمياً من هذه السيدة في وقت كان معقوداً عليها لشقيقه بوثيقة رسمية وبعد أن قام المحال بتطليق السيدة المذكورة بتاريخ 11/ 5/ 1988 إذ هو ينسب إلى نفسه منها طفلاً مولوداً بتاريخ 17/ 6/ 1989 أي بعد واقعة الطلاق بما يزيد على ثلاثة عشر شهراً. أي أن هذا الطفل ثمرة علاقة بين المحال والسيدة المذكورة بعد طلاقها حيث أنكر المحال أنه تزوج منها بعد واقعة الطلاق بما يعني أنه كان على علاقة غير مشروعة معها بعد واقعة الطلاق. كما أسس الحكم المطعون فيه قضاءه بالنسبة للمخالفتين الثانية والثالثة على أنه قد تضمنت قائمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة في مانيلا عام 1995 اقتران اسم المحال بالسيدة المذكورة باعتبارها زوجة له في الوقت الذي أبلغ الوزارة بتطليقها منذ 11/ 5/ 1985 وهو ما يعني أن ما تضمنته هذه القائمة يخالف الحقيقة.. كما أن المجلس يطمئن إلى حصول السيدة المذكورة على تأشيرة دخول متعددة السفرات إلى الفلبين كان بادعاء من المحال أنها زوجته رغم أنها ليست كذلك وكذلك طفلاه كما جاء بمذكرة سفارتنا في مانيلا المؤرخة 10/ 5/ 1995 الموجهة إلى وزارة الخارجية الفلبينية بخصوص طلب الحصول على تأشيرة دخول له ولها ولطفلين.
وإذ لم يرتض الطاعن هذا القضاء فقد أقام طعنه الماثل ناعياً على قرار مجلس التأديب المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم دستورية المادتين 5/ 2، 79 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي رقم 40 لسنة 1982 حيث تخالفاً أحكام الدستور وفي بيان ذلك أوضح الطاعن أن وضع قيد على زواج السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من أجنبيات يعد قيداً غير دستوري ولما كان هذا الدفع لازم للفصل في النزاع ويؤثر الحكم فيه على الحكم المطعون فيه فإنه كان يتعين الإحالة للمحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية هذان النصان أولاً ثم الفصل في موضوع الطعن الماثل. وأن ما دفع به من سقوط الدعوى التأديبية بالتقادم فإن ما نسب إلى الطاعن من اتهامات هي في حقيقتها تعد اتهام بجريمة الزنا أبان زواج السيدة/ ...... من أخيه عام 85/ 1986 فإن الجريمة التأديبية تكون قد سقطت بالتقادم بمضي ثلاث سنوات على ارتكابها كما أوضح الطاعن في عريضة طعنه أن عدم مواجهة الطاعن بالتهم المنسوبة إليه يبطل الحكم الطعين ويبطله أيضاً إغفاله الرد على الدفع بعدم قبول الدعوى التأديبية عن الاتهامات المنسوبة للطاعن في القسم الأول من قرار الإحالة كما أضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال لعدم وجود جريمة تنسب إلى الطاعن.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم دستورية بعض مواد قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي وهما المادتان 5/ 2، 79 فإن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي ( أ )...... (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا..
ومفاد النص المشار إليه أن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية منوط بالمحكمة المنظور أمامها الدعوى فإذا ما قدرت جدية الدفع فإنها توقف الفصل في الدعوى وتحدد ميعاداً لمن أثار الدفع لرفع دعواه بعدم الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا والجدية التي يتطلبها المشرع تتصرف إلى أمرين:
1 - أن يكون الفصل في مسألة الدستورية منتجاً بمعنى أن يكون النص القانوني أو اللائحي المطعون على دستوريته متصل بموضوع الدعوى فإن اتضح للمحكمة أن النص المطعون على دستوريته لا يتصل بموضوع الدعوى قررت رفض الدفع بعد الدستورية.
2 - ضرورة وجود ما يشير إلى خروج النص القانوني أو اللائحي على أحكام الدستور أي أن تتحقق المحكمة من أن عدم دستورية النص تجد لها سنداً فإذا ما ثبت أنه لا شبهة في دستوريته قضت برفض الدفع إذا كان النص لا يتعلق بموضوع الدعوى وفصلت في موضوع الدعوى.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على الدفع المثار بعدم دستورية المادتين 5/ 2، 79 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي الصادر بالقانون رقم 45 لسنة 1982 فقد اشترطت المادة الثانية فقرة 2 منه فيمن يعين في إحدى وظائف السلك الدبلوماسي والقنصلي ألا يكون متزوجاً من غير مصري الجنسية أو من هم من أبوين إحداهما أو كلاهما غير مصري كما اعتبرت المادة 79 من القانون المشار إليه عضو السلك الدبلوماسي مستقيلاً من وظيفته متى تزوج بغير مصري الجنسية.
ومتى كان ذلك وكانت لا توجد صلة بين موضوع المخالفات المنسوبة للطاعن موضوع النزاع الماثل وبين أحكام هذين النصين سالفي الذكر إذ أن الثابت من الأوراق وفقاً لما جاء بقرار الإحالة أن المخالفات المنسوبة للطاعن ليس مردها زواجه بأجنبية بل إن ذلك يرجع إلى سلوكيات أخرى إذ إن الأمر لو كان متعلقاً بالزواج من أجنبية لترتب على ذلك أثر قانوني هو اعتبار العضو مستقيلاً بقوة القانون ومن ثم فإن زواج عضو السلك الدبلوماسي من أجنبية لا يعد سبباً للإحالة للمحاكمة التأديبية ذلك أن القانون اعتبره مستقيلاً بمجرد تحقق واقعة الزواج وأن ما نسب إلى الطاعن من إخلاله بواجبات وظيفته والخروج على مقتضياتها ليس له صلة بينه وبين ما نسب إلى الطاعن بقرار الإحالة المشار إليه. وفضلاً عن ذلك فإن المشرع وإذ حظر على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي الزواج من غير المصري أو من أبوين أحدهما أو كلاهما غير مصري فقد قام على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العليا للدولة حماية لأمنها في الداخل والخارج ومنعاً لتسرب أسرارها وأن هذه الحكمة الباعثة على هذا التشريع إنما تدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرع بما يراه محققاً للصالح العام طالما أن الدستور لم يقيد سلطته في تقدير هذا الحظر وليس في ذلك نيل من الحرية الشخصية التي كفلها الدستور في المادة 41 منه إذ إن الحرية الشخصية التي أحاطها المشرع بسياج من القداسة في هذا النص ليست مطلقة تمنع من القيود والحدود إذا اقتضت المصلحة العامة للمجتمع ذلك وهو ما قرره المشرع في قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي عندما وضع حداً لحرية عضو السلك في الزواج بمن يشاء وجعله مقصوراً على المصري من أبوين مصريين رعاية للمصالح العليا للبلاد دون أن يكون في هذا مساس بالحرية الشخصية المكفولة له دستورياً بالإضافة إلى أن المقصود بالمساواة المنصوص عليها في الدستور هو عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة إذا ما تماثلت مراكزهم القانونية وهم جميع أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي دون استثناء.
ووفقاً لما تقدم يكون ما دفع به الطاعن من عدم دستورية نص المادتين 5/ 2، 79 من قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي مفتقداً لسنده الصحيح قانوناً واجب الرفض.
ولا ينال من ذلك ما أورده الطاعن في مذكرة دفاعه من أن المحكمة الدستورية العليا قد قضت في الدعوى رقم 23 لسنة 16 ق بتاريخ 18/ 3/ 1995 بعدم دستورية البند السادس من المادة 73 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وذلك فيما نص عليه من ألا يعين عضواً بمجلس الدولة من كان متزوجاً بأجنبية وذلك للاستئناس بالحكم المشار إليه في الطعن الماثل، إذ إن لذلك مردود على أن لكل من قانون السلك الدبلوماسي وقانون مجلس الدولة مجال تطبيقهما المختلف عن الآخر ومن ثم فلا يجوز قياس تطبيق حكم المحكمة الدستورية المشار إليه على الحالة المعروضة سيما وأن الثابت مما تقدم أن الطاعن لم ينسب إليه بقرار الإحالة زواجه من أجنبية.
ومن حيث إنه عن الدفع المشار بسقوط الدعوى التأديبية فيما تضمنته المخالفة الأولى من قرار الإحالة بالتقادم بمضي ثلاث سنوات على ارتكاب المخالفة إعمالاً لحكم المادة 91 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فإن هذا الدفع مردود عليه بأن أياً كان الرأي في مدى سريان أحكام سقوط الدعوى التأديبية المنصوص عليها في المادة 91 من قانون العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه فإن المخالفة الأولى المنسوبة للطاعن بقرار الإحالة المشار إليه لم تسقط بمضي المدة نظراً لأنها تشكل جناية في قانون العقوبات ولا تسقط الدعوى بشأنها إلا بمضي عشر سنوات من تاريخ وقوعها وهي مدة حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق أنها لم تمضي بعد الأمر الذي يضحى معه الدفع بسقوط الدعوى التأديبية بالتقادم مفتقداً لسنده القانوني حرياً بالرفض.
ومن حيث إن ما ورد بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بالنسبة للمخالفة الأولى المنسوبة إلى المحال يتناقض مع ما هو ثابت بالوثائق الرسمية والتي يبين منها أنه قام بتزويج السيدة المذكورة/ ........ من شقيقه حتى تتمكن من الحصول على الجنسية المصرية حتى يتسنى له بعد ذلك زواجه منها باعتبارها قد اكتسبت الجنسية المصرية وذلك تحايلاً على القانون مع العلم أنها في الوقت ذاته متزوجة فعلياً من الطاعن والدليل على ذلك نسبة الطفل الأول له ولها في ذات الوقت والمولود بتاريخ 12/ 7/ 1985 وفي هذا الوقت كانت على ذمة شقيقه بموجب عقد زواج رسمي وأن الطاعن قد تزوجها رسمياً بموجب عقد زواج مؤرخ 17/ 12/ 1987 وبالتالي فإن الطفلة الأولى له قد أنجبها من السيدة المذكورة قبل زواجه رسمياً منها وفي الوقت الذي كان معقوداً عليها بعقد رسمي ساري المفعول حيث لم يقم شقيقه بتطليقها إلا بتاريخ 17/ 6/ 1987 "كما ثبت من المستندات المرفقة بملف الطعن" وقد طلق السيدة المذكورة بتاريخ 11/ 5/ 1988 ومن ثم فإن علاقة الزوجية تكون قد انقطعت بها منذ هذا التاريخ إلا أنه عاد ونسب لها طفلاً مولوداً بتاريخ 17/ 6/ 1989 أي بعد واقعة طلاقه منها بما يزيد على ثلاثة عشر شهراً بمعنى أن هذا الطفل ثمرة علاقة غير مشروعة - من الطاعن والسيدة المذكورة بعد طلاقهما" يراجع ما جاء بأقوال الطاعن بالتحقيقات ص 3، 6 حيث أقر بنسب هذا الطفل إليه وبأنه ثمرة علاقة غير شرعية وذلك بمحضر التحقيق المؤرخ 8/ 8/ 1996 ومن ثم فإن ما نسب إلى الطاعن في هذا الشأن ثبت في حقه يقيناً طبقاً لما ثبت من واقع المستندات والأوراق المشار إليها.
ومن حيث إنه عن المخالفتين الثانية والثالثة المنسوبتين إلى المحال من أنه سكت عن وجود بيانات متعلقة به وغير مطابقة للحقيقة في قائمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالفلبين إبان عمله بسفارة جمهورية مصر العربية في مانيلا واستغلال وضعه الوظيفي إبان عمله بهذه السفارة للحصول على تأشيرة دخول دبلوماسية متعددة للسيدة/ ........ بادعاء أنها زوجته رغم أنها ليست كذلك. فقد ثبت من الأوراق أن اقتران اسم الطاعن بالسيدة سالفة الذكر باعتبارها زوجته وذلك في الوقت الذي أبلغ الوزارة بتطليقها منذ 11/ 5/ 1988 وهذا ثابت من قائمة البعثات الدبلوماسية المعتمدة في مانيلا عام 1995 مستند رقم 34 "وأن الادعاء بأنه لا علم له بنسب هذه السيدة له يجافي الحقيقة إذ إنه لا يتصور أن يقوم السفير أو غيره بنسب امرأة إلى الطاعن كزوجة له دون أن يكون على علم بهذا الموضوع كما أنه ليس من المتصور أنه لا يعلم بهذه الواقعة وهي خاصة به بالإضافة إلى ما تفصح عنه الأوراق من أن الطاعن باعتباره الرجل الثاني في السفارة ويتولى القيام بمهام السفير بالإنابة فقد حصلت السيدة المذكورة على تأشيرة دخول متعددة السفرات مرات عديدة إلى الفلبين باعتبارها زوجة له وذلك بتسهيل من الطاعن وعلى خلاف الحقيقة وفقاً لما يبين من مذكرة زوجية له وذلك بتسهيل من الطاعن وعلى خلاف الحقيقية وفقاً لما يبين من مذكرة سفارة جمهورية مصر العربية في مانيلا المؤرخة 10/ 5/ 1995 والموجهة إلى وزارة الخارجية الفلبينية بطلب الحصول على تأشيرات دخول متعددة السفرات للطاعن والسيدة المذكورة باعتبارها قرينته وكذا طفليه.......، ....... كما نسب لنفسه إبان عمله بسفارة جمهورية مصر العربية في مانيلا أنه نائب رئيس البعثة ومستشار السفارة في حين أن ملف خدمته قد خلا من أية قرارات تشير إلحاق صفة نائب رئيس البعثة بسيادته فضلاً عما ثبت من الأوراق من أنه تقدم بمستند مؤرخ 1/ 2/ 1994 عبارة عن إقرار حالة اجتماعية للوزارة يفيد أنه مطلق ويعول طفليه وإقرار آخر مؤرخ 5/ 3/ 1995 يقر فيه أنه مطلق ويعول وذلك في الوقت الذي يقرن اسمه باسم السيدة سالفة الذكر بحسبانها زوجة له إبان عمله بالسفارة بمانيلا ويحصل على تأشيرة سفر متعددة السفرات وكذا ميزات لم تكن لتحصل عليها إلا بتسهيل منه باعتبارها زوجته.
ومن حيث إنه وفقاً لما تقدم، فإن المخالفتين المنسوبتين إلى الطاعن تكون قد ثبتتا في حقه يقيناً وواقع ما أقرت به التحقيقات وما تفصح عنه الأوراق والمستندات، وإن كان السبب الخفي لارتكابه هذه المخالفات الجسيمة هي إخفاء واقعة زواجه من إحدى الأجنبيات أو الأجنبية التي اكتسبت الجنسية المصرية ولكن أبويها غير مصريين ذلك أن قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي قد اشترط للعمل بالسلك الدبلوماسي عدم زواج العضو بأجنبية أو بمن كان أحد أبويها غير مصري وهو ما حدا به إلى اللجوء إلى الإدلاء ببيانات غير صحيحة وكذلك قيامه بأعمال من شأنها أن تدخله تحت طائلة قانون العقوبات كما أنه حصل على ميزات لم يكن يستحقها له ولأولاده ولزوجته الأمريكية الأصل والتي ظلت ترافقه حتى في البعثات الرسمية لسفارتنا في الخارج رغم أن القانون يحرم عليه زواجه منها حفظاً على الصالح العام والمصلحة العليا للدولة التي ينتمي إليها وكان آخرها إبان عمله بسفارتنا في مانيلا حيث رافقته واقترن اسمه باسمها كما حصلت على جواز سفر مصري ساري المفعول من سفارتنا بمانيلا بتسهيل منه وتأشيرات دخول وغير ذلك من ميزات معقودة أصلاً لأعضاء البعثات الدبلوماسية والقنصلية وبالتالي فإنه يكون تحايل على حكم القانون وبالهدف الذي من أجله حرم المشرع على أعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي الزواج بأجنبيات أو ممن كان أحد أبويها غير مصري. وإذ جاء هذا التحايل من أحد أعضاء سفارتنا بالخارج المنوط به الحفاظ على أمن الدولة وأسرارها. فإن ما قام به في هذا الشأن وهو يعمل في هذا السلك الرفيع المستوى يعد إخلالاً جسيماً منه بواجبات الوظيفة تفقده الصلاحية في البقاء فيها وشرف الانتساب إليها والتي تتطلب من شاغلها أن يكون فوق مستوى الريب والابتعاد عن كل ما يجرح السلوك القويم.
ومن حيث إن حكم مجلس التأديب المطعون فيه قد قضى برفض الدفع بعدم الدستورية المبدى من المحال وبرفض الدفع المبدى منه بسقوط الدعوى التأديبية ضده بمضي المدة وبإحالته إلى المعاش وكانت هذه العقوبة تتناسب صدقاً وعدلاً مع ما اقترفه الطاعن من مخالفات فإنه يكون قد أصاب وجه الحق في قضائه الأمر الذي يضحى معه الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من القانون واجب الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق