جلسة 5 من يونيو سنة 2007
برئاسة
السيد المستشار/ صلاح عطية
نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ طه سيد قاسم وفؤاد
حسن ويحيى عبد العزيز ماضي وهادي عبد الرحمن نواب
رئيس المحكمـة .
---------------------
(88)
الطعن 43252 لسنة 76 ق
(1)
سجون . قانون " تفسيره " . تلبس . تفتيش " التفتيش بغير إذن "
. دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع "
سلطتها في تقدير توافر حالة التلبس " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تفتيش الطاعن استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو
الشك في حيازته أشياء ممنوعة . صحيح . المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة
1956 في شأن تنظيم السجون .
تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها .
موضوعي . ما دام سائغاً.
الجدل الموضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(2)
إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفوع
" الدفع ببطلان التفتيش " . محكمة النقض "
سلطتها " . نقض " أسباب الطعن " ما لا يقبل منها " .
محكمة
النقض . لا تبحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلباً أو دفعاً جديدين . علة ذلك ؟
الدفع ببطلان
تفتيش الطاعن لحصوله خارج أسوار السجن . عدم قبول إثارته لأول مرة أمام محكمة
النقض . ما دامت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام هذا البطلان.
(3) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره
" . نقض " أسباب الطعن " ما لا
يقبل منها".
قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي أمام محكمة
الموضوع . يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض . علة ذلك ؟
مثال
.
(4) سجون . تفتيش " التفتيش بغير إذن
" . قانون " تفسيره ".
المقصود بالتفتيش المنصوص عليه
في المادة 41 من القرار بقانون 396 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون ؟
(5) إثبات
" بوجه عام " . " شهود " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا
يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي
. ما دام سائغا ً.
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال
الشهود . لا يعيب الحكم . ما دام قد استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه .
أخذ المحكمة أقوال الشهود . مفاده ؟
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي
دفاعه الموضوعي . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
مثال .
(6) إثبات " اعتراف " . محكمة
الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
إقرار
الطاعن لضابط الواقعة . مجرد قول . لا يعد اعترافاً . تقديره . موضوعي .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة ". دفاع "
الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض "
أسباب الطعن . مل لا يقبل منها " .
النعي
على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تـر هي حاجة لإجرائه . غير
جائز .
مثال .
________________
1- لما كانت
المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه
" لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء
كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم " . مما مفاده على ضوء هذا
النص أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في
حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن
القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها
محكمة الموضوع بغير معقب عليها مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما
أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس رداً على ما دفع به الطاعن من عدم
توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع
ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي
لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
2- من المقرر
أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلباً جديداً أو دفعاً
جديداً لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لأن الفصل في مثل
هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقاً وبحثاً في الوقائع وهو ما يخرج بطبيعته عن سلطة
محكمة النقض فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالاً بذاته على
وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة
الموضوع ، ولما كان البين من محضر جلسة
المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يتمسك ببطلان تفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه
طعنه بشأن مكان ضبطه وتفتيشه خارج أسوار السجن ، وكانت مدونات
الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول
مرة أمام محكمة النقض .
3- لما كان
البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن أياً من
الطاعن أو المدافع عنه لم يذكر شيئاً عن أن طريقة تفتيشه جاءت مخالفة للتعليمات
المقررة قانوناً ، وكان من المقرر أن قعود المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي يحول
بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ،
ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يكون مقبولاً.
4- من
المقرر أنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن المقصود بالتفتيش في مثل حالته هو قصره
على مجرد تحسس الملابس من الخارج فقط فإن هذا تخصيص لمعنى التفتيش - المنصوص عليه في
المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون - بغير مخصص
ولا يتفق وسند إباحته وهو
التثبت من عدم تسرب أيه ممنوعات إلى داخل السجون تنفيذاً لما تقضي به القوانين
المنظمة للسجون وهو ما لا يمكن التحقق منه إلا بالتفتيش الذاتي الدقيق للشخص
الواقع عليه التفتيش وبالكيفية التي يرى القائم بإجرائه أنها تحقق الغرض المقصود
منه .
5- من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على
بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما
يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل
والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون
فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من
الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه ، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم
مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال
في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها جميع
الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة لا تلتزم
بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفى كل شبهة يثيرها والرد على ذلك مادام
الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى أدلة الثبوت السائغة التي
أوردها الحكم، ومادامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت في حدود سلطتها
التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فلا تثريب عليها إذ هي
لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في
الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا المقام
يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفاع
الموضوعي للطاعن بأن المحكمة لا تعول على إنكاره ، وكان لا يقدح في سلامة الحكم
عدم رده صراحة على ما أثاره الطاعن من دفاع موضوعي ، إذ يكفي أن يكون الرد على ذلك
مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة .
6- لما كان
الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان إقراره ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه
لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل للطاعن ، بل استند إلى
ما أقر به الطاعن لضابط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافا
بالمعنى الصحيح وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على
الحكم في هذا الشأن .
7- لما كان البين
من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين
بشأن إقراره لضابط
الواقعة ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الخصوص يكون ولا محل له .
________________
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1ـ أحرز بغير قصد التعاطي
أو الاتجار أو الاستعمال الشخصي جوهراً مخدراً نبات القنب الجاف في غير الأحوال
المصرح بها قانوناً. 2ـ أحرز بغير قصد التعاطي أو الاتجار أو الاستعمال الشخصي
أقراصاً مخدرة الباركنول " ينزهكول" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 3ـ حاول أن يدخل مواد مخدرة بالسجن رقم
... على خلاف القوانين واللوائح والأنظمة المنظمة للسجون . وأحالته إلى محكمة
جنايات .... لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 27 /1، 38 /1، 42 /1، 45/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960
المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 56 من القسم الثاني
من الجدول رقم 1 والبند رقم 3 من الفقرة د من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون
الأول والمستبدلين والمعدلين بقرارات وزير الصحة والسكان أرقام 89 لسنة 1989 ، 26
لسنة 1997، 269 سنة 2002 والمادتين 1/1، 92 /1 من القانون رقم 396 لسنة 56 وقرار
وزير الداخلية رقم 89 لسنة 1961 بشأن تنظيم السجون مع إعمال المادتين 17، 32 /2 من
قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وبمصادرة
المخدر المضبوط .
فطعن المحكوم
عليه في هذا
الحكم بطريق النقض ...... إلخ.
________________
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه
إذ دانه بجرائم إحراز نبات مخدر وأقراص مخدرة بغير قصد من القصود ومحاوله إدخال
مواد مخدرة لأحد السجون قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال
بحق الدفاع ؛ ذلك أنه اطرح الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس بما
لا يسوغه خاصة وأن تفتيشه كان خارج أسوار السجن وجاء مخالفاً للتعليمات المقررة
قانوناً ، هذا إلى أن المدافع عن الطاعن دفع بعدم معقولية الواقعة وتناقض أقوال شاهدي
الإثبات بيد أن الحكم اطرح هذا الدفع برد قاصر ، فضلاً عن أن المحكمة التفتت عن
دفاعه بإنكار الاتهام المسند إليه وجحده الإقرار المسند إليه بمحضر الضبط لأنه لم
يأت على لسانه ولم يوقع عليه وإنما نسبه إليه ضابط الواقعة مخالفاً للحقيقة ولم
تجر المحكمة تحقيقاً للوقوف على حقيقة هذا الإقرار ، كل ذلك مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد
على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهدي الإثبات ومن تقرير التحليل وهى أدلة
سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في أنها ترتد
إلى أصول ثابتة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من القرار بقانون رقم
396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه " لضابط السجن حق تفتيش أي
شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين
بالسجن أو غيرهم ". مما مفاده على ضوء هذا النص أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً
لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم
يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم
توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها
مادامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر
حالة التلبس رداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض
والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره
الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك
، وكان من المقرر أن محكمة النقض ليس من شأنها بحث الوقائع ولا يقبل أمامها طلباً
جديداً أو دفعاً جديداً لم يسبق عرضه على المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه
لأن الفصل في مثل هذا الطلب أو الدفع يستدعي تحقيقاً وبحثاً في الوقائع وهو ما
يخرج بطبيعته عن سلطة محكمة النقض فإذا كان ما جاء في الحكم من الوقائع دالاً بذاته على
وقوع البطلان جازت إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ولو لم يدفع به أمام محكمة
الموضوع ، ولما كان البين من محضر جلسة
المحاكمة أن دفاع الطاعن لم يتمسك ببطلان تفتيشه على الأساس الذي يتحدث عنه في وجه
طعنه بشأن مكان ضبطه وتفتيشه خارج أسوار السجن ، وكانت مدونات
الحكم قد خلت مما يرشح لقيام البطلان المدعى به ، فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول
مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي اختتمت
بصدور الحكم المطعون فيه أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يذكر شيئاً عن أن
طريقة تفتيشه جاءت مخالفة للتعليمات المقررة قانوناً ، وكان من المقرر أن قعود
المتهم عن إبداء دفاعه الموضوعي يحول بينه وبين إبدائه أمام محكمة النقض نظراً لما
يحتاجه من تحقيق يخرج عن وظيفتها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا
يكون مقبولاً. هذا فضلاً عن أنه لا محل لما يثيره الطاعن من أن المقصود بالتفتيش في
مثل حالته هو قصره على مجرد تحسس الملابس من الخارج فقط فإن هذا تخصيص لمعنى
التفتيش - المنصوص عليه في المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن
تنظيم السجون - بغير مخصص ولا يتفق وسند إباحته وهو
التثبت من عدم تسرب أيه ممنوعات إلى داخل السجون تنفيذاً لما تقضي به القوانين
المنظمة للسجون وهو ما لا يمكن التحقق منه إلا بالتفتيش الذاتي الدقيق للشخص
الواقع عليه التفتيش وبالكيفية التي يرى القائم بإجرائه أنها تحقق الغرض المقصود
منه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود
وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي
إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً
إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود
وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها
من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي
تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وأن التناقض بين أقوال الشهود - على فرض
حصوله - لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا
تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود
فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها
، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة
يثيرها والرد على ذلك مادام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادا إلى
أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم ، ومادامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد
اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة
فلا تثريب عليها إذ هي لم تتعرض في حكمها إلى دفاع الطاعن الموضوعي الذي ما قصد به
سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على
الحكم في هذا المقام يكون في غير محله. لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد
رد على الدفاع الموضوعي للطاعن بأن المحكمة لا تعول على إنكاره ، وكان لا يقدح في
سلامة الحكم عدم رده صراحة على ما أثاره الطاعن من دفاع موضوعي ، إذ يكفي أن يكون
الرد على ذلك مستفاداً من أدلة الثبوت التي عولت عليها المحكمة . لما كان ذلك ،
وكان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان إقراره ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه
لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل للطاعن ، بل استند إلى
ما أقر به الطاعن لضابط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافا
بالمعنى الصحيح وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على
الحكم في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة
المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين بشأن إقراره لضابط
الواقعة ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء
تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا
الخصوص يكون ولا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.