برئاسة السيد القاضي/ محمد محمد طيطة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمد عبد المنعم عبد الغفار، رمضان أمين
اللبودي، عمران محمود عبد المجيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى ثابت.
-----------
- 1 تحكيم " التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: مؤدى الاتفاق على إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية حجب قواعد القانون المصري".
اتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس.
أثره. حجب أحكام قانون التحكيم المصري. شرطه. عدم تعلقها بالنظام العام.
النص في المادة 13/ 1 من العقد المبرم بين طرفي التداعي في 20/6/2002
بإسناد إدارة فندق ...... إلى الشركة المطعون ضدها على أن "أي خلاف بين
الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته
ودياً يتم طرحه على التحكيم طبقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ويكون مكان
هذا التحكيم في القاهرة "يدل على أن ارتضاء الطرفين إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية بباريس من شأنه حجب أحكام قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة
1994 إلا ما يتعلق منها بالنظام العام.
- 2 تحكيم "التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: صدور حكم التحكيم طبقاً لقواعد غرفة
التجارة الدولية بباريس غير مشتمل على عنوان وجنسية المحكم".
قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس. عدم تضمنها نصوصاً تتعلق بشكل وبيانات
حكم التحكيم الصادر بناء عليها. مؤداه. صدوره غير مشتمل علَى بيان وعنواَن وجنسية
المحكم أو المحكمين. لا أثر له. الاستثناء. ما اشترطته المادة 25 من هذه القواعد
من أن يصدر الحكم بالأغلبية في حالة تعدد المحكمين أو صدوره في حالة عدم توفرها من
رئيس محكمة التحكيم منفرداً وأن يكون مسبباً.
قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس لم تتضمن نصوصاً خاصة تتعلق بشكل
حكم التحكيم وبياناته، فلم تشترط اشتماله على بيان عنوان وجنسية المحكم أو
المحكمين كبيان جوهري لازم لصحته وكل ما اشترطته المادة 25 منها أنه في حالة تعدد
المحكمين يصدر حكم التحكيم بالأغلبية، وإذا لم تتوفر الأغلبية يصدر رئيس محكمة
التحكيم حكم التحكيم منفرداً ويجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً.
- 3 تحكيم "التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: مؤدى الاتفاق على إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية حجب قواعد القانون المصري".
تطبيق الحكم المطعون فيه قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس دون قانون
التحكيم المصري استناداً لاختيار طرفي النزاع إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد
الإجرائية الخاصة بهذه الغرفة وإلى أن شرط التحكيم يعتبر اتفاقا مستقلا عن شروط
العقد الذي تضمنه. النعي عليه في هذا الشأن لا أساس له. مثال.
إذ اشترطت المادة 18 من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية
بباريس بمجرد تلقي الملف من الأمانة العامة تقوم محكمة التحكيم بإعداد وثيقة
المهمة استناداً إلى المستندات المقدمة أو بحضور الأطراف وفي ضوء آخر ما قدموه،
وتتضمن الوثيقة ما يلي: أ- أسماء وألقاب وصفات الأطراف. ب- عناوين الأطراف التي
توجه إليها أي إخطارات أو مراسلات أثناء سير التحكيم جـ ...... د ...... هـ -
أسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين ...... و ...... ز ...... توقيع وثيقة المهمة
من الأطراف ومن محكمة التحكيم .......". لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق
وحكم التحكيم أن الطرفين وافقا على تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء قام
السكرتير العام بتاريخ 4/11/2003 بتثبيت تعيين البروفيسور - ...... والمستشار
...... كمحكمين معينين بواسطة المحتكمة والمحتكم ضدها على التوالي، وفي 2/12/2003
تم تثبيت تعيين الأستاذ ....... المحامي كرئيس لهيئة التحكيم بواسطة السكرتير
العام بناء على ترشيح مشترك من المحكمين المعينين من الطرفين، وبعد تشكيل هيئة
التحكيم تمت الموافقة على الشروط المرجعية وتم التوقيع على وثيقة المهمة في
القاهرة بتاريخ 1/3/2004، وقد تضمنت بياناً بأسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين
إعمالاً لنص المادة 18 من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية بباريس سالفة
البيان، ومفاد ذلك أن طرفي التداعي اختارا – بصفة نهائية – إخضاع إجراءات التحكيم
بينهما للقواعد الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس عملاً بشرط التحكيم
الوارد في المادة 13/1 من عقد الإدارة – محل النزاع – والمادة 25 من قانون التحكيم
المصري رقم 27 لسنة 1994، كما وأن شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط
العقد الأخرى الذي ورد فيه، ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر
على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته على مؤدى نص المادة
23 من قانون التحكيم المصري سالف الذكر، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر
وطبق قواعد غرفة التجارة الدولية بباريس دون قانون التحكيم المصري وأطرح بأسباب
سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وتتفق مع صحيح القانون كل ما تذرعت به الطاعنة
ركيزة لهذا الوجه من سبب النعي فإن النعي في هذا الشأن يضحى على غير أساس.
- 4 تحكيم "التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: المحكمة الدولية للتحكيم".
نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه التفاته عن دفاعها بأن رئيس هيئة
التحكيم عضواً في اللجنة الوطنية التي تقترح تعيين أعضاء هيئة التحكيم وتراجع حكم
المحكمين. لا محل له. علة ذلك. مشاركتها في اختيار رئيس تلك الهيئة وعدم اعتراضها
على تشكيل الهيئة حتى صدور حكم التحكيم واستقلال أعضاء الهيئة عن اللجنة الوطنية
لغرفة التجارة الدولية وحظر مشاركتهم في مراجعة مشروع حكم التحكيم. م3 الملحق رقم
1 من القانون الأساسي للهيئة الدولية للتحكيم، م2 من الملحق رقم 2 من ذات القانون.
إذ ساقت الطاعنة من أنه قد ترامى إليها أن رئيس هيئة التحكيم عضو
اللجنة الوطنية التي تقترح تعيين أعضاء الهيئة ومنهم أعضاء المحكمة التي تراجع حكم
المحكمين وأنها طلبت التصريح لها باستخراج شهادة من غرفة التجارة الدولية عن صفة
رئيس هيئة التحكيم كعضو في اللجنة الوطنية والتفتت المحكمة عن هذا ...... فهو
مردود، إذ شاركت الطاعنة في اختيار رئيس هيئة التحكيم إذ قامت الهيئة الدولية
التابعة لغرفة التجارة الدولية بتعيينه بناء على اقتراح المحكمين المختارين من قبل
طرفي النزاع ولم تعترض الطاعنة بأي وجه على أشخاص هيئة التحكيم أو تشكيلها طوال
الإجراءات وحتى صدور الحكم من هيئة التحكيم، علاوة على أنه وطبقاً للمادة الثالثة
من الملحق رقم 1 من القانون الأساسي للهيئة الدولية للتحكيم لدى غرفة التجارة
الدولية أن أعضاء الهيئة مستقلين عن اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية والمادة
الثانية من الملحق رقم 2 من هذا القانون التي تحظر على عضو الهيئة الدولية للتحكيم
المشاركة في مراجعة مشروع حكم تكون له صلة به أياً كان نوعها.
- 5 تحكيم "التحكيم
الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم الأجنبي: غرفة التجارة الدولية
بباريس: المحكمة الدولية للتحكيم".
المحكمة الدولية للتحكيم. اقتصار عملها على التأكد من سلامة حكم
التحكيم وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو التي تؤدي
إلى رفض تنفيذه. علة ذلك.
المقرر - طبقاً لنظام التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس -
أن المحكمة الدولية للتحكيم ليست جهة قضاء، فهي ليست محكمة بالمعنى المعروف على
الرغم من تسميتها بمحكمة في اللغتين الإنجليزية والفرنسية فهي جهاز إداري مهمته
الإشراف على سير إجراءات التحكيم التي تجري طبقاً للائحة التحكيم الخاصة بالغرفة
المذكورة ولا شأن له بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف فيها فيما يدعيه
أو ما تنتهي إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع، وهو يتكون من 124 عضواً
من خبراء التحكيم في 86 دولة، وعملهم مقصور على التأكد من سلامة حكم التحكيم من
حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان في دولة إصداره أو تلك التي
تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد التي سينفذ في إقليمها.
- 6 تحكيم "التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: المحكمة الدولية للتحكيم".
مراجعة هيئة التحكيم لمشروع الحكم الصادر طبقاً لنظام التحكيم لدى
غرفة التجارة الدولية بباريس. امتدادها لشكله دون موضوع النزاع. أثره. ضمان جودة
الأحكام وقلة الطعن فيها أو عدم تنفيذها. م27 من نظام التحكيم سالف البيان. علة
ذلك.
مفاد النص في المادة 27 من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية يدل
على أن المراجعة هنا مقصورة على الشكل. ولا شأن لها بحكم التحكيم الذي يصدر في
موضوع النزاع، وإن كان لها تقديم ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية
بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة بأي حال لمحكمة التحكيم ومن هنا قيل بحق أن مراجعة
مشروع حكم التحكيم على نحو ما سبق هو خدمة يؤديها جهاز التحكيم بالغرفة لصالح
أطراف النزاع لضمان سلامة حكم التحكيم الذي يصدر، لذلك فإن المراجعة المذكورة
ضرورية كذلك حتى في مشروع الحكم الذي يقتصر على مجرد إثبات ما اتفق عليه الطرفان
لإنهاء التحكيم صلحاً، ومن ناحية أخرى يحقق مراجعة مشروع حكم التحكيم فائدة لنظام
التحكيم أمام غرفة التجارة الدولية بباريس عن طريق ضمان جودة الأحكام وقلة
احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها بما يحفظ للغرفة ونظام التحكيم فيها السمعة
الدولية التي يتمتعان بها أوساط التجارة الدولية.
- 7 تحكيم "التحكيم الأجنبي: الأحكام الخاصة ببعض أنظمة التحكيم
الأجنبي: غرفة التجارة الدولية بباريس: مؤدى الاتفاق على إخضاع التحكيم لقواعد
غرفة التجارة الدولية حجب قواعد القانون المصري".
ارتضاء الطاعنة إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام الحكم
الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وللمحكمة الدولية للتحكيم بها. مؤداه. قبولها
اختصاصات هذه المحكمة. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
إذ ارتضت الطاعنة إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام
التحكيم الخاص بغرفة التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى الجهاز المختص
بذلك في هذه الغرفة المسمى "المحكمة الدولية للتحكيم" ومؤدى هذا القبول
ولازمه قبولها لاختصاصات هذا الجهاز وقراراته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا
النظر والتفت عن طلب الطاعنة استخراج الشهادة المنوه عنها عن صفة رئيس هيئة
التحكيم كعضو في اللجنة الوطنية وطبق شرط التحكيم الوارد بعقد التداعي بإخضاع
إجراءاته للقواعد سالفة البيان، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه
أو شابه القصور في التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص
في غير محله.
- 8 تحكيم "اتفاق التحكيم: شرط التحكيم ومشارطته".
شروط التحكيم ومشارطته. دلالة معنى كل منهما. اتفاق طرفي النزاع على
الالتجاء إلى التحكيم. اختلافهما. ماهيته. شرط التحكيم سابق على قيام النزاع
والمشارطة لاحقة عليه. تحديد موضوع النزاع. ترتيب المشرع البطلان على عدم إيراده
بمشارطة التحكيم دون شرط التحكيم. المادتان 10، 30ق 27 لسنة 1994. علة ذلك.
إذ كان النعي قد خلط بين شرط التحكيم من ناحية ومشارطة التحكيم من
الناحية الأخرى، وإن كان الاثنان يعبران عن معنى واحد هو اتفاق التحكيم، أي اتفاق
الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات المبينة بذلك
الاتفاق، غير أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً
بذاته أو ورد ضمن عقد معين, ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع
الذي لم ينشأ بعد ولا يكون في مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً، ومن هنا لم
يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك في بيان
الدعوى المنصوص عليها في المادة 30 من قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994، كل
ذلك خلافاً لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - بشأن مشارطة التحكيم باعتبار أنها
اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم ولاحق على قيام النزاع ومعرفة موضوعه، ومن
ثم أوجب المشرع المصري في المادة العاشرة من القانون آنف الذكر أن يحدد الاتفاق
المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً.
- 9 تحكيم "اتفاق التحكيم: تحديد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم:
اقتصار وجوب تحديده على الاتفاق المبرم عقب قيام النزاع".
إيراد حكم التحكيم شرط التحكيم وكفاية هذا الشرط بذاته للدلالة على
اتفاق طرفي النزاع الالتجاء إلى التحكيم ثم تحديد المسائل المطروحة عليه. عدم اعتراض
الطاعنة على نظر أي مسألة فيها وعدم ادعائها أن الحكم قد فصل في مسألة لم يشملها
اتفاق التحكيم أو أنه جاوز حدود هذا الاتفاق. إيراد الحكم المطعون فيه ذلك
بمدوناته. أثره. لا محل للنعي عليه بالبطلان.
إذ كان الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن اتفاق الطرفين
على الالتجاء إلى التحكيم كان سابقاً على قيام النزاع بينهما واتخذ صورة شرط
التحكيم كما ورد بيانه في الفقرة الأولى من المادة 13 من عقد النزاع من أن
"أي خلاف بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا
العقد ولا يتم تسويته ودياً، ويتم طرحه على التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية
بباريس، ويكون مكان هذا التحكيم في القاهرة "وقد أورد حكم التحكيم نص هذا
الشرط حرفياً بمدوناته الأمر الذي يتحقق به مطلوب الشارع، وكان هذا الشرط كاف
بذاته في الدلالة على اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي
قد ينشأ في المستقبل بخصوص ذلك العقد، على أن يتم تحديد موضوع النزاع في بيان
الدعوى الذي تضمن عرضاً وافياً لمسائل النزاع المطروحة على التحكيم التي أوردها
حكم التحكيم ودفاع الطرفين بشأنها ولم تبد الطاعنة ثمة اعتراض على نظر أي مسألة من
تلك المسائل كما أنها لم تدع أن حكم التحكيم فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم
أو أنه جاوز حدود هذا الاتفاق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي
عليه بما سلف يكون على غير أساس.
- 10 تحكيم "بطلان حكم التحكيم: دعوى بطلان حكم التحكيم".
دعوى بطلان حكم التحكيم. عدم اتساعها لتعييب قضائه في موضوع النزاع
والطعن في سلامة فهمه لحقيقة الواقع ورجمه بالخطأ في تفسير القانون وتطبيقه. علة
ذلك.
إذ كان تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة
فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير القانون وتطبيقه لا يتسع له
نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعناً عليه
بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه،
وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملائمته أو مراقبة حسن
تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا
في تكييفهم للعقد لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سبباً لإبطال حكمهم لأن
دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف.
- 11 تحكيم "بطلان حكم التحكيم: ما لا يعد من أسباب بطلان حكم التحكيم:
تقدير المحكم لحقيقة الواقع".
تكييف هيئة التحكيم عقد النزاع استناداً إلى ما استخلصه من الأوراق.
مسألة تتعلق بسلطتها في فهم الواقع وتكييفه. المجادلة في هذا الشأن. لا يتسع له
نطاق دعوى البطلان. علة ذلك.
إذ كان الثابت بالأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاضي الموضوع قد توصلت
إلى تكييف عقد النزاع بأنه خليط من الوكالة ومقاولة تقديم الخدمات، واستندت في ذلك
إلى ما استخلصته من أوراق الدعوى من تمتع الشركة المطعون ضدها بدرجة كبيرة من
الحرية في إدارة عمليات الفندق محل العقد بما يجاوز دورها كوكيل، وأنها ظلت تعمل
كمقاول يتمتع بالحرية والاستقلال وتحمل المسئولية في إدارة عمليات الفندق اليومية
حتى وإن كان عليها تقديم تقرير إلى الطاعنة عن سير أعمال المشروع ....... فضلاً عن
أن المطعون ضدها قد صرحت للطاعنة باستعمال اسمها ........ كعلامة تجارية لعمليات
الفندق مقابل حصولها على نسبة 1% من إجمالي الإيراد، وأنه ليس في التوصل إلى هذا
التكييف الذي أسبغ على العقد أي استبعاد للقانون المصري واجب التطبيق بل اجتهاد في
تطبيقه، ومن ثم فالمجادلة في شأن صحته مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم
الواقع وتكييفه من ناحية صواب أو خطأ اجتهادها في تفسير القانون وتطبيقه مما لا
يتسع له نطاق دعوى البطلان حسبما تقدم بيانه، وأياً كان الرأي في تكييف العقد بأنه
خليط من الوكالة والمقاولة أو أنه وكالة خاصة فقد انتهى الحكم المطعون فيه إلى أنه
غير منتج في النزاع لما ذهب إليه حكم التحكيم من انعقاد مسئولية الطاعنة عن إنهاء
العقد المذكور بالمخالفة للقانون ولشروط العقد سواء كان وكالة أو مقاولة، ويضحى
النعي عليه في هذا الشق على غير أساس.
------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن – تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم ...... لسنة 122 ق القاهرة تحكيم
على المطعون ضدها بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من المحكمة الدولية
للتحكيم – غرفة التجارة الدولية – في القضية رقم ...... بالقاهرة بتاريخ 21/5/2005
القاضي بإلزامها بأن تؤدي لها مبلغ 4.125.532 يورو تعويضاً مادياً وأدبياً لما
ارتكبته من خطأ بإنهاء اتفاقية الإدارة الموقعة في 20/6/2002 ويطبق على هذا المبلغ
نسبة الفائدة التي يحددها البنك المركزي المصري والتي تطبق على المعاملات التجارية
من تاريخ هذا الحكم وحتى تمام السداد، وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضدها لجأت إلى
التحكيم إعمالاً للشرط الوارد في البند 13/1 من العقد المبرم بينهما المؤرخ
20/6/2002 الذي بموجبه أسندت الطاعنة إليها عملية إدارة فندق ...... لمدة سبع
سنوات، وبعد أن بدأت في تنفيذ العقد أخطرتها الطاعنة بإنهائه في 3/11/2002 ثم عادت
وأبلغتها في 11/12/2002 بإرجاء تنفيذه حتى 1/1/2004، وإذ اعتبرت المطعون ضدها هذا
الإنهاء والتأجيل خرقاً لشروط التعاقد مما أصابها بأضرار مادية وأدبية وحدا بها
إلى اللجوء إلى التحكيم وصدر لصالحها الحكم المشار إليه، وبتاريخ 26/4/2006 قضت
محكمة الاستئناف برفض الدعوى. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت
النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في
غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر
والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعي الطاعنة بالأوجه الثلاثة
الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في
التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم جاء قاصر البيان فلم
يذكر عناوين المحكمين وصفاتهم وجنسياتهم واجتزأ بذكر أسمائهم في حين أن القانون
المصري رقم 27 لسنة 1994 اشترط على أسمائهم ذكر عناوينهم وجنسياتهم وهذا النقص
وتلك المخالفة توجبان بطلان الحكم، كما وأن رئيس التحكيم عضواً في اللجنة الوطنية
التي تختار أعضاء الهيئة ومنهم أعضاء المحكمة التي تراجع مشروع المحكمين وتمسكت
بدفاعها أمام هيئة التحكيم بالتصريح لها باستخراج شهادة من غرفة التجارة الدولية
بباريس تفيد عضوية رئيس الهيئة السيد/ ...... عضواً باللجنة الوطنية إلا أنها لم
تفعل رغم أنه دفاع جوهري لو تحقق لتغير وجه الرأي في التحكيم وجاء حكم التحكيم
مخالفاً للنظام العام في مصر الذي لا يسمح لغير المحكمين أن يشتركوا في الحكم إذ
صدر من محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية ومن هيئة التحكيم بباريس وكان
على الحكم المطعون فيه أن يقضي ببطلانه من تلقاء نفسه، علاوة على أن هذا الحكم جاء
غير مرفق به صورة من العقد المبرم بين الطرفين المتضمن شرط التحكيم وأن قانون
التحكيم المصري اشترط أن يشتمل حكم التحكيم على صورة اتفاق – مشارطة التحكيم –
وإلا كان باطلاً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بما يعيبه
ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 13/1 من العقد المبرم
بين طرفي التداعي في 20/6/2002 بإسناد إدارة فندق ...... إلى الشركة المطعون ضدها
على أن "أي خلاف بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط
هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً يتم طرحه على التحكيم طبقاً لقواعد غرفة التجارة
الدولية بباريس ويكون مكان هذا التحكيم في القاهرة" يدل على أن ارتضاء
الطرفين إخضاع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس من شأنه حجب أحكام
قانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة 1994 إلا ما يتعلق منها بالنظام العام، وأن
قواعد هذه الغرفة لم تتضمن نصوصاً خاصة تتعلق بشكل حكم التحكيم وبياناته، فلم
تشترط اشتماله على بيان عنوان وجنسية المحكم أو المحكمين كبيان جوهري لازم لصحته
وكل ما اشترطته المادة 25 منها أنه في حالة تعدد المحكمين يصدر حكم التحكيم
بالأغلبية وإذا لم تتوفر الأغلبية يصدر رئيس محكمة التحكيم حكم التحكيم منفرداً
ويجب أن يكون حكم التحكيم مسبباً واشترطت المادة 18 من هذه القواعد الإجرائية
"بمجرد تلقي الملف من الأمانة العامة تقوم محكمة التحكيم بإعداد وثيقة المهمة
استناداً إلى المستندات المقدمة أو بحضور الأطراف وفي ضوء آخر ما قدموه، وتتضمن
الوثيقة ما يلي: أ- أسماء وألقاب وصفات الأطراف، ب- عناوين الأطراف التي توجه
إليها أي إخطارات أو مراسلات أثناء سير التحكيم، ج- ......, د- ......، هـ- أسماء
وألقاب وصفات وعناوين المحكمين ......، و- ......، ز- ...... توقيع وثيقة المهمة
من الأطراف ومن محكمة التحكيم ......". لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق
وحكم التحكيم أن الطرفين وافقا على تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء قام
السكرتير العام بتاريخ 4/11/2003 بتثبيت تعيين البروفيسور ...... والمستشار ......
كمحكمين معينين بواسطة المحتكمة والمحتكم ضدها على التوالي، وفي 2/12/2003 تم
تثبيت تعيين الأستاذ ...... المحامي كرئيس لهيئة التحكيم بواسطة السكرتير العام
بناء على ترشيح مشترك من المحكمين المعينين من الطرفين، وبعد تشكيل هيئة التحكيم
تمت الموافقة على الشروط المرجعية وتم التوقيع على وثيقة المهمة في القاهرة بتاريخ
1/3/2004 وقد تضمنت بياناً بأسماء وألقاب وصفات وعناوين المحكمين إعمالاً لنص
المادة 18 من القواعد الإجرائية لغرفة التجارة الدولية بباريس سالفة البيان، ومفاد
ذلك أن طرفي التداعي اختارا – بصفة نهائية – إخضاع إجراءات التحكيم بينهما للقواعد
الإجرائية الخاصة بغرفة التجارة الدولية بباريس عملاً بشرط التحكيم الوارد في
المادة 13/1 من عقد الإدارة - محل النزاع – والمادة 25 من قانون التحكيم المصري
رقم 27 لسنة 1994 التي تنص على أن "لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي
تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في
أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها ......"، كما وأن
شرط التحكيم يعتبر اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى الذي ورد فيه ولا يترتب
على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه إذا كان
هذا الشرط صحيحاً في ذاته على مؤدى نص المادة 23 من قانون التحكيم المصري سالف
الذكر، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وطبق قواعد غرفة التجارة الدولية
بباريس دون قانون التحكيم المصري واطرح بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق
وتتفق مع صحيح القانون كل ما تذرعت به الطاعنة ركيزة لهذا الوجه من سبب النعي فإن
النعي في هذا الشأن يضحي على غير أساس، وعما ساقته الطاعنة من أنه قد ترامي إليها
أن رئيس هيئة التحكيم عضو اللجنة الوطنية التي تقترح تعيين أعضاء الهيئة ومنهم
أعضاء المحكمة التي تراجع حكم المحكمين، وأنها طلبت التصريح لها باستخراج شهادة من
غرفة التجارة الدولية عن صفة رئيس هيئة التحكيم كعضو في اللجنة الوطنية، والتفتت
المحكمة عن هذا فهو مردود، إذ إنه فضلاً عن كونه جاء مرسلاً وغير جازم ولم تتمسك
به الطاعنة في مذكرتها الختامية المقدمة أمام محكمة الاستئناف بجلسة 27/2/2006 فقد
شاركت الطاعنة في اختيار رئيس هيئة التحكيم، إذ قامت الهيئة الدولية التابعة لغرفة
التجارة الدولية بتعيينه بناء على اقتراح المحكمين المختارين من قبل طرفي النزاع
ولم تعترض الطاعنة بأي وجه على أشخاص هيئة التحكيم أو تشكيلها طوال الإجراءات وحتى
صدور الحكم من هيئة التحكيم، علاوة على أنه وطبقاً للمادة الثالثة من الملحق رقم 1
من القانون الأساسي للهيئة الدولية للتحكيم لدى غرفة التجارة الدولية أن أعضاء
الهيئة مستقلين عن اللجان الوطنية لغرفة التجارة الدولية والمادة الثانية من
الملحق رقم 2 من هذا القانون التي تحظر على عضو الهيئة الدولية للتحكيم المشاركة
في مراجعة مشروع حكم تكون له صلة به أياً كان نوعها وأنه طبقاً لنظام التحكيم
الخاص بهذه الغرفة، فإن المحكمة الدولية للتحكيم ليست جهة قضاء، فهي ليست محكمة
بالمعنى المعروف على الرغم من تسميتها بمحكمة في اللغتين الإنجليزية والفرنسية فهي
جهاز إداري مهمته لإشراف على سير إجراءات التحكيم التي تجرى طبقاً للائحة التحكيم
الخاصة بالغرفة المذكورة ولا شأن له بموضوع القضية التحكيمية أو مدى أحقية كل طرف
فيها فيما يدعيه أو ما تنتهي إليه هيئة التحكيم من قضاء في موضوع النزاع، وهو
يتكون من 124 عضواً من خبراء التحكيم في 86 دولة، وعملهم مقصور على التأكد من
سلامة حكم التحكيم من حيث الشكل وخلوه من أسباب العوار التي تعرضه للبطلان في دولة
إصداره أو تلك التي تؤدي إلى رفض تنفيذه طبقاً لقانون البلد التي سينفذ في
إقليمها، فالنص في المادة 27 من نظام التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية ......
بأنه "يتعين على محكمة التحكيم أن ترفع إلى هيئة التحكيم مشروع حكم التحكيم
قبل توقيعه، وللهيئة أن تدخل تعديلات تتعلق بالشكل على الحكم، ولها أيضاً أن تلفت
انتباه محكمة التحكيم إلى مسائل تتعلق بالموضوع دون المساس بما لمحكمة التحكيم من
حرية في إصدار الحكم ولا يجوز لمحكمة التحكيم إصدار أي حكم تحكيم دون أن تكون هيئة
التحكيم قد وافقت عليه من حيث الشكل" يدل على أن المراجعة هنا مقصورة على
الشكل، ولا شأن لها بحكم التحكيم الذي يصدر في موضوع النزاع، وإن كان لها تقديم
ملاحظات بشأن سلامة الحكم من الناحية الموضوعية، بيد أن هذه الملاحظات غير ملزمة
بأي حال لمحكمة التحكيم، ومن هنا قيل بحق أن مراجعة مشروع حكم التحكيم على نحو ما
سبق هو خدمة يؤديها جهاز التحكيم بالغرفة لصالح أطراف النزاع لضمان سلامة حكم
التحكيم الذي يصدر، لذلك فإن المراجعة المذكورة ضرورية كذلك حتى في مشروع الحكم
الذي يقتصر على مجرد إثبات ما اتفق عليه الطرفان لإنهاء التحكيم صلحاً، ومن ناحية
أخرى يحقق مراجعة مشروع حكم التحكيم فائدة لنظام التحكيم أمام غرفة التجارة
الدولية بباريس عن طريق ضمان جودة الأحكام وقلة احتمالات الطعن فيها أو عدم تنفيذها
بما يحفظ للغرفة ونظام التحكيم فيها السمعة الدولية التي يتمتعان بها في أوساط
التجارة الدولية، ومن ثم ليس للطاعنة التنصل من شرط التحكيم الوارد في عقد النزاع
إذ بموجبه ارتضت إخضاع إجراءات التحكيم للقواعد الواردة بنظام التحكيم الخاص بغرفة
التجارة الدولية بباريس وإسناد إدارتها إلى الجهاز المختص بذلك في هذه الغرفة
المسمى "المحكمة الدولية للتحكيم" ومؤدى هذا القبول ولازمه قبولها
لاختصاصات هذا الجهاز وقراراته، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر والتفت عن
طلب الطاعنة استخراج الشهادة المنوه عنها عن صفة رئيس هيئة التحكيم كعضو في اللجنة
الوطنية وطبق شرط التحكيم الوارد بعقد التداعي بإخضاع إجراءاته للقواعد سالفة
البيان، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه أو شابه القصور في
التسبيب أو الإخلال بحق الدفاع، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله.
وحيث إنه عن الوجه الثالث من سبب النعي بعدم اشتمال الحكم المطعون فيه
على صورة اتفاق التحكيم إذ خلا من إيداع العقد الذي تضمنه وأن قانون التحكيم
المصري اشترط لصحة حكم التحكيم أن يشتمل على صورة من الاتفاق على التحكيم وإلا كان
باطلاً.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه خلط بين شرط التحكيم من ناحية
ومشارطة التحكيم من الناحية الأخرى، وإن كان الاثنان يعبران عن معنى واحد هو اتفاق
التحكيم، أي اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات
المبينة بذلك الاتفاق، غير أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع
سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد ضمن عقد معين، ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن
تحديداً لموضوع النزاع الذي لم ينشأ بعد ولا يكون في مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً
ومقدماً، ومن هنا لم يشترط المشرع أن يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع
وأوجب ذلك في بيان الدعوى المنصوص عليها في المادة 30 من قانون التحكيم المصري رقم
27 لسنة 1994، كل ذلك خلافاً لما هو مقرر – في قضاء هذه المحكمة – بشأن مشارطة
التحكيم باعتبار أنها اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم ولاحق على قيام النزاع
ومعرفة موضوعه، ومن ثم أوجب المشرع المصري في المادة العاشرة من القانون آنف الذكر
أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان باطلاً. لما كان ذلك، وكان
الثابت بالأوراق ومدونات الحكم المطعون فيه أن اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى
التحكيم كان سابقاً على قيام النزاع بينهما واتخذ صورة شرط التحكيم كما ورد بيانه
في الفقرة الأولى من المادة 13 من عقد النزاع من أن "أي خلاف بين الطرفين
فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً،
يتم طرحه على التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس -، ويكون مكان هذا
التحكيم في القاهرة" وقد أورد حكم التحكيم نص هذا الشرط حرفياً بمدوناته
الأمر الذي يتحقق به مطلوب الشارع، وكان هذا الشرط كاف بذاته في الدلالة على اتفاق
الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل بخصوص
ذلك العقد، على أن يتم تحديد موضوع النزاع في بيان الدعوى الذي تضمن عرضاً وافياً
لمسائل النزاع المطروحة على التحكيم التي أوردها حكم التحكيم ودفاع الطرفين بشأنها
ولم تبد الطاعنة ثمة اعتراض على نظر أي مسألة من تلك المسائل كما أنها لم تدع أن
حكم التحكيم فصل في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو أنه جاوز حدود هذا الاتفاق،
وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالوجه الرابع من السبب الأول والسببين الثاني
والثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في
تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم رفض إبطال حكم التحكيم موضوع النزاع
رغم أن المحكمين قد استبعدوا تطبيق القانون الذي اتفق طرفا العقد على تطبيقه وهو
أحكام الوكالة في القانون المصري إذ تجاوز المحكمون تلك الأحكام وانتهوا إلى أن عقد
إدارة الفندق هو مزيج من أحكام عقد الوكالة وأحكام عقد المقاولة، في حين أن
الطرفين اتفقا في المادة 3/2 من عقد الإدارة على اعتبار أنه وكالة وأن علاقتهم
القانونية لا تخضع إلا لأحكام الوكالة وحدها ويكون الحكم قد أقر استبعاد القانون
المتفق على تطبيقه أو مسخه إلى حد يعادل استبعاد تطبيقه، كما أن شرط التحكيم
الوارد بعقد النزاع جاء واسعاً فضفاضاً يشمل أي خلاف ينشأ بين الطرفين دون تحديد
لطبيعة الخلاف وبيانه تفصيلاً وهو ما يخالف المادة 10/2 من قانون التحكيم المصري
التي توجب أن يحدد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً وأن
الحكم المطعون فيه عجز عن الرد على هذا الدفاع الجوهري، علاوة على أن شرط التحكيم
لم ينص إلا على المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد، ومن ثم فإنه لا يشمل المنازعات
الناشئة عن عدم تنفيذه لأن التحكيم نظام استثنائي فلا محل للتوسع في تفسيره، وإذ
خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على خلافه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع
النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بخطئها في تفسير
القانون وتطبيقه لا يتسع له نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم
التحكيم ليست طعناً عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب
قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير
ملائمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو
أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض
سبباً لإبطال حكمهم لأن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكان
الثابت بالأوراق أن هيئة التحكيم بوصفها قاضي الموضوع قد توصلت إلى تكييف عقد النزاع
بأنه خليط من الوكالة ومقاولة تقديم الخدمات واستندت في ذلك إلى ما استخلصته من
أوراق الدعوى من تمتع الشركة المطعون ضدها بدرجة كبيرة من الحرية في إدارة عمليات
الفندق محل العقد بما يجاوز دورها كوكيل وأنها ظلت تعمل كمقاول يتمتع بالحرية
والاستقلال وتحمل المسئولية في إدارة عمليات الفندق اليومية حتى وإن كان عليها
تقديم تقرير إلى الطاعنة عن سير أعمال المشروع ...... فضلاً عن المطعون ضدها قد
صرحت للطاعنة باستعمال اسمها "......" كعلامة تجارية لعمليات الفندق
مقابل حصولها على نسبة 1% من إجمالي الإيراد، وأنه ليس في التوصل إلى هذا التكييف
الذي أسبغ على العقد أي استبعاد للقانون المصري واجب التطبيق بل اجتهاد في تطبيقه،
ومن ثم فالمجادلة في شأن صحته مسألة تتعلق بسلطة هيئة التحكيم في فهم الواقع
وتكييفه من ناحية صواب أو خطأ اجتهادها في تفسير القانون وتطبيقه مما لا يتسع له
نطاق دعوى البطلان حسبما تقدم بيانه، وأياً كان الرأي في تكييف العقد بأنه خليط من
الوكالة والمقاولة أو أنه وكالة خاصة فقد انتهى الحكم المطعون فيه أنه غير منتج في
النزاع لما ذهب إليه حكم التحكيم من انعقاد مسئولية الطاعنة عن إنهاء العقد
المذكور بالمخالفة للقانون ولشروط العقد سواء كان وكالة أو مقاولة، ويضحى النعي
عليه في هذا الشق على غير أساس، كما وأن النعي بعجز الحكم المطعون فيه عن الرد على
دفاع الطاعنة الجوهري بأن شرط التحكيم جاء واسعاً فضفاضاً يشمل أي خلاف ينشأ بين
الطرفين دون تحديد لطبيعة الخلاف وبيانه تفصيلاً وهو ما يخالف المادة 10/2 من
قانون التحكيم المصري التي توجب أن يحدد موضوع النزاع في اتفاق التحكيم وإلا كان
الاتفاق باطلاً، فهو غير صحيح إذ رد الحكم على هذا الدفاع حسبما هو ثابت بمدوناته
"أنه خلط بين شرط التحكيم من ناحية ومشارطة التحكيم من الناحية الأخرى .... غير
أن شرط التحكيم يكون دائماً سابقاً على قيام النزاع سواء قام مستقلاً بذاته أو ورد
ضمن عقد معين، ومن ثم فإنه لا يتصور أن يتضمن تحديداً لموضوع النزاع الذي لم ينشأ
بعد ولا يكون في مكنة الطرفين التنبؤ به حصراً ومقدماً ومن هنا لم يشترط المشرع أن
يتضمن شرط التحكيم تحديداً لموضوع النزاع وأوجب ذلك في بيان الدعوى المنصوص عليها
في المادة 30 من قانون التحكيم المصري ...... كل ذلك خلافاً بشأن مشارطة التحكيم
باعتبار أنها اتفاق مستقل على الالتجاء إلى التحكيم ولاحق على قيام النزاع ومعرفة
موضوعه لذا أوجب المشرع المصري في المادة العاشرة من القانون سالف الذكر أن يحدد
الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم وإلا كان الاتفاق باطلاً ...... وأن شرط
التحكيم الوارد في المادة 13/1 من عقد النزاع ...... كاف بذاته في الدلالة على
اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية النزاع الذي قد ينشأ في المستقبل
بخصوص ذلك العقد، على أن يتم تحديد موضوع النزاع في بيان الدعوى الذي تضمن عرضاً
وافياً لمسائل النزاع المطروحة على التحكيم التي أوردها حكم التحكيم ودفاع الطرفين
بشأنها ......" ولا يفيد الطاعنة تمسكها ببعض أحكام المحكمة النقض ببطلان حكم
التحكيم لعدم اشتماله على نصوص اتفاق التحكيم أو لعدم اشتماله على صورة من وثيقة
التحكيم أو لعدم تحديد موضوع النزاع في وثيقة التحكيم وجاءت عباراتها قاصرة على
تحكيم المحكمين في حال المنازعات بين الأطراف دون إيضاح لهذه المنازعات أو بيان
لموضوعها أو ثبوت هذا البيان أثناء المرافعة أمام هيئة التحكيم وتضمينه بمحاضرها،
وشتان بين هذه الحالات والحالة القائمة في الطعن الماثل التي حدد شرط التحكيم
الوارد بعقد النزاع موضوع التحكيم في المادة 13/1 بأنه "أي خلاف بين الطرفين
فيما يتعلق بتنفيذ أو تطبيق أو تفسير بنود وشروط هذا العقد ولا يتم تسويته ودياً،
يتم طرحه على التحكيم طبقاً لقواعد غرفة التجارة الدولية بباريس ......" أي
المنازعات التي تنشأ بشأن تنفيذ أو تطبيق أو تفسير عقد الإدارة محل التداعي، كما
وأن المنازعات التي فصل فيها التحكيم تحددت بكل وضوح ودقة في بيان الدعوى ومستندات
ودفاع الطرفين وفي الحكم النهائي الصادر في التحكيم، وليس صحيحاً أن هذا الشرط لم
ينص إلا على المنازعات الناشئة عن تنفيذ العقد ذلك أن المقصود بالمنازعات المتصلة
بتنفيذ العقد يتسع من باب أولى للمنازعات الخاصة بعدم تنفيذ العقد كلية كما تشمل
المنازعات المتصلة بعدم تنفيذ بعض شروطه أو بتنفيذها على نحو معيب، أما تنفيذ
العقد كاملاً دون إخلال فإنه يعدم المصلحة في الاحتجاج أصلاً بشرط التحكيم، وإذ
التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.